صراعٌ أقليمي على -رأس العين-

امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3979 - 2013 / 1 / 21 - 13:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ما يجري في منطقة " سري كانية " منذ عدة أيام ، من معارك شرسة ، يلقي الضوء بعض الشئ ، على ما يُرسَم في الدوائر الأقليمية ، لمُستقبل سوريا ولا سيما الجزء الكردي . فمدينة " سري كانية " التي عّرَبَ النظام السوري ، أسمها الى ( رأس العين ) ، أسوةً بغيرها من المدن والقصبات والمناطق الكردية ، ضمن حملة التعريب الشاملة منذ الستينيات من القرن الماضي .. لها مكانة خاصة لدى الكرد عموماً . والوضع الصعب في هذه المنظقة ، يعكس من ناحيةٍ اُخرى ، الإنقسامات الكردية الداخلية ، وإفتقار القادة الكُرد الى إستراتيجية مُوّحدة ، تجاه الملفات الكبرى المتعلقة بهم . أدناه بعض الملاحظات :
- على الرغم من التباعد بين فِرعَي حزب البعث ، في العراق وسوريا ، بسبب التنافس على الزعامة .. فأن سياستهما كانتْ متشابهة تماماً فيما يخُص التعامل مع الكُرد في البلدَين . فالتعريب والتهجير القسري في كردستان العراق ، الذي إشتَدَتْ وتيرته في منتصف السبعينيات وما تلاها .. كانَ قد سبقهُ في سوريا ، حيث ان خطة [ الحزام العربي ] سيئة الصيتْ ، بدأتْ في مقتبل الستينيات ، في الجزيرة عموماً ، وجُلبتْ العوائل العربية والبدو ، ليحلوا محل الكُرد الذين رُحِلوا ، وأستولوا على أراضيهم .. وبدلوا أسماء المدن والقصبات وقمعوا الثقافة الكردية ...الخ .
- كما في العراق أيضاً ، فأن بعض " وليس كُل " شيوخ العشائر العربية المُحاذية للمناطق الكردية ، قد إشتركوا في حملات التعريب بِدفعٍ وتشجيعٍ من النظام .. ولقد كان لبعض شيوخ عشيرة البكارة في منطقة دير الزور ، دورٌ خبيث في هذا المجال .. ورغم إدعاءات " نواف البشير " بعلاقاته الجيدة مع الكُرد ، فأنه كان موافقاً ومُشجعاً على سياسات النظام في دمشق بالنسبة لتهجير الكرد وتعريب مناطقهم . اما بعد إندلاع الإنتفاضة ، والتي إلتحق بها نواف البشير بعد أشهُر وأصبح عضوا في مجلس المعارضة .. فأنه اليوم من أشَد المُنسقين مع النظام التركي ومع المخابرات التركية ، ويقود ما يُدعى " جبهة تحرير الجزيرة والفُرات " .. عموماً ، ان المجاميع المُسلحة التي دخلتْ من تركيا قبل أيام ، وهاجمتْ " سري كانية " الآمنة ، كانَ لنواف البشير دورا بارزا فيها . وفي لقاء قبل يومين من على إحدى الفضائيات ، قال نواف البشير حرفياً : ( .. ان الجيش السوري الحُر ، لهُ الحَق في دخول أي مدينة سورية ، سواء أكانتْ رأس العين او غيرها !) وهو ما ذّكرني فوراً ، بقول المالكي ، ان الجيش العراقي له الحق بدخول أي مدينة عراقية " . ان نواف البشير والمجاميع المُسلحة التي يقودها وبدعمٍ مُباشر من تركيا ، يُنفِذ في الواقع أجندة في مُنتهى الخطورة .. فبدلاً من الهجوم على دمشق وعلى النظام الدكتاتوري ، فأنه ينتهك مدينة آمنة لايتواجد فيها غير بعض مُسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي والذين يقومون بحماية المدينة وسكانها وممتلكاتهم وأرواحهم .
معظم المدن الكردية في سوريا ، هادئة نسبياً ولم تتعرض الى أعمال عُنفٍ كبيرة خلال السنتَين الماضيتَين ، بعكس المدن السورية الاخرى .. و سري كانية او رأس العين ، كانتْ تنعم بالسلام وبعضٍ من التنظيم والإدارة والخدمات ، ولو بحدودها الدُنيا .. ولكنها على أية حال ، أفضل كثيراً من معظم المناطق السورية الاخرى .. فما الداعي ، لكي يقوم الجيش السوري " الحُر " بإقتحامها ؟ في الوقت الذي توجد لجان تنسيقية بين مسلحي الاتحاد الديمقراطي والجيش السوري الحر ؟
- من جانبٍ آخر .. فأن إعتراضات الأحزاب الكردية السورية ، على [ إنفراد ] حزب الاتحاد الديمقراطي ، بالسيطرة على العديد من المدن الكردية ومن ضمنها سري كانية .. مردودٌ عليهم .. فأينَ مُقاتلي هذهِ الأحزاب ، لكي [ يشتركوا ] في الإدارة والسيطرة ؟ ووسط هذه الهجمة الشرسة التي تقودها المخابرات التركية وصنائعها مثل نواف البشير ( إذ ان إعلام الجيش السوري الحُر قال ان التشكيل الذي هاجم رأس العين ، لاعلاقة له بالجيش الحُر ) ... فأن الواجب يُحتِم الدفاع عن المدينة .. ويقوم مُسلحو الاتحاد الديمقراطي ، بذلك بِكُل شجاعة وإقدام . ورغم إعتراضات الكثيرين على سياسة حزب الاتحاد الديمقراطي " القريب من حزب العمال الكردستاني " وبعض الشكوك حول وجود علاقات بينه وبين النظام السوري .. فأنه على الأرض هو الذي يمتلك الادوات والوسائل .. بينما معظم الاحزاب الكردية الاخرى ، يقتصر نشاطها على الإعلام ولا سيما في الخارج ! .
- ان معركة سري كانية المستمرة منذ أيام وفي جولتها الثانية .. هي في الواقع ترجمة لأهداف النظام التركي ، الذي يُريد ان يُقصقص جناحات حزب العمال الكردستاني ، ويعتقد ان الجناح الاضعف هو في سوريا حالياً ، وليس في ايران او جبال قنديل .. ويأمل ان يُوجه ضربة قوية الى الحزب .. لكي يُحّسِن من شروط التفاوض مع اوجلان في الفترة القادمة .
- أحداث سري كانية .. دليلٌ آخر ، على ان [ جميع ] القيادات الكردية ، سواء في تركيا او العراق او سوريا .. ما زالوا دون مُستوى مُتطلبات المرحلة .. وان صراعاتهم على النفوذ والزعامة والمصالح الضيقة ، تتقدمُ على توحيد الجهود والعمل وِفق إستراتيجية واضحة .

#امين_يونس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات