أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - يوم في حياة شهيد















المزيد.....

يوم في حياة شهيد


فواز قادري

الحوار المتمدن-العدد: 3838 - 2012 / 9 / 2 - 21:51
المحور: الادب والفن
    


"أكتب المسودات على عجل وأحتفظ بها
علّ فرصة بين حصارين تسمح لي أن أرسل لكَ ما كتبتُ"
خضر الدعار

هكذا يفتتح الشهيد خضر الدعار إحدى رسائله (يومياته) وللشهداء أكثر من حقّ علينا، أقلها أن تصل كتاباتهم إلى الناس، الكتابات التي انعجنت بدمائهم ولم تكن البلاغة مجرّد زركشة لفنون القول، الموت جالس على يمينهم ويسارهم، من خلفهم وأمامهم، يشاطرهم لقمة الخبز وقدح الشاي ويتصيّد أحلامهم حين تغفل أعينهم قليلا.

كنتُ قد اتفقت مع الشهيد على أن يكاتبني بما يشبه اليوميات، لهذا كانت رسائله تدويناً لحياة لم نعشها نحن الذين في الخارج، حياة على درجة من الدفء كافية ليستعيد الإنسان فينا، ذلك المعنى للثورة التي نصّبناها سيدة لزماننا الذي فعلنا من أجله ما استطعنا ذات يوم، وكان الشهيد أحد من حاول معنا قبل أن يكون الشهيد الشاهد على "قيامة الدم السوري"

هذه الكتابات جاءت من رحم يحتضن المستقبل، تنبض فيه أحلامنا ونسمع دقات قلوبها، جنين حيّ في أحشائها، من أسمائه الحُسنى الكثيرة: الحريّة.
فواز

" أخيراً تخرّ المعجزات صاغرة، أخيراً يرفع المستحيل يديه مستسلماً،
أخيراّ نغادر خوفنا ونطرد موتنا، لنلتحق بقافلة الحياة.
رغم كل ما نسمع وما نرى، رغم خوفنا الذي توارى خلف سواتر الحارات المقامة على عجل
والسهرعلى ألاّ تطال المجنزرات أحلام أطفالنا، رغم الطلاق البائن بين جفوننا والنوم،
رغم أصوات الطلقات العمياء،
لازلنا نطلق النكات ونبتسم.
نصر على ألا نلتفت لصرخات موت يدق أبواب أرواحنا في كل لحظة، نتجوّل في الحارات، نتفقد
ما تبقى من الأصدقاء، نعزّي أهل من سبقنا بانتظار دورنا الذي قد تختصره رصاصة طائشة أو مبصرة!
لكنّ الأكيد،حين نموت، سنموت بأعين أكثر اتساعاّ على فجر يوغل في دلاله.
دمنا الواضح كطفل يتأرجح وصدورناالعارية كالحقيقة، سيشهدون أنّ أحلامنا كانت أقوى من الرصاص."
خضر الدّعّار



"كانوا يتصورون حين أوحى لهم خيالهم المريض إذا رفعوا جرعة الموت قليلا.. قد يستطيعون بتلك الجرعة إرهابنا ولكنهم فشلوا وسيفشلون
ولأننا تجرعنا موتهم منذ أربعين عاما.. تجرعناه بكل النكهات..وعرفنا كل أشكاله.. بدءاً بالإهتراء في السجون.. وحتى آخر صرعة من صرعات القتل.. ولأننا لم نشهد يوماً غير القتل فقد فشلوا.. ولن لستطيعوا مصادرة حريتنا بالقتل بعد اليوم ولا كرامتنا التي استعدناها منهم، وما سنسرده من وقائع يؤكد ذلك :
في تلك الليلة وذلك اليوم وحين جاء دور دير الزور في نيل نصيبها من مجازر لجنة المراقبة العربية .. في تلك الليلة حين كانت الدير بحاراتها المشتعلة وبشبابها الذين هتفوا الموت ولا المذلة.. شبابها الذين لم يناموا كي لايفوتهم قطار اللجنة العمياء العرجاء..في تلك الليلة المؤامرة، كانت الدير على موعد مع المجزرة التي تم تحضيرها استقبالا للجنةٍ المراقبين العمياء.أبسط ما يقال عن قدوم هذه اللجنة المزيد من الموت للمدن التي تستقبلها!

