أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد العلمي الوهابي - أخجل بكوني انساناً














المزيد.....

أخجل بكوني انساناً


محمد العلمي الوهابي

الحوار المتمدن-العدد: 4059 - 2013 / 4 / 11 - 04:01
المحور: الادب والفن
    


أخجل بكوني انساناً، وأحاول ما أمكن أن أتملص من الإعتراف بهذه الحقيقة المرة، أو بتعبير آخر، أحاول أن أخدع نفسي، فأوهمها بأنني كائن فضائي لا صلة تمته بالإنسانية من قريب أو بعيد، ولي أسبابي المتعلقة بذلك، وأرى أنها منطقية.

نعم، إنني أخجل بكوني انساناً، نظراً لهذا الكم من القذارة والنقائص والبلاهة والحمق والتهور الذي يعتريني، لأن الإنسان، وفي كثير من الأحيان، يتصرف بحماقة فائقة النظير وإن ادعى المنطق، وحاول أن يصبغ عليها من ألوان مبرراته، لقد ارتكب الإنسان جرائم عديدة في حق بني جنسه وباقي الكائنات على مدى الفترة التي عمر بها هذه الأرض، وما زال مستمراً في ذلك، وإن تغيرت المسميات والقوالب، فالمضمون يبقى واحداً، أنا لست انساناً، في الواقع، أتمنى أن لا أكون انساناً، وهذا ليس انتقاصاً لي، بل عين النقيصة والبؤس هو أن يكون المرء انساناً، أن يكون مخادعاً، منافقاً، لا حد لنزواته وأهوائه وجنونه، لا حد لغبائه ورعونته.

هل في هذا تحامل على الإنسانية؟ أنا لا اعتقد ذلك، وحين أنظر إلى الواقع، وإلى الكتب، وإلى التاريخ والمجتمع، أصل إلى نقطة واحدة مفادها أن الإنسانية هي محض هراء، والأنكى من ذلك، أن الإنسان قادر ـ بجدارة ـ على أن يختلق مجموعة هائلة من الكذبات ويصدقها ويقوم بنشرها، فهو يقتل من أجل كذبة، ويكذب، حين يجرم القتل الذي يمارسه بأكثر من طريقة وتحت أكثر من قناع، فهو يضطهد ويندد بالإضطهاد، ويتعامى عن الحقيقة ويبحث عنها، وبالإختصار، يمارس كل الأفعال ويناقضها، لعلني أحمل نظرة طوباوية لما ينبغي أن يكون عليه الأمر، لكن هناك ما يسوغ لي ذلك، ربما، لأنني أكره أن أكون منافقاً، وأن أنافق نفسي، وأن أجامل، وأروج مفاهيم خاطئة، وهذا ما لا يمكن النأي عنه في ظل مجتمعاتنا الإنسانية، التي لا يمكنها أن تتقبل شخصاً بلا أقنعة، يخاطب كل رهط بما يحبون، ويضغط على نفسه أو ينسجم تماماً في هذا الدور، ويبقى السؤال المحير بهذا الصدد: ما الأكثر خطورة، أن تخسر الآخرين أم أن تخسر ذاتك؟ لا يوجد طريق وسط، فإما هذه وإما تلك، ولا يمكن لأحد أن يكسب على جميع الأصعدة، وهذا بحكم قوانين الطبيعة الصارمة التي تعتمد على الثنائيات السرمدية، ولتفعيل الإجابة عن هذا السؤال، فإن هناك طريقان، طريق الذات، وطريق الآخرين، والطريق الأولى وعرة، شاقة، غير معبدة، محفوفة بالمخاطر والتضحيات، ولا تؤدي إلى شيء في أغلب الأحيان ولكن في بعض الأحيان قد تقود إلى المجد، أو إلى الخلود، والثانية، يسيرة العبور، محفوفة بالورود والبسط الحمراء، مليئة بالسعادة، لكن كائناً مثلي، يحمل شيئاً ما مختلفاً بداخله ـ ولا فخر ـ سيحس بالإختناق كلما واصل التقدم في هذه الطريق، سيحس بمدى سخفه، وحقارته، وعبوديته للآخر، قد ينال السعادة المادية، لكن على مستوى وجدانه، لن يجد سوى الألم، وتبكيت الضمير، وأنا، ما زلت في مفترق الطرق أقف حائراً متفكراً، أي السبيلين أعبر، وكم علي أن أضحي في الحالتين! ثم أعود إلى البداية، وأقول لنفسي: أي جحيم أتى بك إلى هنا؟ وحتم عليك مجموعة من الخيارات البائسة التي لا مناص منها؟ لماذا علي أن أختار أصلاً! لماذا علي أن أخوض معركة لا شرف فيها؟ هل علي أن أنسحب كما فعل بعض الشجعان، أو المتهورين، أو الجبناء، بحسب الأذواق؟ كلما وصلتُ إلى هذه النقطة ألفيت شيئاً ما بداخلي ينتصب كشرطي، ويدفعني بكلتا يديه للنكوص إلى الخلف، والعودة إلى نفس مفترق الطرق، والتفكير ملياً في أي السبيلين هو الأجدى، إذن، فالأمر أشبه كمن استجار بالرمضاء من النار، وهما أمران، أحلاهما مر، كما قال أبو فراس الحمداني، ما زلتُ حائراً، ويبدو أنني لن أتخذ القرار عما قريب، وربما لن أتخذه مطلقاً!



#محمد_العلمي_الوهابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في انتظار المهدي الذي لن يأتي...
- قصة التاريخ... قصة الإنسان
- من وحي الفجر
- حيث تنطلق القوارب
- محاولة لإحباط الجميع
- قواعد الدين المسخ
- حديث الحلوان
- ربيع قاتل
- عربي أنا
- إلى إبراهيم
- إشكالية الفوضى السلبية في مجتمعنا
- ليل مريض
- حلم سوريالي
- رماد أحمر
- جرد لعام الثورات المشرقية
- بين الثابت والمتغير
- وطني الغالي
- النبَّاحون الجدد!
- رجال الدين امتداد للأوثان العربية القديمة ...
- حلوة يا بلدي ...


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد العلمي الوهابي - أخجل بكوني انساناً