أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد فرحات - أجازة مرضية لرجل جديد وجيد















المزيد.....

أجازة مرضية لرجل جديد وجيد


أحمد فرحات

الحوار المتمدن-العدد: 4003 - 2013 / 2 / 14 - 20:18
المحور: الادب والفن
    


القصة التي كان يجب أن تُروى منذ البدء ، تأطير وعيك فشل بامتياز منذ جلست فوق هذا المكتب ، صرت تتحدث وتكتب وتمارس مهامك كأي تاجر ابن زانية لا يهمه من الأمر سوى الربح ، نعم ، المال ، ثم ماذا ؟ ، الاستقرار مثلا أم تقصد الروتين الذي ضبط إيقاع بوهيميتك حتى وصل بك الأمر إلى الاختلاء بنفسك في الحمام أمام المرآة من أجل استعادة الأمجاد الشبقية المجنونة التي كنت تمارسها على الجميع ، أيها الناسخ العظيم لقد مسخت ألف مرة في رحلاتك وفقدت بوصلتك ، كل التهويم المتكرر صار استمناءا ومحض ادعاء ، لن تفيقك الحجارة التي ترجم بها صورتك البهية المعلقة في حائط غرفتك ، معبدك تهدم ، إلهك مات ، جوفك خال ، أسفلتك ماء ، صوتك العالي خنس في حنجرتك و أصبح يتردد على موجة باهتة من الأثير لا مكان لها وسط هذا الصخب الفازع ( تركب أرجوحة معدنية باردة ، تتأرجح ، أمام ، خلف ، أمام ، خلف ، أعلى ، أسفل ، أعلى ، أسفل ، تعويم ، عوم ، أعلى ، أسفل ، انتهى حيز التأرجح ، الإبطاء أو القفز ، تغادر النادي الأهلي بمدينة نصر طفلا كان يلعب وحيدا ، شابا شيخا سكيرا بطالا ، لا فرق الآن بين لحظة وأخرى ) إنها دوامة من التيك توك ، تيك توك ، بندولك أيضا يمارس هوايته ، فخم ، قديم ، صامد ، أسفله زجاجة هينيسي ، ستشاركها السهرة ، ستشاركك السهرة ، آخر زيارة لك لهذا المنزل كانت بلا خطايا تذكر ، أي بلا وعود جديدة ، المحفظة التعيسة الممتلئة بالنقود الجديدة ، البنك نوت الفاخر ذو الرائحة الطازجة الخلابة ، لا شيء ، تيك توك ، در مرة و مرتين وثلاثة ، ادخل غرفتك شاهد السرير المرتب الفارغ ، تأمل جيدا أثاث الحجرة ، الكومود ، الدولاب ، الخزنة ، التسريحة ، تسريحة أمك الطاهرة ( آخر مشهد لها هنا : تزيل كتلة من الشعر الكستنائي المتساقط بفعل الكيماوي وتغلفها في كيس أصفر وتشير لك بها فتوميء إلى الدرج ) ( هاهاها ، أحمد عاجبك العضة اللي باينه في رقبتي دي ، أعمل فيك إيه دلوقتي ) ( إيه رأيك لو غيرت تسريحة شعري وقصيته وخليته بالطول دا بص معايا كدا في المرايا ) ( آآآآآآه ، تبكي ، تبكي ، تبكي ، الحزن يعصر قلبك بلا رحمة أو هوادة ) ( 150 مش حيكفوني النهاردة ممكن تديني خمسين كمان ) ، لا داعي لتدخل بقية الغرف الميتة ، دعها تحتفظ بكمكمتها ، فأنت الآن قاس جديد لا يحركك الفلاش باك ، فودكا تنبح على الباب ، تفتح باب الشقة فلا تجد فودكا ولا من كانت تنبح عليه ، أوهامك ، تبحث في السلم وتنظر ، تصب كأسا ، تشعل ، تبصق ، تمسح دمعة ، تفتح صنبور المياه ثم تغلقه ، قف الآن في الشرفة ، شاهد أمامك