أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - مغالطة















المزيد.....

مغالطة


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 3533 - 2011 / 11 / 1 - 20:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عبر احد المصريين على احد مواقع التواصل الاجتماعي، في عبارة احتشدت بالمغالطات، عن رغبته، ( نفسي!!)، في أن يعدم مبارك في يوم عيد الأضحى ( مثلما اعدم الكلاب الشهيد صدام حسين).

لم يكن واضحا في هذه العبارة ( وهي كلام مرسل وعابر) من المقصود بالضبط بالكلاب، ولكنني أظن أن المقصود هم الشعب العراقي، لان الدكتاتور، أي دكتاتور، يكون غريمه بالضرورة شعبه. لكن ربما تكون العبارة قد عنت جزءا معينا من الشعب العراقي، ـ كأن يكون الشيعة مثلا ـ، حُدّد وقُيم على أسس مشكوك في جدارتها. وفي الحالتين فان كفة الدكتاتور هي الراجحة.

والأمر سيكون هينا، ويمكن تجاوزه، لو كان مضمون ما أوردته العبارة يقوله شخص هنا ويردده آخر هناك، بيد أن أهميتها، والى حد ما خطورتها، تكمن في أنها، كموقف ورؤية للأحداث وللأطراف الذين سمتهم، تشكل قاسما مشتركا بين توجهات سياسية وفكرية عديدة ومختلفة، يتقاسمها من حيث الجوهر، ومن زوايا نظر ودوافع مختلفة: الإسلاميون، والقوميون، وبعض اليساريين، وعموم الأنظمة العربية ووسائل إعلامها وكتبتها (كان أبرزها على صعيد الأنظمة هو إقامة ليبيا الحداد بعد إعدام صدام حسين، وما أشيع وقتها عن نيتها بإقامة تمثال له إلى جانب تمثال البطل القومي عمر المختار، وإعلان ابنة ألقذافي، الحسناء عائشة، عن استعدادها للدفاع عنه مما كلفها ضياع فرصة الحصول على شهادة الدكتوراه في الحقوق من السوربون).

العبارة توجز رغبة بعقاب دكتاتور بمثل عقوبة دكتاتور آخر، ولكنها تربك المشهد حينما تبجل الآخر، صدام حسين وتمجده بنعت الشهيد، بينما تزدري الأول، حسني مبارك، مع أنهما يشتركان بذات الجريمة، جريمة الاستبداد والفساد، بل إن نظام صدام حسين، وبحسب أي مراجعة منصفة لوقائع عهده، ستثبت بأنه كان أكثر دكتاتورية واستبدادا وقسوة ودموية، وكل ما يشتق عن الاستبداد من أوصاف وأمراض، وبمسافات، عن شبيهه المفترض في العبارة، نظام مبارك، الذي سيتفوق، وبما لايحتمل المقارنة، على رديفه العراقي، وعلى نفس خط المفاضلة، لما تمتع به من قدر من الانفتاح السياسي وهامش معقول للحريات الاجتماعية ولحرية التعبير عن الرأي وغيره.

هل سيستوعب صاحب هذه العبارة، أو المصريون بشكل عام، لو قلنا لهم أننا، نحن العراقيين، في زمن الخراب العربي الشامل، كنا نتمنى، طالما ليس هناك بدا من حكم دكتاتوري ومستبد، يطبقان علينا كقدر لامفر منه. كنا نتمنى، لنشعر بآدميتنا قليلا، حكما دكتاتوريا بمواصفات وطبيعة حكم مبارك؟.

يبدو هذا صعب التصديق لمن لم يعرف حقيقة نظام البعث عن قرب، ولكن الواقع كان هكذا. ونظام مبارك بقسوته وعنجهيته وفساده، وكذلك نظام ابن علي في تونس، يبدوان، في مواجهة همجية نظام صدام حسين أنظمة ناعمة؛ على الأقل بسبب انه كان يمكن لمن يعارضهما البقاء على قيد الحياة.

ومرة أخرى يبقى الأمر هينا لو إن الزمن الذي قيلت فيه مثل هذه العبارة وما تعبر عنه من ذهنية هو غير زمن الربيع العربي ( ومبنى العبارة، وسياقها ومكانها، تؤكد أن صاحبها ينتمي لهذا الزمن). حيث يفترض سياق هذا الزمن، الذي دشنه الحراك الشعبي النوعي، أن له دلالات وأبعاد ومضامين تتخطى بكثير محدودية تصديره لشكله الاحتجاجي، ـ الاستيلاء على الميادين العامة وجعلها منبرا للتعبير والتغيير السياسي المباشر والجذري ـ الذي بلغت عدواه دول العالم وطالت تأثيراته (الوول سترييت)، الرمز الأكبر لسلطة المال ومركز الرأسمالية الحيوي. فالزمن العربي الجديد هو زمن تحول نوعي على المدى الاستراتيجي بعيد المدى من ناحية تأسيسه لروح عصر جديدة ونوعية، فكريا وسياسيا وخطابيا، بغض النظر عما يعتريه الآن من خلخلة في بلورة قواه المحركة وتشذيب اتجاهاته الفكرية، وما يسببه من قلق وتوتر، وهو في خضم صراعه لاكتساب صوته الخاص وهويته المميزة، من صعود تيارات الإسلام السلفي وتصدرها الواجهة. أقول إن مآل هذا الزمن الجديد هو مآل تصاعدي وتقدمي بالضرورة بحكم مصدريته ونوعية حراكه الذي جاء ثمرة مباشرة لتناقض مستعص بين آلية حكم عقيمة، بأفكار وذهنية متكلسة من أزمنة واستراتيجيات الاحتدام الأيدلوجي والحروب الباردة، أو زمن الكليات المتورطة بيقينياتها والمنتشية بها؛ وبين ذهنية جديدة نشأت في زمن تطور تقني وعقلي شكل مداركها الفكرية والسياسية وجذّرها، ومنحها وسائل ومديات رؤيا جعل من الصعب عليها أن تقبل بالواقع على ماهو عليه.

