أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - الفن الإيطالي – بداية عصر النهضة















المزيد.....


الفن الإيطالي – بداية عصر النهضة


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 4031 - 2013 / 3 / 14 - 08:03
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تاريخ فن الرسم الإيطالي، هو تاريخ رسم السيد المسيح-الطفل والسيدة مريم العذراء والدته. دائما يظهران سويا في لوحات الرسم بالزيت، التي يطلق عليها: "مادونا والطفل". كلمة "مادونا" بالإيطالية تعني "سيدتي". لكن الآن تعني "الأم المقدسة".

المادونا تحمل الطفل في بعض الأحيان، أو تنحني أمامه في خشوع. في مثل هذه اللوحات، يظهر لنا حب الأم المقدس الغير محدود. غالبا ما يكون المشهد في حظيرة حيوانات، زريبة، مع أحصنة أو ثيران، ومحاطا بفقراء ومساكين.

لوحات أخرى ترى فيها الأم تحمل الطفل أمام رعاة بسطاء، جاءوا بعد أن سمعوا بالبشرى العظيمة. حاملين معهم هداياهم من فاكهة وحملان وحمائم. لإعطاء اللوحة لمسات من الإشعاع والمجد والفخار، يضاف إليها الملائكة. التي تسبح قائلة: "المجد للرب في علاه".

في لوحات أخرى نرى الحكماء الثلاثة، الملوك الثلاثة الذين أتوا من أقاصي الشرق، يتبعون النجم إلى أن وقف عند مكان ميلاد المسيح. أحضروا أيضا معهم هدايا ثمينة من الذهب واللبان والمر.

يلبسون الثياب والأرواب الفاخرة، في تباين رائع بين ألوان ملابسهم ودرجة بريقها ولمعانها، وبين ما يحيط بالطفل المولود، من فقراء ومساكين. جاءوا بملابسهم المتواضعة الممزقة والوانها الفاترة الباهتة لرؤية المسيح. بالإضافة إلى الإضاءة الخافتة التي توحي بالإسطبل أو الزريبة مكان الميلاد.

في بعض اللوحات، تجد صورة طفل آخر. هو القديس جون (يوحنا) وهو طفل. عادة يكون لون جلده غامق، يحمل الصليب. ترى أيضا صورة الحمل. الذي تلعب معه الأطفال عادة. يبدو ساحرا معهم في الصور.

في البداية، كانت لوحات المادونا والطفل من الطابع البيزنطي (الإمبراطورية الرومانية الشرقية). الأشكال والملابس تبدو جافة متخشبة. الوجوه تخلوا من التعبيرات، لكن الألوان زاهية براقة.

في القرن الثالث عشر، بداية عصر النهضة، ظهر في إيطاليا رسام يدعى "شيمابيو". المادونا والطفل في لوحاته، يبدوان أقرب للرسوم الطبيعية من الرسومات السابقة لهما. لذلك، يسمى أبو فن الرسم الإيطالي.

في البداية، درس شيمابيو الرسم البيزنطي، ثم الطبيعة، قبل أن يبدأ في الرسم. الأشكال في لوحاته ليست رشيقة. لكنها أكثر حيوية وأقرب للحقيقة من الرسم البيزنطي.

الوجوه أكثر تعبيرا. والملابس تبدو مقنعة أكثر، والألوان أقل حدة. في الصورة المرافقة الموجودة أصلها بكنيسة فلورنسا بإيطاليا، الأم تلبس رداء أحمر وعباءة زرقاء.

تجلس المادونا على كرسي يشبه كرسي العرش. مدعوم بملائكة ستة. تحمل المسيح الطفل، الذي يبارك بأصابع يده اليمنى. خلفية الصورة مذهبة. الرؤوس محاطة بهالة من النور، مثل اللوحات القديمة، كرمز للقداسة.
http://03varvara.wordpress.com/tag/cimabue


بينما كان شيمابيو يرسم هذه اللوحة، لم يكن يسمح لأحد أن يدخل عليه مرسمه. في يوم من الأيام، جاء الدوق أنجو، أخو ملك فرنسا، لزيارة فلورنسا. النبلاء المرافقون، عملا بواجب الضيافة، أخذوا الدوق الزائر لمشاهدة معالم المدينة.

