أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد الحبوب - من أنتِ















المزيد.....

من أنتِ


فريد الحبوب

الحوار المتمدن-العدد: 3975 - 2013 / 1 / 17 - 23:08
المحور: الادب والفن
    





في ظل السكوت الذي أطبق على الجالسين كان الجميع منصرفاً بنظره صوب عادل، ولو استطاع لخرج من الغرفة هرباً من الارتعاش الذي طغى عليه والضعف العابر الذي وشح وجه.
أخيراً تجاوز محنته وتنفس الصعداء فما يهم إن المراسيم تمت والحمد لله، فقد قرأت الفاتحة وهلهل الجميع وبقي الأطفال وقت طويل مثل الحمام منكفئين على الأرض يلتقطون الحلوى ورغم بعض الخلافات التي دارت حول ما سيدفعه الرجل قبل وبعد الزواج ورغم التصرفات التي أبداها أقارب عادل الشاب الخجول والمولع بالسينما والهائم منذ ستة سنوات في حب أميرة التي تعرف إليها في أحدى المرات التي خرج من صالة العرض، كانت أميرة تنتظر في موقف الباص، فتاة جميلة ذات وجه طفولي تربط شعرها إلى الوراء فيما جبينها تتقد فيه الشمس وعيونها مفعمة بالعذوبة، راقبها مأخوذاً بوداعتها، وفي الباص حدثها عن الفيلم الذي شاهده للتو، كان الفيلم حينها يتحدث عن فقدان ذاكره لعائلة بأكملها مما دفع الجميع إن يذهب كل واحد منهم في طريق مفترقين إلى ألأبد. أخيراً تحقق الوصال بينهما بشكل فعلي وعلى العلن وصار من حقه إن يأتي لزيارتها متى شاء ويختلي بها في غرفة الضيوف من أجل إن يتهامس معها كلما اعتصره حنين السنوات التي خلت وكلما زقزقت عصافير كثرت في روحه في ألآونة ألأخيرة ومن أوراق كتبها في أوقات الاشتياق التي تكون فيه مسافرة خارج حدود البلاد. ولطالما انتظر هذه اللحظة ألا وهي لحظة الزواج التي انتصرت فيها إرادتهما على أرادة أبوها الرجل العنيد بائع الصحف والذي أصر مرات ومرات على إن تقترن بأحد من أولاد عمموتها لكنها رفضت وكانت أكثر منه عناداً وأصرار.
- هيا !... دعينا نخرج
- ماذا...؟ في هذا الوقت المتأخر من الليل.
- لقد أخبرت أبيك... سأقبلك، وأقطف لك زهرة من بستان لم تريه من قبل
- أوف.. أحبك عادل. قالت بصوت خفت صداه ويداها ترتجف بيديه وهي تطالعه بصعوبة.
- لم أشك بذلك يوماً.
مسك بيدها ونظر محدقاً في عيونها وهي غائرة كثيرة الطيب ووجها يرسم قمراً يطوف مخترقاً ليلاً مثقل بالغيوم، هتف عادل .. سأعترف لك بأشياء كثيرة، أصبري يا حبيبتي حتى نذهب بعيداً. ابتسما ابتسامة عريضة تدفقت من خلالها ألأشواق وتدحرجت في ظلها رغبة جامحة إن يكونا نجمتين في كون صغير لا يموت فيه شيء.
ادار محرك السيارة وانطلقا بسرعة جنونية ضاحكاً يغني فيما هي صامتة وخائفة، ألا إن السعادة كانت تصنع لها مشاعر تُحسس بها الحياة بشكلٍ أخر، كانت عباءة الليل تتمزق أمام مقدمة السيارة فيما كان سعف النخيل يجذف في الهواء أغنية للضباب القادم من عتمة السحاب، وأشجار النارنج تشعر بحمى قلبيهما بالأشواق وراحا يستغرقان في حديث طويل كشف عن عمق علاقتهما وكيف إن حبهما سيجعل منهما إعظم رفيقين في الحياة.
- أليس هذه الليلة أجمل ليلة في العمر.
- أكاد أنفجر من الفرح..
- أتذكرين كم كنا ندعو الله إن يمنحنا بركته ، إه يالها من أيام.
- بلى ..أتذكر جيداً...
- أّذن عاهديني .....
مدت رأسها من نافذة السيارة وقطعت أنفاسها بمدية ريح قوية تهب من أعماق الشتاء
- أعاهدك أعتباراً من هذه الليلة سنهب الزمن صفاتٍ أخرى ،
- أما أنا فحياتي ستكون وديعتي لديك.
صمتت بتحسر لحظات وقالت....
- ليتك يا حبيبي لا تنسى عهدك وعهدي.
