أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نصر الرقعي - في الدين والسياسة..الفصل أم الخلط ؟















المزيد.....

في الدين والسياسة..الفصل أم الخلط ؟


سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)


الحوار المتمدن-العدد: 4059 - 2013 / 4 / 11 - 18:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ـــــ[[[ نحو التجديد في فهم الدين والدنيا ! ]]]ــــــــ

نحن اليوم بين طرفين في مسألة الدين والدولة !.... كليهما يتصف بشئ من التطرف ولا يخلو من الغرض السياسي! .

طرف علماني متطرف يتمثل في موقف غلاة العلمانيين والليبراليين الذين يريدون الفصل التام بين الدين والسياسة والاقتصاد والدولة ويطالبون باستنساخ تجربة المجتمع الغربي بحذافيرها ولصقها في واقعنا الاجتماعي والسياسي والاقتصادي بطريقة (الفوتوكوبي) تحت شعار (الدولة لا دين لها !) مما يعني تعطيل بعض الأحكام الشرعية التي جاء بها الدين لتحكم حياة المسلمين وضبط حياتهم الإجتماعية ومعاملاتهم المالية وعلاقاتهم الدولية!.. وهذا الموقف – أي موقف الفصل وعزل الدين عن السياسة والدولة – موقف غير صحيح ولا رشيد سواء من حيث المبدأ الفكري أو حتى من حيث الناحية العملية والتطبيقية في مجتمعاتنا المسلمة وخصوصا ً في مجتمع مثل المجتمع الليبي !.

الطرف الآخر هو طرف (إسلامي) متطرف يتمثل في موقف غلاة الإسلاميين الذين يريدون خلط الدين بالسياسة والسياسة بالدين في كل شئ وينزعون إلى تطبيق إيديولوجيا شمولية باسم الدين وتضخيم دور (رجال الدين) في الحياة السياسية وتطبيق نظام (إمارة أمير المؤمنين) - على طريقة (طالبان) أو طريقة (إيران) أو حتى (السودان الآن)! - حيث يتمتع الحاكم بصلاحيات واسعة ولا يجوز معارضته ولا تحديد مدة ولايته بدعوى أن لا الصحابة ولا السلف الصالح من بعدهم قالوا بهذا التحديد وهذا الشرط في عقد (الإمامة والخلافة) !!.. كما أنهم يرفضون التعددية الحزبية والتداول السلمي على السلطة كما تقرر في النظم الديموقراطية المعاصرة ويعتبرون ذلك من البدع المهددة للدين ولوحدة المسلمين ويريدون مثلا ً أن يصبح دور (المفتي) كدور (المرشد الأعلى) في النموذج الإيراني !.

نحن ومن على طريقتنا من أهل الوسط والاعتدال والانفتاح على واقعنا المعاصر وتجارب البشر السياسية من حولنا من الراغبين في الجمع بين ثوابت ديننا الحنيف ومزايا النظم السياسية المعاصرة ودروس تجارب البشر نرفض الموقفيْن المتطرفيْن معا ً ونقول ما يأتي :

(1) لا يمكن استنساخ النظم العلمانية الليبرالية الغربية وتطبيقها في مجتمعنا الليبي المسلم حذو القذة بالقذة (فوتوكوبي) فهذا أمر محكوم عليه بالفشل مقدما ً حتى من الناحية العملية فنحن في مجتمع للدين فيه سلطان كبير على عقولنا وقلوبنا وسلوكنا وعلاقاتنا !.. والإسلام كدين عقيدة وشريعة يتضمن تعاليم وخصوصيات تتعلق بالسياسة والاقتصاد والاجتماع قد لا نجدها في بقية الأديان !.

(2) تسيس واحتكار التحدث باسم الدين أو فهم مخصوص للدين من قبل جماعات إيديولوجية وأحزاب سياسية أمر مرفوض فالإسلام ديننا جميعا ونحن جميعا ً مسؤولون على إقامة وحماية أمر هذا الدين.

(3) الشريعة الإسلامية متمثلة في النصوص الدينية المتفق على صحتها وحجيتها لابد أن تكون هي المرجع الأساسي في عملية التشريع الديني والتشريع السلطاني التقنيني على السواء فأية فتوى ورأي ديني وأي قانون وأية سياسة تتصادم بشكل مباشر وبصورة قطعية مع نص شرعي قطعي الثبوت والدلالة أو معلوم من الدين بالضرورة فهو رد أي أنه غير مقبول !.. وهنا قد يتبادر سؤال : الكتاب والسنة بفهم من !؟... وجوابي هو بفهم العلماء والفقهاء المعاصرين المستنيرين الذين يجمعون بين فقهيْن اثنين :

