أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نافذ الشاعر - الشجرة الملعونة














المزيد.....

الشجرة الملعونة


نافذ الشاعر

الحوار المتمدن-العدد: 4083 - 2013 / 5 / 5 - 17:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم، وهي أم الخبائث وأصل كل خبث وشر في هذه الدنيا، فهي شجرة تنبت في أصل الجحيم، لكن فروعها ممتدة إلى الحياة الدنيا. وهذه الفروع، إما تكون فروعا حقيقية غير منظورة، وإما تكون فروعا مجازية لا ندرك معناها على وجه الدقة والتحديد.
ومن هذه الشجرة يقتبس العصاة سيئاتهم، ومنها يستمد المذنبون سوء أفكارهم وأفعالهم، لأنها تفيض خبثا وشرا على نفوس الأشرار، فما نراه في الدنيا من شرور وفساد فهو بعض من فيحها ولفحها، فهي تخرج من أصل الجحيم، ولها لفحات ونفحات قادمة من الجحيم، وكل من يقبل عليها ويأكل منها لابد أن تورده إلى الجحيم وإلى الأصل الذي نبتت فيه. وإن الظالمين يسارعون إلى هذه الشجرة فيأكلون منها حتى الشبع، ويشربون بعد الأكل، حتى الارتواء. وبرغم هذا الشرب وهذا الأكل فإنهم لن يجدوا لذة ولا متعة ولا شبعا ولا ارتواء.. إنما يجدون عطشا وظمأ، وهذا معنى قوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِّنْ حَمِيمٍ).

ثم يقول تعالى: (طلعها كأنه رؤوس الشياطين):
والطلع: ما يبدو من تمرة النخل في أول ظهورها. وهذا يشير إلى أن الأكل من هذه الشجرة يُخرج ثمارا خبيثة في النفس تشبه رؤوس الشياطين، يعني يجعل الشياطين تطل برأسها من أعماق النفس لتوسوس لمن أكل ثمرة من هذه الشجرة.. وكلما ارتكب الإنسان معصية، كلما أكل من هذه الشجرة ثمرة، فتزداد الوساوس الشيطانية في نفسه كزيادة الجراثيم والميكروبات في الوسط الموبوء بالميكروبات، لأن هناك اتصالا خفيا بين عالم الدنيا وعالم الآخرة، وبين عالم الغيب وعالم الشهادة.
وبما أن هذه الشجرة من أصل الجحيم، فإن أكلها يصيب بالحرارة والعطش والظمأ.. وكذلك تفعل المعاصي بمن يقترفها، فكلما ارتكب الإنسان معصية، كلما أحس بالعطش والحرارة وشعر بأنه لم يرتو، كمثل من أولع بارتكاب الزنا، فكلما اقترف هذه الخطيئة شعر كأنه شرب من مالح؛ يزداد منه عطشا كلما ازداد منه شربا، فيلجأ إلى مزيد من الشرب، وهذا معنى قوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ. ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِِ) فهذه الأعمال التي نعملها في الدنيا متصلة بالآخرة ولكنها في صورة غير مرئية ولا منظورة، فإذا مات الإنسان تمثلت له هذه الأعمال هناك على صورتها الحقيقية.

وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه النار بأنها (لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ) في قوله تعالى: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ. لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ. لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ) (المدثر29) ومعنى (البشر) في الآية: نوع الإنسان، من البشرية وليس من بشرة الجلد، وهذا معنى البشر في القرآن جميعه، وفي سورة المدثر نفسها: (إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ)(المدثر25).
ومعنى (لوّاحة للبشر): من التلويح باليد، يقال لَوَّحَ بالشيء: أَظهره ولمع به، ولوَّح بالثَّوب: أشار به ورفعه وحرَّكه ليراه الإنسانُ من بعيد. فكأن النار تلّوح للبشر بالشهوات والملذات التي حفتها وتزينت بها، كي يأتوها ويقترفوها، فإذا اقترفوها جذبتهم لا محالة إلى النار فأدخلتهم فيها، ورأوا عند ذلك هذه الشجرة الملعونة على حقيقتها كأخبث ما يكون الشجر والثمر.
وهذا ما يشير إليه قول النبي صلى اله عليه وسلم: (حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ) (رواه مسلم) يعني تزينت النار بمشتهيات النفس البشرية، فيقبل عليها العصاة بنهم ثم تكون عاقبتهم وبال ونكال، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً)(الفرقان65)
ومعنى: (إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً) يعني إن الأشياء التي أدت إلى عذاب جهنم كانت محببة لدى نفس الإنسان، حيث وقع في غرامها؛ حيث أن هذا العذاب مخفي داخل مشتهيات النفس التي تؤدي بالإنسان إذا اقترفها لدخول النار. ومعنى الغرام هنا: عِشْقُ الشّيء والتَّعلُّقُ به بحيث لا يمكن الخلاصُ منه.
وهذه الشجرة الملعونة هي الشجرة التي نُهي آدم عن الأكل منها، لأنها شجرة ملعونة أدت لإخراجه من الجنة وشقائه في الدنيا. ولا ندري كيف كانت هذه الشجرة وما طبيعتها على وجه التحديد..



#نافذ_الشاعر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أينقص الدين وأنا حي؟
- لماذا أحبك (نقد قصيدة)
- كيف حملت العذراء بالسيد المسيح
- قافلة الرقيق
- في شغل فاكهون
- في البدء كان الكلمة
- التجسد
- حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون
- الصلاة الربانية وسورة الفاتحة
- في سيناء (سيرة ذاتية)
- السلام العالمي والإسلام
- غموض الشعر بين الحداثة ونظرية ابن خلدون
- أهل الكتاب
- السحر والعلم والشعر في سورة الشعراء
- مفهوم الحسنة والسيئة في الإسلام
- تأثر أحكامنا بالجمال
- الدروز في القرآن
- التشابه بين الثورات القديمة والمعاصرة (2)
- التشابه بين الثورات القديمة والمعاصرة (1)
- العلاقة بين الترجمة والتمثيل


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نافذ الشاعر - الشجرة الملعونة