رحمن خضير عباس
الحوار المتمدن-العدد: 3974 - 2013 / 1 / 16 - 22:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رد على مقالة الدكتور عبد الخاق حسين
(لماذا يطالبون المالكي بالأستقالة )
اعرف الدكتور عبد الخاق حسين , كاتبا وطنيا , وعراقيا حتى النخاع . لم التق به ,ولكنني عرفته من خلال مقالاته المتعددة , والتي تعبر عن همنا المشترك . همُّ الوطن الذي دمرته الحروب , ومزقته السياسة . وقد افترضت مسبقا موضوعيته , لاسيما وهو يتناول أزمة اضحت تؤرقنا جميعا , نظرا لخطورة المرحلة, وتفشي احادية الرأي , والأحتقان الذي وصل ذروته من خلال مظاهرات المناطق الغربية . وانفلات خطابها الأعلامي . ومن خلال المظاهرات المقابلة في الجنوب والوسط , والذي جيشتها الحكومة واحزابها ولقنت شعاراته لتكون ردا على الخطاب الآخر .نحن اذن إزاء أزمة تصل الى حد الفتنة , قد تودي بمكونات شعبنا الى هاوية سحيقة . لذالك كنت أأمل من كتابنا أنْ يكونوا بوصلة أمان لشعبهم العراقي , وان لاينحازوا الا بجانب الحق , وإن كان مرّا . قلت : إنني افترضت الطرح الموضوعي لكاتب طالما احترمته , وتمنيت ان لا يميل الى طرف من اطراف الأزمة , ويجعله منزها عن الأخطاء , بينما يكيل كل الصفات المذمومة للطرف الآخر ( الخبث , والتآمر , وتنفيذ الأجندات الأجنبية ... الخ ) واعتقد أنه ليس من الحكمة أنْ ينزلق مثقفونا الى هذه الخنادق الطائفية , فينصرون أخاهم ظالما او مظلوما , وكأني بالأخ الدكتور عبد الخالق يطبق قول الشاعر
( وما أنا إلا من غزيةَ إنْ غوتْ غويتُ وإنْ تُرشَدْ غزيةُ أُرشدِ )
وفي بداية مقالته , يهاجم القائمة العراقية , ويصفها بالقائمة البعثية ! ويتهمها بتخريب العملية السياسية . كما يضع لها شعارا وهو ( اما نحكم العراق اوندمره ) ! وقد فات الأخ عبد الخالق إنّ القائمة العراقية هي تجمع عراقي , فيه الكثير من المستقلين والحزبيين والذين ينتمون الى احزاب دينية شيعية او سنية , وفيها من البعثيين الذين كانوا معارضين لحكم الكتاتورية الصدامية . لذالك فان اطلاق صفة البعثية عليها لاتجانب الصواب , وتبتعد عن التشخيص العلمي . وهل نسي الأخ عبد الخالق وجود بعثيين في قوائم دولة القانون وغيرها من جهاز الحكومة , ثم ماقولك بكبار العسكريين من قادة او مستشارين اوغيرهم . ثم إنّ القائمة العراقية قد فازت وتفوقت على قائمة السيد المالكي الذي تدافع عنه . والذي اصر على تخريب العملية الديمقراطية , من خلال تمسكه بمنصبه ( اكو واحد يكدر ياخذها حتى نعطيها ) وبدلا من ان يحترم قواعد اللعبة الديمقراطية , بقي اشهرا يماطل . مرة يطالب بتدقيق النتائج ومرة يتهم بالتزوير , وحينما عجز عن الدليل . لجأ الى المحكمة العليا , والتي اوجدت ( بدعة الكتلة الأكبر ) وبذالك وجهت هذه المحكمة –التي لم تحترم نفسها في كونها سلطة ثالثة – وجهت اكبرطعنة الى ديمقراطية فتية , كنّا نأمل ان تكون بداية عصر جديد . كما ان قرار هذه المحكمة المسيس قد فتح الباب على مصراعيه لصراعات ازلية . كما جعلت الناخبين لايثقون بصندوق الأقتراع . فما قيمة النتائج اذا كانت مطرقة المحكمة العليا تهوي على الأصابع البنفسجية المتعبة , وتصنع ما يسمى بالكتلة الأكبر بعد الأنتخابات !!!
لقد خسرنا – نحن العراقيين – فرصة تأريخية للتناوب السلمي على السلطة بأسلوب سلس وحضاري . كما ضيعنا المشيتين ( لاحظت برجيلهة ولاخذت سيد علي ) فلسنا على غرار اسلوب الحكم من قبل الفائز ,والمعارضة من قبل الخاسر ,والتي يفترض أنْ تترصد اخطاءه عن طريق البرلمان . ولانحن في شراكة حقيقية . كما انني ادين ويشدة موقف القائمة العراقية من التحكيم وقبولها بالأمر الواقع . كان عليها ان تتمسك بحقها في تشكيل الحكومة او الرجوع الى المعارضة البرلمانية , لتراقب الأداء الحكومي , وتشخص اخطاء الحكومة وتهيء نفسها لأنتخابات قادمة . لذالك فان تهافت هؤلاء الساسة - من كلا الفريقين - على المال والجاه والسلطة افقدهم بوصلتهم الوطنية واصابهم بالعمى الطائفي والعرقي والحزبي سواء من العراقية او دولة القانون .
