أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد العلمي الوهابي - ربيع قاتل














المزيد.....

ربيع قاتل


محمد العلمي الوهابي

الحوار المتمدن-العدد: 3690 - 2012 / 4 / 6 - 18:39
المحور: الادب والفن
    


كانت الحياة في البدء صمتاً

هذا ما عرفناه في هذه الأرض...

كان صمتاً طويلاً دام ألف سنة

تخلله بعض الأنين...

كانت الحياة في البدء زنزانة مظلمة

هذا ما عرفناه في هذا المعتقل

كان الظمأ شديداً، دام ألف موسم...

تخللته بعض القطرات...

كانت الحياة غريبة غرابة الهوية

في هذه الأرض...

كانت مقبرة؛ تنبعث الحياة من توابيتها،

كانت سحابة عطشى... تروي القرى المتناثرة كالبنفسج،

كتلك الطحالب المتسلقة على جدار كل حيد مرجاني،

كانت الحياة،... كتاباً كتبناه

بغير حروف، قرأه الجميع إلا نحن،

كانت الحياة عابرين في شارع الدكاكين...

يرمقوننا من خلف الزجاج ونرمقهم

كانت الحياة مرجاً أخضر يحيط بعوسجنا

وكانت غريبة، غرابة الهوية...

وطلقاً دام ألف سنة

واحتضاراً دام ألف سنة

فكانت الولادة والموتُ

فكانت العودة...

عودة الحروفِ إلى الشوارع

عودة الحروف إلى الكتاب،

عودة المطر إلى السحابة العطشى...

وكانت الموتَ، فكان الظلَ،

ظل الحياة، ظل الغمامة في هذه الصحراء...

عادت الحروفُ، فعادت الجماهير إلى الشوارع

وعدنا نحن العابرين فيها،

والكاتبين على الجدرانِ

والباصقين على النظام...

كانت صروحنا القديمة التي هُدمت،

قد شُيدت في عقولنا

كانت تمد بينها وهذه القحالة خيوطاً...

من جسور مرصفة،

كانت نخوة البداية تستعر في أنفاسنا

وكان الموت يضمحل في عيوننا

حتى لنخاله عبوراً روتينياً

بين بوابتين...

كانت العودةُ هي الموتُ

واخترنا الجدرانَ وألقينا الكتبَ

واخترنا الشوارع وتركنا الواجهات الزجاجية،

واخترنا الذوبان في القطرات

وجعلناها تكبر فتصير فيضاناً...

يدفن الزنزانة والصمتَ

ويصبح الكرباج تنيناً، يقذف النار في وجوه الحراس النائمين،

بات الأنين صراخاً معبداً،

وتدفقت الحياة إلى هذه البقعة القاحلة...

كما يتدفقُ الفيضانُ...

أو كما يغرقُ التسونامي جزيرة نائية...

كانت الحياة مداً غير طبيعي...

مداً بكل الألوان الممكنة...

ربيعاً قاتلاً،...

وفي كل هذا؛ استمرت الغرابة...

غرابة الهوية

غرابة المحل من الإعراب...

غرابة الكتاب الفارغِ

غرابة السحابة العطشى التي سقتِ المرتوين...

وكانت الغرابة المنبعثة من هذه البقعة

بنخلها وغرقدها...

وبكل صنوبراتها

بصلبانها ومآذنها...

وبألثمتها السوداء المتنافرة...

فكان الكره الذي طال ألف سنة،

بين من خاطوا اللحى ولبسوها...

حباً لا واعياً...

وكان أن تلقفت الزنزانة القطرات بنهم،

واحتوى الصمت كل أنين المقبرة

إلى أن عادت الحياة،...

فعدنا معها،

كتبنا على الجدران برمادنا

وكتبنا على الأرصفة بدمائنا

وكتبنا في وسائل الإعلام المقرصنة

أحلامنا...

بينا أننا نعتزم ترميم التاريخ

وتشييد الصروح مجدداً

وردم الأودية التي تعلوها الجسورُ

وتنظيف صحرائنا من الرمل

وتخليص ليلنا من هذا الصمت،

وإغراق الزنزانات بالقطرات...

هجنا، خلقنا قداساً لنا كل أسبوع،

وأنجبنا أطفالنا كل أسبوع نسميهم...

ونذبح لهم في عقيقتهم؛ بعضنا...

ولم نك نعرف حينها...

أن أطفالنا يموتون كل أسبوع،

وأن في قداساتنا ترقص الشياطينُ

وأن الصمت عائد... عائد... لا محالة

لكن من خلالنا نحن

أو من خلال الصمت نفسه

أو قطرات الدماء المسكوبة في الشوارع

أو قطرات الماء المتدفقة في الزنزانات

فكان أن ابتلعت الجزيرةُ النائية المحيط...

وتقيأت السحابة ماءها الذي عاد إليها

وكانت غرابة الهوية...

أو نحن أو الصمتُ...

أو الأنظمة...

وجوهنا الأخرى

التي تبتدئ حيث ننتهي...

فقمنا باعتقال أنفسنا

وكبلنا معاصمنا بالقيود

وعدنا للواجهات الزجاجية

وبصقنا على وجوهنا...

وأحرقنا الكتاب وذرينا الحروف في امتداد الصحراء

وكان الربيعُ الذي حل بمروجنا المتلهفة...

يحملُ المقابر والجراد...

ويحمل معه أيضاً؛

طوفاناً يعلو ويقتربُ،...

لكن من خلال هذا السديمِ...

وهذه السنوات الضوئية.



#محمد_العلمي_الوهابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عربي أنا
- إلى إبراهيم
- إشكالية الفوضى السلبية في مجتمعنا
- ليل مريض
- حلم سوريالي
- رماد أحمر
- جرد لعام الثورات المشرقية
- بين الثابت والمتغير
- وطني الغالي
- النبَّاحون الجدد!
- رجال الدين امتداد للأوثان العربية القديمة ...
- حلوة يا بلدي ...
- مسلم بالوراثة يتساءل ...
- قلنا لهم : طز، فزعلوا !
- الى المدعوة ماغي


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد العلمي الوهابي - ربيع قاتل