أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الجهل أفضل من المعرفة














المزيد.....

الجهل أفضل من المعرفة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4042 - 2013 / 3 / 25 - 19:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الجاهل في مجتمعنا العربي يعيش عيشة راقية وكلما ازددتَ جهلا كلما ازداد احترام الناس لك,وثوتك يبلغ مداها مدى ما بك من جهل,وعلى الأقل تنام وأنت مرتااااح جدااااا جدا ونصائح الجهلاء أفضل من نصائح العقلاء,ففي الوطن العربي الجهل أسلوبٌ فتاك يفتك بالعقلاء,ولو اخترت الجهل وطريقه لكنتُ الآن من المرضي عنهم ولكنني عاقلٌ من المغضوبِ عليهم..ترنحتُ كثيرا ونزفتُ كثيرا ولم أقبل أن أنزل عن ظهر حصاني,وكل الجهلاء تفوقوا عليّ في كل شيء وهزموني في كل المواقع التي كان من اللازم أن أنتصر فيها عليهم,ودخلتُ في متاهاتِ كثيرة ولم أخرج من أيٍٍ منها حتى هذا اليوم,ورأيتُ أحلامي الكبيرة وهي تصغر في كل يوم حتى أصبحت اليوم عبارة عن حلم بكسرة خبز وشربة ماءٍ صافية وحتى هذه يراه الجهلاء كثيرة على رجلٍ مثلي أفنى زهرة شبابه وهو يلون الحياة بشتى أنواع الكتابات من الرؤيا الساخرة إلى خلق مؤسسات مجتمع مدنية تحكمنا ونعيش على ما تقضيه لنا طبيعة الواجب الذي استلمناه منذ أن بدأنا نتحرك نحو دفع عجلة السلام ونشر دين المحبة والسلام في كل أرجاء الأرض,وأيدني العقلاء وهم قلة يعدون على أصابع اليد وأخذتُ بنصيحتهم ورفضت رفضا قاطعا أن أأخذ بنصيحة الجهلاء الذين يعدون بالآلاف وضحكتُ عليهم ظنا مني بأن المستقبل السعيد للعقلاء ولكن خاب ظني حين رأيتُ الأيام تضحكُ للجهلاء,فيا ليت أنني كنتُ جاهلا ويا ليت أني لم أوسم بالرجل المثقف والواسع الثقافة,ويا ليت أني لم أتعلم كيف يُمسك الكِتابُ وكيف يُمسكُ القلمُ لَكنتُ اليوم رجلا محظوظا كوني أعيش في مجتمعٍ يُعظمُ الجهل ويقدس علم الغيب ويعترفُ بالغيب وينكر الظاهر أمامه.

أضعتُ دربي في الطريق الذي لا أعرف إلى أين نهايته, في أغلب الأحيان كنت أقفُ شاخص البصر لا أتحرك من شدة دهشتي من هذا العالم الذي يحيط بي من كل النواحِ والاتجاهات ووقفتُ في منتصف الشارع وأمسكتُ بأقرب عمود كهرباء وأنا أرتجفُ خوفا ورعبا..وتوسعت جراحي كل يوم بمقدار كيلو متر واحد حتى أصبح جرحي بمساحة الوطن العربي الكبير..تهتُ وأنا في طريقي إليكم وأضعتُ سلسلة المفاتيح التي أفتح فيها كوني الخاص الذي أعيش في داخل أعماقه ونازعتني الذكريات بين الماضي والحاضر وهذا يشدني إلى الماضي وهذا يشدني إلى الحاضر والمستقبل يغور في عينيَ بعيدا لا أعرفُ له أي مدى.. أرقتني الأسئلة الكثيرة وقلة الأجوبة عليها ومنذُ البداية لم أستمع لنصيحة الجهلاء الذين نصحوني بترك الطريق الذي أمشي عليه لأتحول إلى طريقهم..خدعتُ نفسي بالأمنيات وبالتأملات البعيدة المدى...أضعتُ نفسي منذ البداية وها أنا ذا أُرثي لحالي فمن الذي سيبكي عليّ ومن التي سترثي لي شبابي؟سؤالُ يحفرُ في أعماقي...أضعتُ حيويتي وشبابي وأنا أركض بين الكُتبِ وبين المكتبات...نزعتُ عن نفسي بريق الشباب وحرمتُ نفسي من طيبات الحياة ولم أزل أعاني من آلام الحياة ومن آلام الدرب الطويل الذي وضعتُ عليه أقدامي منذ أن وعيتُ على هذه الحياة وكل شيءٍ قد ضاع مني.

صارعت الرياح وموج البحر مثل رواية(الشيخ والبحر),وصارعتُ غبار الصحراء الذي ملأ لي صدري وشعر رأسي,وأطلقت يداي للريح وكشفتُ صدري للرياح وعرّضتُ وجهي لأشعة الشمس ولو استمعتُ منذ البداية لنصيحة الجهلاء ما كان هذا الحال حالي ولَما كانت أوضاعي مثل هذه الأوضاع وتوهمتُ على نفسي كثيرا وأصبتُ بالغرور وتخيلتُ نفسي ماردا وكنت أتوقع نهايات سيئة جدا للجهلاء غير أن نهاية الجهلاء كانت وما زالت أفضلُ من نهايتي وحياتهم أفضل من حياتي وملابسهم أنظف بكثيرٍ من ملابسي وأهم شيء أنهم مرتاحون من عناء التفكير.

