أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - كن رحيماً أيّها الثلج الوسيم.














المزيد.....

كن رحيماً أيّها الثلج الوسيم.


فواز قادري

الحوار المتمدن-العدد: 3977 - 2013 / 1 / 19 - 01:09
المحور: الادب والفن
    


من الشرفة أرى ثماره البيض تتدلّى من أغصان شجر الحديقة المجاورة، أرى الشارع بفستان عرسه الأبيض وأنفاس المارة الدافئة تقدّم التهاني إلى الخريف الرماديّ، على حُلّته الجديدة. لم يكن هذا الأبيض المترامي يرعب الناس الخارجين للنزهة مع كلابهم، ولم يكن النهار كئيباً، الحياة أيضاً تحرس أطفالها الفرحين، كل شيء يضحك على طريقته، كل الأشياء تتضافر لكي تكوّن هذه اللوحة الفرحة البديعة، وحدي أنا أتابع المشهد وأكتئب، أتابع حركة الكائنات البطيئة تحت نديف الثلج الحميم، ويزداد قلبي حرقة ويزداد حزني بياضاً.
لم يستطع هذا المشهد المتحرّك أن يأخذني بعيداً عن عشرات المشاهد التي تتعارك في رأسي: أطفال سوريون تحت الأنقاض، أطفال بلا تخدير تُبتر أقدامهم وأعينهم مُفتّحة وألمهم أكبر من اليقظة والصراخ، أطفال وحيدون لا يعرفون أين العائلة وأين الديار؟ أطفال تحت خيام متهالكة، أطفال بلا أطراف ولا حركة ولا ألعاب ولا أحلام ولا قبور!. أطفال العالم فرحون بثلوج الشتاء الوسيم، وأطفال سورية بلا وطن ولا فرح ولا حياة، فقط أحلامهم ترفرف كطيور بعيدة.

معجزة.
• كتبتُ إلى صديق في "دير الزور"، هناك، حيث صمود الناس والمقاتلين يشكّل معجزة، معجزة نعم؛ وأرجو أن لا تفقد هذه الكلمة معناها العميق، مثلما فقدت الكثير من الكلمات معانيها وقدرتها على التأثير، لكثرة استخدامها في وصف حالات كثيرة من صمود شعبنا في هذه الثورة، وفي وصف وتكرار كلّ أشكال هذا الموت والقتل الخرافيّين الذين سنجدهما أينما التفتنا، في كلّ مدينة وقرية وحارة، وسنجد المعجزة تمشي على قدميها بين الناس، تأكل وتشرب معهم، تنام وتصحو وتبكي، حين لا تستطيع تحمّل وجعهم! هي فقط تبقى حيّة حين يذهب الشهداء إلى الخلود. كتبتُ أسأله عن أحواله وأحوال الثوار الصامدين المدافعين عن مدينتنا، معجزة حقيقية صمود المقاتلين وصمود الناس، رغم هذا القصف الوحشيّ بالطائرات ورغم الفارق الهائل بالعدد والعتاد، رغم الُشح الشديد لوسائل الحياة، من خبز وماء وكهرباء وأدوية، والقائمة تطول، ورغم غياب أبسط مقوّمات الصمود، أليس هذا معجزة تستحق اسمها! كتبتُ له وكان قد تأخّر بالرد على رسائل سابقة:
• أينك صديقي؟ طمّني عن أحلامنا فيكم، رأسي لم يعد قادراً أن يحتمل أكثر، وهو بحاجة إلى وسادة أو حلم. دوّنْ ما تستطيع، وانت تحرس منابع الشمس هناك.
ردّ عليّ أخيراً:
"أبو الفوز وبصدق عدم الردّ مقصود يا صديقي، لا اريد ان أسبب لك المزيد من الألم، تكفيك أوجاعك! أظنّ أن الغياب حادث حادث، هو فقط مؤجّل وأريد أن يتعوّد منذ الآن على غيابنا من نحبّ! اليوم أخطأتنا طائرة "الميج" بيننا بضعة أمتار فقط، أصابت المبنى المجاور لنا تماماً، فهبطت سقوفه. من يدري ما سيحدث في غارة قادمة؟ أحنّ وأشتاق للحياة، لكن، لن أخرج من المدينة أبداً، إلى أن يتمّ ما يجب أن يتمّ، وقد يتمّ الغياب!"
الصورة التي أنقلها عن دير الزور، لن تختلف كثيراً عن صورة بقيّة المدن والأرياف المُقاومة والتي تواجه آلة الموت الهائلة لعصابة القتلة التي يتستّر ويسكت على جرائمها العالم. هكذا حينما نتألّم نحن الذين نعيش خارج البلاد، ونقلق على شعبنا وعلى أصدقائنا وأهلنا، ونتعرّض في اليوم الواحد إلى تقلّبات نفسيّة ليس لها أول ولا آخر، موجة تأخذنا وموجة تعيدنا وموجة تنسانا ولا تعرف نحن أين؟ على عكسنا، المقاتلون حددوا خيارهم ونذروا أرواحهم من أجل الحرّية التي ينشدون. هكذا تتجلى المعجزة التي علينا أن نصدّقها، معجزة أناس عاديين قرروا الصمود وحين تصمد الأرواح تتبخّر الهزيمة.
من هؤلاء أتعلّم وأشحن قصائدي بجمال أرواحهم الذي لا يهزم، لهم أغنّي ولا يهمّني سمع العالم أو لم يسمع.

أغنّي ولا يسمعني أحد
أنا رسولكِ العاشق إلى الدنيا
أنا وسادة أحلامكِ
ارفعي رأسكِ عن حجر الطريق
شريدكِ العتيق أنا
لا أبحث عن وطن بديل
يكفي أن تكوني
عطر وردتي في المهب.



#فواز_قادري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يرتجف الثلج تحت قدميه الحافيتين.
- أرسم لها أرضاً حنونة.. وأرفع فوقها سمائي
- شهداء السنة الجديدة
- للكتب أرواح أيضاً
- حلم
- تفاصيل
- أمّهاتي الكثيرات
- جثّة من التي تفسّخت؟
- أسوارنا من لحم ودم
- الكثير من قصص الحب في الثورة السورية، لا نعرف عنها شيئاً.
- يجري الدم السوري ويسبق الجميع.
- تتفتّح زهور سورية في الخريف
- -هدنة العيد-
- الميادين
- صباحات تُشبه خريفاً سوريّاً
- -أنا أخو الوزير-
- صباح الخير أيّتها المرأة الحامل
- إشراقات
- آآآخ يا عمّو آآخ!
- يوم في حياة شهيد


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - كن رحيماً أيّها الثلج الوسيم.