أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد فرحات - انفعالية الأصدقاء














المزيد.....

انفعالية الأصدقاء


أحمد فرحات

الحوار المتمدن-العدد: 4015 - 2013 / 2 / 26 - 22:13
المحور: الادب والفن
    


انفعالية الأصدقاء :

لازلت مدينا لهم بالكثير ، أتذكر جيدا تلك الفترة بين التخرج والتشرد ، جراج الجامعة ، أقرأ لرسل وهوبز والمعري ، ليلا أحلم قليلا ثم أخرج للتجول منفردا ، أزور مقاه كنا نحتفل عليها في الثانوية ، أكتب فيها وأحاول إعادة إنتاج الفائت....

تصادم عربة نقل ثقيل بسيارة مسرعة في منعطف من الدائري ، لحظات ، كنا خمسة ، أصبحنا اثنين ، من يساعد من ، سائق الحافلة يحتضر وكنا عائدين لتونا من " ستلا " نغني ، حس التمرد على لافتات السرعة والرادار لم يمهل أحدا...

عودة ليلا من العين السخنة ، زجاجة سفن أب خضراء ببقايا من السميرنوف ، مقهى قديم وصديق يجلس وحيدا يفكر في العمل بعد الاستقالة من الكلية الحربية ، رشفة ، رشفتان ، ثم يبكي ، أحذره ، يتناول ، يبدأ في طرح أسئلة كبرى حول جدية القيام بثورة ، يفكر ببندقية وتنظيم سري وملابس سوداء ، يخبرني أنه سكران ويروي كيف ينقصنا جيفارا في الجلسة ، كلية تجارة عين شمس ، شيوعي آخر يزور أمن الدولة ، أفتح له كتابا يقص تاريخ الأيوبيين ، 739 صفحة ، مقررة بالكامل ، التاريخ ، هل قرأ أحد تاريخ الطبري كاملا وهو في الإعدادية ؟ ، الفخر الوحيد الذي أصبح يمتلكه ، ثم حزن كثيرا عندما اكتشف أن كل تلك المجلدات نهر جار من الأكاذيب و الخداع ، الماركسية تفسد المتعة ، البحث عن بديل ، يرشف قليلا ويصفر وجهه ، أخاطب أقربهم إلى قلبي وأقول : أغثني ، يترك عشاء الأهل في نايل سيتي ويأتي ليغرق في الضحك على اثنين من السكارى ، يهومون خارج إطار الزمن وهما جالسان على مقهى قديم بمدينة نصر....

أشتري غليونا ليناسب السيارة الجديدة ، "الشماع" وصندوق من البيرة ، يقرؤون من هيمنجواي ، أترجم كل الأغاني التي نستمع لها معا ، وأقرؤها عليهم بعربية فصيحة لخريج جديد من دار العلوم تثير الضحك ، يقترح أحدهم أن نسافر جميعا إلى بلد عربي لنجني المال ، أو لبلد أوروبي لنتسرمح بحرية ، يحدث في فلوريدا ، نخسر بعضنا أياما ثم نعود للصداقة من جديد ، نتأمل مجددا الأسباب ، أستقل طائرة وتعتصرني مرارة....

أؤمن بالتداعي الحر ، أؤمن بجيمس جويس ، يقترحون الكف عن إدمان الكحول وإبداله بالكيمياء ، نفقد آخر على الطريق ، الرابعة صباحا ، أهرول إلى بيته ثم أهرول إلى صلاح سالم ، إسعاف ، شرطة ، أجلس بجوار سيارة الإسعاف على الرصيف باكيا ، ألومه برفق ، هرب منا منفردا ليختلي بزجاجة ، جبنة بالطحينة وترمس و خيار وجرجير وسوداني ، الثانية ليلا ، رشوة أمناء الكمين ، تأليف مشترك ، صيدلية تبيع المطلوب ، ثلاثة أيام من اليقظة و الجز على الأسنان وعض مبسم الشيشة البلاستيك ، طاولة بليارد لا نعرف من عليه الدور بالتحديد ، ضحك موجع ، أتذكر ، ثم يهرب منا منفردا ليختلي بزجاجة ، وحشة صلاح سالم مع جثة.....

تيمة ، كافتريا الأندلس بالمهندسين ، يقرأ قصة بصوت عال ، تلقي عليه جالسة تدخن بجينز أزرق وشعر أصفر رديء ورقة بها رقم الهاتف ، نطاردها إلى أرض اللواء ، تلوح لنا من بعيد وتتوه وسط المساكن ، نعود إلى الكافتريا ، علاقات جيدة تمت إضافتها ، وأخرى جيدة تم فقدها ، مثل تلك ، وتلك ، وتلك....

