أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مصطفى الصوفي - مع مكاريد الاخرس( المكَاريد في تكريت).















المزيد.....

مع مكاريد الاخرس( المكَاريد في تكريت).


مصطفى الصوفي

الحوار المتمدن-العدد: 4038 - 2013 / 3 / 21 - 21:10
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الهمني الكتاب لأكتب تلك السطور ,ربما هي امانة علي تأديتها لأبدي وجهة نظري كإنسان بعيد عن مركز التهميش الاجتماعي الذي كان ولايزال في بغداد*1, سأحاول عبر النصوص القادمة سرد افكاري حول الكتاب وافكاري حول المكاريد (قبل وبعد قراءة الكتاب ). اي بالعموم رأي من سمع قصة (ليلى والذئب)*2 منذ طفولته و حتى وقعت بين يديه تلك التدوينة (كتاب المكَاريد)، لا انكر اني متعاطف مع المكاريد نوعا ما , لكون البيئة القاسية هي صنعت هؤلاء المساكين , لكن في نفس الوقت حالي حال اي ابن مدينة منزعج من تواجدهم بين احياء المدن, مع عاداتهم وتقاليدهم التي لا تناسب طباع المدنيين ,و تسببها بالضرر اغلب الاحيان, بقصد او دون قصد ..
تبدأ قصتي مع الكتاب نفسه حينما وضعته في حقيبتي مسافرا الى مدينة (تكريت)*3 حيث جامعتي التي ادرس فيها , لم تكن لدي اي فكرة عن محتوى الكتاب ،الا بعض القفشات من هنا وهناك في موقع الفيسبوك ...
- كتاب المكاريد!!!!!!!!!!هذا شنو؟
سألني غالبية الاصدقاء مستغربين بأبتسامة عن هذا العنوان الغريب وغير المألوف لكتاب( كلما لمح احدهم الكتاب بين يدي ), و انا أقرأ به ما كتب الاخرس..
المكاريد كتاب جميل بلغة بسيطة مطعمة بكلمات من (اللهجة العراقية) يتناول العديد من القضايا متحدثا بلسان فئة من ابناء جنوب العراق الذين هاجروا هربا من الظلم وتردي الاوضاع التي يعانون منها فسكنوا اطراف العاصمة بغداد، ليجدوا انفسهم تحت ظلم بلون اخر و مثلما يقول المثل الشعبي ( انهزم من المطر خش جوة المزاريب... او طلعوها من حلك السبع وخشت ابطن الواوية) .
عانت تلك الفئة من الفقر المدقع والتمييز العنصري و نبزت بالكثير من الالقاب والتسميات، فكلمة (شروكي) تطلق بعنصرية على الانسان الجنوبي الذي يبدي سلوكا متخلفا وشاذا عن المتمدنين وغالب الاحيان استخدمت بهدف للانتقاص من قيمة الجنوبي اينما حل ورحل..
مسؤولية تكلف بها محمد غازي الاخرس في كتابة (المكاريد) ليكون هو اول من يتحدث بلسان المهمشين عن هذا الصراع الاجتماعي العنصري بين ابناء الريف وابناء المدينة ، بين البدو والحضر ، بين السنة و الشيعة، بين النبط و العرب ،صراع الثقافات والشعر والسياسة والمنافسة العنصرية بين القوي صاحب السلطة و المكرود..
شخصيا وجدت ان كتاب المكاريد هو تتمة لفهم طبيعة المجتمع العراقي كتبه (مكرود) ردا على ما كتبه ( علي الوردي), الاخير الذي نقد (المكاريد) وطباعهم بصورة تهكمية ساخرة وذكية من حيث لايشعر احد، في القسم الاول من الكتاب ( مدخل ملون، رايات ترفرف وهويات تتصارع) يتحدث المؤلف عن تلك الهجرة (المكرودة) من الجنوب هروبا من الاقطاع والفقر للسكن في صرائف حقيرة على ضواحي بغداد التي تغيرت ملامحها بعد قدوم ذوي الرايات الملونة واللهجات الغريبة على سكان المدينة، ولان انتماءات القوم الدينية شيعية والفكرية شيوعية و الاصول الشروكية صنعت خليط ذو نكهة خاصة بهم جعل منهم ندا في صراع الهويات والطوائف في مقابلة للخليط القومي السني الغربي، ومن هذه الهويات انطلق الاخرس يتحدث عن محاولات امتدت على مئة عام اريد بها تذويب الهويات الفرعية بهوية وطنية واحدة تحت شعار(الامة) انتجت هذه مثقفين لا يحملون اي ملامح اجتماعية حقيقية في الادب والشعر وغيره، فمثقفنا ينكر طائفته في حديثه ويعد تناولها هو نوع من انواع الخيانة الكبرى للهوية الوطنية التي تسقط بكل سهولة والدليل ما حدث بعد ٢٠٠٣, حينما عادت الانتماءات الفرعية والعشائرية وتنازل الغالبية عن الهوية الوطنية متمسكين بالفروع بصورة سلبية لتؤدي الى اقتتال عنيف باسمها.
اراد الاخرس ان يصل بنا الى نتيجة مهمة، و هي ان الصراع الذي دار في العراق ولايزال يدور ما هو الا صراع اجتماعي بين فئات وهويات , كل فترة تقوم فئة بارتداء عباءة فكرية او دينية لتجدد هذا الصراع على مر زمن عن طريق تعريق الفكرة المستوردة ودمجها في هذا القتال، فالصراع بين النبط والعرب قد اتخذ صورة التشيع والتسنن بعد وفاة علي ابن ابي طالب ومن ثم تجدد الصراع بعباءات الشيوعية والقومية وهكذا دواليك، وحسب رأيي ومن خلال الكتاب اكتشفت, أن المشكلة الاخطر تكمن في ثقافتنا الوطنية التي صنعها البريطانيين, الناكرة لجميع الهويات الفرعية التي تقدسها تلك الفئات التي لم تتنازلت عنها فقط على الورق وفي الخطابات , وليس في الافعال , مما قد صنع الازدواجية العظيمة في الشخصية العراقية ...

