أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - الفن الإنجليزي – جينزبورو















المزيد.....

الفن الإنجليزي – جينزبورو


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 4091 - 2013 / 5 / 13 - 08:03
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هناك قصة طريفة عن فنان شاب. ذهب يوما لكي يرسم شجرة كمثرى. أثناء الرسم، اكتشف وجود رأس رجل يختبئ بين الأغصان. قبل أن يهرب اللص، استطاع الشاب أن يرسم ملامحه في الصورة.

عندما عرضت اللوحة، عرف اللص، وكذلك الفنان الشاب الذي أحضره للعدالة. الشاب هو "توماس جينزبورو"، المشهور برسم الطبيعة والبورتريه.

توم وشجرة الكمثرى.
http://ns2.the-athenaeum.org/art/full.php?ID=93601

ولد جينزبورو في سودبري عام 1727م. في طفولته، لم يكن مهتما بالدراسة. اهتمامه كان برسم الطبيعة. أيام الأجازات، كان يقضيها في رسم الأغصان والأشجار القريبة من منزله. صار يعرفها شجرة شجرة.

اجتمع مجلس الأسرة، وقرر أن الصبي موهوب، يجب ارساله إلى لندن لدراسة الفن. بعد ثلاث سنوات قضاها في دراسة الفن هناك، عاد إلى منزله لكي يتمتع بالهواء النقي ومناظر الحقول والمراعي التي تحيط بمنزله.

هناك قصة أخرى، مثل قصة توم وشجرة الكمثرى. بينما كان جينزبورو يرسم في الغابة، ظهرت غادة جميلة من خلف أشجار كثيفة. قام هو برسمها، حتى تستقر في لوحته وفي قلبه.

تزوج جينزبورو من الفتاة، عندما كان يبلغ من العمر 19 سنة. زوجته كان عمرها أقل سنة من عمره. ذهبا معا لكي يعيشا في إيبسويتش تاون. هناك، ظل يرسم المناظر الطبيعية التي يحبها والبورتريه. لكن بأجر زهيد جدا، لمدة 15 سنة. بعد ذلك، نصحه أحد الأصدقاء بالذهاب إلى مدينة "باث".
http://www.wikipaintings.org/en/thomas-gainsborough/landscape-with-a-woodcutter-and-milkmaid-1755#supersized-artistPaintings-234671

باث، في ذلك الوقت، كانت مدينة الموضة في إنجلترا. يأتي إليها الأثرياء للاستجمام والعلاج وشرب مياهها المعدنية. الأثرياء، لديهم كل الوقت للجلوس لرسم بورتريهات لهم.

لاقى جينزبورو نجاحا منقطع النظير. بدأت وجوه العديد من المشاهير تظهر على لوحاته. عندما كان يزور قصور الأثرياء في "باث"، كان يجد لوحات تيتان وفان دايك ورامبرانت وموليرو. كان مسموحا له بنسخها. مما جعل أسلوبه يتحسن في الرسم.

مدام جراهام.
http://www.wikipaintings.org/en/thomas-gainsborough/mrs-graham#supersized-artistPaintings-234693

من هؤلاء العمالقة، كان فان دايك هو رسامه المفضل. كان جينزبورو رجلا اجتماعيا، يعشق الموسيقى. كان أفضل أصدقائه، هم موسيقي المدينة. قاموا بتعليمه العزف على بعض الآلات.

عندما كان في باث، تكونت الأكاديمية الملكية للفنون في لندن. وبدأ جينزبورو في ارسال لوحاته للأكاديمية للعرض والبيع السنوي. ويلتشير، الذي كان يقوم بنقل اللوحات إلى لندن، كان معجبا بفن جينزبورو، وكان يرفض أخذ أجرا نظير هذه الخدمة، لكنه بعد إلحاح، رسم بورتريها صغيرا له كمقابل متواضع. لنا أن نتخيل، كم تساوي هذه اللوحة الآن.

