أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - هل تُخيفكم رؤوسُ التماثيل ؟!














المزيد.....

هل تُخيفكم رؤوسُ التماثيل ؟!


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 4018 - 2013 / 3 / 1 - 23:09
المحور: الادب والفن
    


بين طه حسين والمعرّي وشائج وعرى لايمكن فصمها او فكّ وثاقها فكلاهما انصهرا في اتون التنوير وكانا مثالَين ساطعين في الكشف عن كل ماهو شائن في فكرنا وإظهار وتزويق اللامع في تراثنا وغربلة ماعلق من فكر ضارٍ في عقولنا وزعزعة الكثير من الثوابت التي كنا نتعكز عليها ، كانا يحملان عقلا قلقا وروحا متمردة على الغثّ وخطل الرأي وكانت بصيرتهما توقظ بصرنا المائل وتدلّنا على مأوى الجمال ومثوى الابداع والصدق بأسلوب غايته الاقناع بطرائق عقلية ناضجة بعيدا عن التزمّت والكراهية وهوى النفس النازعة للاعوجاج والميل عن السداد والاستقامة
في هذا الزمن الوغد ، ودون ايّ استحياء او خجلٍ يعتلي مجموعة من الهمج الرعاع القاعدةَ الهرمية لتمثال يمثّل عميد الادب العربي الدكتور طه حسين ويسرقون رأسه ؛ بعد ذلك حطموا القاعدة التي كان يستند عليها
نهضت مدينة ( المنيا ) الواقعة في صعيد مصر صباحا ولم تجد تمثال ابنها البار النابه طه حسين في الميدان ؛ كان شارع الكورنيش كئيبا غاصّاً بالبكاء الى حدّ الجهشة والسابلة في حيرة من امرهم مذهولين متسائلين ما الذي جرى ؟؟ والنسوة يبكين في نواح وأنين واضحين
وقبلها بأيام قليلة ارتقى رعاع اخرون تمثالا اخر ولكن في مدينة اخرى اسمها معرّة النعمان في سوريا وقطعوا تمثال شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء ابي العلاء المعري. فهل يعلم ان هؤلاء السرّاق ودعاة الهدم انهم بفعلتهم هذه قد افسدوا كل مباهج الحياة وهشّموا الرقي والجمال وحفروا قاعا لكل ماهو بهيٍّ وممتع ؟
هذان الخالدان اورثانا لمعان التنوير وابرزا شعاع الرقيّ والنماء في عقول جيلهم والأجيال اللاحقة ولايمكن ان تمحى ابداعاتهم بضربة فأس او معول هدم
لماذا تريدون ان تفسدوا كل ماهو جميل ، لماذا تكدّرون معين مائنا بأطيانكم القذرة ؟!
لاعجب ان يتمّ قطع رأسَ المعرّي وسرقة رأس طه حسين ؛هل هؤلاء المجرمون بفعلتهم الشنيعة -- بكل بساطة -- جهلة وفاقدو البصيرة فالإنسان عدوّ ماجهل كما يقال أم ان هناك خططٌ مبيّتة للحطّ من مبدعينا ونخبتنا السامية ؟؟! ، امّا بصرُهم فلا يرى سوى السخام والنفايات وسواد الرأي وقتامة الفكر . اجل انّ ابا العلاء وطه حسين ابتليا بالعمى لكنهما اوقدا نفاذ البصيرة في نفسيهما وما العيون الكامنة في تلك البصيرة الاّ مصابيح الروح وقناديل الفؤاد وهي التي تضيء الطريق وتبعث النور في العقل ويستحيل ان يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون والذين أوتوا العلم درجات عاليات مثل هذين العبقريين
في فتوّتي قرأت كتاب " مع ابي العلاء في سجنه " لطه حسين وأتذكر اني اعدت قراءته مرات ومرات في مراحل لاحقة من حياتي وكنت اتحسس ان شيئا ما او رباطا مقدّسا يربط هذين العملاقين اذ يشتركان معا ويجلسان في احضان العبقرية الامّ وكل واحد يرضع من ثدييها وكلاهما اغلق بصرَه عن الغثّ من مشاهد الحياة الكئيبة والصور الكريهة الصادمة للعقل وعفّ بصره عن كل ماهو بذيء ومقزز ومثير للاستهجان
نكاد نختنق من هذا الدخان الذي يتصاعد في سمائنا والغبار النقع الذي يعلو رؤوسنا حين نرى مبدعينا يطاح بهم وبتماثيلهم التي تذكّرنا بهم كلما مرّت ذاكرتُنا بمثواهم وأتساءل في سري :لماذا نفتح نوافذنا لنستقبل خناق الدخان الذي يكاد يقتلنا ؟؟
يحضرني وانا اكتب هذا المقال بيتان لجدّتنا الشاعرة المخضرمة الخنساء الموجوعة بفقدان اخويها صخرا ومعاوية في العصر الجاهلي – كما يسمونه مؤرخو الادب-- واستشهاد ابنائها في الفتوحات الاسلامية وهي تندب زمنها العاثر
ان الزمــان وما يفني لــهُ عجَبٌ...... أبقى لنا ذنَبا واستؤصلَ الراسُ
ان الجديدين في طول اختلافهما......لايفــسدانِ ولـكن يفسـدُ النــاسُ
أعجب وأعتصر ألماً وحسرةً وأتساءل ؛هل غدونا فاسدين لاننا نشتُم ُ قدوتنا ونرمي سهامنا على اجسادهم ونطيح بتماثيلهم التي تذكرنا بهم ، اذا كان حدسنا صحيحا فالطامة الكبرى آتية بلا ريب وهذا هو الشوط الاول للخطر الذي بدأ يداهمنا لأننا نسيء لرجالنا العظام وهذا لعمري اول المفاسد وأكثرها بذاءةً وانحطاطاً

