أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد الحبوب - زنابق كهرمانة














المزيد.....

زنابق كهرمانة


فريد الحبوب

الحوار المتمدن-العدد: 4029 - 2013 / 3 / 12 - 21:33
المحور: الادب والفن
    


كنت في تلك الليلة فرح ورائق المزاج وتغمرني نشوة لا توصف، وخطرت في بالي أفكار أنني سأحدث القمر على طرف النهر أو تهبط نجمة على حجرتي وتتحول إلى مخطوطة نادرة، ،، وبدى لي بغداد لم تتعاقب عليها الدهور. بل مدينة نشأت على أعتاب لحظات هذا الليل، براثا مازال صخرة لم يتفجر إلى ينابيع، أعمدة الاضواء مطروحة على جنبي الشوارع والساحات، وبوابة الشمس حُلم كبير لم يُنحت ويُصنع منهُ جدران وأبواب، ونصب الحرية تنبث منه موسيقى جنائزية ويتأمله خالد الرحال قبل الصب، روح جواد لم تعد إلى بارئها بل صُهرت في البرونز، الذكريات لم تتراكم مثل ملايين الليرات، حتى إن كهرمانة الفتاة السمراء الحلوه كانت قد وقفت للتو على أبواب كَلواذه، فيما الجرات مازالت غير منصوبة من اجل إن يدخلها اللصوص، أما جرتها المملؤة بالماء فكانت الزنابق تفيض بها ، كانت صامته مبتسة أبتسامة عذبة وحنونة، تربت على أفخاذها وكتفيها لتزيح الغبار، عدلت ثوبها الخفيف وكي تغويني سارت خطوتين كغصن زهرة وحين فرشت ذراعيها كأنها تمسك اطراف الدنيا، تسربت عطور سامية كأنها عطور زهور حدائق نبونصر لزوجته اميتس الميدونية. ليت كل شيء يتم في حياتي بمثل ما يمر الأن .
تقدمت نحوها بضع خطوات واثقة وغيرت لغتي وناديتها... ككهررومونة
نظرت بحبور وانبست بصوت طفولي رقيق أخترق ظلمة الليل .
- تكلم لغتك وقل لي كيف عرفت أني هنا
وجدت الكلمات حين رجف قلبي
- وهل هناك داع لكي يقود عاشقاً لمعشوقتهِ...
-أأنا عشيقتك..قالتها بمزاح
- بلى، واحلى عشيقة.
-كم أنا سعيد لرؤيتكِ. كم ناديت ...كهرمانة
- أنا كذلك، همست، وفي وجنتيها سحر الشروق والغروب ..أظن الليلة ستكون طويلة
كان كلامها، رهبة الليل، الدفئ المنبعث منها،الرقة العذبة جرني إن أراها حبيبه تعود من عمق غابة صنوبر على جواد أدهم قضى ليالٍ طوال يسير بخبب هادئ، وحسبت نفسي عاشقاً يشد بيدية يد محبوبته ويقبلها ويمتص حلاواتها ..أي حب هذا الذي تهبيني أياه يا كهرمانة ...ضَحكت .....وضَحكت...... وضَحكت وقالت وفمها أبتلع كل هذياني لنخرج في نزهة.
وقبل إن ننطلق غطت الجرار بأغطية من الطين ذات طراز فخاري رائع وانحنت على الزنابق نفخت فيها وكأنها أستدعت روح لتحمييهن من اللصوص. ذهبنا نسير جاهدين من أجل أن نصل إلى فائق حسن، رأينا على الجدارية عينان واسعتان غارقتا بالكحل كأنهما عينا حبيبتي، التفت إلى كهرمانة وقلت.. هل تخونيني مع فائق حسن، لقد وهبت لكِ قلبي كُله وهأنت تهبين سر عيونكِ لغيري، نهض الرجل بعد إن سمعني وأنا أتكلم بغضب، قال والنار المتوقدة من خشب الفؤوس القديمة تهسهس قرب ساقية العاريتين.
