أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فريدة النقاش - هوية جامعة.. متعددة














المزيد.....

هوية جامعة.. متعددة


فريدة النقاش

الحوار المتمدن-العدد: 4057 - 2013 / 4 / 9 - 22:15
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



لن تكون واقعة الاقتتال الطائفي في مدينة الخصوص الفقيرة هي الأخيرة من نوعها مادام الحكم في مصر طائفيا. وأصف الحكم بالطائفي رغم إدعاء الرئيس «محمد مرسي» أنه رئيس كل المصريين، فالإدعاء شيء والممارسة الواقعية شيء آخر. ثبت خلال ما يقارب العام الآن من حكم الإخوان المسلمين في مصر أن التمييز ضد المسيحيين والنساء بإدعاء أن جوهر الهوية هو إسلامي، أن هذا التمييز هو عمل ممنهج تأسس علي الدوافع والمنطلقات الدينية لمكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين والذي يمارس مهام الحكم فعليا وإن من وراء الستار. فتأججت الفتن الطائفية واستيقظت المشاعر العدوانية الكامنة.

وكان برنامج الجماعة هو الأساس الفكري الذي انطلق منه الدستور الجديد، ذلك الدستور الذي تحايلت الجماعة بكل السبل غير المشروعة لكي يأتي علي مقاسها متجاهلا التنوع الهائل في المجتمع المصري والتعددية الكبيرة التي تجعل منه مجتمعا ثريا بثقافته وتراثه وقيمه، أي أكبر كثيرا من أن تهيمن عليه فئة واحدة بفكرها الضيق والمحدود وبآليات عملها التي تقوم علي السمع والطاعة، وتعتبر نفسها هي جماعة المسلمين والمؤمنين، والآخرون كافة هم الأعداء سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين نساء أو فقراء، لأن المضمون الحقيقي لسياستهم الاقتصادية والاجتماعية هو رأسمالي وحشي وطفيلي.

ومن هذا المنطلق حرض أحد رجالهم في خطبة جامع بالخصوص ضد المسيحيين الذين يطالبهم البعض بدفع الجزية وكأننا نجري إلي الخلف لنعود إلي زمن الفتح الإسلامي لمصر، ثم نهدم كل تراث الدولة الحديثة كدولة مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات لا تمييز بينهم بسب الجنس أو الدين أو العرق أو الطائفة.

كشفت الدراسات العلمية :اجتماعية ونفسية عن تكوين الشخصية المصرية عبر التاريخ أن هذا التكوين متعدد المنابع والروافد التي لعبت فيها الثقافات والديانات والفلسفات والحياة الشعبية أدوارا متفاوتة لتصنع الهوية الجامعة المصرية من تفاعلات هذا التعدد والغني، وليس الدين- علي أهميته- إلا عنصرا واحدا من عناصر هذه الهوية الجامعة المتغيرة والمتطورة عبر الزمن. وقد عمل التغير والتطور لا فحسب علي التفاعل الجدلي لكل العناصر وإنما أيضا علي تطويعها لتدخل في صيغته المتجددة والتي تخضع في آخر المطاف للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. ولأن مثل هذه الأوضاع هي شرط حاسم من شروط إنتاج الثقافة وتكوين الهوية، سوف نلاحظ أن معظم وقائع الاقتتال الطائفي تنفجر في المناطق الفقيرة حيث لا أفق ولا أمل في المستقبل. وإذ يعيش 40% من المصريين تحت خط الفقر في ظل سياسات طائفية لا تعدهم بشئ. وينتشر الاكتئاب الذي تجاوز 65% من المصريين وهو علي حد قول أحد الأساتذة نتجه حتمية لخيبة الأمل التي يحس بها بعض الشباب.

وليس مصطلح أخونة مؤسسات الدولة و«أسلمة» الفضاء العام قدحا في سياسات الإخوان ولكنه حقيقة واقعية تجري علي الأرض وتؤدي ضمن ما تؤدي إليه إلي تمزيق الهوية الجامعة للمصريين وإفقارها لتصبح ذات بعد واحد، وهذا بالضبط هو ما تفعله السياسات العامة جنبا إلي جنب أدوات الإعلام الدينية التي تختزل مصر في «إسلام» خاص بهم، وهي أبعد ما تكون عن قيمه العليا التي من ضمنها الإعلاء من شأن الإنسان كإنسان بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو العرق أو حتي الطبقة.