يقول الاخرس :-
(ومن العاصمة تحديدا تنطلق الجيوش لأعادة صهر الاخرين, فيها توجد المؤسسات ومقرات الحكومة والاحزاب والمجلات والجرائد والاذاعة والتلفزيون والجامعات.
أجل , كانت العاصمة مركزا لصنع كل شيء يثبت أنك تنتمي الى هذه الهوية الرمزية المتخيلة , بل كانت , بالاحرى , سلطة قاهرة يستحيل الاندراج في نسقها والتعامل معها على انها مصهر للهويات ..).

يقول الاخرس في هذا الفصل ايضا :-
(كانت الرايات الثلاث متظافرة , مجدولة, ترفر على سارية واحدة وكانت المتشابهات بين هذه الانتماءات الثلاثة , الطائفية والجغرافية والفكرية, من الوضوح بحيث أنك تستطيع امساكها كعصفور كسير الجناح يدرج بحثا عن عش مفترض في غابة النسور .
اما غابة النسور التي اقصد فهي الدولة التي قد يختصرها قصر ملكّي صغير في( الكسرة) أو معسكر كبير في (الوشاش) حيث يرفرف من هنا الى هناك علم عراقي ذو سحنة برطانية عثمانية بدت نتاج زيجة غريبة.
الا فانظروا اليها, هي ذي ترفرف مثل جناح خفاش غير عابئة برفرفة اجنحة العصافير القادمة الى العاصمة بعبوديتها وسلاسل رقها القديم الجديد ..
وصفي لراية الدولة بأنها جناح خفاش ليس دون علة , فأنا , في الواقع . اود التلميح الى تلك الرفرفة الشبيهة بخفقة التراب وهو يعجن بالدم ,ففي العراق البريطاني , الملكي ومن ثم الجمهوري, العارفي والبعثي, كان يتم تذويب اعلام القوميات الصغيرة مثل الملح في الطعام . واذا لم تصدقوا فأسألوا الاشوريين في (الديره بون) وكيف جرت عام 1934 واحدة من اقسى محاولات التذويب في تاريخ الاقليات ..
الاشوريون لايختلفون في شيء عن اهلي الذين رفرت رايتهم فوق الصريفة الحقيرة , فمثلما أريد أبادة أولئك, حلم بعضهم بأبادة هؤلاء حتى لو تم ذلك بشكل رمزي كما حدث طوال مائة سنة ..)..
ومن هنا تبدأ القصه كما يرويها حفيد المكاريد..

--------------------------------
*١عاصمة العراق, تبرز فيها نوع من العنصرية الاجتماعية ضد (المكَاريد).
٢*يذكر الاخرس في مقدمة الكتاب قصة مقتبسة لطيفة تحوي على سرد مختلف لقصة ليلى والذئب المألوفة عندنا، وفيها اشارة الى ان الحقائق قد تكون مختلفة عما سمعناه خصوصا وان التاريخ يكتبه المنتصرون ...
٣*مدينة تتميز بطابع عربي عشائري، وسكانها يتكونون من نسبة عالية من العشائر العربية التي كانت تحكم العراق سابقا في فترة نظام البعث، غالبية سكانها هم من الموظفين المدنيين و الضباط و اساتذة الجامعات ..



#مصطفى_الصوفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع مكاريد الاخرس( هل ليلى مكَرودة؟.)
- السيد المسئول جاسب المجيد حفظة الله ورعاة
- حَدَوث و عُربان
- الحريق العربي
- لصوص الانسانيه
- المُستلحد العربي
- اسطورة بغدادية. قصة قصيرة
- كفخة بلجن تصحون يا ال طوريج وال العوجة
- تقبل الاخر يا صاحب الدين
- دع الاخره لما تؤمن به
- دجلة دمنا وفرات دموعنا..(وطن)
- فلكلور المتثيقف
- دجلة دمنا وفرات دموعنا
- الأمن الجامعي ....حلاقين
- بحيرة الفكر
- رجال أصل الشرور
- للناقد أم للبسيط ؟
- فلتر للترشيح
- المتثيقف العربي
- بلاد اللا حرية و اللا تعبير


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مصطفى الصوفي - مع مكاريد الاخرس( المكَاريد في تكريت).