- كلا، أنها عيون فتاة سومرية جاءني بها الهدهد من ركام الالهه الراقدة في بيت ابراهيم القديم، لكني قررت تغير فكرة الجدارية... وفي الصباح ستجدني قد رسمت هؤلاء الرجال والنسوة والطيور والمعاويل والفؤوس والمناجل واسراب الحمائم البيضاء... وشكا من حمى يعانيها منذُ زمنٍ بعيد، وبالفعل رأيت كم هائل من جميع من ذكرهم. وفيما طرقت رأسي شاعراً بالحرج الكبير، راحت كهرمانة تمسح بمنديل شفتيه، عرفت فيما بعد إن المنديل من صنع محد غني حكمت ...... اعتذرت مما تبادر الى ذهني وقبلت يدها ومن ثم مضينا نبحث عن خالد الرحال، كانت أمه قد ماتت قبل دقائق وقد تلبسته الوحشة والحزن والضنى، وفي غرفته المملؤة بالحناء كان هناك طفل يمسك بأعواد البخور، أوقدت كهرمانة الأعواد واستدعت له روح أمه، مدته بأملٍ جديد، وخرجنا من الباب الخلفي للمنزل وقرب شجرة السدرة الكبيرة المحملة ب " النبق" اللذيذ، تصاعد الشوق والزعفران ونار الرغبة، أحتضنتني، أسرت في جسدي رغبتها وتبادلنا القبل والعناق الحاد حتى غمرتنا التويجات واستسلمت بجسدها للسعات هيجان الحب حتى لهثنا لهاث عنيف، قلت في نفسي أن اشعر أني من ألالهه ليس بغريب ولكن أن تحبني كهرمانة فذلك أغرب عليَّ من أي شيء ، وعلى عجل وبسبب الرياح العالية والبرد لم نطيل الوقوف قرب تمثالي شهريار وشهرزاد، فقط ضمنا قصتنا ألف ليلة وليلة في تلك الأوراق . وارجئنا شكوى أبي نؤاس ووضعت رسالته في آنية سوداء مذهبة بحروف مسمارية قرب وسادة الملك شهريار ، ومن ثم مشينا طويلاً ، طويلاً جداً في الأزقة المظلمة نسترق القبل الطائشة وهي تغني مندفعة تمدني بالشجاعة والجرأة على ظمها وقول كل شيء يختلج صدري. كان الوقت يمر على عجاله وكم سألتها عن مصير بغداد ولم تجبني، ألاف الأشياء الجميلة نسجتها ورمت بها في كل مكانٍ نقصده. كانت تشد من عزيمة بغداد وهي تطالعها بعينين غارقتين بالدموع تتوسل وتتضرع بقلب أوهن من قلب طفل يارب الخير........... أخيراً جلسنا أمام بوابة المستنصرية حتى لاح شيء من خيوط الفجر ، تلألأت النجوم في المكان الذي نحن فيه، وظهرت ومضة مطمئنة في عينيها حين كف قلبي وقلبها عن رحلة الليل... قالت بصوت خافت وقد مالت للصمت ملايين النوارس..... أفتح الباب...فتحته، في طرفة عين، ضغطت بأطراف قدميها قدماي وتبخرت زوبعة ضباب قارعت جفون عيوني واختفت.

قلت لهم وهم يطالعوني بأستغراب في ذلك الصباح بالذات لم توقُضني صرخات بائع قناني الغاز، أو ديك جاري عدوي اللدود، بل طرقات الباب لصديق حميم لم أراه منذ عشرون عاماً.

تركت المقهى وهم يفكرون بكهرمانة.....



#فريد_الحبوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوافع الصلاة في محراب المحافظة
- النيران تأكل جناحي الفراشة
- تاريخ وتاريخ
- موعد في مقهى الشاهبندر
- مرور الخيول
- من أنتِ
- لست سوى خيزران
- المتسولة
- جُناة العراق
- المصطبة
- اثار الأحلام الرطبة
- رعد وبرق
- المهدي هادي بوعزيزي
- عضة خيانة
- حياة قصيرة جداً
- الريف والمدينة قريتان ليس ألا....
- نصوص توشك إن تنام
- جحافل جيش المهدي تنادي جيش عمر
- حب لليله واحده
- حب لليلة واحدة


المزيد.....




- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد الحبوب - زنابق كهرمانة