ذهبوا بالدوق إلى استوديو شيمابيو. قام الرسام، تكريما للزائر العظيم، بإزاحة الستار عن لوحته لأول مرة. وإذا بالناس توافد من كل أنحاء فلورنسا لكي تشاهد اللوحة التي يتحدث عنها الجميع.

قوبلت لوحة شيمابيو بالإعجاب، وحصلت على شهادات تكريم. كان الناس يصطفون في طوابير طويلة لمشاهدتها. وكانوا يقومون بالرقص والغناء والعزف بالآلات الموسيقية ونثر الزهور ولبس أكاليل الغار. الحي الذي وضعت فيه اللوحة سمي حي البهجة، والشارع سمي شارع السرور.

شيء نبيل يستحق إعجابنا، هو اهتمام شيمابيو بمزارع صغير اسمه "جيوتو". تخبرنا القصة، أنه في يوم من الأيام، كان الرسام العظيم شيمابيو يسير بين الحقول، رأى صبي صغير أسمر يرعى الغنم.

كان الصبي يسلي نفسه برسم صورة لأحد الأغنام على حجر مسطح. نظر شيمابيو إلى رسم الصبي، فرأى فيها لمسة عبقرية. تأثر شيمابيو بشدة لدرجة أنه طلب من الصبي أن يترك غنمه ويذهب معه إلى فلورنسا لكي يعلمه كيف يرسم بالزيت.

وافق الأب. أخذ شيمابيو الصبي جيوتو إلى بيته، ليصبح أستاذه ومعلمه. دربه بأمانة وعلمه أسرار المهنة، إلى الدرجة التي جعلت جيوتو رساما عظيما، فاق حتى أستاذه.

عندما كبر الصبي جيوتو، تجول في كل أنحاء إيطاليا. كان يحى حياة سعيدة صادقة متزنة. لكنه، كريفي الأصل، كان يرسم في كل مكان كلما نزل عليه الوحي والإلهام.

كان معجبا بشاعر إيطاليا العظيم "دانتي". بينما كان يرسم على جدار بمدينة فلورنسا مشهدا من مشاهد الجنة، وضع صورة دانتي في اللوحة. بعد ذلك، حدث أن نفي الشاعر دانتي من المدينة، بعد كتابته للكوميديا الإلهية، التي وصفها بأنها سياحة وبحث في الجنة والنار.

بعد نفي دانتي، قام أهل فلورنسا بطمس لوحة الجدار بالبوية البيضاء، احتقارا لأفكار الشاعر المتحررة (نحن الآن في العصور الوسطى).

ظلت اللوحة مطموسة لعدة قرون، حتى عام 1841م. عندما كُشطت البوية من فوق اللوحة، لكي تظهر لنا صور الشاعر دانتي من جديد.

كان جيوتو يحب قصة المادونا والطفل. وكان يدرس لوحة شيمابيو المادونا لمدة طويلة. أخيرا، رسم لوحة للمادونا بنفسه، جاءت طبيعية أكثر من لوحة شيمابيو.
http://www.wikipaintings.org/en/giotto/madonna-and-child-3

جيوتو كان مهتما أيضا بقصة القديس فرنسيس الأسيزي (1182-1226م). إذا أردنا فهم لوحة القديس فرنسيس لجيوتو، لوجب علينا قراءتها أيضا. فمن هو القديس فرنسيس الأسيزي؟

هو أحد فرسان الحركة الروحية في العصور الوسطى. ولد في مدينة أسيس عام 1182م. أبوه تاجر منسوجات إيطالي وأمه فرنسية، ورث عنها حب الموسيقى والغناء. أطلق عليه فرنسيس بسبب تعاطفه مع الفرنسيين.

