أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - أسوارنا من لحم ودم














المزيد.....

أسوارنا من لحم ودم


فواز قادري

الحوار المتمدن-العدد: 3916 - 2012 / 11 / 19 - 09:47
المحور: الادب والفن
    


المدن المحاصرة في التاريخ لا تُعد ولا تحصى، ولعل طراوادة أشهرها، لو تجاوزنا الأمثلة الكثيرة من الماضي والحاضر وتناولنا فقط بطولات المدافعين عن المدن والبلدات السورية التي حوصرت، سوف نكتب الكثير حتى نستطيع أن نوضّح صور الصمود الباهرة.
لا تُستنفد أرواح المدن، من حصار إلى حصار، يلاحق الجزّار أرواح المدن السوريّة بالراجمات والطائرات والجيوش، يصرّ واهماً على نفادها، يقتلع البيوت من جذورها، يقصف الأشجار والأحجار والبشر وبقيّة الكائنات، طاش جنون كلابه الذين لم يتركوا وسيلة للقتل والدمار، المدن لها أرواح لا تُهزم، يتجاهل الطاغية هذه البديهة، ويستمرّ بعنجهيّته الفارغة.
دير الزور إحدى هذه المدن البطلة، المدينة المحاصرة منذ أشهر، تتصاعد الحرائق من جسدها المنهك وتناثر أشلائها، تلتقط خبزها كما تفعل الطير، تتغرغر بمياه مطر الفرات وتهب شهداءها للأرض، شهيداً وراء شهيد، ومع ذلك، تستمرّ أرواح المدافعين عنها بالتنفّس والحياة، رغم هوائها الملوّث بالدخان وغبار الأنقاض، رغم عتادها الضئيل وسمائها المقيّدة بغربان الحديد. تبقى الصورة ناقصة في وصف صمود شبابنا، دون أن نسمع أصواتهم أو نقرأ رسائلهم الأخيرة، شهيد حيّ يبلّغ عن شهيد، يحمل وصيّته وحلمه بالحرّية التي قد لا يراها ولا يسمح له التراب الذي ينام تحته بالاحتفال بها مع الآخرين حين تنتصر الثورة:
"أكثر الأصدقاء صاروا شهداء وبموتهم صار دافع الاحتفال بالنصر أكبر، على حسب اتفاقنا معهم وهم أحياء، ورغبتنا جميعاً بهذا الشيء، فعدم وجودنا بالحياة يجب أن لا يلغي فرح أحدنا بيوم النصر، نتفق الآن ونحن أحياء، على الذين يتبقون منّا، أن يدبكوا ويرقصوا ويهلهلوا في ساحه الحرية، حتى لو بقي شخص واحد على قيد الحياة، عليه أن يبلّغ أهلنا بالاحتفال مع الناس، نحن نعرف أن فاتورة الحريّة ستكون كبيرة وأرواحنا جزء من هذه الفاتورة، أمانة احتفلوا بالحرية كما تستحق، هذه وصيتنا الوحيدة." تختصر رسالة هذا الشهيد الحيّ الكثير مما يجب أن يقال حول صمود السوريين في وجه آلة القتل التي قلّ نظيرها، وما علينا إلّا أن نردد معهم:
" أسوارنا من لحم ودم
وطروادة أسوارها من حجر"

**

تقول القصيدة
حرب تنطّ على حبال الأرواح
كبهلوان بارع
مجازر على قفا من يشيل:
سكاكين تولّهت بأعناق النساء
راجمات تعجن لحم الناس بالحجر
جرحى يتعالجون بالموت!
تتعب القصيدة من التعداد
قبل أن تُعرّف بقيّة الشهداء
ترفع يديها
عاجزة أنا تقول:
لا أقدرأن أودّع جميع الشهداء
تغلق الكلمات على نفسها
دون أن تستأذن أحداً.



#فواز_قادري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكثير من قصص الحب في الثورة السورية، لا نعرف عنها شيئاً.
- يجري الدم السوري ويسبق الجميع.
- تتفتّح زهور سورية في الخريف
- -هدنة العيد-
- الميادين
- صباحات تُشبه خريفاً سوريّاً
- -أنا أخو الوزير-
- صباح الخير أيّتها المرأة الحامل
- إشراقات
- آآآخ يا عمّو آآخ!
- يوم في حياة شهيد
- سورية قصيدة حرّة
- صمتكم يقتل المزيد من السوريين.. كاتبة عربية وكاتب صهيوني نمو ...
- صباح عليكِ
- انشغالات يوميّة
- مطر رحيم في الصيف، على مدينة محاصرة. *
- حوار غير ودّيّ، بين الوردة واليأس
- هذا ليس كلّ شيء
- صور حديثة جداً.. لمدينة تحت القصف
- ومع ذلك


المزيد.....




- السينما مرآة القلق المعاصر.. لماذا تجذبنا أفلام الاضطرابات ا ...
- فنانون ومشاهير يسعون إلى حشد ضغط شعبي لاتخاذ مزيد من الإجراء ...
- يوجينيو آرياس هيرانز.. حلاق بيكاسو الوفي
- تنامي مقاطعة الفنانين والمشاهير الغربيين لدولة الاحتلال بسبب ...
- من عروض ايام بجاية السينمائية... -سودان ياغالي- ابداع الشباب ...
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- وَجْهٌ فِي مَرَايَا حُلْم
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- نظارة ذكية -تخذل- زوكربيرغ.. موقف محرج على المسرح
- -قوة التفاوض- عراقجي يكشف خفايا بمفاوضات الملف النووي


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - أسوارنا من لحم ودم