أ – الأول : فقه الشريعة بقواعدها ومقاصدها وأحكامها العامة والخاصة والدائمة والمؤقتة والمجملة والمفصلة وفقه وتنقيح مناطات الأحكام التي يرتبط بها الحكم الشرعي كما تبلورت في علوم أصول الفقه .. والتمييز بين ما هو قطعي الثبوت أو الدلالة وظني الثبوت أو الدلالة من نصوص الشريعة وكذلك فقه الفرق بين ما حكم به النبي وقاله وفعله من باب الاجتهاد السياسي الزمني بوصفه الأمام الحاكم للجماعة المسلمة ورئيس الدولة وقائد الجيش والقاضي الأعلى وما هو من باب التشريع النبوي المطلق الصالح لكل زمان ومكان والملزم للمسلمين في كل جيل .

ب – الثاني : فقه الواقع المعاصر بما فيه من معطيات ومشكلات وتجارب للبشر وأنظمة وفكر والقدرة على فحصها بعين موضوعية واعية منضبطة بالأمانة والعدل ومستنيرة بكشاف الفقه الشرعي وتصنيفها بشكل شرعي صحيح والاستفادة بكل ما هو مفيد ورشيد منها في تحسين وتطوير مجتمعاتنا فالحكمة ضالة المؤمن أين وجدها أخذها واستفاد منها ولو كانت عند كافر ابن مشرك ابن ملحد !.. والعدالة غاية هذا الدين فاينما وكيفما ظهرت اماراتها فهي ضالتنا وغايتنا فهناك من البشر ما لهم من العدل ما ليس عندنا !!.. فالعدل على ثلاثة أنواع : نوع يعرفه ويدركه كل الناس في كل زمان ومكان بالفطرة والعقل والحس الإنساني الأخلاقي المشترك .. ونوع لا يعلمه ولا يفهمه ولا يدركه إلا ذوي الألباب من الحكماء والعقلاء ممن آتهم الله علما ً وحكما ً وقدرة على الإستقراء والإستنباط وفصل الخطاب! .. ونوع – وهو قليل - لا يمكن العلم به وإدراكه إلا من خلال الوحي والإخبار الإلهي والنبوة!..... وكذلك يحتاج الفقيه المجتهد بالضرورة فقه أحوال الدنيا وطبائع البشر بشكل عام فهذا ضروري في فهم وتطبيق الأحكام وهذا هو مفهوم (الحكمة) التي جاء النبي ليعلمها للمسلمين كتعليمهم (الكتاب) !.. فالكتاب هو مجموع الأحكام والفرائض التي كتبها الله على المؤمنين من باب الإلزام كقوله تعالى (كتب عليكم الصيام) أما (الحكمة) فهي الفقه بمعناه العام الكلي الشامل لفقه الدين وفقه أحوال الدنيا والناس والقدرة على استنباط الأحكام العادلة والصحيحة على الأشياء والأشخاص والتصرفات والتعاقدات!.. وهو أيضا ً معنى كلمة (الحكم) في القرآن الكريم كقوله تعالى عن (يحيى) – عليه السلام - { وآتيناه الحكم صبيا} ليس المقصود الحكم بمعنى المُلك أو السلطة السياسية كما هو دارج في عصرنا الراهن لمفهوم ومصطلح كلمة (الحكم) بل المقصود آتيناه الحكمة والقدرة على الحكم على الأشياء والناس بشكل رشيد وحكيم وعادل واستنباط وإصدار الأحكام الرشيدة والحكيمة على الأشياء والأشخاص والفصل بين المتخاصمين والتفريق بين الظلم والعدل وبين الخير والشر وبين الصالح والطالح والنافع والضار والحسن والقبيح !.. فهذا هو معنى الحكم في حق البشر وهو غير الحكم في حقه تعالى وهو احكم الحاكمين!.

(4) كما أننا نرفض الفصل التام بين الدين والدولة أو الدين والسياسة أو الدين والاقتصاد فإننا نرفض في المقابل خلط الأوراق خلطا ً ناتجا ً عن جهل وشطط أو عن غرض وقصد (!!) ونرفض عدم "التمييز" بين ما هو ديني صرف ومقدس يتعلق بـ(التعاليم الدينية) الثابتة كما في النصوص وبين ما هو سياسي بشري اجتهادي يتعلق بـ(المفاهيم الدينية) المتغيرة والنسبية والمختلفة !.

