أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - الفن الإيطالي - سيليني،بولونيا،برنيني















المزيد.....

الفن الإيطالي - سيليني،بولونيا،برنيني


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 4027 - 2013 / 3 / 10 - 11:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



بعد وفاة مايكل أنجلو، بدأ فن النحت يتراجع ببطء. المقارنة بأعمال أنجلو كانت ظالمة. كان الفنانون الجدد يبحثون بين الخرائب الرومانية عن تماثيل إغريقية أو رومانية قديمة يمكن تقليدها. من هؤلاء الفنانين، سنختار ثلاثة: "سيليني" و"بولونيا" و"برنيني".

كان سيليني معجبا بمايكل أنجلو. وكان أنجلو، في شيخوخته، لا يبخل بنصح صديقه الشاب. سيليني كان له طبع حاد. حياته مليئة بالمغامرات، وكان دائم الهرب من منزل عائلته.

كانت له مهارة خاصة في صناعة ونقش الخزف والفازات. وكان يصنع وينقش أيدي السيوف والدروع والأسلحة. كذلك تماثيل صغيرة من الذهب والفضة والبرنز.

لا يجاريه أحد في شغل المجوهرات وتصميم الحلي. أجمل أعماله، تمثال بيرزيوس في فلورنسا. التماثيل الصغيرة التي تزين القاعدة، هي الأخرى رائعة مليئة بالتفاصيل.
http://en.wikipedia.org/wiki/File:Firenze.Loggia.Perseus01.JPG

مدينة فلورنسا بها ساحة كبيرة. في أحد الجوانب، متحف به مجموعة تماثيل، "لوجيا دي لانزي". طلب أمير ميديشي من سيليني عمل تمثال لكي يزين المبنى. قبل سيليني وخصص له مسكنا وراتبا شهريا أثناء عمل التمثال، تمثال بيرزيوس.

صناعة التمثال، أخذت من سيليني 9 سنوات. بينما كان التمثال على وشك الانتهاء، ولم يبق إلا مرحلة صب البرنز في القالب. مرض سيليني مرضا كان يعتقد معه أنه سيموت. كان يملأه الخوف والأسى من فكرة ترك عمله لكي يكمله أحد غيره.

في أحد الليالي، وهو على فراش المرض، جاءه رجل يصيح قائلا: "تمثالك قد دمر". قام سيليني بسرعة وجرى إلى الموقد الذي يصب فيه التمثال. وجد أن النار على وشك أن تطفأ ويتجمد البرنز المصهور، ولا يصلح للصب، ويفسد القالب.

بعد مجهود كبير أعاد إشعال النار في الموقد، ومعها أعاد صهر البرنز. بذلك، يكون قد أنقذ التمثال ومجهود 9 سنوات. ركع على ركبتيه شاكرا الرب. عاد إلى منزله، وأكل وجبة دسمة، ثم ذهب إلى سريره لينام حتى الصباح. استيقظ كأنه لم يمرض قط من قبل.

بيرزيوس، أو برشاوش عند العرب، هو ابن جوبيتر، كبير الآلهة والإنسية داناي. أخبرت العرافة والد داناي أن حفيده بيرزيوس سوف يقتله يوما ما.

لذلك وضع الجد ابنته داناي مع ابنها الصغير بيرزيوس على جذع شجرة مقطوعة، وأنزلهما في اليم المتلاطم الأمواج، لكي يتخلص منهما، أو يرسلهما التيار إلى مكان لايستطيعان العودة منه.

القت الرياح والأمواج بجذع الشجرة وعليها الأم والابن الرضيع بالقرب من جزيرة. رآهما أحد الصيادين فقام بانتشالهما من الماء. عاشت دناي وابنها في الجزيرة إلى أن كبر الطفل وصار شابا يافعا.

في يوم من الأيام، رأى ملك الجزيرة داناي، وكانت لاتزال جميلة، فأرادها لنفسه. لكنه وجد بيرزيوس عقبة في طريق رغبته الملحة. لذلك، أرسله في مهمة خطرة لكي يتخلص منه. كانت هذه المهمة هي قتل المتوحشة المدوزة.

كانت المدوزة امرأة جميلة جدا بشعر طويل ناعم وقد ممشوق وملامح ساحرة. كانت تتيه فخرا بجمالها وتناسق قدها. بلغ بها الغرور أن قارنت نفسها بالإلهة مينيرفا، إلهة الحكمة والفنون والحرب.

غضبت مينيرفا وحولت المدوزة إلى وحش مخيف يعيش في المستنقعات. تبدل شعرها الطويل الناعم إلى أفاعي تفح السم من أنيابها. تغيرت ملامحها وجسمها إلى درجة مخيفة تجعل من يراها من الإنس أو الحيوانات يتجمد من الرعب ويتحول إلى تمثال من الصخر.

