|
عصر الباكتريا
أحمد فرحات
الحوار المتمدن-العدد: 3838 - 2012 / 9 / 2 - 00:06
المحور:
الادب والفن
- سينهض المفهوم مخالفا لكل " من " تحب. - من كثافة اللحظة والتنظير ابتدأت. - يكفي أننا نشعر أننا معا للحظات ، لن تشعر بعدها بالخوف ، يكفي أن تقضي ليلة هناك ، ثم تختلف المواقف ، يكفيك دولاب الفضية محتفظا بقصصك خلف الزجاج المتين وتحت السبوت لايت ، يكفيك الماء المتبقي. - الحياة تكمن في التفاصيل. - تبدل الإيمان بالنظرية حسب كثافة الوابل الآتي من تلك الجهة ، يجب أن تغلظ إحساسك قليلا حتى تمتنع ستتقيأ حداثتك كاملة. -الرؤية الشعرية الكامنة في مولدات الطاقة ، كاتربيلر ، كوماتسو ، الشرق ، الغرب ، الزمجرة والبترول............... نعم يمسح حبات العرق ، كان يشحن بندقيته الروسية بدفعة جديدة ويتأكد أن صمام الأمان مرفوع ، يجب ألا يحب ثانية ، لن يقع في الحب ثانية ، يفرغ الطلقات ويعيد شحنها ثم يتأكد أن صمام الأمان مرفوع حتى لا يقع في الحب ثانية ، اللعنة ، الروس كلاب ذئبية لا تعرف الرحمة ، هل أنت سعيد بالمفهوم الجديد ؟ ، نعم ، سيد الارتجال والاستطراد أصبح كاذبا خبيثا أليس كذلك ؟ ، بلى ، أتأكد أن الشموع في الغرفة لا تذوب ، سنستعملها لمدد آتية ، أطمأن يوميا أن الحزن لا زال يميل إلى الممازحة وأنه لا يحلق شعر رأسه كما وعد ، كنت أخشى تأثير الحركة الاجتماعية عليه بعد الحرب ، أخذ يقيس مساحة الغرفة / العنبر / الذكرى - بالإبرة ، ويدون الأرقام ويجمع ويطرح ويضرب عرض الحائط في ارتفاع السقف ، وأنا...أخشى تأثير الحركة الاجتماعية عليه بعد الحرب ، كنا منبوذين جدا في تلك الفترة ، كان يصرخ لي ويصرح أنه ود لو وُلد أنثى ، كان سكان الأحياء قد صاروا جميعا مشوهين ، وأمنيات الخلود والعدم أو الولادة كائنا آخر كانت رائجة ، لكنه يود لو جاء إلى الحي بنتا فاتنة تخلع ملابسها بحرية وتداعب أعضاءها أمام الجميع ، وكان يقابل سارتر بانتظام في الطابق الثامن ولم يصل إلى شيء ، كنت شخصيا قد رفضت كل الدعوات ، كنا في الطابق الثاني ، ولم يتبق في المدينة عمارات ذات طوابق ، هي واحدة باقية وكنا نسكنها ، وآليت لا أترك موقعي لأحد ، كان علي التأكد من سلامة الرصاص ، كنت أحتفظ لي وله بالزيوت الملمعة والWD40 حتى نحافظ على سلامة الأجزاء ومرونتها ، الصدأ ، الصدأ ، الصدأ كان يأكل كل شيء ، حتى الطعام وزجاجات الخمرة والكحول المطهر للجروح ، حتى الكحول أصابه الصدأ ، حتى " ليلى " تزوجت خشية أن يصيب الصدأ فرجها المتناسق ، كان الصدأ أخضر. عليكم أيها السادة أن تحافظوا على الابتسامة ، القمار هو الحل المتطرف ، " هاهاهاهاها " ، لم تكن القسمة أو العقلنة تلائم الأمور هناك ، " هاهاهاها " ، كان على كل أن يضع حدا وأن يمضي في اختياره إلى نهاية المدى " هاهاهاها ".......... " ألن ترسم الغرفة ؟ ألا تلون لنا الجدران ؟ ألا تحدثنا عما حدث ؟ أين الضباب والأثير ؟ ألن تتوب ؟ ألن تغتسل ؟ ألن تقبل ليلى في فمها قبلة طويلة حتى تشهق وتهنأها بالزواج ؟ ألن تعود طيبا مرة أخرى ؟ ألن تتذكر أمك وإخوتك المصروعين ؟ ألن تكف عن تلميع البندقية وشحن الطلقات وجمع الفوارغ من الخراب وإعادتها والمتاجرة بالموت مقابل أن ترى البسمة الزائفة على وجوه الجميع ؟ ألن تعود ؟ ألن تعود ألن تعود...." كنت أحلم ، وكان حلما رديئا ، ارتديت ثيابي مسرعا وأخذت ورقة وقلما على سبيل الاحتياط ، أخذت بندقية ، أخذت ثمانية أقراص مضادة للصرع ، سحبت كابل التلفاز المركزي من فوق السطح ولففته حول المبنى حتى اختنق ، مولد الطاقة كان يزمجر والأخبار الكاذبة تتوالى ، نعم ، كل الأخبار كانت كاذبة ، عن كل شيء كانت كاذبة ، كلهم كاذبون ، لم أرفع نظري تجاه السماء مدة ستين يوما ، كنت أعرف أن الأمطار الحمضية ستسقط قريبا فوق الرؤوس.......... - " هل علي التخلص منه الآن ؟ " - " كلا ، انتظر بداية العام القادم ( ابتسامة سادية مخلصة ) ربما.." - " نعم ، ربما...