في تلك الليلة كانت كل الأشياء مختلفة .. الهواء .. الشوارع .. البيوت .. المارة الذين يتحركون بوجل وعجل .. الوجوه المطمئنة والواثقة تلك الثقة التي تلونها بعضا من خيوط الخوف والترقب.. العيون، تلك العيون اليقظة والمتوثبة والتي تقرأ الإصرار فيها..الابتسامات المختصرة والوادعة.. اللقاءات السريعة والخاطفة لرسم خطة هنا وإغلاق ثغرة هناك.. تغطية كل الشوارع التي يمكن للجنة المرور بها .. رغم الإدراك المسبق لما يحصل من موت واعتقال.. لكن الإصرار البادي للجميع أن اللعبة لم تنتهي بعد.. وأننا الأجدر والأنجح بلعبة الموت من أجل الحياة .. الحياة الحرة الكريمة وبأبسط أشكالها..فلا طمع لدينا بأكثر من ذلك.
نتصيد اللجان الأشباح في كل زاوية.. علنا نلتقي بشريف فيهم نأتمنه على أوجاعنا .. نأتمنه على جزء من وثائق جراحنا وشهدائنا ومعتقلينا.. كنا نراهن على أن نجد من يصغي لنا (كأنور مالك ) وكان الجميع مستعدا لإيصال حقيقة ما يجري وتحت أي ثمن..على أن نوثق كل خطوة حتى ولو كان ذلك على دمائنا.. فقط كنا نريد أن ننقل للآخر جزءاً من وقائع ما نعيشه بحيث لا يستطيع أن ينكر ما يرى وتحت أي ظرف كان ولم يخطر ببال أحد أن الفخاخ قد أعدّت وبتنسيق مع بعض أعضاء اللجنة ولن أقول الجميع إكراما لأنور مالك.. الذي فضح ما يحضر لنا ولكن بعد فوات المجزرة!
هرع الناس جميعا الى الأماكن التي كان من المفترض على اللجنة زيارتها..وهناك، هناك في الشوارع العريضة والساحات (وخصوصاً شارع حسن الطه المؤدي الى ساحة الحرية ) كان بإنتظارنا الرصاص بدل المراقبين، أبناء الفرات صرعى.. هذا بطلقة غادرة في الصدر وذاك بشظية في الخاصرة.. وووووووو... إلى آخر الدماء!!!
ولم تغادر شمس الظهيرة الى مغربها، إلا وغادرت معها أرواح ثلاثة عشر شابا.. رشّحوا أنفسهم ليكونوا في قافلة الدم التي ستستعيد الكرامة التي هدرتها السلطة طوال هذه السنين.. لم يتفاجأ الجميع بما حصل ..لكن المفاجئ هو توقيت المجزرة! المجزرة التي راحت ضحيتها أيضاً مصداقية اللجان وهيبة القرارات الدولية!
وهاهي دير الزور تحتضن جرحاها وتخبئ شهداءها في البيوت..رغم كل الظروف.. رغم هيبة الموت وسطوة الرصاص.. تضمّ شهاءها رغم تقطيع أوصالها على مرأى ومسمع المراقبين الذين كانوا يلتهمونالكباب الديري وشرب ماء الفرات.. وناموا هانئين في فنادقنا على على دماء ولعلعة الرصاص في كل مكان.
دير الزور تقف على خط النار عارية إلا من حناجر لم ولن تمل الصراخ "الموت ولا المذلة "صرخات خارجة من صدور لم ترهبها سطوة الموت وقسوة الجلاد.
في دير الزور هذه الليلة.. الصدور عارية تفتح شهية الرصاص..في كل حارة شهيد وفي كل زاوية جريح.. في دير الزور طُوّقت كل المشافي كي يُمنح الموت فرصة التشفي بالجرحى والتهامهم !
في دير الزور المشافي الميدانية التي أقيمت على عجل تعج بالجرحى الهاربين من موتهم.. الجرحى الذين فضلوا نزف الجراح وألمها.. ذلك الألم الذي ينيخ الجِمال. ليتفادوا موتهم الثاني والأبشع في حال وصلت إليهم أيادي عصابات الأسد المجرمة، الجرائم التي لم يعرف التاريخ السوري لها مثيلاً!!"
خضر الدعار



#فواز_قادري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سورية قصيدة حرّة
- صمتكم يقتل المزيد من السوريين.. كاتبة عربية وكاتب صهيوني نمو ...
- صباح عليكِ
- انشغالات يوميّة
- مطر رحيم في الصيف، على مدينة محاصرة. *
- حوار غير ودّيّ، بين الوردة واليأس
- هذا ليس كلّ شيء
- صور حديثة جداً.. لمدينة تحت القصف
- ومع ذلك
- صوتكِ أعلى من الحرية
- صمت أدونيس المتقطّع
- أحتال على الحزن قليلاً
- مركب ليبيا مركب اليمن مراكب تلحق بالمراكب
- مرّة أخرى..أحبّكِ
- طوفان
- ماؤك غير الماء
- مركب سورية من قصيدة (مراكب الرمال)
- صرخة
- عام عزيز يرفرف جناحيه
- الفانوس..إلى أدونيس وآخرين.. ليسوا أقلّ صمتاً


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - يوم في حياة شهيد