أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد العلمي الوهابي - النبَّاحون الجدد!














المزيد.....

النبَّاحون الجدد!


محمد العلمي الوهابي

الحوار المتمدن-العدد: 2775 - 2009 / 9 / 20 - 20:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم يعد "مرضُ النُباح" مقتصراً على بعض المنابر الإسلاماوية الأصولية في المغرب للأسف، فقد انتقلت عدواه وبشكل يدعو للإستغراب إلى مكونات اليسار المغربي الذي يُفترض به أن يكون رافعَ لواء "الحداثة والتقدمية" في المغرب، ولم يقتصر الأمر على هذا فحسب، فقد كان للصحافة الحزبية وغير الحزبية وللصحافيين بمختلف طوائفهم نصيبهم من هذا المرض العُضال الذي نزل علينا فجأة ولسبب لا أعرف حقاً هل يَجدرُ بنا أن نـُسميه "سبباً".

بدأت القصة مع مجموعة من الشباب المنتمين إلى منظمة "الحركات البديلة من أجل الحُريات الفردية" والتي تُدعى اختصاراً "مالي"، حيث أعلن هؤلاء الشباب عن تنظيم فطور علني في إحدى الأيام الرمضانية الفائتة، ولم يمضِ على تجمعهم وقت قصير حتى تكالبتْ عليهم السُّلطات الأمنية من كل حدب وصوب وجرَّتهم نحو المخافر للتحقيق معهم ومساءلتهم وكأنهم اقترفوا جُرماً حينَ أرادوا أن يفطروا!!

وصراحة فإنه يوجدُ فصلٌ مقيتٌ في القانون الجنائي المغربي هو الفصل 222 الذي يُجرم الإفطار في نهار رمضان! ولم تأتي هذه المبادرة من هؤلاء الشباب إلا احتجاجاً على بنود هذا الفصل الجائر والذي يجعلنا نخال أنفسنا لبُرهة تحت سقف نظام طالباني ما!! هذه هي الدولة التي شنفتْ آذاننا طويلاً بحقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق الحيوان وحقوق الجماد ومصادقتها على جميع المعاهدات والإتفاقيات الدولية التي تدخل ضمن هذا الإطار. وقد تبين مراراًً ان كل هذه الألاعيب ليست سوى ذراً للرماد في العيون وإيهاماً للمجتمع الدولي بمدى انضباط المغرب في مجال الحقوق. وكلنا يعلمُ جيداً مدى جدية هذا الإنضباط..

لنعدْ الآن إلى سيرتنا الأولى، ولحديثنا الشيق عن "النباحين الجدد". فقد طلعت لنا من تحت الأرض أقلام تنسب نفسها إلى اليسار وإلى الصحافة الحرة وإلى الصحافة الحزبية وإلى الشق التقدمي والحداثي من المجتمع المغربي. طلعت لنا هذه الأقلام وهي تقطرُ سماً وحقداً على هؤلاء الشباب الذين تحدوا تلك القيم البالية التي تغلفُ مجتمعنا. وألصقت بهم كل ما ساء من نعوت وأوصاف ابتداءاً بـ "القاذورات" و "المعتوهين" و "الإستعراضيين" و "المحسوبين على جهات خارجية تود زرع الفتنة في هذا البلد الآمن" وما إلى ذلك من الشتائم والنعوت التي يندى لها جبين الحرية والديمقراطية ويندى لها جبين كل حر شريف.

نعم إنها حملة مسعورة تزعمها هذه المرة أناس محسوبون على التيار التقدمي فقط لأن خمسة من الشبان والحقُّ سادسهم أرادوا كشف القناع عن الوجه الحقيقي للحريات في المغرب، فقط لأنهم أرادوا أن يُظهروا للعالم أن الإنسان في المغرب مهدد بشتى أنواع التنكيل إنه هو تجرأ أن يُفطر علناً في نهار رمضان! وقد خاضوا هذا التحدي في ظل صمت مريب من منظمات المجتمع المدني والتي تواطأت بشكل أو بآخر على حساب قناعاتها مع الأغلبية الجوراسية المناوئة للحداثة.. لولا الوقفة الشجاعة التي وقفتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مع هؤلاء الشبان في محنتهم.