العساكر والجنود ، وهم يقفون في حراسة الفاشي الجديد ، تصرخ بأعلى حسك رغبة منك في النفاذ من أمرك الواقع إلى أمرهم الواقع : يا معرصين ، يا ولاد الوسخة ، لا يلتفت إليك سوى عسكري المرور ، كتب ، كتب مكدسة ، جديدة وقديمة ، حداثة وما بعدها ، ماركسية ، تراثية ، مجلات أدبية صحف ، تمزق تمزق ، ثم تبعثرها لهم ، لن يلتفت لك الجنود فهم خائفون مثلك من أمرهم الواقع ، ارتطام عنيف ، وصراخ ، سيارة كالعادة تطيح بأخرى في التقاطع العاري ، ترى المشهد كاملا ، ولا تكلف خاطرك بإجراء اتصال للإسعاف أو برمي زجاجة مياه من دورك الأول ، تصب كأسا ، تشعل ، على بعد خطوات منك ستدور اشتباكات الاتحادية ليلا ، ثم ، تصب كأسا ، تشعل ، لا لا ، إطلاقا ، لست عدميا كما سيظن المهرجون ، أنت على حق ، أنت سعيت وراء الربح وحققته ، وامتلأت محفظتك بالنقود ، ورصيدك في البنك يزداد ويثير إعجابك ، أنت من كبار العملاء ، يمكنك الشراء ، ويمكنك البيع ، لك سوق ، أنت ، أنت ، أنت ، إطارك ضاق حتى اتسع على حقيقة نفسك والأشياء في لحظة صدق واحدة أمام مرآتك في الحمام حيث استدرجتك نفسك للاختلاء واستعادة الأمجاد الشبقية المجنونة حيث لا زلت واقفا ( لا أعرف كيف سأصل إلى هناك ولكني سأصل ، أعرف فقط أني سأصل ، سأفعل كل شيء حتى أصل ، نعم ، لن يصدق هذا أحد ، لقد ارتميت على الطريق وقررت أن أتوه ، أعرف أماكن تليق بمن هو مثلي ، وتليق بقدراتهم على التوهان ، حيث لا ذكريات ، فقط حضن الحاضر ، حيث لا آتي ، فقط حضن الحاضر ، أنت تعرف أنها ستأخذك معها إلى شقتها في شبرا ، في تلك العزبة الكئيبة ، بعد كوبري عرابي ، تحكي كالعادة قصة السقوط الأول ، تحاول إقناعها أن الأمر لم يعد يتعلق بالأخلاق بقدر ما صار يتعلق بالإرادة والاختيار ، لا يهم ، أنت طيب حنون سخي ، لا ترغب في أحيان كثيرة بممارسة الجنس كالباقين ، تعرف الآن على ابنة خالتها ، غدا تأخذك إلى الهرم لتقلها وتسهر معها فوق التلة ، تجلسان في " بساطة " ثم تذهب بها إلى حدائق الأهرام حيث مقر عملك القديم ، تسرد هي ، وأنت تشاهد قطع الأراضي التي كنت تتاجر بها وأصبحت الآن عمارات شاهقة بملايين ، تنشغل مجددا بالربح ، الربح يقودك إلى الحنية والذكريات الجميلة مع أصدقائك الذين فقدتهم من أجل الربح ، تقودك إلى لف سيجارة لها ، تقودها إلى مزيد من الاعتراف ، تشاهد الدورية الراكبة ، تبرز الكارنيه الأصفر ، تدمدم بكلمات مقتضبة مع الأمين ، يبتسم ، تناوله 50 ، يحييك ، يغادر ، تبتسم لك ، تحتضنك ، تقبلك ، الحامي الحنون الطيب السخي ، ها ، بلا فلسفة وبلا تعقيد تعترف لك أنك أفضل من قابلت في العشر سنوات الأخيرة ، تعتبرك أخا ، كل ما تشاء ، بلا مقابل ، أنت رجل جدع ، غدا مع صديقتها التي قالت لها سترين أجمل الرجال ، يروقك خصرها ، تجرها باللسان اللزج إلى شقتك ، تدخن وتشرب ، تتأملها جيدا ، تبدأ الحكاية ، الطفلة ذات العشر سنوات التي دمرها...