كان بيرزيوس مفضلا عند الإلهة مينيرفا والإله هيرميز. أعطت مينيرفا درعها المصقول إلى بيرزيوس، وأعطاه هيرميز حذاءه المجنح. أخذ بيرزيوس سلاحه ودرع مينيرفا ولبس حذاء هيرميز المجنح، وطار في الهواء يبحث عن المدوزة.

عندما وصل بيرزيوس إلى المدوزة، كانت نائمة. أدار لها ظهره، وأخذ يرجع إلى الخلف وهو طائر في الهواء، مستعينا بحذائه المجنح، حتى لا يحدث صوتا يوقظ المدوزة. أخذ يقترب منها وهو لا ينظر إليها مباشرة.

كان ينظر إلى صورتها منعكسة في درعه المصقول. في لمح البرق، أطاح سيفه البتار برأس المدوزة. ثم أغمض عينيه وتحسس المكان حتى وجد رأس المدوزة، فوضعها في كيس كان قد أحضره معه. أعطى بيرزيوس الكيس لمنيرفا لكي تضعه وساما على صدرها.

نحات آخر هو بولونيا. كانت رغبته هي أن يكون مثل مايكل أنجلو. وقد نجح في ذلك أكثر من أي نحات آخر في عصره. كان، يتسم بالنبل والخلق الكريم، ومحبوبا من كل أصدقائه.له تمثالين في متحف "لوجيا دي لانزي"، وهو نفس المتحف الذي به تمثال بيرزيوس.

لكن تمثاله الرائع، هو "عطارد الطائر"، الموجود في متحف "بارجيلو" بمدينة فلورنسا. هو الأجمل من بين تماثيل "عطارد" الكثيرة. ويعتبر منافسا لتمثال عطارد للنحات الإغريقي القديم "بايونيوس".

لكن التمثالين مختلفان. عطارد (Mercury)، كان مرسال أو ساعي الآلهة. سريع الحركة في همة الريح. لذلك سمي أقرب الكواكب إلى الشمس وأسرعها حركة عطارد. والمعدن الوحيد السائل في درجة الحرارة العادية، الزئبق، نظرا لسرعة حركته، يسمى أيضا (Mercury).
http://www.friendsofart.net/en/art/giovanni-da-bologna/mercury-%28front-view%29

تمثال بولونيا يبين عطارد وهو على وشك الإقلاع في الجو مثل الصاروخ، مستعينا بقوة الدفع التي يأخذها من إله الرياح "زفير" تحت قدمه اليسرى. عطارد يظهر وهو مجنح بجناحين مثبتين بقبعته وجناحين آخرين مثبتين بحذائه. يحمل عصا سحرية اسمها، كاديوسيوس، لها قدرة خارقة، إذا ألقيت بين جيشين متحاربين، فإنها توقف على الفور القتال.

ذات مرة، رأى عطارد حيتين تتقاتلان. ألقى عصاه المسماه كاديوسيوس بينهما، فتوقفا في الحال عن القتال، والتفا بكل الحب والوداد حول العصا السحرية.

ثالث الثلاثة، هو "بيرنيني". عاش في مدينة روما، في القرن السابع عشر. عمل في خدمة عدة باباوات. كان يكرم ويستقبل أحس استقبال أينما ذهب. له أسلوب خاص به يسمى الأسلوب ال"بيرنينيسكي".

أفضل أعماله الكثيرة كانت في مدينة روما. من السهل التعرف عليها نظرا لحيويتها ودراميتها. دائما يختار موضوعاته، لكي تمثل مواقف مثيرة. في الواقع، أسلوبه هذا جعل موضوعات كل الأعمال الفنية في القرن السابع عشر، تتسم بالإثارة والحساسية والمبالغة.

كان بيرنيني يسرف في استخدام الأقمشة والملابس المنسابة في تماثيله. داخل كنيسة القديس بيتر، تجدد أعمدة و 162 عمل من تصميمه.
http://en.wikipedia.org/wiki/File:Bernini_Baldachino.jpg

صمم نافورة "تريفي". لها أسطورة تقول أنه، من يزور روما ويشرب من ماء النافورة ويلقي فيها عملة معدنية، فإنه سوف يعود ثانية لزيارة روما.
http://en.wikipedia.org/wiki/File:Trevi_Fountain,_Rome,_Italy_2_-_May_2007.jpg

أجمل أعمال بيرنيني هي تمثال "أبوللو ودافني". صنعه عندما كان عمره 18 سنة. لكن، ماهي اسطورة "أبوللو ودافني" الحزينة؟

هي قصة جاءت في كتاب "التحولات" لأوفيد. تقول أن الإله أبوللو رأى إله الحب كيوبيد يلعب بالقوس والسهام. نهره قائلا: "أنت تلعب بسلاح خطير، اتركه لمن يستطيع استخدامه".

