أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جهاد علاونه - مكان أمي














المزيد.....

مكان أمي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4038 - 2013 / 3 / 21 - 21:53
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تصدير: يقول أحد الفلاسفة: يبقى الإنسان طفلا إلى أن تموت أمه,فإذا ماتت شاخ فجأة.

مكانة أمي في القلب ومكان أمي بجانب خزانتها التي تتألم طوال الليل وهي تصرخ من ألم هشاشة العظام والتي لا تذوق طعم النوم إلا بعد إطلالة الفجر ..وفي أي بيت شرقي أو غربي أو شمالي أو جنوبي تجدُ فيه مكانا مخصصا لكبار السن يجلسون فيه ولا يبدلونه,كأن يتخذ أحدهم مقعدا على الشباك(النافذة) أو يتخذ مكانا إلى جانب خزانة ملابسه كما تفعلُ أمي هذا النمط من الجلوس ليلا ونهارا إلى جانب خزانتها ,وأمي في ذلك مثلها مثل كل الناس لها في بيتنا مكانا مخصصا تجلس فيه ولا يستطيع أحد أن يحتل هذا المكان أو أن يبني فيه مستوطنة له أو أن يقول هذا مكاني وليس مكانها ,أضف إلى ذلك أن أمي ترفض تغيير مكانها في الجلوس أو مكان نومها علما أنها تجلس وتنام وتصحو في نفس المكان تماما كما كانت جدتي من قبلها لها مكانها في البيت بحيث لا يستطيع أي أحدٍ أن يعبث به أو أن يرسل منه رسائل وكلام وأوامر فهي وحدها من كانت تجلس في مكانها لتصدر عنها أخطر الآراء والقرارات السياسية والقضائية والتنفيذية.

وحتى إن جلس في مكان أمي غيرها فمن المستحيل أن يكون منظر الجالس جميلا بل يكون منظره عبارة عن سخرية وتقليد ومحاولة تمثيل دورها بأسلوب تمثيلي هابط, كما تفعل كل أخواتي في الأوقات التي تتغيب فيه أمي عن مكانها,فأمي مثلا في مكان جلوسها تستطيع أن تحل كل المشاكل التي تقع تحت عينيها وخصوصا الخلافات العائلية بين الإخوة والأخوات أو بين الأزواج والزوجات.

وحين أعود من العمل إلى البيت أول شيءٍ أفعله هو البحث عن أمي في مكانها المخصص الذي تجلس فيه إلى جانب خزانتها حيث تتواجد في خزانتها كل مسكنات الألم والقهر وأدوية السُكري والضغط والمعدة,وإذا وجدتُها في مكانها ترتاحُ نفسي كثيرا وأنسى كل ما بي من عناء وتعب وجنون فآخذ نفسا عميقا ويطمئن قلبي بأن أمي في البيت وجالسة في مكانها حيث يتحول المكان إلى عرش إمبراطور أو أنبراطورة وليكن بعلم الجميع بأن أمي ترفض رفضا قاطعا تغيير مكانها أو غرفتها فهي تتخذ شعارا يقول بما معناه بأنها تنام وتصحو في نفس المكان الذي ستفيض في يوم من الأيام منه روحها إلى بارئها,ومهما قدمنا لها من مغريات لا تستطيع تلك المغريات تغيير لونها أو شكلها أو مكان جلوسها.