لقد عرَّتْ هذه المبادرة الفذة الكثير من الحقائق أوَّلها أن الصراع التقدمي/الرِّجعي في المغرب لا يعدو كونه لعبة مُملة يزاولها انسان يحمل وجهان أحدهما حليق والآخر بلحية. وثانيها أن مصطلح "الحريات الفردية" ما زال عصياً على فهم الكثيرين من أصحاب ربطات العنق الذين نسبوا أنفسهم بطرق غير شرعية إلى مكونات اليسار السياسي أو إلى الجسد الصحافي في هذا البلد. فضلاً عن الأصوليين وباقي أفراد المجتمع الإستهلاكي! حيث شرع هؤلاء يخبطون خبط عشواء ويربطون ربطاً اعتباطياً بين الحرية والفوضى، بين احترام القانون وبين تقنين الإستبداد، بين حرية الإفطار وحرية التعرِّي! بين حقوق المُفطرين وحقوق المُحجبات!!

فشتان بين هذا وذاك،.. شتان بين شباب يحب وطنه حبا صادقاً ويسعى بكل ما أوتي من عزم وغيرة على أن يهدم بمعاول الحداثة تلك الأصنام والتماثيل الجاثمة فوق أرضه وبين شباب مشوش الرؤية يقف في الضفة الأخرى من الوجود ويحاول جرَّ المجتمع إلى الماضي معتقداً أن العودة إلى الخلف تعني التقدم نحو الأمام وأن الحرية هي أن ترضخ الأقلية لتسلط الأغلبية وأن تحترم القانون الذي يحتقرها!

وشتان بين حقوق المُفطرين وحقوق المُحجبات،.. إن جاز تسميتها "حقوقاً للمحجبات"، فأي حقوق هذه التي تفصل فصلاً عنصرياً بين جسد المرأة وجسد الرجل فتجعل الأول عورة والثاني مصدر فخر؟! وأي حقوق هذه التي تدافع عنها بعض النسوة المُستلبات بذكورة المجتمع كالعبد الذي يُطالبُ مولاه بأن لا يعتقه؟!

هناكَ خلط كبير في المفاهيم، وتشويش كبير في الرؤية، وتخبط كبير في وضع التسميات المناسبة، قد نسمعُ يوماً عن يسار إسلامي وعن تقدميين إخوانيين وعن طالبان ديمقراطية والعكس يصح!! وما هذه الحملة المَسعورة التي قادها بعض المحسوبين على "التيار التقدمي" إلا إرهاصات ولادة تنظيمات مشوهة من هذا القبيل مستقبلاً.

وأحب أن أختتم كلامي قائلاً أن هذه المبادرة هي مبادرة طيبة وأنها تدعو إلى الفخر وإلى التفاؤل رغم كل شيء، وأن هناك أقلية نقية بدأت تصعد نحو السطح، وعاجلاً أم آجلاً سوف تكوِّنُ هذه الأقلية ثِقلاً لها في المجتمع وستشكل المحطة الفاصلة بين المغرب المريض والمغرب المعافى، أما أنصار الأعراف والتقاليد والتعليمات العتيقة مهما غيروا في جلودهم ومهما ارتدوا من أقنعة فإن حقيقتهم تبقى بادية للعيان، وهي الموالاة العمياء للتخلف والرجعية.. وأحب أن أبشرهم أن البساط سيُسحبُ عن قريب من تحت أقدامهم وأن خروجهم المُدوي هذا هو عن إحساس بالخطر المحدق بامتيازاتهم التي توراثوها كابراً عن كابر..

حان وقت التغيير، ونحن قادرون عليه، وكل الشكر لأنصار الحريات البديلة الذين استطاعوا بجدارة أن يميزوا الخبثاء من الطيبين فجعلوا الْخبثاء بعضهم على بعض فكان الخبثاء من الخاسرين.



#محمد_العلمي_الوهابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجال الدين امتداد للأوثان العربية القديمة ...
- حلوة يا بلدي ...
- مسلم بالوراثة يتساءل ...
- قلنا لهم : طز، فزعلوا !
- الى المدعوة ماغي


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد العلمي الوهابي - النبَّاحون الجدد!