أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - الحرب تفقدنا انسانيتنا














المزيد.....

الحرب تفقدنا انسانيتنا


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 4041 - 2013 / 3 / 24 - 00:07
المحور: الادب والفن
    


كان حصارنا في غابة شرق فرنسا إبان حكومة فيشي الخائنة.وأصابنا الجوع لمدة طويلة تتعدى الشهر لم تصل فيها الحنطة الى امعائنا . كل ما في الامر انا كنا نقتات من العشب و الاشجار وصيد الطير والحلزون والضفادع وعيرها فطالت مدة حصارنا فحسبنا ان الحرب لن تنتهي ابدا . فقرر يوما قائد الكتيبة الخروج بنا الى اقرب قرية او تجمع بشري لأجل التموين والاتصال مع بقية الجيش اذا ما زال هناك جيش .كان القائد يتصف بالجنون وحب المغامرة لكن نتائج قراراته غالبا ما تكون صائبة بل مثمرة وحاسمة...
بعد مشاورات معمقة فيما بيننا اجتمعت كلمتنا على الهجوم على اول قرية توجد في طريقنا ونحقق بذلك انتصارا لجوعنا وإنهاء لويلاته على اجسادنا السقيمة والنحيلة .غادرنا بحذر الغابة واتجهنا صوب ضفة وادي ذي مجرى عميق .رابطنا بعض الوقت على تخوم اول قرية وصلناها زحفنا اليها على بطوننا كالزواحف وأخدنا ننظر باشتهاء الى الدخان المتصاعد منها فتخيلنا حينها كل اصناف الاكل التي يمكن ان تمر بمخيلة انسان شديد الجوع . بعضنا فضل الاسراع بالهجوم لغنم الطعام وهو لا يزال حارا على النار .
لكن القائد المجنون تمسك بضرورة التريث والصبر الى حين نوم جميع من في القرية من الجنود وبعد العشاء تاتي لحظة الهجوم وفي لحظات قليلة تعالت صيحات جنود العدو بطعنات السكاكين الحادة وكانت لعلعة الرصاص ناذرة تنغم سكون ذلك الليل الاسود من حين لأخر ...لم نكن نريد استعمال الرصاص حتى لا نلفت انتباه العدو ويحبط مخططنا في الهجوم ...وبسرعة استطعنا نشر الرعب والموت في العدو في ساعات قليلة وسيطرنا على القرية لكننا لم نجد طعاما أمامنا غير الجثث الهامدة والدماء المترامية على الارض...فتوجه الجنود الى القائد المجنون بالسؤال عن الطعام المطلوب ....
لم يتوان في الرد :
الطعام تجدونه في بطونهم ؟
فهمت الفرقة ان عليها شق بطون القتلى ..ففعلت وتناولنا وجبات عشاء ذلك اليوم من بطون أعدائنا ؟ وجبة من الارز والسمك المعلب ...
كانت وجبة مقززة ؟
لكنها افضل بكثير من اكل لحوم بعضنا ؟.
غادرنا القرية في الصباح الباكر وتركناها فارغة إلا من تلك الجثث المنشورة على الارض لم يعطينا القائد الاحمق الامر بدفنها في التراب .اتجهنا كأشباح او ظلال باهتة نحو مكان اخر سعيا وراء طعاما او بعض القوت الحقيقي يعيننا على البقاء على قيد الحياة او الى حين توقف هذه الحرب المقيتة ...انتقلنا من ركن لأخر في تلك الجهة من الوادي من دغل لأخر ومن ربوة الى اخرى ...لكن رائحة الجيفة كانت تلاحقنا اينما حللنا او ارتحلنا ولا ندري من اي جهة تصلنا تلك الرائحة .رائحة نتنة زادت من حدة توثرنا وعصبيتنا الناتجة عن الجوع الذي كان ينهش امعائنا الفارغة .فأمر القائد المجنون بفحص كل الاكياس المحملة على ظهورنا ..وفي احداها عثر على راس جندي مقطوع ..كانت المفاجأة كبيرة عندما عرف صاحب الكيس الجندي المغربي الابكم ...لم يكن يريد البوح بأسباب عملته البشعة المنافية لأخلاق الحروب وكل التوافقات الدولية. كان يطأطئ رأسه كلما تعرض للضغط أو السؤال ..لكن في النهاية اشار بيده الى فم الراس المقطوعة ..فتحها القائد فوجد طاقم اسنان من ذهب...اخرجنا الطاقم الذهبي ودفنا الراس المقطوعة وقدمنا لها التحية العسكرية الواجبة في مثل هذه الظروف...
وفي معمعة البحث عن الطعام نسيت الفرقة العسكرية بسرعة حادثة الرأس المقطوعة وتابعنا السير في دروب الغابة الواسعة الاطراف وحروب افقدتنا ما تبقى من إنسانيتنا .........



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصدد المثقف الخبزي
- ياموج ......
- هذا مساء آخر
- هكذا تكلم الحكواتي 2
- أوراق على الرصيف
- أكتع مدينتي
- الانسان يسعى .....
- التحرش الجنسي غموض في المفهوم وتطبيع مع الظاهرة
- آه...........هناك
- دفنا الحزب ومعه كل أمالنا القديمة
- كراب الحي
- النباش الصغير
- غيمة باردة
- وتنتهي اللعبة
- الوزير وماسح الاحذية
- هكذا تحدث الحكواتي
- الشعبوية والترهيط السياسي .....
- استهلك بلا متهلك.....
- وفاء كلب
- انه يبيع القمع


المزيد.....




- -الموارنة والشيعة في لبنان: التلاقي والتصادم-
- -حادث بسيط- لجعفر بناهي في صالات السينما الفرنسية
- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - الحرب تفقدنا انسانيتنا