|
أمطار الجحيم -26- رواية
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4021 - 2013 / 3 / 4 - 08:39
المحور:
الادب والفن
استيقظت في ذلك الصباح في حالة غير طبيعية ، أو هي سوبر غير طبيعية ، فكل صباحاتي منذ نشوئي لم تكن طبيعية ، كجميع العرب ، وليس المغاربة فقط . نحن جميعنا نعيش حياة غير طبيعية . لاشيئ في مكانه ، لا شيئ يأتي في أوانه ، حتى الموت انزعج من مواقيته غير الطبيعية ، يموت المناضل الصادق ، ويطول عمر الغاصب لحقوق اليتامى والمستضعفين والأرامل . يموت الشاعر الجميل ، ويصول ويجول في حقول الشعر القاحلة من لاشاعرية له . يقضي العامل المكافح النبيل ، ولا يبقى غير السماسرة والقوادين والذيوتيين . لماذا أضطر لتوظيف لغة الاعلام البئيس بتركيزي على الحالات التي تستدعي تعاطفا مسبقا وتلقائيا ، ألا يستحق السوي والشاب والفتاة الحسناء حياة طبيعية ؟ ألا يستحقون أن نتعاطف معهم لمجرد هضم حقوقهم ؟ ألا يبكون ويتألمون ويغضبون ، وهاهم اليوم يحرقون أجسادهم كأنها أجداث نخل خاوية أمام كاميرات العالم ؟ لكن من ينظر اليهم ؟ لا أحد . ثم وهذا هو السؤال الذي يعنيني ، من سيتعاطف معي ؟ الهندوس يحرقون الأجساد الميتة ، والمغاربة يحترقون وهم احياء ، لا بد أنها طقوس عبادة جديدة . عبادة تتخلى عن الحياة التي لم يصنعها أي بشر . لكنهم اكتفوا بحياة البؤس والظلم والحرمان والفقد والدونية . اللاشيئ يجب أن يعبر عن لاشيئيته ، كم هم صادقون مع أنفسهم وهم يحرقون أجسادهم . هذا هو دين عصرنا اللاشيء . ماذا نصنع بهذا الثقل اللحمي ؟ نحن مجرد كيلوغرامات من اللحم الحي نما في برية انسانية فارغة من كل متون الانسانية وهوامشها . تركت زوجتي مكانها الطبيعي في الفراش ، وغادرت الى عملها ، بينما أنا لا أزال مستلق على الفراش كفائض لا نفع منه . حتى ولو قمت بعد ساعات الى بيع الخبز ، كان على زوجتي أن تنام وترتاح ،عوض أن أقوم أنا بهذا الدور الخنوع . لست ضد عمل المرأة ، لكن ضد اضطرارها للعمل . لانطبق من تعاليم الدين الا ما اضطررنا اليه ، يا لوقاحة هذا الوطن المستلب لست ضد أن تسبق المرأة الرجل في تأدية واجبات حياة خرجت من صلب تجربة حياة مستوردة بكل سلبياتها . لكنني ضد أن تضطر.. لأن السؤال من جعلها تضطر ؟ انا ؟ لا وألف لا ، والشاهد هو الخبز . أحسست أنني وزوجتي وكل الشعب دمى ، نعم مجرد دمى ، هل هو احساس ام واقع ، لا انه احساس ، كلنا دمى لعبت أقدار محبكة بعناية جهابذة استعباد الشعوب ، وبرعاية حكام مدسوسون علينا ، في أن نلعب دور القرد والمتفرج على القرد. صعدت الى المطبخ ، نظرت الى فراشي طفلي اللذين غادرا هما الاخران نحو المدرسة ، قبل أن أصحو من نومي البئيس . كان الفراشان فارغان ، لكن رائحة طفلي ما تزال تسكنهما ، اقتربت منهما دسست منخاري الغليظ في البطانيات ،استنشقت رائحة طفلي ، أردت أن ارفع عيني للسماء ، كي أشكوها هواني وذلي وحسرتي ، لكن سقف البيت كان بالمرصاد الى نظراتي . عجز مطلق ، وهزيمة شاملة ، وانكسار كلي ، لا شيئ لي في هذه الحياة ، مثل جميع العرب ، أنا عربي ومسلم ، هزيمتي هي هزيمتكم جميعا . أما الانتصار ، فلم افكر يوما في الانتصار ، لا عدو ولا منافس لي ، المهزومون أصلا لا ينافسهم أحد .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلمة صادقة الى الشعب السوري الأبي-1-
-
أين المواطن ؟
-
هذا الوطن لنا
-
هوامش التفكير -1- محاولة لخلخلة المفاهيم الثابتة عن مركزيةال
...
-
للفراغ أن يخطو
-
في انتظار الشمس
-
أمطار الجحيم -25- رواية
-
أمطار الجحيم -24- رواية
-
حر أنا مني
-
تسفيه العمل السياسي بالمغرب
-
سامر العيساوي والقضية الفلسطينية
-
في مفهوم التواضع-2-
-
جلباب المخزن المخروم ، وعري المجتمع الفاضح
-
أمهليني.....
-
حركة 20 فبراير : المنزلقات الموضوعية
-
عيد ميلاد ديكتاتور
-
أبحث عن امرأة ثائرة
-
محاولة محاصرة وقائع جناية
-
الثورة السورية تكشف حقيقة أوباما
-
استراتيجية البلد العشوائي
المزيد.....
-
الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
-
على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس
...
-
الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
-
“جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور
...
-
فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
-
بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema
...
-
NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال
...
-
فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11
...
-
الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم
...
-
مسلسل طائر الرفراف الحلقة 67 مترجمة على موقع قصة عشق.. تردد
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|