كان جينزبورو كريما إلى درجة التبذير في بيع أو إهداء أعماله. كان يهب لوحاته في نظير خدمة صغيرة أو ثمنا لكرسي في مسرحية، أو كهدية لدعوة على العشاء.

أخيرا في عام 1774م، قرر الذهاب إلى لندن. هناك، أصبح منافسا للسير جوشوا رينولدز. بعض العائلات الثرية، استخدمت كلاهما. الصراع السياسي كان على أشده في ذلك الوقت.

السير جوشوا كان ينتمي إلى حزب "ويج" اليميني. جينزبورو، كان ينتمي إلى حزب المحافظين، حزب الملك جورج الثالث. لذلك، استدعي جينزبورو إلى البلاط لكي يرسم العائلة الملكية.

كان البلاط سعيدا بجينزبورو إلى درجة أنهم أسقطوا عنه الكلفة وقواعد الإيتيكيت، وسمحوا له بدخول القصر في أي وقت يحلو له. كان يعتقد، أنه الوحيد الذي يستطيع أن يجعل الملكة العجوز "شارلوت" تظهر جميلة.

بالطبع، شرف العمل في البلاط الملكي، أضاف شهرة إلى شهرة جينزبورو. إلا أنه كان يرفض أن يهينه أحد. في يوم من الأيام، جاء إلى بابه أحد النبلاء يسأل بسخرية قائلا: "هل هذا الشخص جينزبورو، قد أتم الصورة؟"

سمعه جينزبورو من داخل الاستديو، ولم يعجبه أسلوب النبيل في التخاطب واستخدامه كلمة الشخص، للإشارة إليه. فأخذ فرشة مليئة بالألوان وقام بالشخبطة في الصورة على وجه النبيل، ليفسد البورتريه. ويخسر بهذا العمل مبلغ 100 جنيه إسترليني.

قصص أخرى تبين أنه كان متهورا بعض الشئ، من السهل إثارته، في أحيان أخرى، كان خشن الطباع. لكنه في نفس الوقت، كان كريما عطوفا رحيما محبا للجميع. عندما يجهد من رسم البورتريهات في المدينة، كان يسرع إلى الريف ليرسم مناظر الطبيعة التي يحبها.

في يوم من الأيام، وجد طفلا صغيرا متشردا من أطفال الريف، حافي القدمين، اسمه "جاك هيل"، ظهر في بعض لوحاته. الصبي لا أهل له، قام جينزبورو بتبنيه. لكن جاك لم يتحمل حياة المدينة، وفر هاربا إلى الحرية وأحضان الطبيعة. لا يجب نلومه على ذلك، فمن منا يريد أن يترك الريف لكي يعيش في سجن المدينة.

جاك هيل والقطة.
http://www.metmuseum.org/collections/search-the-collections/110000874#fullscreen

عاش جينزبورو حياة سعيدة. كان عامه الأخير هادئا. عاشه وسط عائلته. مات في عام 1788م. البعض يضعه بين رسامي البورتريه العظام، البعض الآخر يضعه بين رسامي المناظر الطبيعية الأفذاذ.

أسلوبه في رسم المناظر الطبيعية، رقيق شاعري. ويضع الروح في وجوه بورتريهاته. ألوانه هادئة باردة. على عكس ألوان السير جوشوا رينولدز الدافئة.

سطح لوحاته مرسوم بعناية، الشرائط والجواهر تظهر لامعة براقة. إذا شعر بتواصل مع الشخص الذي يرسمه، لا تجد له مثيلا في فنه.

أنجح لوحاته، بوتريه مدام جراهام. كان عمرها 19 ربيعا، عندما وقفت لكي يرسمها جينزبورو، توفيت عن عمر 35 عاما. زوجها، لم يعد يطيق النظر إلى صورتها المطابقة للأصل، والتي تعلق على الحائط العريض في نهاية الصالة بمنزله. أمر بأن يبنى جدارا بينه وبين اللوحة، لكي يخفي وراءه صورة زوجته الحبيبة.

