أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - تغريبة السوريين














المزيد.....

تغريبة السوريين


فواز قادري

الحوار المتمدن-العدد: 4012 - 2013 / 2 / 23 - 18:07
المحور: الادب والفن
    


تناثر السوريون كالدموع على جسد الكوكب، كل دمعة لها قصة، وكل قصة لها آلاف الأحفاد اليتامى، جراح وغصّات وذاكرة تلوّح بمناديلها البيضاء للأمكنة التي تلوّنت بدم ساكنيها. هذا الكوكب الفاقد لكل ما هو إنساني، رغم مكاييجه الكثيرة التي يصبغ بها عورة جشع وطمع دوله الكبرى، وخنوع أنظمة تقمع شعوبها ولا تستطيع أن تكون إلا لعبة في يد هذه الدول التي تتحكم بمصير العالم ولا تخرج عن طاعتها، من اجل أن تبقى جاثمة على رؤوس شعوبها، شراهة مصالح ونفوذ هذه الدول تجاوزت كل حد (أمريكا وروسيا ومن يدور في فلكها) تسندها القوة وشريعة قوانين حقبة ما بعد الحرب العالمية الثاني والتي كرّست شكل تقاسم العالم.

كلّ مكاييج الكوكب الإنسانيّة جداً! لم تستطع أن تخفي دمعة طفل سوريّ أو قطرة واحدة من دمه الذي يصرخ في وجدان البشريّة المتظاهر بالطرش. يتناثر السوريون وتفرّخ المأساة لقطاء وجع على قارعة الكوكب، على كل خارطاته أثر من أرواحهم ووجدهم المكسّر وخوفهم وأحلامهم، من طاحونة هروبهم من موت إلى موت في أحشاء البلاد التي لا تستطيع منحهم إغماضة يقدر الحلم أن يلج منها إليهم! إلى المخيمات التي تفرّخ أشكالا من القصص تحتاج كل قصة منها مؤرّخاً بارعاً وخبيراً بتاريخ الألم! إلى آخر هذه التغريبة التي تلتهم السوريين لحماً وعظماً في منافي هذا الكوكب المسكين والعاجز!

نورا

نورا التي من حنين وخوف وأسئلة كافية لإقلاق آلهة الأولمب وآلهة السفوح والوديان، نورا التي تتكوّر على أطفالها الخمسة وحيدة، في أحد المدن التركيّة، نورا لا تستطيع أن تنسى اللحظات الأخيرة التي اقتادوا فيها زوجها "رائد خرّيط" مع أقاربه إلى الموت، الموت الذي يمحو أثر جثث الشهداء، فلا قبور ولا زهور ولا من يأخذ بالخاطر ويطبطب على الروح، بكلمة أو بدمعة. نورا رغم خساراتها الكثيرة، لا تستطيع أن تنسى ولا تشعر بالامتنان إلى ذلك الجندي الذي تلكّأ بأخذ ابنها الصغير مع أبيه إلى غياب نهائي، الجنديّ الذي انتظر خروج الضابط إلى بيت آخر، ليعيد الطفل إليها، ويقول لها: خبّئيه حتى لا يراه الضابط، وكأنه يعرف مسبقاً، مصير الأبرياء الذين ذهبوا مع زملائه بلا عودة. نورا لاتعرف كيف ترمّم أيّامها وقلبها؟؛ رغم الناس الطيّبين الذين تقيم بينهم، والذين يحاولون أن يخفّفوا عنها. ولاتعرف كيف تمسح الخوف في النهار من أعين أولادها، ولا الكوابيس من نومهم المتقطّع، نورا مازالت تنتظر أن يستيقظ ضمير العالم، وهي لا تعرف أنّها تنتظر ميّتاً، والميّت صعب أن يعود إلى الحياة!

ولاء

منذ أن عرفتها، لم تكفّ "ولاء" عن لوم نفسها على تركها لأهلها، وهي القادمة حديثاً إلى ألمانيا، كانت تحكي والدمعة في عينيها: كيف أنجو بنفسي وأتركهم للموت؟ ألف كيف وكيف ردّدتها، كانت دمشق حاضرة في حديثها وحديث شقيقتها " شام". لم نكن نعرف شيئاً عن الانفجار الذي حصل قريباً من سكن أهل الفتاتين، قبل أن تخبرنا سعاد بذلك، ونحن نحكي عن وجعنا المشترك، عن سورية من أقصى الجرح إلى أقصى الألم، ونحكي عن خوفنا على دمشق، دمشق زهرة الدنيا، الهاتف كان عجزاً عن توصيل صراخ أمّهما وهي تصف ماحدث، وكأنّ دمشق هي التي كانت تصرخ مثلما صرخت مدن سوريّة كثيرة قبلها.

هل أخاف عليكِ يا دمشق من جزّار سورية؟ مرعوب أنا على عطر ياسمين الأرواح، مرعوب على التفّاح والمشمش والبشر، مرعوب على أحجار التاريخ، على ضحكة أطفالكِ حتى لاتتحوّل إلى خوف ودموع، على النساء والشيوخ والمطر، مرعوب أنا يا دمشق.. قلبي عليكِ.. قلبي عليكِ.

دمشق.. تنزف الياسمين

إلى: شام وولاء

ياسمينتان دمشقيّتان تبكيان على صدري
امتلأ البيت بعطر شآمي حزين
امتلأ قلباهما بشظايا الدمع
لم يكن زجاج البيوت وحده الذي تطاير
ولا حمام يبحث عن غيمة زرقاء حالمة
تطاير بلّور عيون كانت تضحك قبل قليل
وكتب ودفاتر عليها دماء الصغار.
كانت شام تبكي على الشام
بيديّ ألملم القليل من انسكاب روحها
فتزهر مناديل ورقيّة
سفحت على بياضها سواد عينيها.



#فواز_قادري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غبار الأصدقاء.. غبار المدن
- على وسادتها ينام التاريخ قلقاً
- ميونيخ بيضاء بلا قطرة دم واحد.
- امرأة ورجل وثلاثة أطفال
- نساء سوريّات في الثورة
- كن رحيماً أيّها الثلج الوسيم.
- يرتجف الثلج تحت قدميه الحافيتين.
- أرسم لها أرضاً حنونة.. وأرفع فوقها سمائي
- شهداء السنة الجديدة
- للكتب أرواح أيضاً
- حلم
- تفاصيل
- أمّهاتي الكثيرات
- جثّة من التي تفسّخت؟
- أسوارنا من لحم ودم
- الكثير من قصص الحب في الثورة السورية، لا نعرف عنها شيئاً.
- يجري الدم السوري ويسبق الجميع.
- تتفتّح زهور سورية في الخريف
- -هدنة العيد-
- الميادين


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - تغريبة السوريين