إلخ ، تقسم أنها ستكون معك للأبد ، فقط وفر لها الحماية وكن دائما هناك ، كن دائما هناك ، ترتعد ، اقطع وعدا ، نل ما تريد ، اشرب ، اشعل ، اقذف فوق الجسد المتردي في سطوتك حتى لا تتورط ، لن تكون دائما هناك ، لن تكون هناك ، أنت هناك واقف حيث لا تليق الذكريات ، أنت هناك واقف حيث لا تليق أنت بالذكريات ، ربما كنت ستنعم بجنة من الحنان والدفيء المتبادل بين المعطي والآخذ ، كنت تدرك أن أرباحك لن تتضرر كثيرا ، أنت حجر ، لتنتقل إلى ضرتها التي ناجذتها العداوة في الكباريه لسنين ، تعلم جيدا أن المنافسة تجود الخدمة ، تنافسن ، البرنس ، المهندم ، ذو الذوق الرفيع و الدخان النادر ، قل ما تريد ، تلعب معها لعبة : سأثبت لك أن المال هو سيد الموقف ، وهو الحقيقة الوحيدة ، وهو الثمن الحقيقي ، وكلهم بلا ثمن ، تسرد لك وأنت نائم فوق فخذها تاجر الوكالة الذي كاد أن يغتصبها في شقة بالمعمورة ، جالس هناك الآن ، يبعثر ، كارت ، تبعثر عليه قليلا من الأوراق ، مشاريبه عليك ، صديق جديد ، لئيم دنيء بلا ثمن ، تهبه فتاة جيدة ، تسحب البساط ، أنت المسيطر الآن ، الوحش ذو الثلاثين عاما ، المال ، شحنة ملابس مستوردة تمر من الجمارك بتسهيلات ، الوحش ذو الثلاثين عاما ، المال ، تنجر إلى رقيقة اسمها على اسم زوجتك ، تحملها بين ذراعيك كالطفلة وتدللها ، تراقصها ، تعلم أنها لم تأت لصحبتها رجلا آخر ، تغفر ، تكبُر ، الخطأ يتكرر ، تغفر ، تدرك جيدا أن هذا العالم واضح ، خارج الضوضاء والموسيقا النشاز الكل نشاز ، تناغم ، يد تعطي ، يد تأخذ ، خدمة مقابل خدمة ، نفس مقابل رشفة ، نقطة مقابل ليلة ، حضور مقابل تعظيم ، حيث المزيفون يشترون القيمة ، كلا ، الفتيات هؤلاء يعرفن جيدا من المزيف ومن الحقيق ، لا تحتاج قصتك إلى تتبع ، فهي توهة ، شحن ، تفريغ ، تنظيف ، تقطير ، خبرة ، ذوق ، كأس وسيجارة ، ولازلت واقفا حبيس مرآتك حيث تنفك اللحظات ، من خرج ومن دخل ؟ ، من قال وأعاد القول مرات ومرات ، لا مكان للحب ، الحذاء في وجه الجميع ، جالس فوق مكتبك بعد أجازة مرضية ، أنت جديد الآن وجيد.



#أحمد_فرحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرثية هذا الشيء اللعين
- الانفعالية : شخصية
- القمار
- تنويعة بوهيمية
- عصر الباكتريا
- وردة الفيولا
- مرثية المريد
- اللا ميدان
- الماديون الجدد سردا
- ( قصة قصيرة جدا عن حلمي سالم )
- برومازيبام
- مدينة الإنسان
- داندي قلق
- انفعالية : كلنا خالد سعيد
- قراءة في مجموعة البقاعي الشعرية الجديدة الصادرة بالإنكليزية ...
- توحّش سلس: قراءة في مجموعة مرخ البقاعي الانكليزية الجديدة
- توحّش سلس: قراءة في مجموعة مرح البقاعي الشعرية الجديدة


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد فرحات - أجازة مرضية لرجل جديد وجيد