أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد صبيح - طقوس عاشوراء














المزيد.....

طقوس عاشوراء


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 3928 - 2012 / 12 / 1 - 16:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




طقوس عاشوراء غدت أداة سياسية وثقافية فعالة ومؤثرة بيد السياسيين ورجال الدين الشيعة في العراق. فقد تحولت من طقوس شعبية إلى أداة لقمع الآخر وابتزازه ولتعزيز الرصيد الذاتي، السياسي والمادي والرمزي لهذه القوى. في أيام عاشوراء عُطلت معظم محطات التلفزة برامجها الاعتيادية وأخذت تقدم فعالية واحدة، طويلة ومملة، هي عزاءات كربلاء والمدن الأخرى. وأخذ الجميع يتسابق ويتهافت على إعلان ولاءه للمزاج العام، وبدا في تلك الأيام وكأن الدنيا ليس فيها حدث، وان التاريخ لم تقع فيه واقعة غير واقعة ألطف ومقتل الحسين بن علي. وتسابق (المثقفون) على الفضائيات وفي الصحف للحديث عن (المزايا) و (المدلولات) التاريخية والرمزية والجمالية لهذه الواقعة التاريخية باعتبارها مصدر الهام فني وأدبي واسع، مسرح ورواية وشعر... الخ.. ولم يتأخر أبناء الديانات الأخرى في تقديم ولائهم بإعلان الحداد والمشاركة ببعض جوانب الطقوس، وهو أمر لم تكن له سابقة في حياة العراقيين، مما يعزز شبهة الابتزاز الضمني والخفي الذي أنتج هذا السلوك، وهو على العموم سلوك يجلب العار على الطرفين، الخائف والمخيف. وأقول لمن يعترض بان ليست هناك ضغوطا مباشرة وفعلية تمت ممارستها على الآخرين، من أتباع ديانات وغيرهم، لفرض الولاء عليهم من خلال مشاركتهم في طقوس عاشوراء، ان هذه الضغوط وأشكال الابتزاز خفية ومضمرة، ناعمة، تمارس تأثيرها على الفرد والجماعة دون ان تكون مشفوعة ومدعمة بإجراءات عملية مباشرة، تماما كما تفعل النظم الفاشية والشمولية التي يكون الإرهاب فيها داخلي ومسحوب إلى أعماق النفس ليمارس تأثيره بدون أية محرضات خارجية مباشرة.

من جانب آخر صارت هذه الطقوس ميدان صراع بين القوى الشيعية نفسها، فكل جهة تحاول ان تدعي شرعية التمثيل الحقيقي لممارسة الطقوس لما لهذه الطقوس من بعد تاريخي مقاوم (للظلم والطغيان)، وان هذا الطرف هو الأحق بالانتماء لهذه الطقوس ولرموزها من الطرف الآخر المنافس، حتى اخذ هؤلاء يبتزون بعضهم البعض، فما ان يختلف طرف منهم مع طرف آخر إلا وألصق به تهمة (السعي لتعطيل الشعائر الحسينية). وهنا ينبغي التأكيد على ان ما وصفه بعض الكتاب والسياسيين، بغبطة، على انه تحول نوعي في مزاج الجماهير عندما أخذت في هذا العام تضمن شعاراتها في المواكب انتقادات للحكومة وفسادها ما هو إلا شكل من أشكال المنافسة وامتداد لها ولاصلة له، برأيي، بتحول في وعي ومزاج الشارع والجماهير، (فالجماهير) العراقية ماتزال مغيبة طوعا ومستنفدة القدرة على التفكير تماما. وأخمن ان وراء هذه الهتافات والشعارات الناقدة للحكومة والناقمة عليها، هو التيار الصدري لأنه دأب منذ البداية، وبسبب من نزعته الراديكالية، وميوله الإقصائية، ومزاج العنف والقسر الذي يطبع سلوكه العام ونظرته للأخر، دأب على ان يضع نفسه كنقيض وناقد لكل الأطراف السياسية الشيعية الأخرى، حكومية وغير حكومية، فهو تيار يختلف مع الجميع ويأمل بانفراد كلي بالشارع وبالسلطة.

