أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى الصوفي - دجلة دمنا وفرات دموعنا..(وطن)














المزيد.....

دجلة دمنا وفرات دموعنا..(وطن)


مصطفى الصوفي

الحوار المتمدن-العدد: 3723 - 2012 / 5 / 10 - 18:42
المحور: الادب والفن
    


العمر: 14 عاما
"وطن" كلمة تحمل معان عميقة و تشعر الانسان بمشاعر حنينة مثل كلمات اخرى دافئة(الام، الأخ)، لكن اي وطن هي تلك الارض التي نسعى عليها، تعطي المجد و العلا لمن يخونها، لمن يسرقها، لمن يبيعها بأزهد الاثمان، اما مساكينها من الاوفياء، فأما يقتلون متناثرين، او يبقون ابد حياتهم خائفين هاربين الى الجهات الاربع، وان ارادت رحمتهم فستدفنهم في اقبية السجون..
نحن ومن نحن تسألنا !!؟
نحن الموتى الاحياء في سبيلك ايها الوطن الزائف،
نحن الصادقون معك ايها الشعب المنافق، نحن من نريد توحيدك يا بلاد الشقاق والنفاق المصفقة لكل صعلوك،
نحن من نريد تحريرك يا صانعة الطغاة والملوك،
يا من احتضنت اعدائها وذبحت ابناءها..
نحن القادمون لنسألك ايها الارض أن كنت
لا تزالين تطالبين بالوفاء، و لم؟ ثم علام؟ وانت لم توفي مع ابناءك و لو للحظة من زمن هذا العمر البائس على طياتك السوداء.
أخبريني يا ناكره الدم والدموع، ماذا اعطيتي حتى تأخذين بهذا القدر؟
ام ابيت الا ان تغتسلين بنهرين صنعت من دمائنا ودموعنا؟.. كنت في فراش نومي حينما قرر الوطن ان يبدأ بلعبته معي ويشملني بأفواج الملعونين فيه، لم اكن ادرك ابدا اي قدر كان ينتظرني، واي عذاب سأعيش ..
جاءت لتصحيني من النوم
-انهض...انهض ياولدي، اليوم جمعة عليك بالذهاب الى وكيل توزيع المواد الغذائية لتجلب لنا الحصة التموينية.
فركت عيني
-صباح الخير.
-صباح النور.
-اللعنة على هذه المهمة المزعجة-
الذهاب الى وكيل الغذائية والوقوف للانتظار وحمل الاكياس، كم انزعج من هذا.
استعدادا للحرب كانت الحكومة قد ارتئت توزيع المواد الغذائية على وجبتين، حصص سته اشهر مقدما، بدأت تلوح بالأفق تلك الحرب، صغيرا كنت ولم ادرك شيء من الخوف
-فقط الكبار هم خائفون، قلقون، مرتعبون-،لم افهم لماذا في حينها لان ذكرياتي عن الحروب شبه منعدمه الا ما اكتسبته من احاديث الكبار عن ايام القادسية و ام المعارك(كما اسماها الابمرورئيس) حفظة الله ورعاه،- اياك ان تنطق باسمه دون ان تبجله بهذا العبارة التي تدعوا بها الله ان يحفظه ويرعاه-، انه بابا صدام رجل العروبة وحارسها المجيد، الفقر المدقع في كل مكان حتى في جيوب ابي الذي يعود منهكا من عملة ليذهب الى الخفارة في مبنى الفرقة الحزبية في منطقتنا
-مسكين هو ابي- يقول دائما
- " أيام الخير راحت!، هسه احنه نركض والعشى خباز"
خرجت اجر نفسي بتكاسل متأفأفا من المهمة التي اوكلتها علي امي التي جعلتني أتأبط اكياس كبيرة لحمل المواد
-ملعون ابو الوجبة "وكيل الغذائية" لا يعطي اكياس مجانا! ووف!-
ببجامتي البالية وقميصي المفضل ذو الكتابات الذي اشتراه لي ابي مستعملا من بائعي الملابس المستعملة في "الشورجة"
-بغداد.. اه بغداد كم احبك-...
هناك بيت جدي،-كم احبك يا جدي-