قال لها باسطاً كفهً اليمنى... أوه! يا أميرة أراك مثلما أراك دوماً.... ما أطيب قلبك
مضى بهم الحب بعيداً طاوياً الماضي والحاضر، فيما برد جوف السيارة برداً موجعاً واشتد ظلام الليل كثيراً ونثرت الغيوم الكثيفة قطرات مطر تلمع تحت ضوء السيارة، ولم يلحظوا أنهم قطعوا عشرات الكيلومترات وهما غائبان تمسك بشعره لتسحبه إلى الوراء بقوة وتقبله بنهم وحب، فيما هو يضغط مع كل قبلة على دواسة الوقود مسرعاً وغير أبهاً لخطورة الطريق، ينظر بين لحظة ولحظة أخرى الى صدرها المشمس ونهداها الوارمتان وافرة الرغبة والحنين والنهر الذي يتوسطهما هائج منحدراً بسيل يرتطم متوقفاً وفائضا في ظل شفتيه، فيما هي تراقب مرور الطائرات إلى أرض المطار،
ترك السيارة تسير، والمقود مخموراً بالفزع، مال نحوها ماسكاً بصدرها الطري ليرتوي منه هامساً بأذنها ..وحده الحلم والحب يجعلنا نطير .. لعق بلسانه شفتاها وسدلت عيونها مستسلمة شع جمالها الذي يغريه إن يفدي عمره من أجلها، دارت وجهها نحو ضفة النهر المتلألأ أقلقها للحظة سهر ألازهار على طول الطريق والليل الذي لم ينم والنجوم التي قل وميضها في السماء، قفزا في الطبيعة، وارتطم رأسها بغصناً تتدلى منه ألاوراق الذابلة، أنتفضت ألاوراق وشيئاً خفيف طار من مقلتها، ربما قطرة دم تبحث عن مأوى ، سقطت الفتاة على مزرعة فجل قرب النهر تتألم ، فيما بقي هو يصرخ في السيارة التي توقفت بعد أربعة تقلبات على مقدمتها مبتلاً بالدم والمطر ، أنها اللحظة ألاولى التي تشعر إن المطر لا يهب الدفء ولا الحب يمنح الحياة. نهضت من ألمها المبرح تتوكأ على الشجيرات الصغيرة تبحث عن عادل ، لم تميز شيئاً داخل السيارة، فتحت الباب بهدوء وخرج هو من هناك يتلوى من وجع رأسه، لم يستطع الشعور بنفسة، نظر من حوله ليس سوى الليل وأكوام الفجل والطائرات والنهر يسير ببطء وعلى جرفة البعيد قارب يطوف لوحدة، أقتربت تمسح من وجهه الدم، حدق بها وهي تعطف عليه وتبكي ... حدث شيء غريب أذ لم توحي له بشيء،
هرعت الخرفان باتجاه النهر وطار طائراً ملون وهو حتماً من الطيور التي توضع في الاقفاص يتشمم قمم الاشجار ومات ألارنب الذي كان يركض بين سيقان الفجل الخضراء، كان نصفه تحت أحدى العجلات فيما عيونه تلمع تحت البرق، لم يعرف أنه أرنب وأن حبيبته من تمسح عنه الدم، ومسك بقبضة يده المضرجة بالدم قلبه الذي هبط إلى قاع ، وتفلت كل شيء من عقله، وقال وهو يرتجف محدقاً بوجهها بعنفوان .....
- من أنتِ .....!
كان ذلك الغصن يتعرى وهو يصرخ مرةٍ أخرى
- من أنتِ
مرت الأيام تعدوا سريعاً وهي تبحث عنه في كل مكان لم تراه أو تسمع عنه من شيء وصارت تخنقها الدموع كلما رنت في رأسها ...... من أنتِ، كان في أنتظارها زمناً بلا ريح رطبة ولا نسمةً ولا أوراق، فيما ظل قلبها يأفل وصار بليتها في الحياة بدلاً من سعادتها مثلما كان...



#فريد_الحبوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لست سوى خيزران
- المتسولة
- جُناة العراق
- المصطبة
- اثار الأحلام الرطبة
- رعد وبرق
- المهدي هادي بوعزيزي
- عضة خيانة
- حياة قصيرة جداً
- الريف والمدينة قريتان ليس ألا....
- نصوص توشك إن تنام
- جحافل جيش المهدي تنادي جيش عمر
- حب لليله واحده
- حب لليلة واحدة
- نحن والساسة كاذبون
- الكافرون ملائكة التسامح والحياة
- الذكريات المملحة بالإسرار
- من أجل حفنة من الدنانير
- نازك العابد.....نازك الملائكة
- حكاية مروان... عزائي إن لا شيء ثابت


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد الحبوب - من أنتِ