صحيح انه لايجوز محاكمة تيار عريض وله مشارب ورؤى مختلفة، مثل تيار الثورة الشبابية، في رأي عينات معينة أو اتجاهات محددة في داخله، ولكن مثل هذه المحاكمة من شانها أن تسهم بقدر وباخر في بلورة فكر ورؤى هذا التيار الشعبي الواسع وتنقية أجواءه.

يُفترض إذن بالزمن الجديد، بين أشياء أخرى، ولكي يكون جديرا بنزعته التغييرية العميقة، أن يعيد النظر بكل الأسس والمسلمات الذهنية والخطابية، الفكرية والسياسية، التي تسيدت المشهد العام قبل انطلاق ونجاحات هذا الحراك الشعبي، ومن بين أهم وأول هذه الأسس هي المعايير التي يقيّم على ضوئها وبأسسها موقفه من كل قضايا المجتمع العربي، من سياسية وفكرية وأيدلوجية وغيرها. وبهذا، لايمكن، برأيي، أن يكون صدام حسين بطلا وشهيدا، وغيره، ممن هم اقل منه جرما، طغاة ومجرمون. وذلك لأن الطابع الشعبي الواسع الذي عبر عنه شكل الاحتجاج الشعبي الذي شكل مدخلا عمليا للواقع الجديد كان من بين أهم محركاته هو فكرة دور الشعب في الأداء والقرار السياسيين، وهذا يفترض، كأساس، انه يعلي من قيمة الفرد المواطن، أو الشعب بالتعبير الأوسع، باعتبارهما الهدف لكل نشاط الدولة ونظام الحكم فيها، وباعتبار الموقف منهما هو المعيار لصلاح السلطة السياسية وليس بما ترفعه من شعارات جوفاء، أو بما تقوم به من حروب دونكيشوتية فاشلة وتدميرية باطنها تعزيز السلطة والجبروت وإرضاء النزوات الأكثر نرجسية لحاكم متغطرس، وظاهرها دفاع عن عروبة وحياض وطن هي الثمن الأرخص لكل مساومة رخيصة تخدم البقاء في السلطة،كما فعل طيلة فترات حكمه نظام صدام حسين.

لا يمكن، في ظل ما يفترض انه عودة للوعي، ومحاولة لإعادة الاعتبار للإنسان، الذي تخط موضوعيا ملامحه ثورات الربيع العربي، لايمكن أن يستقيم القول بإدانة مجرم استبد وفسد وتمجيد مجرم آخر يفوقه دموية وقسوة واستهتارا. لان هذا النمط من النظر يدخل هذا الفكر في حالة استعصاء غير قابلة للحل، ويضع الفكر الجديد، الذي هو ثمرة مباشرة للمنجز العربي في مواجهة الاستبداد، في فوهة عقل الردة.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخلوعون.. ومحنة ابن صالح
- العراق... رهين المحبسين.
- الاحتجاجات العراقية
- هؤلاء مختلفون
- إرهاصات ثورة مصر
- مواقف من ثورة تونس
- احذروا التقليد
- الى الشارع سر!
- كومونة تونس
- التعليقات في الحوار المتمدن
- لمحة قصيرة عن النقد عند اليسار العربي
- العنصرية ضد الذات
- ‌أسرى في ضيافة الأنصار لشيوعيين
- ملامح من مشاكل الاندماج في السويد (3)
- ملامح من مشاكل الاندماج في السويد (2)
- ملامح من مشاكل الاندماج في السويد (1)
- هل هناك تجربة اشتراكية ناجحة؟
- مشكلة الحجاب في المجتمعات الاوربية
- صفقة خاسرة
- أللاجئون في أوربا


المزيد.....




- بكلمات -نابية-.. ترامب ينتقد إسرائيل وإيران بشكل لاذع أمام ا ...
- قمة حلف الأطلسي: نحو زيادة تاريخية في ميزانية الإنفاق الدفاع ...
- من هو نورمان فوستر الذي سيتولى تصميم نصب تذكاري للملكة إليزا ...
- قطر تستدعي سفير طهران بعد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد
- قبل ساعات من الهدنة.. إسرائيل تشن غارات عنيفة على أهداف في ط ...
- ما هي جماعة -سرايا أنصار السنة- التي تبنت تفجير كنيسة مار إل ...
- إسرائيل تقول إنها -امتنعت- عن ضرب إيران بعد مباحثات مع ترامب ...
- ميرتس يأمل في التوصل إلى اتفاق في النزاع الجمركي مع واشنطن
- بعد إعلان وقف إطلاق النار.. ما الجديد في إسرائيل؟
- اجتماع حاسم لحلف الناتو.. الدول الأعضاء تتجه نحو زيادة نفقات ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - مغالطة