أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - للعراق رب يحميه














المزيد.....

للعراق رب يحميه


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 3965 - 2013 / 1 / 7 - 20:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو إننا، نحن العراقيين، قد وقعنا في شرك يصعب الخروج منه. فمنذ ان صار السني يطعن في وطنية الشيعي ويُعين مكفريه على التنكيل به وينتحي جانبا ليشاهد خساراته منتشيا. ومنذ ان صار الشيعي يشمت بالسني حينما تنكل به قوات احتلال ولا يرى فيه غير إرهابي راع لقتله وتهميشه. ومنذ ان صار الكردي لايبالي بشركائه أو إخوته في الوطن، ولا يعنيه الأمر حينما يعانون من قسوة عنف وخراب وتشتت يعصف بهم، ومنذ ان صار العربي يتمنى للكردي ان ينفصل عن الوطن، ليس حبا بحرية الكردي وانتصارا لكرامته، وإنما لكي يعصف به المجهول وتتكالب عليه القوى الإقليمية. ومنذ ان صار ابن الأقلية (ما أبغض هذه التسمية)، غير مستوفى لشروط المواطنة في وطنه، ومنذ ان صار هذا بدوره لايهمه سوى خلاصه الشخصي حتى لو تطلب ذلك استعداء أجنبي على أبناء وطنه. مذاك ونحن في تشرذم حقيقي لاخلاص منه، كما يشير مسار الوقائع لحد الآن.

وفي ظني ان أصول هذا التشرذم تقبع في قاع المجتمع، وهو نتاج مجتمعي قبل ان يكون من فعل السياسة والتباسات صراع الدولة مع المجتمع الذي عانى منه العراق كثيرا. لهذا ليس غريبا ان نرى (سياسيا) طائفيا يستعدي أبناء البلد الواحد على بعضهم البعض. لكن المشكلة ليست في مايقوله هذا السياسي وغيره من دهاقنة الفساد والطائفية، وإنما في العقل الذي يستقبل هذا الكلام ويؤمن به، والأكثر ان يرى فيه توصيفا حقيقيا للواقع فيقبل بهذا الاستعداء ويتبناه. لكن رغم هذا فانا مطمئن ان حربا أهلية طائفية لن تقع في العراق، ليس بسبب مناعة عقل حداثي وروح وطنية متأصلة في الفرد العراقي، كما يظن بعض الواهمين والحالمين، وإنما فقط بسبب حصانة العقل العشائري الذي يدير المجتمع كثالث اكبر قوة مجتمعية بعد الدولة والمرجعيات الدينية فيه، فهذا العقل له السبق في تسيير العلاقات الاجتماعية، وهو بسبب بنيته التاريخية عابر بدرجة كبيرة للطائفية مما جعله صمام أمان يحول دون اندلاع الحرب الأهلية التي تبدو وشيكة الوقوع في كل لحظة احتدام سياسي – طائفي يعصف بالعراق.

لكن المجتمع، أي مجتمع، يمكن إعادة تشكيله، والمثقفون فيه، كما يفترضه دورهم التاريخي والمعرفي، هم من يلعب الدور الريادي والأساسي في إعادة التشكيل هذه. وهنا ندخل في طرف الاستعصاء الآخر الذي يكرس تشرذم المجتمع العراقي، واعني به ضعف وهشاشة المثقف أو في الصورة الأكثر تطرفا انتهازيته وخنوعه. غالبا ماكنت أتصور ان معاناة المجتمع العراقي هي في (مثقفيه) وليس في حكامه أو سياسييه، وذلك إما لانتهازيتهم أو لتهافتهم وأحيانا كثيرة لاستعلائهم أو لأوهامهم في أنهم كائنات فوق تاريخية. وإلا مامعنى ان يسمح مثقف لنفسه ان يكون مداحا لسياسي، مثل الطالباني، يسهم يوميا بخراب بلد عبر عملية سياسية شوهاء؟ ( تابعوا التهريج الذي سطر في جريدة المدى عن مرض الطالباني) فيما هو يوجه سهام نقده لأطراف أخرى في دائرة الخراب الواحدة. وما معنى ان يشارك مثقفون في مهرجانات ديكورية لتجميل وجه حاكم يحتكر السلطة لعائلته وقبيلته، كما يفعل مثقفون يتوافدون على كردستان العراق بشتى الدواعي والمناسبات في مهرجانات وفعاليات لاتختلف كثيرا عن تلك التي كان يقيمها نظام صدام حسين لتلميع صورته الكالحة. والحديث يكون محرجا لحد الاحمرار خجلا حين نرى (مثقفا) يلهث ليكرس كل جهده لتملق الاتجاه العام السائد، في زمن الدجل والطائفية، للحديث، المكرور والسطحي، عن شخصية الحسين وواقعة مقتله وكأنها حدث الدنيا الوحيد الذي يستدعي الإبداع ويستحق الكلام عنه.

المثقفون في مجتمعات أخرى احتملوا عذابات كثيرة على مدى زمني طويل لكي يبلغوا ماهم عليه من وضع اعتباري يتيح لهم قيادة مجتمعية. ولم يبلغوا ماهم عليه من (دلال) يغبطهم عليه مثقفونا، من غير ان (يتورطوا) في مسيرة المعاناة والنضال التي خاضها الآخرون من اجل تصليب عود المثقف واحتياز المكان البارز للثقافة في المجتمع الذي يضغط بواسطة مثقفيه على الدولة وعلى مؤسساتها لكي تلعب دورها في البناء والتكامل المجتمعي وتطوير التجانس فيه.

بالتأكيد ان هناك عوامل أخرى، بنيوية وغير بنيوية، تلعب دورها في تهشيم المجتمع العراقي، منها دور الدول الإقليمية التخريبي، ولاسيما إيران والسعودية، لكن هذا الدور الإقليمي لايمكن له ان يجد صدى وأرضية يتحرك عليها وينطلق منها لو لم تكن هناك استعدادات داخلية تنسجم مع ماتريده تلك الاطراف للعراق.

سوف يبقى الوضع العراقي متأزما يستمد تأزمه من شرطه البنيوي الذي أشرت له. لن تقع حرب أهلية طائفية، هذا واضح، فليس لهذا الخيار ارضية ولااحد يتحمس له، لكن البلد قد تقسم، فكثيرون يدفعون بهذا الخيار الكارثي. ولاشي يلوح في الأفق يمكن ان يعول عليه ويبشر بآمال يكون فيها العراق وطنا لأبنائه وليس تجمعات طائفية متحاربة. وليس أمامنا، للأسف، في زحمة الخيارات المخيفة هذه، سوى القول مع شعور عميق بالمرارة:

للعراق رب يحميه.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألإخوان يفترسون
- طقوس عاشوراء
- ماذا لو...
- لماذا يعترفون؟!!
- بورترية: علي العسكري.
- معادلة النزاهة والسلطة
- سروال المغاوجة ومحنة دكتور فارس
- أصوليتان تتصارعان ضحيتهما التاريخ
- حماية الديمقراطية في بلدان الربيع العربي
- مغالطة
- المخلوعون.. ومحنة ابن صالح
- العراق... رهين المحبسين.
- الاحتجاجات العراقية
- هؤلاء مختلفون
- إرهاصات ثورة مصر
- مواقف من ثورة تونس
- احذروا التقليد
- الى الشارع سر!
- كومونة تونس
- التعليقات في الحوار المتمدن


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - للعراق رب يحميه