كان في بدء حياته مسرفا محبا للأناقة والملابس الفاخرة. كان محبا في نفس الوقت للفقراء والمساكين، دائم العطف عليهم. انخرط في سلك الجيش وأظهر شجاعة نادرة. أسر في أحد المعارك بين مدينتين إيطاليتين متحاربتين.

أصيب في شبابه بمرض شديد، جعله يكتشف تفاهة هذه الحياة. مما جعله يتحول من الفروسية إلى خدمة الفقراء والمحتاجين والمرضى. اهتم بتعمير الكنائس القديمة، وكانت لديه رغبة عارمة في أن يهب نفسه لخدمة الرب.

بسبب سلوكه هذا، غضب عليه أبوه وحاول أن يثنيه عن عزمه، لكن الأب فشل في إقناعه. اعتبره أبوه عاقا، أصابه مس من الخبل أو الجنون.

مما جعل فرانسيس يرفض مال أبيه وممتلكاته، وأخذ يهيم على وجهه ويجول البلاد كرجل فقير حافي القدمين يسكن في العشش أو ينام في الطل.

اعتبر نفسه، بعد سماعه قداس الأحد في أحد الكنائس، أنه مكلف بتكريز بشارة الملكوت. لبى الدعاء، وأخذ يعظ الناس لابسا جلبابا أحمر من الصوف، يربط حبلا حول وسطه بثلاث عقد. ترمز إلى الفقر والعفة والطاعة. كان يستمد مصداقيته، من كونه زاهدا في الدنيا وما فيها.
http://www.flickr.com/photos/profzucker/5718996002
حياته كانت ملئية بالحب والخير والعطف على المخلوقات الضعيفة. أسس جماعة الرهبان الفرنسيسكان. بنيت كنيسة له بمدينة أسيس مسقط رأسه. على جدرانها، قام جيوتو برسم عدة مناظر تبين أعمال القديس.
http://commons.wikimedia.org/wiki/Saint_Francis_cycle_in_the_Upper_Church_of_San_Francesco_at_Assisi

قصص جيوتو الدينية رسمت ببساطة وحب وواقعية. مما جعل أسلوبه، الذي يقترب من تقليد الطبيعة، ينتشر بين الرسامين. كل الناس أحبت جيوتو. لأنه كان طيب القلب مرحا وكان أيضا قبيح المنظر. له مدرسة في الرسم لها أتباع. كان يسمى الأستاذ العزيز العظيم.



رآه ملك نابلس يرسم في يوم حار فقال له: "لوكنت مكانك لما رسمت والجو حار". أجاب جيوتو: "وأنا كمان يا سيدي، لو كنت مكانك". بمعنى أنني لوكنت الملك لما استطعت الرسم.

أراد البابا دعوة أفضل الرسامين إلى روما لعمل بعض الديكورات. أرسل المراسيل طالبا عينات من رسومهم لكي يختار بنفسه بينهم. دخل المرسال إلى جيوتو بينما كان يرسم لوحة، وطلب منه عينة من رسومه.

مع ابتسامة على وجه جيوتو، رسم دائرة بالفرشة باللون الأحمر على قطعة من الورق وأعطاها للمرسال. قال له المرسال: "دي كل حاجة؟" أجاب جيوتو: "أيوه، ودي أكثر كمان من اللازم". أرسلت العينات إلى البابا، وقيل أن البابا أعجب بكمال الدائرة ودعى جيوتو إلى روما.

كانت حياة جيوتو حياة شغل ومرح. عندما بلغ من العمر 58 سنة، ترك الرسم واشتغل بالعمارة والنحت. بنى برج الأجراس بفلورنسا، سماه الشاعر والناقد الفني "رسكين"، برج "الراعي"، نسبة إلى عمل جيوتو الأول. يعتبر جوهرة أعماله.
http://en.wikipedia.org/wiki/File:CampanileGiotto-01.jpg

عندما نقارن رسم شيمابيو ، برسم بوتشيلي للمادونا، نرى كيف تطور فن الرسم بالزيت من القرن 13 إلى القرن 15، ومدى اقترابه من الأشكال في الطبيعة كما نراها.