في الصيف أذهب لزيارة طويلة عندهم حيث ابقى ليأخذني كل نهاية اسبوع في جولة رائعة، سوق الغزل، سوق السراي، الشورجة، القصص رائعة، كليلة ودمنة، سوبرمان، مجلتي، المزمار.
امي تكره قصص سوبرمان المصورة تخبرني دائما(ولدي هذا لا فائدة منها لما سوى تعليمك على العنف).
رغم هذا انا احبها، بالألوان الخشبية التي اشتراها لي جدي سابقا الون الشخصيات سوبر مان بالأحمر والازرق والاصفر كم هو رائع وقوي، اتمنا ان اكون مثلة .
اقفز واركض بسرعه وانا اتخيل نفسي احارب الاشرار ،انا سوبر مان،- ها....ها ايها الشرير-.
اتوقف عن عبثي الطفولي بعد ان وصلت لمقر شعبة الحزب، صورة بابا صدام الكبيرة، رأيت عمو ابو كريم، كان صديق ابي(ها ولك مصطفى وين رايح؟) يحمل رشاش كلاشنكوف على كتفة،
كل الاساتذة" الاعمام" قد ارتدوا الملابس العسكرية منذ ايام، قال ابي
-ان الحزب اعلن حالة الطوارئ والاستنفار!
كان اشترى بدلة الزيتوني هو الاخر وأخرج نطاقة العسكري القديم، منذ ايام حرب ايران، كبرت بطنه مع عمره ولذلك استوجب تكبيرة بعض الشيء،
فضولي يجرني للوقوف وتأمل بناية مقر الشعبة، تغير شكلها بعد ان وضع ساتر تراب حول مبناها واكياس رمل حول بواباتها, وفي الوسط وضع خزانان عملاقان (من هذا النوع التي تجره سيارة النقل الطويلة)،ملؤه بالوقود نوعية في كل خزان(بنزين، كازولين )،قال ابي
-قطعوا قيمه شراء الوقود والخزان من رواتب الاعضاء!.
سلاح كبير وضعوه على السطح يقف قربه احد الرجال بالزي العسكري الاسود
-أعتقد انه مقاومة طائرات!؟ لا اعرف لم ارى مثله سابقا، سأسل ابي.
مشيت الى السوق، وجوه خائفة مما قادم وما سيحدث، يترقبون ويتابعون الاخبار في مقهى "محسونه" المشهور في مدينتي. عجوز يقول
(الامريكان راح يقصفونا ويهجمون) لم افهم
-لما لدينا اعداء؟ السنا نحن اهل الخير؟ لما يكرهونا؟-
منذ انا صغير ويخبروني بالحصار، الحصار، الحصار.
امي تقول (ايام الخير)،
-هل هناك ايام خير وايام لا خير؟
سألتها مره
-متى ترجع ايام الخير؟ اريد ببسي، اريد موز، اريد ان اعرف طعمها (عمار ابن استاذ ستار يشرب ببسي وياكل موز، اني ليش ابوية ما يشتريلي؟، اني اشطر منه بهواي! ليش ما تشترولي موز وببسي؟ ليش؟).
-الحصار!
اللعنة على الحصار الذي انهك ابي ولم يدعني استمتع بالموز و الببسي مثل "عموري".
جاء دوري، وامتلأت الاكياس بمقدار حصه افراد العائلة، رز، سمن، عدس، سكر، حمص، ملح، صابون، اوقفت صديقي "حسوني" الذي يملك عربة يجرها حمار، ركبت معه، انطلقت مستمتعا معه بالحديث عائد الى المنزل وقيادة العربة بعد ان اعطاني "حسوني" الحبل لاقود الحمار بنفسي..

يتبع



#مصطفى_الصوفي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلكلور المتثيقف
- دجلة دمنا وفرات دموعنا
- الأمن الجامعي ....حلاقين
- بحيرة الفكر
- رجال أصل الشرور
- للناقد أم للبسيط ؟
- فلتر للترشيح
- المتثيقف العربي
- بلاد اللا حرية و اللا تعبير
- 201249
- فوبيا الحداثه


المزيد.....




- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى الصوفي - دجلة دمنا وفرات دموعنا..(وطن)