غضب كيوبيد وأراد أن يلقن أبوللو درسا في أصول مخاطبة الآلهة. أصاب كيوبيد، أبوللو بسهم ذهبي جعله يقع في غرام حورية جميلة ويحبها بجنون، هي دافني ابنة إله النهر بينيوس. في نفس الوقت، أصاب كيوبيد، دافني بسهم من الرصاص، جعل دافني تكره أبوللو كرها شديدا وتعزف عنه.

أبوللو المجروح بسهم الحب، أخذ يتوسل لدافني لكي تبادله شعوره، لكنها كانت تصده وتهرب منه. وكلما بعدت عنه، كلما اشتعل الغرام في قلبه وأصبح مفتونا بجمالها أكثر وأكثر.

نفذ صبر أبوللو. وفي يوم من الأيام، أخذ يطاردها ويسرع خلفها وهي تفر أمامه إلى أن لحق بها. أخذت دافني تصرخ وتستغيث بالآلهة. عندما مسك بها أبوللو، تحول جلدها إلى لحاء، وشعرها إلى أوراق، وذراعيها إلى أفرع وقدميها إلى جذور.

استجاب الأب، إله النهر، والإلهة جايا، إلهة الأرض، لصراخ دافني وحولاها إلى شجرة غار. لكن أبوللو الذي لايزال الحب يتقد في قلبه، أخذ يقطع الفروع والأوراق ليشكل منها إكليلا جميلا، ويعلن أن شجرة الغار شجرة مقدسة.

الغار نبات عطري، تستعمل أوراقه الطازجة أو المجففة (Bay Leaf) كنوع من التوابل في المطبخ للاستفادة من الرائحة والنكهة المميزة.

تمثال بيرنيني يصور اللحظة التي أمسك فيها أبوللو ب دافني. وهي اللحظة التي بدأت تتحول فيها إلى شجرة الغار. لقد حزن لفقدها حزنا لا يعرفه إلا من فقد حبيبه.
http://en.wikipedia.org/wiki/File:ApolloAndDaphne.JPG

كنوع من العزاء، أعلن أن شجرة الغار، يجب أن تكون مقدسة لكل الشعراء والموسيقيين والفنانين. قال بأنه سوف يلبس إكليلا من ورق الغار. هذا ما يجب أن يفعله كل من ينهج درب الفن، هو الآخر يجب أن يتتوج بإكليل الغار. أسوة بالملوك والأباطرة.

تمثال برزيوس لسيليني، وعطارد لبولونيا، وأبوللو ودافني لبيرنيني، تبين قوة الحركة المصحوبة بالجمال والدراما الجليلة. لكن ما هو الفرق بين هذه التماثيل وأعمال مايكل أنجلو؟

مايكل أنجلوا لم يكن يفكر في إظهار الجمال والرقة، بقدر تفكيره في إظهار القوة والسلطة. تمثال النبي موسى لمايكل أنجلو الذي تحدثنا عنه في المقال السابق، خير دليل على ذلك.

وللحديث عن الفن والفنانين وصراع الإنسان ضد العشوائية والقبح، وتشوقه للكمال والجمال، بقية. فإلى اللقاء.
[email protected]



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن الإيطالي - مايكل أنجلو
- الفن الإيطالي 1
- الفن في بداية المسيحية
- كنوز الفن الروماني القديم
- الفن الإغريقي القديم – الرسم
- الفن الإغريقي القديم – النحت
- الفن المصري القديم
- حفريات سبقت كتبنا المقدسة
- الطريق إلى المدرسة رايح جي
- حوار مع المجلة العلمية أهرام
- قصة خلق الكون
- هل التطور يتعارض مع الإنتروبيا؟
- كيف كانت بلادنا حلوة؟
- قضاة في شكاير
- حكم الجماعات الدينية والمليشيات
- لقد قبل الإخوان الحكم وبلعوا الطعم
- دولة دينية أم حرب أهلية
- السلطة مفسدة
- كيف كانت القاهرة وكيف أصبحت
- حقيقة الأديان


المزيد.....




- مصدر لـCNN: مدير CIA يعتزم زيارة إسرائيل مع استمرار مفاوضات ...
- بيروت.. الطلاب ينددون بالحرب على غزة
- أبو ظبي تحتضمن قمة AIM للاستثمار
- رويترز: مدير المخابرات الأميركية سيتوجه لإسرائيل للقاء نتاني ...
- البيت الأبيض: معبر كرم أبو سالم سيفتح يوم الأربعاء
- البيت الأبيض يعلن أنه أوعز لدبلوماسييه في موسكو بعدم حضور حف ...
- شاهد.. شي جين بينغ برفقة ماكرون يستمتع بالرقصات الفولكلورية ...
- بوتين رئيسا لولاية جديدة.. محاذير للغرب نحو عالم جديد
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لاقتحام دباباته لمعبر رفح
- بالفيديو.. الجيش الكويتي يتخلص من قنبلة تزن 454 كلغ تعود لحق ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - الفن الإيطالي - سيليني،بولونيا،برنيني