أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جهاد علاونه - عاري














المزيد.....

عاري


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4005 - 2013 / 2 / 16 - 18:21
المحور: المجتمع المدني
    


ركضتُ بسرعة إلى نفس المكان الذي أشار إليه قلبي من أجل أن أغسل عاري بيدي قبل أن يأت رجلٌ آخر وبيده مسحوق كيماوي يغسل بواسطته عاري عن جسدي,وعاري في الحقيقة مرئي لكل الناس ومن ناحية أخرى غير مرئي,فلا أحد يعرف بأن الثقافة السائدة بيننا هي العار الحقيقي والكبير الملتصق بنا,ولا أحد يعرفُ بأن الملابس التي نرتدها ما هي إلا ذلك التعبير الحقيقي الذي نعبرُ من خلاله عن ثقافتنا,فكل الناس في بلادنا يعبرون عن ثقافتهم ثقافة الخزي والعار من خلال الملابس التي يلبسونها,وبدون ملابس لا يمكن لأي مرصد أن يلتقط أي لمحة أو أي صورة للعار الذي تضعه المرأة فوق رأسها أو على وجهها.

نهضتُ بخطواتٍ متثاقلة من كثرة ما أحملُ على جسدي من عارٍ يكبلني ويكبل حركتي..حاولت أن استجمع كل قواي لكي أنهض من جديد,فكرت وقتها بشيءٍ آخر وهو كتابة وصيتي قبل أن أموت ونسيتُ موضوع غسل عاري بيدي أو بيد رجلٍ آخر, كنتُ غير مطمئنٍ وقتها على مصيري ومصير من سأتركهم خلفي,حاولت بكل الوسائل والسبل التوصل إلى حلٍ وسط ترضى فيه كل الأطراف,وأنا من جهتي قبلتُ بأي شيء حتى بالفتات الصغيرة رضيت فيها, وعندما رفعتُ رأسي للأعلى تيقنت من أنني كنت أحلم إذ أخذتُ غفوة وأنا جالس في مكاني على الكرسي الأخضر اللون الذي شاهده في بيتي صديقي(نبيل).

صحوت على فكرة نائمة منذ زمن بعيد وهي أنه فعلا عليّ الآن أن أنتهي من موضوع غسل عاري بيدي قبل البدء بكتابة وصيتي وبما أنني لا أملك أي شيء فقد أجلت موضوع كتابة الوصية لحين تظهر بعض الدلائل على امتلاكي أي شيء فدخلت الحمام وخلعت كل ملابسي ونظرتُ إلى عاري الذي كان يغطي جسدي بالكامل فتخلصت منه بسرعة وألقيت بكل ملابسي قطعةً وراء قطعةٍ في الغسالة المتواجدة خارج الحمام في الممر المؤدي إلى هنا وإلى هناك, وبعد أن أنهيت غسيل الجسد أردت أن أرتدي ملابس جديدة ووقفت وقتها محتاراً جدا إذ كيف سأخرج فيها على الشارع والناس!!,ثم قلت في نفسي:أيعقل أن أخرج إلى الشارع مرة أخرى وما زال عاري عالقٌ على جسدي؟, إن هذه الملابس هي عاري الذي التصق بي طوال تلك السنين ويجب أن أخرج إلى الشارع بدون أي ثيابٍ ليس تعبيرا عن مظاهرة شعبية وليس تعبيرا عن استيائي وحزني على الأبرياء الذين يموتون,ولكن لكي أتخلص من مشكلة العار الذي يلتصق بجسدي, إنها مهمة شائكة وصعبة ومن الصعب جدا على الناس أن يفهموا شعوري وفكرتي جيدا وسيقولون عني(مجنون) كعادتهم وسيقولون عني أهبل أو أزعر يخرج إلى الشارع مكشوف العورة أمام كل الناس علما أن الإنسان أصلا حينما يولد يولدُ بالأصل بدون ملابس سواء أكان ذكرا أو أنثى أو حيوانا ولو أراد الله للمرأة العربية المسلمة أن تغطي رأسها لأخرجها من رحم أمها وعلى رأسها ثوبا أو غشاء يغطي رأسها مثل غشاء البكارة الذي يغطي فرجها,وما الملابس التي نرتدها طوال الوقت إلا العار نفسه,فلماذا خلقنا الله أصلا بدون ملابس؟, فالعار موجود في ملابسنا جميعا وخصوصا الملابس العنصرية والقومية والدينية فكل صاحب مذهب يرتدي ملابس تليق أو تعبر بصدقٍ عن مذهبه الديني أو الفلسفي والمرأة التي ترتدي الحجاب هي في الأصل تريد أن تعبر عما تؤمن به من أفكار من خلال ما ترتده من ملابس وهنالك مقولة تقول:لا تحكم على الرجل من خلال ملابسه بل من خلال ملابس زوجته إذ تعبر الملابس الخاصة بالأنثى عن ثقافة أو عار زوجها طالما هو يرتضي فيها وهكذا كل الناس وكل المذاهب وكل الأفكار وكل الشعوب التي تؤمن بالملابس العنصرية, ونحن بالنسبة لنا جميعا عبارة عن أناسٍ يحملون عارهم على أجسادهم والأصح والصحيح هو أن نسير في الشارع بدون أي ملابسٍ لكي لا تتحول الملابس إلى عارٍ كبير أو إلى ألم في الركبتين واليدين.