لقد باتت مناسبة عاشوراء مناسبة لاستعراض القوة ووظفت من اجل ابتزاز المواقف وتقديم الولاءات تماما كما كانت تفعل النظم الشمولية في مناسباتها القومية و (الثورية) حيث تهيج الجمهور وتشحنه هستيرياً بالشعارات والمواقف التي تفرضها عليه من خلال المسيرات والتحشدات العامة حيث يعلن الجميع الخضوع المجازي، الرمزي، لقوة السلطة. وهذا هو ما وقع في واقع الحال في عاشوراء؛ مسيرات من كل الأطياف شملت حتى تلاميذ المدارس الذين شكلوا مواكبهم الخاصة. لكن الفارق في طقوس عاشوراء عن تحشيدات النظم القومية والفاشية هو ان هذه الطقوس متوزعة الانتماء بحسب تعدد القوى الشيعية، وهو تعدد مؤقت، فالصراع بين هذه القوى لابد ان يفضي ذات يوم إلى تركيز القوة وبالتالي ممكنات الولاء بيد احد أطرافها. هذا بالإضافة إلى مايطبع ممارسة هذه الشعائر من قناعة واندفاع ذاتيين لدى عامة الشيعة، وهنا يكمن بالذات منبع خطر استخدامها وتوظيفها.
هناك جانب أخر مهم هو ان هذه الطقوس، بقدر ماتكون أداة استقطاب لبعض القوى فأنها تكون في نفس الوقت أداة تفتيت للمجتمع وتقف، إلى جانب أشياء أخرى، حجر عثرة في طريق ولادة أو إنضاج فكرة الوحدة الوطنية المرتكزة على ثوابت جامعة، لهذا، وغيره، لايمكن ان تكون لدينا،نحن العراقيين، حركة جماهيرية واعية وحيوية مثل تلك التي في بلدان أخرى كمصر وتونس مثلا لننتج ثورتنا (الميدانية).

طقوس عاشوراء محور صراع سياسي وثقافي واجتماعي ينبغي التركيز عليه. وان الخضوع لابتزازات القوى الدينية في هذه المناسبة هو، برأيي، أول واكبر مقدمات الهزيمة الشاملة للمجتمع كله.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا لو...
- لماذا يعترفون؟!!
- بورترية: علي العسكري.
- معادلة النزاهة والسلطة
- سروال المغاوجة ومحنة دكتور فارس
- أصوليتان تتصارعان ضحيتهما التاريخ
- حماية الديمقراطية في بلدان الربيع العربي
- مغالطة
- المخلوعون.. ومحنة ابن صالح
- العراق... رهين المحبسين.
- الاحتجاجات العراقية
- هؤلاء مختلفون
- إرهاصات ثورة مصر
- مواقف من ثورة تونس
- احذروا التقليد
- الى الشارع سر!
- كومونة تونس
- التعليقات في الحوار المتمدن
- لمحة قصيرة عن النقد عند اليسار العربي
- العنصرية ضد الذات


المزيد.....




- 3 أسباب تُشعل الطائفية في سوريا
- آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى وسط قيود ...
- جولي دهقاني في بلا قيود: لدينا أفراد في الكنيسة لا يقبلون سل ...
- 40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى
- الإفراج عن خطيب المسجد الأقصى وقاضي قضاة مدينة القدس بعد أن ...
- رئيس تحرير جيروزالم بوست ليهود نيويورك: هذا دليلكم للإطاحة ب ...
- رئيس تحرير جيروزالم بوست: هكذا يمكن ليهود نيويورك إسقاط ممدا ...
- أوليفييه روا: الغرب لا يرى الإسلام مشكلة ثقافية بل كتهديد وج ...
- البيت الأبيض: واشنطن قد تدعم تصنيف جماعة الإخوان -إرهابية-
- المحامي العام يكشف تفاصيل تتعلق بوفاة شاب في الجامع الأموي


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد صبيح - طقوس عاشوراء