وحين لا أجدها في مكانها المعتاد أتوجه إلى زوجتي بالسؤال عنها قائلا:أين أمي؟ فتقول لي زوجتي:أول شيء قل السلام عليكم,فأقول:آسف جدا السلام عليكم,أين أمي؟ فتخبرني زوجتي مثلا بأنها خلف الدار جالسة تحت شجرة الزيتون أو أنها في بيت(خالي) وهو جار عزيز على قلبي وصديق لكل الناس,والمهم في الموضوع أنني حين لا أجدها في مكانها أشعر بالحزن الشديد ولا أحد يستطيع أحدٌ من الناس كان من كان أن يصف حزني وألمي حين تتحول الأفكار إلى تخيلات وأوهام سيئة وتحليلات مزعجة وتكهنات ليست بمحلها وبصريح العبارة حين لا أجدُ أمي في مكانها تضيق الدنيا بوجها وتصبح عندي تهيئات واحتمالات سيئة جدا وأشعر بالوحدة القاتلة,فأنا بدون أمي لا أساوي أي شيء ولا يمكن أن أجلس في البيت ولا مجرد ساعة واحدة فأذهب للبحث عنها خلف البيت إذا لم تكن زوجتي عارفة بمكانها, وأرتاد كل الأماكن التي تجلسُ فيها فأقف حائرا في كل مكان من البيت أو من حول البيت وأتحسس برفق مكانها وأقول:هنا كانت تجلس وهنا كانت تتكلم ومن هنا تتصل بها ملائكة الأرض والسماء, فإذا لم أجدها بمكانها المعتاد أجلس أنا فيه حزينا أتحسس الحنان والعطف وأشعرُ بأن البيت كله مظلم جدا وأشعر بأن الطقس باردٌ جدا حتى لو كان في فصل الصيف, وأحيانا إذا لم أجدها في مكانها ألوم زوجتي كثيرا وأطالبها بتفسير سبب غياب أمي وأحيانا أتهمها بأنها هي المتسبب بغيابها عن مكانها فتقسم لي بأنها ليست هي السبب وبأن أمي خرجت من البيت دون أن تقول لها شيئا ودون أن تحدد لها وجهتها, ولي خال يبعد عن منزلنا مسافة 3 كيلو متر ويحضر أحيانا منزلنا لأخذ أمي إلى بيته فتذهب أمي معه في الوقت الذي أشعرُ به بضيقٍ شديد بالنفس وأحيانا أتصل فيها على هاتفها النقال في كل ساعة أو ساعتين فيبتسم خالي ويقول لي:شو بدك فيها أي هي كاينه بدها تعطيك الرضعة؟ فأقول :لا,ولكني اشتقت لها جدا,وأحيانا تتغيب عن البيت في ضيافة خالي ليومٍ أو ليومين فتتحول حياتي إلى جحيم مطبق ولا أحلق ذقني وأظلُ مهموما حتى تعود إلى مكانها الذي تجلس فيه,وحين تحضر إلى البيت إحدى أخواتي وأمي غائبة في بيت خالي تتعمد الجلوس في مكان أمي ولكن نفسي لا تطيق هذا التصرف وأقول لها:هذا المكان مخصص لأمي وليس لك ومنظرك وأنت تجلسين بهم قرف جدا وغير ظريف.

وحين أدخل البيت أحملق بنظري إلى مكانها المعتاد الذي تجلس فيها فأسلم عليها ومن ثم أحمل بين يدي ابنتي(بتول) وأذهب بها إلى السوبر ماركت لكي تتسوق وتمارس متعة التسوق ب(شلن) أو بعشرة قروش,وأعود بها إلى البيت ثم أجلس إلى جوار أمي لكي ترتاح نفسي من كثرة التعب والتفكير,وأنا لا تستطيع لا زوجتي ولا حتى أكبر ملكة جمال في العالم أن تنسيني همومي ومشاكلي كما تنسيني أمي كل همومي وكل مشاكلي, وصحيح أنني لا أكلمها مطلقا عن همومي الفكرية إلا أنني بمجرد جلوسي إلى جوارها أشعر بالراحة التي ليس مثلها راحة



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زبائن المكتبات والمؤسسات الثقافية
- المترددون والمتأكدون
- نحن أبناء الشرير والحرام
- سلوكيات غير منطقية
- سلامٌ عليك
- التسامح أفضل من العدالة
- الغشاشون
- عدونا هو ثاني أكسيد الكربون
- الأشرار جدودنا
- خطبة جمعة متناقضة
- اثنان يخافون من النائم:اللص والحاكم
- أشهر جملة العالم
- لماذا لا يسمي الغرب أبناءهم على أسمائنا كعرب مسلمين؟
- صورتي2
- عاري
- أنا إنسان فاشل
- إبرة مخدر
- هذه هي حياتنا
- هل تريد أن تحكم مصر؟
- أنا مثل إسرائيل


المزيد.....




- محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا ...
- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جهاد علاونه - مكان أمي