أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أم الزين بنشيخة المسكيني - شهادة وفاة حكومة لم تعرف الطريق الى القبر ..














المزيد.....

شهادة وفاة حكومة لم تعرف الطريق الى القبر ..


أم الزين بنشيخة المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 3996 - 2013 / 2 / 7 - 16:46
المحور: كتابات ساخرة
    


شهادة وفاة حكومة لم تعرف الطريق الى القبر ..


"عالم يُصلب ، آخرُ يُنكرُ.. من منهما الآن يخرج من جرحه .و يدخل في جرحنا ؟ " هكذا عبّر أدونيس يوما عمّا نحن فيه في يوم آخر .بين عالمين نقف ..نتأرجح بين الصقيع و النار ..اليوم هو الخميس .و الساعة هي صفر بعد وئد آخر بنت و لفّها في حجاب ..و المكان سوق كبيرة روّادها جموع لا هويّة لهم ...فلانيّون نسوا أسمائهم ..لا شيء يذكرون غير أسعار اللحوم و الجزر الأسود .و الزمان سنة 2050 بعد نهاية المشعوذين ..جلست الخنساء القرفصاء أمام أكداس من الرمّان و السبانخ و الأحشاء المحشوّة بالفاصوليا ..حليقة الرأس كانت ..عارية الكتفين ..حافية القدمين ..خنساء الدهر مخضرمة الفؤاد بين ما تبقى من الجائعين في ضمير الحكومات البائدة و بين الحجّ الى حرم صار وكرا لحماية الطغاة .
ذاك اليوم هو ذكرى وفاة آخر الحكومات التي لم يعد أحد من روّاد ذاك السوق يذكر عيد ميلادها لكنّ الجميع يذكرون يوم وفاتها ..ومن شدّة تراكم الديون و الفواتير نسوا يومها أن يكتبوا شهادة موتها ..اصطفّوا طوابير طوابير و قرّر الجميع صياغة دستور كفيل بتأبين آخر حكومة مرّت من بين ثقوب البرد في أضلعهم ..و احتدّ النقاش و عادت الأحزاب الى عاداتها القديمة توزّع الألقاب والأنصاب و الأزلام ..و اهتزّت أرض السوق تحت سيقانهم المثقلة بالحيف المقوّى بفيتامين البؤس الأزرق .قالت بطّالة قديمة جدّا ضيّعت عكّازها بين رؤوس البسباس و سيقان الخرشف في غضب :" لقد احترقت أصابعنا من أسعار الطماطم و البصل الأرعن ..و تبعثرت بصماتنا من اصرار الدجاج على المكوث وحيدا على موائدنا ..دعنا من هذه الطوابير ..لقد سئمنا تجارة الأرواح و باعة الأوهام و سرقة الأحلام .. حكومة لم تترك لنا غير التكتك و الجرابيع و الوحل لا تستحق منا حتى شهادة الوفاة "..
و أسرعت فُكيهة طفلة أفلتت من شيوخ النكاح ، الى السطو على الركح و كانت الأصغر سنّا..كانت تقايض حلواها بظلمة الجلباب..جاءت تلعب الغمّيضة بالنقاب ..و في فمها مصّاصة الرباب .. :"يا أصدقائي الخفافيش طهّروا ليلكم من خرافات الضفادع و حكمة الجرذان ..كنّسوا بيوتكم من عبدة الشيطان و لعاب الطغيان .. اذا أردتم العبور الى الحياة على ظهر حمار بعد اشتعال النار بين المحروقات و الأسعار.."
ضحكت الخنساء بكلّ ما بحوزتها من قصائد الرثاء و "اعلام العار"..و قالت :" دعنا من الحكومات و من حديث القبور و من علماء الغار..هذا اليوم هو يوم الحياة و الرقص على أنغام طبول بلا دعاة و لا بخار و لا أحزاب و لا عرعار " اندفع الجميع نحو رقصة جماعية بدون برامج انتخابية و لا رشاوى سياسية ..و راحوا ينشدون :" ما أحلى القعدة على الميّة ..ما أحلى الربيع ..ما أحلى الثورة التونسية تضمّ الجميع "..
أمّا الحكومة المتوفّاة في مثل ذاك اليوم قبل عشرين عام من عُمُر الفقراء و الكادحين ..و التي لم تعرف طريقها الى المقبرة فقد سئمت من الوقوف وحيدة على حافة المشهد ..فانصرفت لحالها توزّع جثامينها على مواضعهم في هدوء و حكمة عجيبة ..لا أحد منذ ذاك اليوم يذكر ما جرى في ذاك السوق ..و الأرجح أنّ تلك الجموع اتّفقت على نسيان آخر حكومة مرّت على حافة جرحهم دون أن تنجح في الدخول اليه........رحم الله كلّ الحكومات التي وافاها الأجل المؤقّت..و رزق أهلها و ذويها شرعية الصبر و ديمقراطية السلوان ..اللهم ارحمهم و أدخلهم فراديس المجلس التأسيسي آمين يا ربّ البطّالين و الجائعين ..



#أم_الزين_بنشيخة_المسكيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يغتالون حلما و يصنعون دولة
- هل أنت من الصالحين أم من الفاسدين ؟ ..
- االعشق الشعبي..
- من سيجمع هذا الغسق ؟
- غزل تاء التأنيث مع دولة الزقوقو.
- ثورة التُكتُك على أولاد الهامر ..
- زهور جهنم فصل من رواية جرحى السماء
- ماذا بعد الحائط ؟
- هدية تأبّط شرّا الى الشنفرى في رأس العام ...
- في كلّ زيتونة صداع قديم .......
- من أين سيأتي المستقبل ؟
- اعلان زواج ..ثور مثقف يبحث عن ثورة مناسبة ..
- جائزة ملوك البريطان الى ثيران العربان ..
- تجمّع أسمائها و تصلّي ...
- صمت قليل يكفينا كي نموت معا ..
- و االعَوَرُ من مأتاه لا يُستغرب ..
- عودة الخرافة و بؤس السياسة ..
- الاه من الحلوى ..
- عطور اسلامية في زجاجات سلفية ؟
- يقتاتون من المزابل ..و الحكومة تحتفل ..


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أم الزين بنشيخة المسكيني - شهادة وفاة حكومة لم تعرف الطريق الى القبر ..