...لبستُ كثيرا من الثياب العتيقة والتي لا يلبسها إلا المتشردون ولبس الجهلاء ثيابا جديدة باهظة الثمن التي بان جمالها على أجسادهم واتخذتُ من ألوان قوس قزحٍ مسربا للحزن وللفرح..شارفت عدة مراتٍ على الموت ورأيتُ الموت أمامي عدة مراتٍ ,ضحكتُ كثيرا وبكيتُ كثيرا ودائما أبكي في الوقت الذي من اللازم به أن أضحك وأن أفرح...غنيت على نفسي وصعدت إلى قمة الجبل ومن هناك رميت بجسدي والتطمتُ بالأرض بسرعة جنونية ولم أرَ إنسانا مثلي غامر بحياته وأضاع زهرة شبابه وهو يبحث عن المعرفة والحقيقة ويا ليت أنني عرفتُ الحقيقة بالكامل حتى الجزئيات البسيطة من الحقيقة أوجعت لي رأسي فكيف بي إن اكتشفتُ الحقيقة برمتها!!؟..ولم أجد رجلا مثلي عاف الدنيا وجراحها والدنيا لم تشبع بعد من مص دمائه ومص زهرة شبابه.

والجنون مرحلة إلزامية في حياتي ودائما ما يكون جنوني سببا لسعادتي وكنتُ أعتقد بأن عقلي سيطعمني العسل والخبز والماء ولكن عقلي أطعمني للغربان الجائعة وأطعمني للجهلاء الذين لم أسمع نصائحهم,لقد قالوا لي:مالك وللمتنبي؟ومالك للمعري؟ومالك لسقراط وللأساطير القديمة؟ومالك وللفكر العربي!يا رجل عش يومك وحياتك ولا تلتفت للفلسفة ولسوف يعطيك ربك فترضى...آهٍ لو أنني استمعتُ لنصيحة الجهلاء الذين يُعدون الآن أسيادا كبارا من أسياد البلد...أمضيتُ كثيرا من الوقت وأنا أنضم بالكلام الفارغ الذي لا يقدم ولا يؤخر شيئا, تعلمتُ من الأصم ومن الأبكم ومن الثرثار وها أنا أندمُ كثيرا على نصيحة الجهلاء التي لم أأخذ بها بتاتا في الوقت الذي لم يتعلم فيه الأبكمُ مني شيئا لا هو ولا الأصم,حتى الجاهل سخر مني ومن ثقافتي وها هم كل الجهلاء في ساعات الذروة وفي أوقات الفراغ يتسلون بالحديث عني ويؤلفون عني كثيرا من النُكات والطرائف الجميلة...الدنيا غريبة ومخيفة ومفجعة وفي بعض الأحيان مفزعة جدا ورهيبة جدا..والليل أطول مما كنتُ أتوقعه والطريق طويلة جدا ورحلة العذاب تمتد في كل يوم ولا أعرف نهايتها أو كيف أهرب منها وأتحول منها إلى طريقٍ آخر...والسماء مزروعة بالنجوم والأرض تملأها الجثث وقصة الأمس لم يزل كاتبها يبحث لها عن نهايةٍ سعيدةٍ لتكتمل رواية ألفُ ليلةٍ وليلة.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العائد من الموت
- من الذي تغير,أنا أم الناس؟
- مكان أمي
- زبائن المكتبات والمؤسسات الثقافية
- المترددون والمتأكدون
- نحن أبناء الشرير والحرام
- سلوكيات غير منطقية
- سلامٌ عليك
- التسامح أفضل من العدالة
- الغشاشون
- عدونا هو ثاني أكسيد الكربون
- الأشرار جدودنا
- خطبة جمعة متناقضة
- اثنان يخافون من النائم:اللص والحاكم
- أشهر جملة العالم
- لماذا لا يسمي الغرب أبناءهم على أسمائنا كعرب مسلمين؟
- صورتي2
- عاري
- أنا إنسان فاشل
- إبرة مخدر


المزيد.....




- مادورو: بوتين أحد أعظم قادة العالم
- مستوطنون يهاجمون قوافل المساعدات المتجهة إلى قطاع غزة (فيديو ...
- الخارجية الروسية تكشف حقيقة احتجاز عسكري أمريكي في فلاديفوست ...
- Times: عدم فعالية نظام مكافحة الدرونات يزيد خطر الهجمات الإر ...
- الجيش الاسرائيلي يعلن مقتل ضابطي احتياط في هجوم جوي نفذه حزب ...
- الجيش الألماني يؤكد على ضرورة جمع بيانات جميع الأشخاص المناس ...
- واجهة دماغية حاسوبية غير جراحية تساعد على التحكم في الأشياء ...
- -إذا اضطررت للعراك عليك أن تضرب أولا-.. كيف غير بوتين وجه رو ...
- إعلام: الدبابات الإسرائيلية تتوغل في رفح بعد موافقة مجلس وزر ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /07.05.2024/ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الجهل أفضل من المعرفة