بعد نصف قرن، بينما أصحاب المنزل يقومون بتعديل تصميمه، تم اكتشاف اللوحة. وجدت كأنها رسمت بالأمس، ألوانها كانت ناصعة حقيقية. وجدوا بجوارها، الحذاء الأزرق الذي كانت تلبسه، عندما كانت تقف للبورتريه. اللوحة موجودة الآن بمعرض أدنبرة القومي.

مدام جراهام.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/7/7d/Thomas_Gainsborough_-_The_Honourable_Mrs_Graham_%281757_-_1792%29_-_Google_Art_Project.jpg

بورتريه أخر مشهور، هو الخاص بالدوقة ديفونشير، التي كانت سيدة للمجتمع في زمانها. قد تكون الملابسها، موديلات عصر فان دايك، لكنها هنا تبدو رائعة.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/0/08/Thomas_Gainsborough_Lady_Georgiana_Cavendish.jpg

شعرها مموج، وقبعتها الكبيرة مزينة بريش النعام (أعلا القبعة غير واضح في الصورة). تقول الحكاية، أن بعض سيدات المجتمع الراقيات، ظل يبحثن في كل أنحاء لندن دون فائدة، عن ريش نعام، يكون بطول ريش نعام قبعة الدوقة الموجودة في اللوحة.

عندما أعيتهم الحيل، وفي حالة يأس، طلبوا من الحانوتي أن يبيعهم الريش الذي كانت تلبسه الدوقة في حياتها ودفن معها.

كان جينزبورو مغرما برسم الأطفال. من بين لوحاته المشهورة، لوحة "صبي بمبي" ولوحة "صبي أزرق".

صبي أزرق لجينزبورو.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/f/f3/Thomas_Gainsborough_008.jpg

الصبي أسود الشعر، عمره 15 سنة. السحب الزرقاء تغطي مساحة كبيرة من خلفية الصورة. اللوحة موجودة في لندن، يملكها أحد أفراد عائلة "جروسفينور"، الدوق الحالي لمقاطعة وستمنستر.

صورة جون وهنري ترومان فيليبويس.
http://www.wikipaintings.org/en/thomas-gainsborough/john-and-henry-trueman-villebois#supersized-artistPaintings-234657

السير جوشوا رينولدز، له نظرية في عالم فن الرسم، تقول أن اللونين الأزرق والأخضر، لا يجب أن يستخدما بكثرة في اللوحات. لكن، جينزبورو، على النقيض، كان مغرما بهذين اللونين بالأخص. ربما يكون قد رسم هذا الصبي الأزرق الرائع، لكي يبطل نظرية السير جوشوا.

كان جينزبورو محبا للمسرح، سعيدا باستقبال مدام سيدونز، الممثلة المشهورة. لكي يرسم بورتريه لها، في نفس السنة التي رسمها فيها السير رينولدز.

مدام سيدونز، رسم جينزبورو.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/f/f2/Thomas_Gainsborough_015.jpg

مدام سيدونز، رسم السير جوشوا رينولدز.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/6/64/Mrs_Siddons_by_Joshua_Reynolds.jpg

الصورتان توضحان التباين في الأسلوب بين الفنانين العظيمين. السير جوشوا، يظهرها "ربة التراجيديا". تنظر إلى الفضاء تبحث عن إلهام. أبطال التراجيديا، الجريمة والندم، يظهران خلفها في اللوحة.


لكن جينزوبورو، يصورها كسيدة تقوم بزيارة أو تحضر حفلا. صورة السير جوشوا صورة رائعة ديناميكية مليئة بالحركة والتعبير، والصورة الأخرى رائعة مليئة بالهارمونية والطاقة والصدق.

