أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - خالد صبيح - أللاجئون في أوربا















المزيد.....

أللاجئون في أوربا


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 3142 - 2010 / 10 / 2 - 00:37
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    



نظرة عامة



يمكن اعتبار وجود الأجانب في بلدان أوربا هو واحدة من بين المشاكل الكبرى التي تواجه حكومات ومجتمعات هذه البلدان وتشكل لها تحديا يطرح عليها، لاسيما في السنوات القليلة الماضية، مجموعة من الأسئلة تتطلب المعالجة وإعادة النظر فيما اعتبر لزمن غير قصير بديهيات أو مسلمات، إذ طالما نظرت أوربا، حكومات أو مجتمعات، وبمستويات متفاوتة، إلى أن وجود الأجانب مسيطر عليه ويمكن هضمه وتحويله إلى قوة داخلية تنتظم في النسيج العام للمجتمع بفعل عملية الدمج التلقائي للوافدين لتحريك عجلة الاقتصاد وتنمية المجتمع.

غير أن معطيات وتطورات مختلفة دخلت على هذا الواقع بدلت في تركيبته وأحدثت تغييرات في نتائجه وأدت إلى اختناقات وأزمات وتوترات اجتماعية وسياسية، وصلت لمديات جعلت من مشكلة وجود الأجانب في هذه المجتمعات مسالة وجودية لكيان المجتمع لاسيما في فكر وطروحات اليمين العنصري المتمثل بمجموعات النازيين الجدد التي أخذت تنتعش وتنشط في السنوات الأخيرة إلى حد وصول بعض منها إلى مراكز القرار في السلطات المحلية وبرلمانات بعض البلدان.

ما اقصده بظاهرة وجود الأجانب في أوربا هو بالتحديد التوافد الجماعي من مناطق الشرق الأوسط الذي تدفق على أوربا، في البدأ على شكل عمالة وفق عقود مشتركة بين دول هؤلاء الوافدين ودول أوربا، كالاتفاق الذي عقد بين الحكومتين الألمانية والتركية في مطلع الستينيات من القرن الماضي. ومن ثم كلاجئين بعدما اجتاحت الكثير من بقاع العالم، وبالأخص الشرق الأوسط، الدكتاتوريات والحروب والحروب الأهلية في العقود الأربعة الأخيرة من القرن الماضي، حيث انتهكت عندها حقوق الإنسان بشكل واسع وفظ، مما أدى لاحقا إلى أزمات واختناقات اقتصادية واجتماعية ألمت بهذه المجتمعات وأشاعت اليأس وفقدان الأمل بين الفئات المختلفة فيها فدفعت أبناء هذه الأزمات للتسرب عبر الحدود باتجاهات مختلفة بحثا عن خلاصات فردية لهم فوجدوا ضالتهم في بلدان أوربا مستفيدين من حاجتها للعنصر البشري ومن انفتاح نظمها السياسية.

ولا يتضمن هذا التوصيف إلا قليلا، وفي بعض المفاصل، الهجرة الأوربية ـ الأوربية. لأنها محدودة وغير ملفتة وقديمة ولا تقلق إلا بحدود ضيقة جدا. لكن وجود الأجانب القادمين من ( الجانب الآخر للجحيم ) على أوربا، مع تكاثفه وتركزه، هو الذي اقلق ويقلق فئات اجتماعية وقوى سياسية في هذه المجتمعات نظرا لما يحمله هؤلاء الوافدون من تباين ثقافي وحضاري. حيث كانت غالبيتهم تختلف مع أبناء المجتمعات الأوربية بالدين وبالقيم الأخلاقية وبالخلفيات التاريخية والحضارية.

لقد جاء المهاجرون الأوائل في الاصل لسد الحاجة المتنامية في سوق العمل وبالذات في قطاع الخدمات بعدما أخذت النهضة الصناعية والتكنولوجية المزدهرة في الغرب الأوربي آنذاك كل طاقات المجتمع ووجهتها إلى الصناعة والإنتاج الكبيرين مما أبقى قطاع الخدمات وغيره في حالة نقص. ويبدو أن الأوربيين الذين اقترحوا مشروع سد النقص هذا لم تخطر ببالهم حينها العواقب الاجتماعية لهذا القرار وتداعياته السياسية والثقافية، وربما تصوروا أن التنمية عندهم لن تتوقف، أو أن هؤلاء الوافدين سيعودون من حيث أتوا بعد انتفاء الحاجة إليهم. أو بأبعد تقدير يمكن صهرهم في المجتمع مع مضي الوقت. لكن أصحاب الفكرة هؤلاء، بظني،بسبب توجهاتهم البراغماتية، لم يدركوا أن امكانبية التحكم بتطورات الحياة أمر غير ممكن، ولايمكن حتى التنبا بما ستفضي إليه أي تجربة، وذلك لان تطور الحياة الاجتماعية يتأثر كثيرا بمستوى تطور المعارف البشرية وبمتغيرات الظروف العيانية، وهذه بدورها متحركة ومتغيرة. وعليه لايمكن الوصول إلى نتائج محددة في الحقل الاجتماعي، وبمستوى اقل في الجانب الاقتصادي، بمجرد معرفة بعض الشروط المنتجة للظاهرة.

