أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريدة النقاش - «وطار».. الشهداء يعودون














المزيد.....

«وطار».. الشهداء يعودون


فريدة النقاش

الحوار المتمدن-العدد: 3104 - 2010 / 8 / 24 - 23:56
المحور: الادب والفن
    


الروائي الجزائري الراحل قال عن «اللاز» إنها «طفرة كبيرة في الرواية العربية، تتحدث عن الثورة لأول مرة بالملموس»

ظل إبداع وطار الأدبي الوجه الآخر لنضاله العملي فاستحق وصف المثقف العضوي الذي ترتبط أفكاره ورؤاه بالممارسة وبالجماهير
اللغة هي وعاء الروح ومرتكز هوية الجزائر الوطنية ومعركة تحريرها تمتد من جبهة الهجوم الثقافي الفرنسي والرجعية السلفية باسم الإسلام

رحل قبل أيام الروائي والمناضل الجزائري «الطاهر وطار» أحد مؤسسي الرواية الجديدة في الأدب العربي وأحد المدافعين عن اللغة والثقافة العربية في مواجهة الاتجاه الفرانكفوني الذي حذر «وطار» من إمكانية استيلائه ثقافيا علي الجزائر بعد أن قدمت البلاد الشهداء بمئات الآلاف من أجل الاستقلال السياسي في مواجهة استعمار استيطاني دام مائة وثلاثين عاما.
أدرك «وطار» - وهو الذي تلقى تعليمه مبكرا في مدارس جمعية العلماء - أن اللغة العربية رغم أصوله البربرية هي وعاء الروح ومرتكز هوية الجزائر الوطنية، وأن معركة تحريرها تمتد على جبهتين، الأولى ضد الهجوم الثقافي الفرنسي الذي يصارع في قلب الجزائر المستقلة لإعادة إلحاقها بالاستعمار من باب خلفي، والثانية ضد التوجهات الرجعية السلفية باسم الإسلام التي نبتت لأسباب موضوعية في جزائر ما بعد الاستقلال، واستفادت من الفساد الذي استشرى في دوائر جبهة التحرير الوطني الجزائري.. الحزب الحاكم الوحيد آنذاك وكانت قصته «الشهداء يعودون هذا الأسبوع» التي تحولت لمسرحية واحدة من العلامات المميزة التي كشفت عن جذور التحلل حين صنعت عالما فاجعا يشعر فيه الشهداء العائدون وكأن تضحياتهم ضاعت هباءً بعد أن دب الفساد في عالم ما بعد الاستقلال، ودفاعا عن اللغة والرؤية المنفتحة للثقافة العربية الإسلامية، والتوجهات العقلانية فيها أنشأ قبل عشرين عاما جمعية «الجاحظين» نسبة إلى أديب العرب الفذ «الجاحظ» وشعارها «لا إكراه في الرأي» ونظم منتدى ثقافيا شهريا في منزله بعد أن أحالته للمعاش قبل سن الخمسين السلطات الغاضبة من موقفه حين رفض فكرة التعامل الأمني مع شباب الجماعات الدينية وإرسالهم إلى مراكز عسكرية في الصحراء وعزلهم.
ظل إبداعه الأدبي الغني هو دائما الوجه الآخر لنضاله العملي فاستحق وصف المثقف العضوي بامتياز ذلك المثقف الذي ترتبط أفكاره ورؤاه بالممارسة وبالجماهير التي تتوجه رسالته لها هو الذي أمسك بمبادئه كالقابض على الجمر، ودافع عنها في كل أشكال إبداعه الثقافي.
وفي هذا السياق أهدى الثقافة العربية شخصية «اللاز» في روايته الأم التي تحمل هذا الاسم ذلك المناضل الشيوعي الذي انخرط في الكفاح المسلح ضد الاستعمار، وهو يواجه في خضم النضال خيارين كلاهما أمر من الآخر إما الذبح وإما التنكر لمبادئه.. هذا البطل غاب تدريجيا عن أحداث الرواية ليعود فيما بعد وقد فقد وعيه بتأثير الصدمة التي سببها له ذبح والده الشيوعي «زيدان» أمام ناظريه بعد أن رفض التنكر لمبادئه ليجسّد لنا من الواقع الفعلي للثورة صورة المناضل الذي يتمسك بمبادئه ويموت راضيا في سبيلها.
وليست محنة «اللاز» - على خصوصيتها الجزائرية - إلا تعبيرا عن الصراع الدموي المرير الذي عرفته كل تجارب التحرر الوطني وأحزابها هذا الصراع الذي جرت في ظله التصفية البدنية للشيوعيين.. ويقول «وطار» عن «اللاز» إنها «طفرة كبيرة في الرواية العربية، تتحدث عن الثورة لأول مرة بالملموس».
وعالج «وطار» قضية الثورة الزراعية في الجزائر في روايته «العشق والموت في الزمن الحراش» ورواها من وجهة نظر طلاب متطوعين للعمل مع الفلاحين وهم يواجهون القوى المضادة للثورة التي حطمت الثورة الزراعية وأفرغتها من مضمونها في سياق إجهاض الثورة الشاملة حيث جرت بسرعة إعادة بناء المجتمع الطبقي الاستبدادي.
وفي «الشمعة والدهاليز» عالج «وطار» قضية توجه شباب الجامعات الإسلامية لاستخدام العنف والصراع بين الرؤى المستنيرة والرؤى الظلامية في جزائر ما بعد الاستقلال، وفي هذا السياق كان «الطاهر وطار» قد عارض إلغاء الجيش لنتائج انتخابات عام 1992 التي بدا أن الإسلاميين قد فازوا فيها ورأى أن إعطاءهم الفرصة للحكم سوف يمكن الشعب الجزائري من اكتشافهم علي حقيقتهم ليتعلم الشعب من خبرته الذاتية.
لم يقدم لنا «الطاهر وطار» أدبا جميلا فحسب إنما قدم أيضا نموذجا يحتذى ويدعو شباب وشابات الأدباء إلى تأمل تجربته كمثقف عضوي اغتنى إبداعه الثقافي باتساع خبرته النضالية وعمقها والتي منحته معرفة استثنائية بواقع الحياة والمجتمع، معرفة لم يستمدها من الكتب وحدها وإنما استمدها أيضا من خصوبة الممارسة.
وبقي أن علينا احتفاءً بـ «الطاهر وطار» أن نقرأ جيدا أديبا ومفكرا ومناضلا، فلا نقول وداعا.



#فريدة_النقاش (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فانون والفلاحون
- حدود الليبرالية
- ملحمة الانعتاق
- قضية للمناقشة - باسم الله
- أفعال فاضحة
- فاشية إسلامية!
- إخضاع المرأة والمجتمع
- السؤال الجديد
- العَلمانية ليست كفرًا
- ألمجد لمن قال لا
- ألمعركة القادمة
- الهولوكست والعنصرية
- تحرر المرأة العربية ذلك اللحن الذي لم يتم
- الدمقراطية والعلمانية
- قضية للمناقشة في عيد العمال


المزيد.....




- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريدة النقاش - «وطار».. الشهداء يعودون