جواد كاظم غلوم
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفاياتُ الإتحاد الاوروبي
- حينما تتحوّل الأسلحةُ الى مصوغات
- كفانا نستظلّ بخيامٍ بالية
- موتى القوارب
- شبابُنا والمنشّطات الضارّة
- الفلوجة في عملٍ فني أوبرالي
- قصيدة بعنوان : قاسمٌ مشتركٌ أبكم
- ياوابور ؛ قل لي
- عيادات الدّجل والشعوذة
- لكنّما الريحُ تهاوتْ بنا
- مغامرةٌ أخيرة
- الدراما العربية إلى أين ؟؟
- أسألُ سيدتي وهي لا تُجيبُ
- لو خَفّتْ أعباءُ الشاعر
- هكذا يواجهون التظاهرات
- التعايش بلا مذاق - الملح -
- قصيدةٌ بعنوان - شهقاتٌ ساخنةٌ من شراسة النار -
- مام - خوسيه - الرئيس الزاهد
- لا عوافي للطائفي
- ثلاثُ قصائد 1) أسمال بضمائر مستترة . 2) هزيمة بنكهة النصر . ...


المزيد.....




- الشَّاعرُ - علاَّل الحجَّام- فِي ديوان - السَّاعَةِ العاشِق ...
- محمد الغزالي.. الداعية الشاعر
- تحقيق المخطوطات العربية.. بين إحجام العالم وإقدام الجاهل
- رواية -نيران وادي عيزر- لمحمد ساري.. سيمفونية النضال تعزفها ...
- فنانة تشكيلية إسرائيلية تنشر تفاصيل حوار خطير عن غزة دار بين ...
- مغني راب أمريكي يرتدي بيانو بحفل -ميت غالا- ويروج لموسيقى جد ...
- فنانو أوبرا لبنانيون يغنون أناشيد النصر
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أسرار المدن السينمائية التي تفضلها هوليود
- في مئوية -الرواية العظيمة-.. الحلم الأميركي بين الموت والحيا ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - هل تُخيفكم رؤوسُ التماثيل ؟!