أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريدة النقاش - باسم يوسف














المزيد.....

باسم يوسف


فريدة النقاش

الحوار المتمدن-العدد: 3988 - 2013 / 1 / 30 - 09:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السخرية التي تزلزل عروش الاستبداد والظلم هي محور الرسالة التي يقدمها الفنان «باسم يوسف» علي شاشة التليفزيون، ولم تتحمل رئاسة الجمهورية التي نالت النصيب الأعظم من التهكم أن يستمر هذا البرنامج الذي يسقط هيبتها بالتدريج وبأسلوبه الساخر العميق الذي يصل الإتقان فيه إلي حد التلقائية يعاونه فن الارتجال، ويستحيل علي فن الارتجال أن يتجدد كل مرة إلا إذا كان ينهل من ثقافة عميقة، ومعرفة سياسية واقتصادية ودربه سيكولوجية يعرف عن طريقها كيف يوجه الصفعات بنعومة وهو ينهل أيضا من اللحظة التي نعيش فيها أن السخرية من الظالمين والانفجار في الضحك علي تناقضاتهم تؤدي إلي إسقاط الخوف منهم وهي لا تضع الأشخاص فقط موضع النقد وتجردهم من الهيبة الزائفة والمخيفة، وإنما تعري أيضا الإطار السياسي والاجتماعي والتاريخي لوضع ما.

وتنهض هذه السخرية العميقة المتجددة علي تراث عريق من الشعر والمسرح وفنون الأراجوز والفرق الشعبية الجوالة وفن الكاريكاتير الذي سطع في عهود الظلام والقمع كأداة جبارة طالما لاذت بها الشعوب وصبت فيها غضبها علي الظالمين وهي تناضل من أجل إسقاط عروشهم.

وكم من الشعراء والمسرحيين الساخرين في تاريخنا الذين تعرضوا للعقاب فكان أن نفي الملك «فؤاد» الشاعر العبقري بيرم التونسي، وصادر الخديوي إسماعيل مسرح يعقوب صنوع وأغلقه، وفي ظل الحكم الناصري والساداتي تعرض الشاعر أحمد فؤاد نجم والمفتي الضرير الشيخ إمام عيسي للملاحقة والسجن ضمن عدد لا يحصي من الكتاب والمناضلين السياسيين وها هو «باسم يوسف» واقع في مرمي نيران رئاسة الجمهورية التي تلاحق الصحفيين والإعلاميين بعشرات الدعاوي القضائية ويخبرنا تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية بتفاصيل مخجلة عن ممارسات المكارثية ضد الكتاب والفنانين الذين لاحقتهم لجنة السيناتور مكارثي لمتابعة النشاط المعادي للولايات المتحدة الأمريكية وكان من بين ضحاياها الفنان العالمي الساخر «شارلي شابلن» ضمن المئات من فناني المسرح والسينما كتابا ومخرجين وممثلين وجهت لهم تهمة الشيوعية والانخراط في النشاط المعادي لأمريكا.

وعرفت أوروبا بدورها الممارسات النازية والفاشية ضد الكتاب والفنانين والمفكرين الذين جري حبسهم وتعذيبهم وإحراق كتبهم وتشريدهم أو قتلهم، وعرفت أوروبا في تلك موجة هائلة من فنون وآداب المقاومة شعرا وقصة ورواية ومسرحاً، وأخذ الفنانون والكتاب يبتدعون ويبتكرون الرموز وكأن شفرة سرية أخذت تسري بينهم وبين جمهورهم الذي دفع ثمن حريته دماء وآلاما وفي هذا الواقع الكئيب لعبت السخرية دورا محوريا في تعرية النظم المشوهة المعادية للإنسانية سواء النازية أو الفاشية واستطاع هذا الإنتاج الفني والأدبي أن يشرع النوافذ علي المستقبل، وهو يعزز القوة المعنوية للمناضلين والجماهير العريضة حتي لا يسحق الظلم روحها أو يجردها من إنسانيتها، بل إن هذا الإنتاج الأدبي والفني المقاوم تحول إلي أداة جبارة للمقاومين الذين قاموا بتهريب الكتب مع تهريب السلاح، بل وعرفت السجون في ذلك الزمن الوحشي إنتاجا رائعا للمواد الأدبية شعرا ونثرا، وانطلقت قريحة المواطنين المبدعين فألفت آلاف النكات التي جري تداولها سرا وهي تتهكم علي الفاشية والنازية وتسقط هيبتها المفتعلة والمفروضة بقوة القهر والأفكار العنصرية المعادية لكل القيم النبيلة التي أنتجتها الإنسانية عبر كفاحها الطويل من أجل إنسانيتها وقام أشهر زوجين مسرحيين ساخرين في عصرنا وأيامنا هذه وهما «داريوفو» و«فرانكارامي» بتوظيف مسرحهما وكتابة عروضهما الساخرة بهدف الوصول لأوسع جماهير في ارتباط بالحياة السياسية وتقلباتها.. وفي إيطاليا التي سبق أن تحررت من الفاشية بقي استغلال الكادحين قائما في ظل النظام الرأسمالي وسياسات الليبرالية الجديدة، وبرزت الأدوار التي لعبتها الكنيسة في الدفاع عن الاستغلال وتسويقه باسم الدين.