(5) الموقف الوسط بين هذين الطرفين المتطرفين (دعاة الفصل التام) و(دعاة التطابق والخلط التام) هو موقف "التـميـيز" الرشيد بين ما هو ديني بحت وبين ما هو سياسي اجتهادي يقوم على جلب المصالح العامة ودرء المفاسد والترجيح بين المصالح والمفاسد ودفع الضرر الأكبر والأكثر بالضرر الأقل والأصغر .. هذا الإجتهاد الفقهي والسياسي الذي لابد أن يتلائم مع متطلبات وحاجات وإمكانات وضرورات الواقع المكاني والزماني للأمة....إلخ ... وغير ذلك من القواعد التي تحكم التفكير السياسي الراشد ليس عندنا نحن المسلمين فقط بل لدى كل الساسة الحكماء والمفكرين العقلاء الراشدين في كل زمان ومكان !.

(6) وأخيرا ً ... لابد من ضبط وظائف ومهام (دار الإفتاء) وصلاحيات وحدود (المفتي) وإيجاد نظام قانوني واضح يحكم طريقة اختيار أعضاء هذه الدار من خلال مجمع ومؤتمر عام لعلماء البلد بحيث لا تطغى هذا الدار ولا تخرج عن نطاق وظائفها والمهام الأساسية المتواخاة منها ولا تتحول هذه (الدار) إلى (أداة) سياسية وإعلامية في يد السلطة الحاكمة أو في يد أي طرف سياسي آخر !.. فدار الإفتاء لابد أن يكون حالها كحال دار القضاء (السلطة القضائية) سلطة روحية ومعنوية وأدبية دينية محايدة ومستقلة تنأى بنفسها عن التجاذبات والصراعات والمهاترات السياسية التي ربما يحاول بعض الأطراف من خلالها استخدام حتى الدين كأداة من أدوات هذا الصراع السياسي لصالح أجندته السياسية!.. لذا فإن إيجاد قوانين صارمة تحكم وظيفة دارالافتاء وإيجاد (عقيدة وظيفية مهنية حرفية) لها وتحديد صلاحيات (المفتي) أمر مهم للغاية لصالح الدين والدنيا معا ً !!.. فبالنهاية رجال الدين المحترفين والمنخرطين في الشأن العام وخصوصا ً الشأن السياسي كرجال السياسة المحترفين هم بشر وليسوا ملائكة بل وليسوا حتى أنبياء يأتيهم خبر السماء !.. والبشر – مهما علا قدره وتميّز - قد يقع من حيث يشعر أو لا يشعر في هوى السلطة وأسر السياسة وحب الرئاسة وتضليل المحيط الذي يلتف حوله محاولا ً إنتزاع فتاوى تحقق له مراده وتخدم أجندته السياسية والحزبية ومصالحه الدنيوية (!!!) لذا لزم الاحتياط وسد باب الذرائع للحيلولة دون الطغيان على المجتمع من قبل السلاطين والسياسيين وكذلك من قبل رجال الدين على السواء بحيث يكون هناك (تمييز) واضح بين ما هو (ديني بحت مقدس ومطلق) وما هو (فقهي وسياسي) نسبي متغير ولكن بدون (فصل) تام أو عزل للدين عن الدنيا والدولة بطريقة العلمانيين!.
ـــــــــ
سليم الرقعي
ابريل 2013



#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون العزل السياسي لن يحقق المراد !
- حياة الغربيين هل هي وردية وجنة النعيم ؟!
- صِدقة ُ إبريل !؟
- ودع هريرة إن الركبَ مرتحلُ !؟؟
- هل الإسلام دين أم إيديولوجيا !!؟
- الحلول الإنتحارية اليائسة لنظام عائلة الأسد!
- هل يمكن أن تكون لنا فلسفتنا الليبرالية الإسلامية !!؟
- حقيقة الصراع السياسي في ليبيا اليوم !؟
- الديموقراطية أكبر مكاسب للثورات ولكن بشروط!؟
- صديقي (المنسي) وذكرى ميلاده (المستحيلة)!!؟؟
- بقايا الطفولة والمعركة الخاسرة!
- إبادة جماعية لمدونات(مكتوب)بأمر السيد(ياهو)قريبا ً؟!
- ما الفرق بين التطرف والإرهاب !؟
- كيف تنصر أخاك ظالما ً أو مظلوما ً !؟
- إقرار الدستور المصري بنسبة ضعيفة أمر لا يبشر بالخير !؟
- الحلول لتحقيق الرفاهية الإجتماعية معروفة ولكن!؟
- جنون الإرهاب لا دين له ولا وطن !
- أنا أخاف على الثورة من (الثوار) أكثر من (الأزلام) !
- الإسلاميون وخصومهم لعبة شد الحبل أم كسرالعظم؟
- تهافت نظرية (الأزلام) لصالح نظرية (المتطرفين) في ليبيا !؟


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نصر الرقعي - في الدين والسياسة..الفصل أم الخلط ؟