أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فريدة النقاش - صديقي المسيحي














المزيد.....

صديقي المسيحي


فريدة النقاش

الحوار المتمدن-العدد: 3967 - 2013 / 1 / 9 - 00:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قضيت أربعة أعوام في كلية الآداب جامعة القاهرة قسم الأدب الإنجليزي وكان لي زميل عزيز أصبحنا صديقين وكان اسمه حلمي ولا أذكر بقية اسمه، ولم أعرف أن حلمي مسيحي إلا مصادفة في السنة الأخيرة حين سألته هل ستصوم في رمضان.

حدث ذلك في ستينيات القرن الماضي قبل هزيمة 1967 التي ظهرت بعدها السيدة العذراء في كنيسة الزيتون، وكان هذا الظهور الغريب كأنه يفتح صفحة جديدة تماما في علاقات المسلمين والمسيحيين حين جري إغراق المنطقة في الدين بعد الهزيمة، وكان هذا الإغراق آلية معتمدة لتحويل الصراع الطبقي في البلاد إلي صراع ديني، وإعطاء شرعية لإسرائيل باعتبارها دولة دينية تحولت عقيدتها إلي قومية عنصرية عدوانية احتلالية تعمل علي اقتلاع شعب من أرضه لتحل محله فئات وجماعات من جنسيات وقوميات شتي لا يجمعها سوي الدين.

لم تكن مظاهر التفرقة بين المسلمين والمسيحيين منتشرة في ذلك الحين، لا الصلبان ظاهرة، ولا المسلمات محجبات، رغم أن الكنائس والجوامع كانت عامرة.

وكان عبدالقادر حاتم وزير الإرشاد القومي «الإعلام» قد قام بعد موجة التأميم الواسعة سنة 1961 بإنشاء إذاعة خاصة للقرآن الكريم أخذت تبث خطابا دينيا معتدلا لكن ملحا لساعات طويلة، رغم أن القرآن كان يذاع بوفرة في البرامج الدينية العادية، وعلي ما يبدو فإن هذا التوجه كان جزءا من استراتيجية التحول الكبير الذي بدأ بصراع الرأسمالية المصرية ضد حركة التأميم الكبري وسياسة التخطيط الاقتصادي الناصرية، وقد أفصحت هذه الاستراتيجية عن نفسها بعد رحيل «عبدالناصر» وبلغت ذروة من ذراها في عام 1974 بإصدار سلسلة من القوانين والقرارات والتي حملت عنوانا كبيرا هو الانفتاح الاقتصادي، وفي ظل هذا الانفتاح تدهورت الصناعة والزراعة والثقافة، وأخذت بلدان الخليج الغنية بالنفط والمحافظة سياسيا والرجعية دينيا حيث نشطت الوهابية بتزمتها ونظرتها الأحادية الضيقة وأخذت تلعب أدوارا متزايدة في السياسة المصرية في ظل رئاسة «السادات» الذي أدخل الدين في السياسة، وسمي نفسه الرئيس المؤمن، وطرح شعار دولة العلم والإيمان، وأخذ يتهم معارضيه بأنهم ملحدون وكفرة مدشنا هذه الموجة الظلامية التي اجتاحت البلاد باسم الدين، وظلت تتفاقم إلي أن وصلت بنا لما نحن فيه الآن.

لم تكن مصادفة أن أول وقائع الفتنة الطائفية فيما بعد الستينيات قد بدأت في منطقة الخانكة سنة 1972، بعد صدور دستور 1971 بعام واحد، وكان الرئيس «السادات» قد أدخل مادة الشريعة في الدستور التي لم تكن موجودة من قبل وأصبحت هذه المادة منذ ذلك الحين السند القوي لكل صور التطرف وصولا لقتل رئيس الجمهورية بادعاء مخالفته للشريعة، وتواكب إدخالها مع السياسة الساداتية التي تعاونت علي نطاق واسع مع الجماعات الجهادية الإسلامية واستخدامها – أي الجماعات لكي تواجه قوي اليسار من الشيوعيين والناصريين خاصة في الجامعات وفي الحركة العمالية والنقابات، وكان السادات المزهو بانتصار الجيش المصري المحدود علي العدو الإسرائيلي قد أخذ يعلن ملامح سياساته الجديدة المعادية للمشروع التحرري الوطني الناصري، فأعلن أن 99% من أوراق حل القضية الفلسطينية في يد الولايات المتحدة الأمريكية، كما اختار اقتصاد السوق الحر بلا ضوابط، وانفلت الانقسام الطبقي لينقض علي الشعار والممارسات الناصرية التي قالت بتذويب الفوارق بين الطبقات، كما تصاعد النضال الشعبي ضد النتائج المريرة للانفتاح الذي امتلأت البلاد علي إثره بالأغذية الفاسدة والمضاربين الفاسدين، واستوردت البلاد مع هذه البضائع كل نفايات الثقافة التجارية الاستهلاكية، وتكاتفت الرجعية الدينية لإنعاش كل ما هو ميت وغير عقلاني في ثقافتنا مسايرة لمبدأ إغراق المنطقة في الدين وهي دعوة «هنري كيسنجر» وزير الخارجية الجمهوري الأمريكي والمفكر الإمبريالي الصهيوني ذائع الصيت.

ومع تحكم الرأسمالية الطفيلية في مفاصل الاقتصاد، وسيطرة سياسات التبعية والفساد علي الحكم في مصر تكررت وقائع الصراع الطائفي في البلاد بصورة منظمة، ومنتظمة، وشعر المسيحيون المصريون بالخوف والعزلة، وازدادت وتيرة هجرتهم إلي خارج البلاد، وأصبح الانقسام الديني حقيقة كلما اشتد عود الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية المختلفة، وحلت الديانة محل المواطنة في تعريف الهوية وسوف تتجلي براعة القوي الديمقراطية ليبرالية واشتراكية الآن في بلورتها لمنظومة متكاملة لمشروع وطني تحرري جديد يرفض سياسات الهوية ويبلور مجموعة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة التي تضع الصراع علي الأرض الحقيقية له اجتماعيا ووطنيا بعد انحراف طويل، وفي هذا الصراع الجديد ينشط المسيحيون المصريون كمواطنين خاصة بعد ثورة 25 يناير التي لم ترفع شعارا دينيا واحدا.

ولحلمي صديق الدراسة الذي لا أعرف إلي أين مضت به الحياة ولكل صديقاتي وأصدقائي من المسيحيات والمسيحيين أقول كل عام وأنتم ومصر كلها بخير، وسوف نبقي معا علي الدرب تظللنا المحبة، وستبقي المحنة تظللنا وتحدو ركبا إلي أن تنقشع هذه السحابة السوداء لنبني الوطن الذي لا نعيش فيه وإنما يعيش فينا.



#فريدة_النقاش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع كامل الاحترام للدين
- عن أوهام الفاشية الدينية
- كشف الغطاء
- مصراوية.. لا إخوان ولا سلفية
- تحرير الإعلام
- من حصاد الثورة
- الإخوان .. ثورة مضادة
- «طظ» في الشرعية!
- أفكار الرئيس البالية
- اللاعبون بالنار
- مفهوم الرجولة
- الشرطة الدينية
- حرب المواقع
- في أسبانيا: الناخبون يعاقبون اليسار لأنه نفذ سياسة اليمين
- الاحتقان بين الخارج والداخل
- حسابات صغيرة
- هجرة المسيحيين
- «وطار».. الشهداء يعودون
- فانون والفلاحون
- حدود الليبرالية


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فريدة النقاش - صديقي المسيحي