أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد الحبوب - زهرةٌ لا تألفها الزنابير














المزيد.....

زهرةٌ لا تألفها الزنابير


فريد الحبوب

الحوار المتمدن-العدد: 4078 - 2013 / 4 / 30 - 22:54
المحور: الادب والفن
    





قصة قصيرة ... زهرةٌ لا تألفها الزنابير
في الطريق المؤدي إلى منزله ، لاحضت عودته مسرعاً في سيره سرعة غير طبيعية ، قلت عندها أن في الأمر شيئاً ما .
قرر إن يتركها وينعزل ، وانحنى بعدم مبالاة لكل هباتها وجمالها ، غض الطرف وهو ينفخ الدخان بوجهها من سيكَاره الضخم ، متقززاً من كل شيء ، صار غريباً ولا يطيق سكوته وقراءة الجرائد ولون النهار وطريقة الناس في العيش ودائرة الائتمان التي يعمل بها ، والغيض الذي يراه في محيا الفقراء، وزحمة الأسواق، وصور الرموز، وخير الناس وشرهم، بدى كما لو أنه ينظر لكوم قمامة ، فما عساه يفعل وهو يرزح تحت يأس شديد وحانق من غربته التي تفجرت بشكلاً مفاجئ تركته يذبل في تخومات تعاسته، أضطجع على جنبه، ثم انقلب على وجه وغطى نفسه بالشرشف ونام وأغمض عينيه حزيناً بعد عناء طويل ، نام ، وصار يستيقظ في نهايات النهار . لم يعد النهار نهاراً له ، ولم يعد البشر بشراً بالنسبة له، كأن حريقاً شب بأمنياته وقلبه وأحلامه وأنسانيته، وبعد إن شرب كل الكؤوس والحانات والأرصفة والدروب المهجورة ،وبعد إن تنزه مع الف مومس حتى نفذت خزينته الماليه التي جمعها عبر عشرون عام ، لم يعد ينتظر عودة الأمل ، بل قرر تغير شكل أمله ومناه ،وفي أخر طلعة له في النهار، لبس أفضل مالديه وشبك ربطت عنقه بدقة ، ورغم غزارة المطر ظل يمشي حتى وصل أخيراً إلى مشتل صغير يبيع النباتات وأشجار الزينة ومختلف أشكال الأزهار، شعر بالراحه وهو يهمس لنبتة الزهرة التي أشتراها بآخر ما يحمله في جيبه، حملها إلى حديقته ، غرسها بشغف ، وراح يأتمنها على كل ما تبقى لديه في هذه الحياة. نعم صار يأكل جنبها، ويقراء ويكتب وينام ، تسليه وتواسي أحزانه ، صارت النبتة وجه حياة ، ووجه امرأة ، وأمان قلبه وحانته الصغيرة التي يتحدث فيها للجالسين وسطها ، صارت محبة وود الجوار القديمة ، والصباح المبتسم وأعياد الناس ، أنها بداية لأستعادة الثقة بينه وبين أي مخلوق ، وبينه وبين السماء.
كان يبكي ويضحك جنبها ، فعلى سبيل المثال حين تتساقط قطرات الماء من على وريقتها يتهيأ له كما لو أن هناك بشراً قد سقطوا قتلى ، وحين تُميلها رياحٌ شديدةً يتذكر الشقاء الذي يعانيه المحرومون ، كما إن زهرة مغلقةٍ على نفسها ما زالت في طور التفتح تخرج في أغصانها الصغيرة توحي له بعودة النبل والسمو وحلاوة الحياة ، ويتبدد له خوف كبير لو إن النبتة اثناء السقي تغني آلامه الماضية ولا تكف عن الوقوف على باب حزن الابرياء ولوعتهم وتشكي سلسلة عذابهم في هذه الحياة التي خربها ساح وحام ويافث، وذات مساء ، وبعد إن شرب كأساً من الويسكي أعتقد أنه يحتضر وهو يطالع الزهرة ذابلة، منكسرة البهاء والحياة ،أخذ يلف الغصن المنحني بالمنديل يسقيها بالماء بروية وهدوء، ويقبل أوراقها، ويدفع ببعض التراب من أجل أسناد عودها الذي وهن بشكلٍ كبير ، وحين نفذت ضماداته التي لم تجدي نفعاً ، وتراخى المنديل أطلق صرخة حزن وبكى بكاءاً مراً وهو يشاهد عش زنابير يتفجر من تحت ساق الزهرة . أقتلع النبتة وأسقطها وهو يطارد يراعه تأبى إن تنطفىء.



#فريد_الحبوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوراكَين
- في عيد القيامة ...آلام المسيح
- طيور وغربان ، حانة الغول
- زنابق كهرمانة
- دوافع الصلاة في محراب المحافظة
- النيران تأكل جناحي الفراشة
- تاريخ وتاريخ
- موعد في مقهى الشاهبندر
- مرور الخيول
- من أنتِ
- لست سوى خيزران
- المتسولة
- جُناة العراق
- المصطبة
- اثار الأحلام الرطبة
- رعد وبرق
- المهدي هادي بوعزيزي
- عضة خيانة
- حياة قصيرة جداً
- الريف والمدينة قريتان ليس ألا....


المزيد.....




- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...
- -الممثل-.. جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG تُطلق اسمًا جديدًا و ...
- كيف حوّل زهران ممداني التعدد اللغوي إلى فعل سياسي فاز بنيويو ...
- تأهل 45 فيلما من 99 دولة لمهرجان فجر السينمائي الدولي
- دمى -لابوبو- تثير ضجة.. وسوني بيكتشرز تستعد لتحويلها إلى فيل ...
- بعد افتتاح المتحف الكبير.. هل تستعيد مصر آثارها بالخارج؟
- مصر.. إصابة الفنان أحمد سعد في ظهرة ومنطقة الفقرات بحادث سير ...
- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد الحبوب - زهرةٌ لا تألفها الزنابير