الأم المقدسة أصبحت ترسم كأم جميلة تلبس الحجاب الرقيق والملابس الأخاذة الرشيقة. لها ملامح جميلة لكنها حزينة، كأنها ترى المستقبل. هالات النور تتوهج وتحتضن الرؤوس.
http://en.wikipedia.org/wiki/File:Botticelli_04_Louvre.jpg

الطفل ينظر إلى الأم ويمسك بعنقها، تعبيرات وجهه تأخذ شيئا من حزن وجدية تعبيرات وجه الأم. القديس جون يدخل مواسيا ومخففا للشعور الحزين للإثنين. الوجه الذي يحبه بوتشيلي، يكرره في العديد من لوحاته مع شئ من التغيير. المشهد ملئ بالنور والحياة والحركة. خلفية اللوحة بها أشجار وزهور.

كان بوتشيلي محبا للرسوم الدينية، لكنه كان شغوفا بأساطير الميثولوجيا والمناظر الطبيعية. أجمل لوحاته هي لوحة "الربيع".
http://en.wikipedia.org/wiki/File:Botticelli-primavera.jpg

ولوحته الرائعة "ميلاد فينوس".
http://en.wikipedia.org/wiki/File:Sandro_Botticelli_-_La_nascita_di_Venere_-_Google_Art_Project_-_edited.jpg

"فيليبينو ليبي"، تلميذ بوتشيلي، يعتبر من أشهر رسامي القرن الخامس عشر. كان رجلا رقيقا ورعا. تعلم الكثير من أستاذه العظيم. الوجوه التي كان يرسمها، لم تكن بالحزن الذي تتسم به وجوه بوتشيلي.
http://xaxor.com/oil-paintings/794-filippino-lippi-1457-1504-.html

في صورة ليبي، المادونا والطفل، الخلفية تبين عدم الدراية باستخدام المنظور (المناظر القريبة كبيرة، والبعيدة صغيرة). لأن الفنانين في ذلك الوقت، كانوا قد بدأو في رسم المناظر الطبيعية، لكنهم لا يعرفون كيف يرتبوها في لوحاتهم.

نأتي الآن إلى رسام من السهل تذكره. لأن حكايتة حكاية، تختلف عن باقي الحكايات. اسمه الحقيقي هو "جيودو". لكنه يعرف باسم "البيتو"، وتعني المبارك، أو "فرا أنجيليكو"، وتعني "الأخ الإنجيلي". دائم الصلاة للإلهام قبل القيام بالرسم. يعتقد مخلصا أن الرب هو الذي يقود فرشته. لا يغير أو يعيد خطا سبق أن رسمته فرشته.

في بعض الأحيان، يركع وهو يرسم كأنه يصلي بالرسم. يطلب لوحاته الكثير من الناس، ويذهب ثمنها تبرعات للدير الذي كان يعيش في الرسام. يعتقد أن الغنى الحقيقي هو الفقر مع الطمأنينة. "فرا أنجيليكو" له طباع رقيقة. لا يحب السلطة والتحكم في الآخرين. يعتقد أنه من الأفضل أن تطيع، بدلا من أن تطاع.

عندما عرض عليه البابا منصب رئيس الأساقفة، رفض قائلا: "أنا أستطيع الرسم بالزيت، لكنني لا أستطيع حكم الناس". لا يرسم مشاهد غير دينية، أو مناظر تُظهر الأسف والأسى. يرسم فقط، قديسين وملائكة. هذه هي حكايته:

ولد "فرا أنجيليكو" في بلدة فيكيودي موجيلّو قرب فلورنسا عام 1387م. عاش حياة سعيدة. كان يحب الأشجار والزهور والطيور. كان يعتني بأخ له، يحى حياة دينية عميقة مثله. في سن العشرين، دخل الدير لكي يصبح راهبا.