لقد اسبغ الدكتور عبد الخالق اجمل واكمل الصفات على السيد المالكي ( الكفاءة , التعامل مع الأزمات . خطيب متمكن , محدّث لبق ..الخ ) واذا تركنا صفة الخطابة واللباقة التي لاتغني عن جوع , كما انه ليس لهما دور يذكر في الحكومات الشرعية التي تعتمد على نصوص الدستور , كما ان زمن الخطب الحماسية التي تلهب الجمهور قد ولت الى غير رجعة . اما صفة الكفاءة فلا اعتقد انها تنطبق على السيد المالكي وحكومته . هذه الحكومة التي لم تساهم في حلّ اية أزمة ( من الكهرباء الى المجاري الى البنية التحتية االمخربة الى الأمن الى الفساد الى سرقة المال العام الى الرشوة الى تجيير الوزارات للاحزاب الحاكمة الى شراء الدواء المغشوش والسلاح المغشوش ...الى..الى , (اعتقد صوت ام عامر في المايكرفون المفتوح اكثر فصاحة مني لذكر كفاءة الحكومة ورئيسها ) . لقد كان المالكي كفوءا في اثارة الأزمات , كفوءا في محاصرة الأصوات الحرة التي خرجت الى ساحة التحرير للتعبير عن وجعها في انعدام الخدمات , كفوءا في السكوت عن زملاء المهنة الذين اضاعوا المال او سرقوه , كفوءا في كل شيء الا الكفاءة .
وبعد أن بنى الدكتور عبد الخالق تمثالا للمالكي . قال : (من الحق المالكي ان يستقيل لأسباب صحية او عائلية او شخصية , ولكن ليس بسبب الضغوط من خارج البرلمان ) واعتقد ان الأمر يدعو للغرابة من كاتب قضى حياته في الغرب الديمقراطي , وقد رأينا ان رؤساء كبار من وزن الرئيس الفرنسي ديكول الذي استجاب لمظاهرات الشباب انذاك فاستقال . لأنه رأى بان الأحداث قد تجاوزته , وان فرنسا اكبر منه وكذالك تاتشر استقالت وهي في اوج قوتها . الأستقالة ليست إهانة . الأستقالة مسؤولية وموقف شجاع اذا اعترف الرئيس بمسؤوليته عن حدوث أزمة ما . الرئيس السوداني سوار الذهب استقال ليمنح الحكم الى المدنيين وبذالك اعتلى منزلة ذهبية في تأريخ جمهورياتنا الوراثية , والتي تتيح لرئيس الوزراء تعيين ابنائه وذويه في مراكز حساسة من الدولة .
لقد ادان الدكتور عبد الخالق الحملة ضد المالكي واعتبرها ليست مقتصرة على شخص المالكي وانما على مذهبه او كما يقول ( لأن وجود شيعي في منصب رئاسة الحكومة هو خط احمر لايمكن تجاوزه ) واعتقد ان الدكتور لم يكن موضوعيا في طرحه وذالك لأن اصحاب الحملة قد رشحوا السيد علاوي لرئاسة الوزراء وهو شيعي كما يعلم الجميع . فما الفرق بين شيعيته وشيعية المالكي ؟ وهل تعتقد ان تمذهب رئيس الوزراء هو الحل الناجع لعبور البلد الى بر الأمان ؟ اعتقد ان الشعب العراقي يريد رئيسا للوزراء يكون عراقي الهوى وطني الشمائل , نزيها , عادلا , متمكنا .. وليكن من اي جهة او عرق اومذهب اودين اولون . ليكن شيعيا او سنيا او مسيحيا او كرديا . الم يكن حسقيل وزير المالية في العهد الملكي يهوديا ؟ ومع ذالك فقد كان امينا كفوءا , ولم تر الحكومات المتعاقبة اكثر نزاهة منه . ثم ان معارضتنا لصدام حسين - نحن الشيعة - ليس لأنه سني , بل لأن سياساته القمعية ضد كل نسيج الشعب العراقي وتصفيته لكل معارضيه , وارتكابه حماقات تأريخية خطيرة , واحتكاره لسلطة مطلقة قائمة على رفض الرأي الآخر .
نحن بامس الحاجة الى قوانين صارمة وعادلة تحمي انساننا العراقي من عودة الظلم والدكتاتورية . واذا ظُلمنا سبعين سنة بابعادنا عن الحكم . فلنكن جديرين به بحيث لانستبعد الآخرين بنفس الطريقة . بل نفتح صفحات من التآلف والمحبة والتنافس في تقديم خدماتنا الى شعبنا الجريح . ولنشطب من قاموسنا الى الأبد كلمات تثير الفرقة .
حينما فاز منتخب العراق امس على البحرين . رفعت جماهير الأنبار شعارا جميلا
" اخوان سنة وشيعة . هذا الوطن مانبيعة " ونفس الشعار رفعته جماهير في البصرة والناصرية . وهذا الشعار يعبر عن قدرتنا على تجاوز ما نحن فيه .
واخيرا ارجو من الدكتور عبد الخالق حسين ان يتقبل ملاحظاتي بصدر عراقي رحب . وتحياتي اليه .
#رحمن_خضير_عباس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