وبرع الزوجان الفنانان في تطوير فن الكوميديا دي لارتي أو الارتجال فأخذا يحولان المسارح إلي تجمعات جماهيرية واسعة في أوروبا كلها تحاكم بالسخرية نظم الاستغلال التي تختفي وراء الديمقراطية البورجوازية خاصة حين يكون اليمين في السلطة، وتستدعي بالتهكم حاسة السخرية في الجمهور.

من كل هذا التراث الهائل وطنيا وعالميا ينهل الفنان «باسم يوسف» وفريقه، فهم لا يضحكوننا فقط بل يستثيرون أيضا هذا الحس الفكاهي العميق لدي المصريين الذين برعوا في إطلاق النكات علي حكامهم الظالمين والجهلة.

ويحظي برنامج «باسم يوسف» كما يحظي برنامج «هاني رمزي» التهكمي بدوره بنسبة مشاهدة عالية كما تقول التقارير، وهو ما يفسر لنا فزع رئاسة الجمهورية من «باسم يوسف» علي نحو خاص، والذي سوف يحتمي من البطش بتلك القاعدة العريضة التي تتلقي رسالته بامتنان كل أسبوع وهي تطلق الضحكات من القلب وينير الضحك لها سبل الوعي الناقد لما نحن فيه.



#فريدة_النقاش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاشية الشمولية الدينية
- عنبر «مرسي» للتأديب
- صديقي المسيحي
- مع كامل الاحترام للدين
- عن أوهام الفاشية الدينية
- كشف الغطاء
- مصراوية.. لا إخوان ولا سلفية
- تحرير الإعلام
- من حصاد الثورة
- الإخوان .. ثورة مضادة
- «طظ» في الشرعية!
- أفكار الرئيس البالية
- اللاعبون بالنار
- مفهوم الرجولة
- الشرطة الدينية
- حرب المواقع
- في أسبانيا: الناخبون يعاقبون اليسار لأنه نفذ سياسة اليمين
- الاحتقان بين الخارج والداخل
- حسابات صغيرة
- هجرة المسيحيين


المزيد.....




- نور عمرو دياب تثير الجدل في فيديو متداول حول علاقتها بوالدها ...
- إيران تحذر مواطنيها من استخدام واتساب وتيليغرام لتفادي الاغت ...
- غالانت يكشف لـCNN الشروط الـ4 التي تحققت لشن هجوم على إيران ...
- قطر تعلن تواصلها يوميا مع أمريكا لإنهاء الصراع الإسرائيلي- ا ...
- مراسلة CNN لترامب: هل ستدمر قنبلة أمريكية برنامج إيران النوو ...
- هل تلبّي أمريكا رغبة نتنياهو وتدمّر منشأة فوردو وأي نوع من ا ...
- التصعيد الإيراني الإسرائيلي - ترامب يدعو إلى -استسلام غير مش ...
- متى تستدعي إيران حلفاءها بوجه إسرائيل؟
- جدارية ضخمة في طهران تكريما للمذيعة الإيرانية بعد القصف الإس ...
- الخارجية الروسية: إجراءات إسرائيل ضد إيران غير قانونية وتنذر ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريدة النقاش - باسم يوسف