غادة هيكل
الحوار المتمدن-العدد: 4006 - 2013 / 2 / 17 - 02:56
المحور:
الادب والفن
لافتة الموت
*********
لم يحلم يوما بأن تخطوا قدمه عتبة غير عتبة باب الرزق عندما يصحوا مبكرا يحمل مؤنة اليوم يضعها فوق العربة ، يجرها بنفسه إلى أكثر الأماكن ازدحاما ، وعندما بدأت الثورة المباركة واكتظ الميدان بمريديه علت الابتسامة وجهه الصغير، فهناك مثل يوم الحشر فكيف لا يبيع والكل يتلهف على ما يسد جوعه ، انطلق مسرعا بما يحمل من زاد ينادى بأعلى صوته ويبتسم للقاص والدانى، فيبادلونه الابتسام والسلام ويأكلون مالذ من صنع يديه الصغيره وشوائه الطازج ، ربطت بينه وبينهم رابطة كرابطة الدم ، ليسوا من اخوانه ولا اقرانه ولا حتى جيرانه ولكنه أصبح أكثر من ذلك فهو من ياتى لهم بما يعينهم على الاستمرار ، ويغوص سريعا بين البشر ليعاود يومه من جديد ، عامان من البيع واللهو والفرحة مروا عليه يهتف لهم كى يشتروا منه ، ويبتسم عندما يمدحون فى طعامه ، ويعدهم بالمزيد ،
اكتسب خبرة فى مراوغة العنف القائم وكيف يختبئ عند الخطر ، وكيف يحمى لقمة عيشه ويبتعد كلما هجمت عليه الجموع الهاربة ،
تعلم كيف يكون حياديا لا يقترب كثيرا فهو لا يقرأ ولا يملك حق الحرية والعدالة الاجتماعية التى يسمعها فى هتافهم ، كل ما يجول بخاطره أن يبيع ويكسب قوت يومه ، فهو لا يحمل ضغينة ، ولا يناصر فريقا ، يمر عليه كل اصناف البشر فيمد يديه إليهم يعطيهم ما يأكلون فالكل هنا يأتى لكى يكسب قوت يومه وان اختلفت الاسباب والمسميات ،
فيلتمس العذر للقاتل وللقتيل وان دمعت عيناه كثيرا لمن يقعون بقربه فيهرول حتى لا يصير منهم ، يقع ويقوم يحتضن عربته يطلق العنان لها وينادى فيأتون .
اليوم أراد أن ينادى بطريقة مختلفة فحمل لافتة ملقاه على الأرض لا يدرى بأى لغة مكتوبة وضعها فوق عربته ،فظنوا أنه بلطجى فرموه برصاص الغدر ، وغادر حلمه فى أن يكسب قوت يومه وهو لا يدرى معنى الحرية والعدالة الاجتماعية .
#غادة_هيكل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