الممثل المشهور جاريك، كان دائم الزيارة لكل الفنانين الموجودين في ذلك الوقت، لعمل بورتريهات له. جينزبورو كان معجبا به جدا. وكان سعيدا عندما أخبرته زوجة جاريك، أن البورتريه الذي رسمه لزوجها، من بين كل البورتريهات، هو الأقرب لشكل جاريك الحقيقي.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/f/f5/David_Garrick_by_Thomas_Gainsborough.jpg

لم يكن رسم المناظر الطبيعية له أسلوب معين في ذلك الوقت. الصالة المؤدية إلى استوديو جينزبورو، كانت حيطانها مغطاه بصف طويل من المناظر الطبيعية التي رسمها. لكن زبائنه، في النادر ما إذا كانوا ينظرون إلى هذه اللوحات.

قال يوما: "الناس لا تعبأ بهذه اللوحات. أنا رسام مناظر طبيعية، لكن الناس تأتي لرسم بورتريهات لها". جينزبورو يكرم اليوم، لأنه أول من وصف الطبيعة والريف والأماكن النائية الإنجليزية بصدق وأمانة.

كان يرى الجمال في الأشياء البسيطة. ركن مشمس، طريق ملتوي، عربة قش، أو كوخ بسيط. ألوانه الرائعة نراها في صباح ندي، أو أشعة الغروب الذهبية. مناظره الطبيعية، تدب فيها الحياة لاحتوائها على الخيول والحيوانات الأليفة وأطفال وصبايا الريف.
http://www.wikipaintings.org/en/thomas-gainsborough/homecoming#supersized-artistPaintings-234652

http://www.wikipaintings.org/en/thomas-gainsborough/landscape-with-the-village-cornard#supersized-artistPaintings-234675

كان يرى الطبيعة ككل، لا كأجزاء تفصيلية. ربما نعتبره الآن أو نسميه فنان تأثيري.

في المقال القادم، إن شاء الله، سوف نكمل من الحديث ما انقطع، عن الفن والفنانين. فإلى اللقاء.
[email protected]



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن الإنجليزي – رينولدز
- الفن الألماني – هانس هولباين
- الفن الألماني – دورير
- الفن الهولندي – العصر الذهبي
- الفن الهولندي – رامبرانت
- الفن الفلمنكي – فان دايك
- الفن الفلمنكي – روبينز
- الفن الفلمنكي – فان آيك
- الفن الإسباني – موريللو
- الفن الإسباني – فيلازكويز
- الفن الأسباني – عمارة الأندلس
- الفن الإيطالي – رسامو البندقية
- الفن الإيطالي - تيتان
- الفن الإيطالي - كوريجيو
- الفن الإيطالي - رفائيل
- الفن الإيطالي - ليوناردو دافنشي
- الفن الإيطالي – بداية عصر النهضة
- الفن الإيطالي - كانوفا
- الفن الإيطالي - سيليني،بولونيا،برنيني
- الفن الإيطالي - مايكل أنجلو


المزيد.....




- وزير خارجية إسرائيل: مصر هي من عليها إعادة فتح معبر رفح
- إحباط هجوم أوكراني جديد على بيلغورود
- ترامب ينتقد الرسوم الجمركية على واردات صينية ويصفها -بغير ال ...
- السعودية.. كمين أمني للقبض على مقيمين مصريين والكشف عن السبب ...
- فتاة أوبر: واقعة اعتداء جديدة في مصر ومطالبات لشركة أوبر بضم ...
- الجزائر: غرق 5 أطفال في متنزه الصابلات أثناء رحلة مدرسية وال ...
- تشات جي بي تي- 4 أو: برنامج الدردشة الآلي الجديد -ثرثار- ويح ...
- جدل حول أسباب وفاة -جوجو- العابرة جنسيا في سجن للرجال في الع ...
- قناة مغربية تدعي استخدام التلفزيون الجزائري الذكاء الاصطناعي ...
- الفاشر تحت الحصار -يمكنك أن تأكل الليلة، ولكن ليس غداً-


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - الفن الإنجليزي – جينزبورو