صباحا ، الكلام يسقط من فمي قطعا ، أتألم من فرط اليوفوريا ، يسألني : متى ستزور أخيك ؟ ، نائمين بالعراء فوق هضبة الهرم ، يخرج من وسط الظلام نفر يسعل ، أقول له : هل سقطت من فوق حصان أم أنت عفريت من الخلاء ؟ ، يشير إلى وقفتنا وسجائر الحشيش الدائرة ويقول بالأمس بلغت عن أربعة ، أقول له : كل شيء بالتراضي ، يطلب ، أصر : بالتراضي ، تقريع عنيف لرأس عابث مع أمزجة خطرة....

نشتري الملابس معا ، نشتري الكلب معا ، نشتري الحشيش معا ، نشتري قطع غيار السيارة معا ، نشتري المتعة معا ، خلال سنتين ، كنا نتقاسم كل ما بالجيب ، الآن علي أن أشتري الذكريات وحدي....

يركض تحت المطر ، يخلع سترته ، نجري خلفه بالسيارة ، لم نهتم يوما بالوقت ، كانت الحرية شاملة حتى تعرضت لأزمة الوظيفة ، هل ستوافق أن تعمل مدرسا ؟ ، على مدار ثلاث سنوات ، أرفض الاقتراح ، أذكرهم دائما بمن رحلوا في حوادث الطرقات ، وأصر كانوا سيرفضون مثل رفضي ، لم تنجح المساومات وتدخل الأسرة ، كان تدخل أي نفر بيننا خطا أحمر ، ولكن تكاسلنا في النهاية عن الدعم المطلق للصداقة....

ألملم الآن خسائري ، وعبر وعي مزقه الحزن والمخدرات أحاول إعادة إنتاج الفائت ، منذ بدأنا في انتقاء شركاء البيت و العيشة بدأنا في التساقط ، البنات تبحث عن الملكية.....

كنا نكتفي ببعضنا حتى بدأنا الطمع في المزيد ، المزيد من التخدير والغياب ، المزيد من المتعة على حساب الوقائع ، المزيد من المال ، المزيد من الشراكة ، يبدو لي بعد سنين أننا نلنا المزيد...

نعم ، صديق يضرب ميعادا لا يوفيه أبدا ، صديق يستقل طائرة ليكمل دراسة وهمية ولا يعود ، صديق تمنعه زوجته الجديدة من مخالطة الأوساخ القدماء ، صديق يقطع العلاقات لأنه تدين ، صديق يموت صدفة على الطريق ، صديق يموت صدفة بجواري في حادث سيارة ، صديق يموت صدفة في مظاهرة ، صديق يبيع كل ما يملك ليشتري المزيد من الزجاجات ويكف عن البحث عنا ، صديق يعمل بشركة لامعة يرتدي ثيابا جديدة ويغير رقم الهاتف ودائرة معارفه حتى يندمج ، صديق يحذر من صديق ، صديق يكف ، صديق يخسر كل شيء في جولة واحدة ثم يهرب خوفا من المطالبة بالديون....

أين نحن الآن ؟ ، الساحل الشمالي ثم أين نحن الآن ؟ ، الدائري ثم أين نحن الآن ؟ ، نويبع ثم أين نحن الآن ؟ ، رأس صدر ثم أين نحن الآن ؟ ، مجرد سطور......

أملك المزيد حتى أقيم لهم الوداع اللائق ، ولكن أشياء كثيرة استحقت النسيان........

يقف في إشارة المرور ، بجواره زوجته ، في المقعد الخلفي الكلب الذي اشتريناه معا ، ينبح لي الكلب ، يرمقني هو ، يدير وجهه إلى الأمام ، أبتسم للكلب ، وننطلق.....................



#أحمد_فرحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجازة مرضية لرجل جديد وجيد
- مرثية هذا الشيء اللعين
- الانفعالية : شخصية
- القمار
- تنويعة بوهيمية
- عصر الباكتريا
- وردة الفيولا
- مرثية المريد
- اللا ميدان
- الماديون الجدد سردا
- ( قصة قصيرة جدا عن حلمي سالم )
- برومازيبام
- مدينة الإنسان
- داندي قلق
- انفعالية : كلنا خالد سعيد
- قراءة في مجموعة البقاعي الشعرية الجديدة الصادرة بالإنكليزية ...
- توحّش سلس: قراءة في مجموعة مرخ البقاعي الانكليزية الجديدة
- توحّش سلس: قراءة في مجموعة مرح البقاعي الشعرية الجديدة


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد فرحات - انفعالية الأصدقاء