الأديرة لعبت دورا هاما في الزمن القديم. بها كنوز من المخطوطات واللوحات الفنية النادرة. كانت مركزا رئيسيا للمعرفة في القرون الوسطى.

الراهب مندل، قام باكتشاف قوانين الوراثة، بينما كان يعيش في دير. الدير في الواقع، كان يشبه القرية الصغيرة. به قسم قانوني تحفظ به القوانين التي تحكم الأديرة وسلوك الرهبان.

يوجد داخل الدرير، مطعم أو غرفة طعام. على الجدران تجد لوحات زيتية مثل لوحة "العشاء الأخير". تجد أيضا غرفة الكتابة بمنضدة كبيرة ودولاب لحفظ المخطوطات. وأواني ألوان وفرش رسم. أيضا مكان للمشي، وصوامع للنوم.

يوجد بين الرهبان وعاظ، ومدرسين، لأن الدير كان بمثابة مدرسة في العصور الوسطى. يوجد فنانون يقومون بالرسم، ومزارعون يقومون بالزراعة. القاعدة، هي أن يقوم كل كاهن بعمل ما إلى جانب الصلاة والعبادة.

كل دير كان مخصصا لقديس بعينه. الدير الذي كان يوجد فيه "فرا أنجيليكو"، مخصص للقديس "دومينيك". القديس دومينيك يظهر في اللوحات وعلى جبهته صورة نجم. في يد زهرة زنبق، وفي اليد الأخرى كتاب، وبجواره صورة كلب.

هؤلاء الذين يتبعون النجم، يسمون ب "الدومينيكيين". هو الذي استخدام المسبحة، نقلا عن الكاثوليك الرومان الذين كانوا يعدون بها صلواتهم.

عندما دخل "فرا أنجيليكو" دير الدومينيكيين في "فيسول"، أخبر الرهبان بأنه يستطيع الرسم. استقبل ذلك باستحسان بالغ، لأن قدراته يمكن أن تستخدم في نسخ المخطوطات ونقشها.

المطبعة لم تكن معروفة في ذلك الوقت. كتب الصلاة والأدعية كانت كلها منسوخة باليد. كما أن الكاتدرائيات كانت تزين بالتماثيل واللوحات، كانت الكتب الدينية تنمق وتزخرف بالديكورات لتمجيد الرب.

لذلك، كان الرسام، يبدأ بالبرواز لكل صفحة، ثم يرسم داخله الزهور البراقة والصدف والأسماك والطيور الإستوائية والريش الجميل. في بعض الأحيان صور للقديسين والملائكة. كان يزين أيضا أول الحروف، وباقي المخطوطة بالحبر الأسود.

يوم بيوم، وشهر بشهر، وسنة بسنة، يقوم الكاهن المكلف بهذا العمل، بصبر بالغ، بإضافة الزخرفة والرسومات إلى كل صفحة حتى يتم المخطوط. لا يمكن أن تتخيل جمال هذه المخطوطات، قبل أن تضعها في يدك وتتأمل في نقشها.

بعضها من الدقة، يحتاج إلى عدسة مكبرة لكي تظهر تفاصيلها الرائعة. هذه الكنوز الفنية، جعلت قيمة المخطوطة منها تعادل ثمن بيت مكتمل.
http://en.wikipedia.org/wiki/File:KellsFol292rIncipJohn.jpg

بعد أن عمل "فرا أنجيليكوا" في نسخ المخطوطات بعض الوقت، انتقل لأعمال أهم. كل رسام كانت له اهتمامات بموضوع معين. فرا أنجيليكو، كان مهتما برسم القديسين والملائكة. أجاد رسمهم وتفوق على جميع الرسامين في رسمهم.
http://www.wikipaintings.org/en/fra-angelico/the-coronation-of-the-virgin-1435#supersized-artistPaintings-204088

السماء خلقت لكي تكون خلفية لهم في الصورة. اللون الأزرق والذهبي كانت ألوانه المفضلة. ملائكة تعزف الموسيقى. ملائكة تنساب في يسر حول أحواض الزرع، كما يبدون في مشهد "منظر الجنة".

