أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد العلمي الوهابي - من وحي الفجر














المزيد.....

من وحي الفجر


محمد العلمي الوهابي

الحوار المتمدن-العدد: 3922 - 2012 / 11 / 25 - 01:13
المحور: الادب والفن
    


يبقى الصمت هو ما يملأ المسافات بيني وبين الديكة الساهرة، صمت بطعم الرماد، صمت مفعم بالظلام، وأغوص عميقاً في هذا العدم، في هذه الورقة التي تنظر عابسة إلى قلمي البائس، ما يضيئنا نور خافت يحتاج إلى للكبس على زر كل لحظة، عملية الكتابة الشاقة ! أشبه بعملية فهم هذه الفوضى العارمة من حولي وتفكيكها، ويطلب مني أحد الأصدقاء ببجاحة أن أكتب "عملاً أدبيا" ! يخال الكتابة ضرباً من العبث السهل، ويجهل أن تدوين عمل ما وجعله ذا قيمة هو كبناء حضارة درست آثارها منذ زمن سحيق ! ربما لفرط ما قرأه تكون لديه ظن أن هؤلاء الأدباء الأفذاذ يزاولون الكتابة كما يقلمون أظافرهم ! لا الملكة وحدها تكفي ولا الكلمات... ولا هذا القلق الذي يعصف بي كل مرة كأمطار استوائية... الكتابة هي مشروع حياة، وأن تدون عملاً؛ كأن تخلق حياة بكل نواميسها وتفاصيلها وبدقة عالية... حتى الكتابات ذات الطابع الغامض والعابث تحتاج إلى نظام ما، لكنني أحاول أن أخدع نفسي حين أسكب حروفي كما هي... متوترة، مرتبكة، عشوائية، هذيانية، بلا سرد محكم، ولا عقدة محددة ولا شخوص واضحين... غير أن ما يشفع لي هذه الخديعة هو المتعة التي أظفر بها حين أهذي بعفوية، فتكون كلماتي غير مترابطة كشأن واقعي المحير هذا...

انظر إلى الساعة فأجدها تقارب الفجر، يبدو أنني الوحيد المستيقظ في الحي هذه الليلة، حتى جموع السكيرين والمتبطلين اختفت لتترك لي الفضاء رحباً، أمرح فيه كما أشاء، وأخطف بصري نحو السنين الماضية وأربطها بالحاضر، فأخلص إلى أن النظام المعمول به في هذا البلد هو الذي ينتج هكذا أجيال... مترعة بالهزيمة، ولستُ سوى نموذجاً منها، غير أنني أكثر وعياً ـ ولا فخر ـ بمقومات النكسة التي تشد على خناق الناس هنا، عالم يعيش وضعاً شاذاً، هو نتاج عملية استنساخ فاشلة، والمسوخ هم نحن، لا شجرة لنا ولا عائلة، اسمياً ننتمي إلى عالم ضارب في القدم، وجدانياً لا ننفك نردد الشعارات التي رضعناها في صغرنا، واقعياً نستهلك كل ما يفد إلينا من خلف الشريط الأبيض، ويبدو أن هذا الوضع النشاز أصبح يريح الجميع إلا أنا والقلة المعذبة نتيجة عقدها تصالحاً مميتاً مع الذات، فلقيت الإقصاء والنبذ والنكران، فكان من شأن المحظوظين أن فروا نحو العالم الطبيعي قصد التخلص من أدران الماضي، اما البؤساء مثلي فهم بؤساء، تقطعت بهم سبل الفرار وظلوا حبيسي عوالمهم الإفتراضية...

أصرخ في نفسي؛ يجب أن ترفض هذا وتنتفض، لا مجال للإنزواء أو المهادنة، وأبناء العاهرات الذين يحيطون بك لن يقدموا لك حياة أخرى إذا خسرتَ حياتك هذه، أقول لنفسي وما أكثر الأشياء التي أقولها لنفسي ! البيت لم يكن سوى غرفة عمليات صغيرة كنتَ أحد مسوخا، غير أن خطأ في الحسابات جعلك تقبل على الحياة بوعي طبيعي أكثر، لم ينجحوا في استردادك فحقدوا عليك وحاصروك، قيدوك بالهواء والنظرات والأوامر التي لا تنتهي، خطأك أن كنت مسخاً أقرب إلى صورة انسان طبيعي، فكنت استثناءاً في الإستثناء، وأكثر شذوذاً من كل الشواذ من حولك، ولم تحظى بعد ذلك سوى باللعنات، ومع ذلك؛ ثمة غضب ما، إصرار ما بداخلك يدفعك إلى التحرك، كذلك الغضب الذي يوجه اللقيط، ليس سوى لأنه متهم في علاقة لم يكن له يد فيها، لكن الغضب يعمي ويقتل، ويسحق الأشياء الجميلة المتبقية، هذه هي المعضلة، والرهان الآن بينك وبين نفسك، أن تخسر نفسك في الإنتقام أو تكسبها بأن تحييها في واقع آخر.



#محمد_العلمي_الوهابي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حيث تنطلق القوارب
- محاولة لإحباط الجميع
- قواعد الدين المسخ
- حديث الحلوان
- ربيع قاتل
- عربي أنا
- إلى إبراهيم
- إشكالية الفوضى السلبية في مجتمعنا
- ليل مريض
- حلم سوريالي
- رماد أحمر
- جرد لعام الثورات المشرقية
- بين الثابت والمتغير
- وطني الغالي
- النبَّاحون الجدد!
- رجال الدين امتداد للأوثان العربية القديمة ...
- حلوة يا بلدي ...
- مسلم بالوراثة يتساءل ...
- قلنا لهم : طز، فزعلوا !
- الى المدعوة ماغي


المزيد.....




- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد العلمي الوهابي - من وحي الفجر