وهنا يثور السؤال لماذا يختار الحكم القائم عنصرا واحدا من عناصر تكوين الهوية الوطنية ويختزل فيه هذه الهوية بما يؤدي إلي إفقارها وتشويهها؟! أظن أنه من الخطز البين أن نختصر الاجابة عن هذا السؤال في حقيقة أن الذين يحكموننا هم جماعة دينية وطائفية، ولكنني أود أن أضيف إلي هذه الإجابة الأولية عنصرا آخر هو عنصر السياسة البراجماتية العملية وشعارها «اللي تكسب به إلعب به» وهم يجيدون استخدامه.

والشعب المصري هو شعب متدين فطريا منذ الحضارة المصرية القديمة بل إنه هو الذي ابتكر الدين والآلهة والعالم الآخر، ولذلك فإن الدين كأداة لتحشيده والتعامل معه وجذب تأييده هو أسهل الأدوات علي الإطلاق. وهكذا استثمر الإخوان كلا من التدين البسيط والفقر استثمارا ذكيا للوصول إلي السلطة، وعلي طريق الوصول هذا عملوا علي تمزيق الهوية الجامعة وتحويلها إلي جزئيات، ألم يوجه رئيس الجمهورية أول خطاب له إلي أهله وعشيرته في مجتمع كانت الحداثة عبر قرنين من الزمان قد جعلت منه مجتمعا متعدد الطبقات شحبت فيه التكوينات الفرعية مثل الأهل والعشيرة وصبت الثقافات الفرعية فيما هو أشمل وأعم، وتطورت مصر في اتجاه العالم الجديد، رغم كل التشوهات التي الحقتها بها سياسات الاستبداد والفساد. لن يدور الصراع إذن في المرحلة القادمة في بلادنا في إطار طبقي اجتماعي- اقتصادي فقط وإنما سيضاف إليه الصراع من أجل الهوية الجامعة المصرية ضد عملية التفتيت والإفقار التي يقوم بها الإسلام السياسي، وسوف تنتصر مصر الحقيقية في آخر المطاف.. ولكن علينا أن نكافح بوعي من أجل هذا النصر.. الذي سيقترب بقدر ما ندفع ثمنه.



#فريدة_النقاش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفشل طريق العنف
- خطر استدعاء الأزهر
- قبل السقوط
- إفقار روحي
- الدولة المدنية بين استبداد العسكر والاستبداد الديني
- الفاشية وثقافة الخوف
- عري النظام
- باسم يوسف
- فاشية الشمولية الدينية
- عنبر «مرسي» للتأديب
- صديقي المسيحي
- مع كامل الاحترام للدين
- عن أوهام الفاشية الدينية
- كشف الغطاء
- مصراوية.. لا إخوان ولا سلفية
- تحرير الإعلام
- من حصاد الثورة
- الإخوان .. ثورة مضادة
- «طظ» في الشرعية!
- أفكار الرئيس البالية


المزيد.....




- هكذا أنشأ رجل -أرض العجائب- سرًا في شقة مستأجرة ببريطانيا
- السعودية.. جماجم وعظام تكشف أدلة على الاستيطان البشري في كهف ...
- منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي محذرًا: الشرق الأوسط ...
- حزب المحافظين الحاكم يفوز في انتخابات كرواتيا ـ ولكن...
- ألمانيا - القبض على شخصين يشتبه في تجسسهما لصالح روسيا
- اكتشاف في الحبل الشوكي يقربنا من علاج تلف الجهاز العصبي
- الأمن الروسي يصادر أكثر من 300 ألف شريحة هاتفية أعدت لأغراض ...
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب -نشاطات تخري ...
- حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره ويستهدف مواقع للاحتلال
- العلاقات الإيرانية الإسرائيلية.. من التعاون أيام الشاه إلى ا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فريدة النقاش - هوية جامعة.. متعددة