وجوه مشرقة، وأجنحة، وهالات نور تحيط برؤوسهم. يلبسون ملابس حمراء أو روبية، لوني العواطف. وآخرون في ملابس خضراء، لون الربيع. أو زرقاء لون السماء والحب.

هذه صورة المادونا والطفل لفرا أنجيليكو:
http://uploads4.wikipaintings.org/images/fra-angelico/linaioli-tabernacle-1.jpg

أسطورة تروى عن فرا أنجيليكو تقول، أنه كان مجهدا فغلبه النعاس وهي يرسم لوحته. بينما هو نائم، جاءت الملائكة لتكملها له.


أخيرا، وصلت شهرة "فرا أنجيليكو" روما. دعاه البابا إلى العمل في الفاتيكان حيث قضى ما تبقى له من عمر هناك. قام بديكورات ورسوم مصلى البابا نيكولاس الخامس. أفضل أعماله، رسمه للقديسين الشهيدين لورانس وستيفين.

عاش فرا أنجيليكو إلى سن الثمانين في فيسول. مات في روما عام 1455م. دفن في دير الرهبان الدومينيكيين، القريب من كنيسة سانتا ماريا سوبرا منيرفا، حيث لا يزال ضريحه موضع إجلال وتعظيم لمكانته الدينية والفنية.

اختلف النقاد في نسبة فنه إلى واقعية العصر الوسيط، أو إلى إبداع عصر النهضة. إلا إنهم قد اتفقوا جميعاً على أثره في تطوير الرسم الديني، وأثره فيمن أتى بعده من الفنانين.

لقد أطلت عليكم. لكن رأيت من واجبي، حتى يكتمل الموضوع، أن نعرف شيئا عن الفن الديني وحياة العصور الوسطى، والفنانين الذين بدأو عصر النهضة، قبل أن نغوص بعمق في هذا العالم الساحر، عالم الفن الراقي، الذي يشبع العقول ويسمو بالأرواح.

في المقال القادم، إن شاء الله، سوف نكمل الحديث عن عصر النهضة بدأ بالفنان العظيم "لونارد دافنشي"، فإلى اللقاء.



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن الإيطالي - كانوفا
- الفن الإيطالي - سيليني،بولونيا،برنيني
- الفن الإيطالي - مايكل أنجلو
- الفن الإيطالي 1
- الفن في بداية المسيحية
- كنوز الفن الروماني القديم
- الفن الإغريقي القديم – الرسم
- الفن الإغريقي القديم – النحت
- الفن المصري القديم
- حفريات سبقت كتبنا المقدسة
- الطريق إلى المدرسة رايح جي
- حوار مع المجلة العلمية أهرام
- قصة خلق الكون
- هل التطور يتعارض مع الإنتروبيا؟
- كيف كانت بلادنا حلوة؟
- قضاة في شكاير
- حكم الجماعات الدينية والمليشيات
- لقد قبل الإخوان الحكم وبلعوا الطعم
- دولة دينية أم حرب أهلية
- السلطة مفسدة


المزيد.....




- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...
- احتجاز رجل بالمستشفى لأجل غير مسمى لإضرامه النار في مصلين بب ...
- برازيلية تنقل جثة -عمها- إلى البنك للحصول على قرض باسمه
- قصف جديد على رفح وغزة والاحتلال يوسع توغله وسط القطاع
- عقوبات أوروبية على إيران تستهدف شركات تنتج مسيّرات وصواريخ
- موقع بروبابليكا: بلينكن لم يتخذ إجراء لمعاقبة وحدات إسرائيلي ...
- أسباب إعلان قطر إعادة -تقييم- دورها في الوساطة بين إسرائيل و ...
- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - الفن الإيطالي – بداية عصر النهضة