ربما " - " لن أحب ثانية..لا فائدة " - " كف عن ترداد الأغنية القبيحة هذه " - " لا تقل كف ، لا تعطني أوامر وإلاقتلتك مثل أي كلب مات برصاصة أو شظية أو ذكرى ما كان " - " اللعنة على كل ما كان " - " لقد وصلنا هنا وسيعلونا الصدأ الأخضر اللعين قريبا أو نهلك حزانى من عدم القدرة " - " سأظل باقيا ، لن أموت كما يموت الشعراء التافهون " - " كلا ، لن تموت يا صاح سيعلوك الصدأ ولن تتمكن حتى من مداعبة بندقيتك وإدخال فوهتها في..." - " إياك " - " حسنا " - " لا أحتمل هذه الحكة..سيحدث شيء أليم اليوم..سأقتل ليلى لا يمكنني تصورها الآن وهي بهذا الشوه ترقص له ويضاجعها كأن شيئا لم يحدث لها أو لنا " - " الراضون بالقبح وحدهم مستمرون " - " لن أحمي راضيا بالقبح يجب أن يموتوا جميعا " - " حسنا فلنلعب آلهة وعبيد" - " هيا " أريته كابل التلفاز راقته الفكرة وقال " والبقية ؟ " ، قلت " لا بقية حتى يحدث ما سيحدث " اقتحمنا شقتها المجاورة لسارتر ، كانت تربي الذئاب والقطط والأرانب قبلُ ، أصبح كل شيء يأكل كل شيء ، الرائحة النفاذة للموت وزفارة العظام والفرو الممزع والذئاب المخضرة والمطروحة أرضا " انظر إنه هناك " ، كان الفتى الوردي مستغرقا في طعامه على الطاولة بنهم وصوت مسموع وكان رأسها موضوعا أمامه ، " إنه يأكل حبك يا أخرق ها " ، جزت أسنانه وقال لي في العين بنارية " لا يهم إنه الوقت المناسب " ، صرخ في الأبيض الوردي المكتنز اللحم " هيا يا ابن السافلة كما أنت ، ضع هذا الطوق في رقبتك " ، جحظت عيناه وتجمدت حركته ولم يرد ، تأملت طبقه وتفاصيل الجسد المغلي في الإناء ودخان الوجودية الآتي من شباك الشقة المجاورة وفقعات الصابون الطائرة في جو الغرفة الرهيب ، كانت التلفاز يذيع " ضوء النهار مات " ، كنت أرقص معها هنا ، ثم رقص معها هنا ، ثم أكلها هذا السمين ، وابل طلقات انهال ، " الرصاص يا أحمق اقتصد " ، لم يجبني وسحب الرأس ورمى بها في شنطة وسط الفوضى وتركني هابطا إلى شقته مسرعا وأغلق بابه ، سيستغرق التنظير منه عاما على الأقل سنكون كلنا قد هلكنا ، حسنا يا أبناء الزانية ، سأغلق باب هذا المبنى اللعين ، سأهرب وحدي ، لا.... سارتر قد قال له من قبل " إن العائلات قائمة في بيوتها وسط ذكرياتها أما نحن فحطامان بلا ذاكرة " ، الرأس ذات الشعر الأحمر ودولاب الفضية وعنفك طفلا تجاه أبناء خالتك................وكنت ألعب...........وكانت تستمريء الضحك في .............. عقدت كابل التلفاز جيدا بالمولد الكاتربيلر وامتطيته ، ركلته بعنف ، جارا ورائي العمارة الوحيدة ذات الطوابق المتآكلة بالصدأ الأخضر المتفشي بعضويته في كل شيء فيها ، هذا الزمن ، هذا المبنى المشتمل على أناس لا زالوا يؤمنون ، الله الذكريات الحب ليلى المقالات التافهة الأغنيات العطور الرخيصة الكروش الممتلئة بالروث والواقعية والحقيقة وشروط النشر الصحية والاستمناء المتواصل..إلخ ....هيا ركلت كاتربيلر في بطنه ليزمجر بالبترول المتبقى ، سنتجه غربا ،سأصفي حسابات لم تنته ، وأطلقت عدة طلقات في الهواء ورقد المبنى على جانبه منزوعا بالجر الوحشي كالمسيح ، سأصفي حسابات ، سأمرح لست من عصر الباكتريا في شيء ، سأنتمي ، هيا...........
#أحمد_فرحات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وردة الفيولا
-
مرثية المريد
-
اللا ميدان
-
الماديون الجدد سردا
-
( قصة قصيرة جدا عن حلمي سالم )
-
برومازيبام
-
مدينة الإنسان
-
داندي قلق
-
انفعالية : كلنا خالد سعيد
-
قراءة في مجموعة البقاعي الشعرية الجديدة الصادرة بالإنكليزية
...
-
توحّش سلس: قراءة في مجموعة مرخ البقاعي الانكليزية الجديدة
-
توحّش سلس: قراءة في مجموعة مرح البقاعي الشعرية الجديدة
المزيد.....
-
وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما
...
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|