ولا أحد يستطيع أن ينزع عنك ملابسك بحجة غسلك من عارك,فالعار لاصق بك وبي وبكل الناس رغما عنا والحل الوحيد لغسل عارنا جميعا أن نعود إلى أيام زمان أيام لم يكن فيها لا دين إسلامي ولا دين يهودي ولا دين مسيحي ولا أي ثقافة من الثقافات وعلينا أن نرتدي بعض الملابس التي تقينا من حر الشمس أو تقينا من شدة البرد القارص,يجب أن نرتدي الملابس لا للتعبير عن الثقافات الكلاسيكية أو التقدمية أو الدينية أو التي تميز الغني من الفقير, يجب أن نلبس لأسباب تتعلق بالحر وبالبرد كما كان الإنسان البدائي الذي نحسده جميعنا على تلك الحياة التي كان يحيياها بدون ثقافات تلوث عقله وقلبه وضميره وحسه ووجدانه.. ويجب أن نغتسل من عارنا جميعا قبل أن يغسلنا شخص آخر.

عاري مع مرور الزمن أصبح يتمدد كثيرا ويتمادى كثيرا مع مرور الزمن,وأصبح عاري ثقافة ودينا رسميا وتحول إلى طائفة وإلى عدة طوائف وفي النهاية لا بد من التوصل إلى حلٍ نهائي أغسلُ فيه عاري غسيلا نهائيا وأنا عاري لا أرتدي أي ملبسٍ,عاري كل عام يكبر وفي كل عام تزداد شعبيته أكثر فأكثر ولا أحد ينتبه إلى هذه النقطة المهمة في تاريخ الإنسان الثقافي الذي يولد أصلا بدون ملابس وبدون ثقافة تجعله يحرم هذا الملبس ويحللُ ذاك الملبس,عاري كبير جدا وحجمه أكبر مما تتخيلونه ولا يمكن غسله بالماء وبالصابون إلا من خلال طريقة واحدة وهي العودة إلى ما قبل التاريخ حين لم يكن الملبس أو الثياب لها علاقة بالتوجه الديني أو الثقافي.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا إنسان فاشل
- إبرة مخدر
- هذه هي حياتنا
- هل تريد أن تحكم مصر؟
- أنا مثل إسرائيل
- اللعب مع الكلمة
- جهاد في عالم الضياع
- اليوم الذي كنت خائفا منه
- الكل مشهور
- ألم الحرمان
- الأصدقاء المزيفون
- رحلة العذاب
- الإنسان مخلوقٌ فوضوي
- مساعدة الفقراء تؤجل الثورة
- كيف يختار الله الرسل والحكام وكبار رجال الأعمال
- العبور من ديانة إلى ديانةٍ أخرى
- سنه حلوه يا ثقافه
- الخلوة أحيانا ضرورية
- الدين بين فشل المنطق ونجاح الإغراء
- أنا مراقب جدا


المزيد.....




- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جهاد علاونه - عاري