وهكذا مع مرور الزمن لم يعد الوافدون الجدد قوة اقتصادية تسد عجزا وتؤدي مهمة هامشية وإنما تحولوا إلى كيان يمارس حضورا قويا في المجتمع ويطرح عليه أسئلة وتحديات تقع في أولى أولوياتها مشكلة دمجه عضويا في المجتمع، ولاسيما الجيل المتأخر منه.

فمشكلة دمج الوافدين الأجانب بمختلف أجيالهم، بما فيهم الجيل الذي ولد في هذه البلدان، تعد مشكلة كبيرة في بلدان اللجوء. ومما لايمكن إنكاره أن نجاح أي دولة في معالجة هذه المشكلة يتحدد ويتأثر بعوامل عديدة، تنعكس بالضرورة فيما بعد على نتائج المعالجة. من هذه العوامل, أعداد هؤلاء الوافدين الذي يتأثر بدروه بموقع دولة اللجوء الجغرافي (ألمانيا والنمسا)، الذي يسهل عملية الانتقال ويجعل عملية منع تسلل اللاجئين صعبة أن لم تكن مستحيلة. وكذلك ارث الدولة التاريخي، أي ما إذا كانت ذات ارث استعماري، كفرنسا وانجلترا وهولندا وغيرها، لما تمتلكه من خبرات طويلة تعينها على فهم الأخر( أبناء المستعمرات القديمة) وتلون نظرتها له وأساليبها في التعامل معه. أو ارث أيدلوجي سياسي واضح الأثر والمخلفات كالنازية في ألمانيا والفاشية في ايطاليا، اللذان شكلا ضمنا مصدرا للأسس النفسية لكراهية الأجنبي في هذين البلدين لاسيما في ألمانيا التي تشهد اكبر تجمع عنصري نازي معاد للأجانب في أوربا. وتتأثر أشكال المعالجة هذه أخيرا بدرجة الإرث الحضاري ونمط الحداثة السائد ومدى اتساع رقعة الديمقراطية وتمسك الدولة والمجتمع بقيمهما كما هو الحال في الدول الإسكندنافية التي لها حظ وافر من هذه الصفات.

ومن هذه المنطلقات والخلفيات وضعت كل دولة من دول اللجوء سياسات وإجراءات متباينة في مستوى النجاح لدمج اللاجئين في بلدانها، وتأثرت هذه السياسة والإجراءات، إضافة إلى ما تقدم، بشكل واضح في طبيعة الظروف الآنية التي يمر بها البلد المعني، وكذلك بنوع القوى السياسية التي في مراكز القرار، وكذلك في تحولات الاتجاه العام في المجتمع وكيف تتأثر نظرته وتعامله مع هذه الظاهرة المحيطة به. لكن اغلب هذه الإجراءات والسياسات لم تحقق النجاح المرجو أو المتوقع منها بسبب تعنت وانغلاق فئات معينة من اللاجئين وانطوائهم على قيمهم الخاصة ومقاومتهم للاندماج في المجتمعات الجديدة، وهؤلاء هم عموم القادمين من مناطق الشرق الأوسط بمختلف أديانهم (يستثنى بدرجة كبيرة هنا الإيرانيون) وبصورة خاصة المسلمون المتشددون. وأيضا بسبب سياسات العزل والتمييز التي تمارسها مختلف الجهات المحلية في هذه البلدان والتي أدت إلى خلق كانتونات منغلقة على ذاتها تأبى، أو قل لاتستطيع، الاندماج في المجتمع.

ومما يجدر ذكره هنا أن بعض بلدان اللجوء قد قامت نتيجة لتحولات عديدة في الأوضاع الاقتصادية والسياسية بخرق القوانين الأساسية لحق اللجوء، كما في ألمانيا التي تجمع اللاجئين في معسكرات عزل وتمنعهم من التحرك في غير الأماكن المحددة لهم وتضيق عليهم في مجال الحقوق الخدمية وتعرضهم بدرجة ما للإذلال. وتتبعها كذلك انكلترا وايطاليا. مما عرض حكومات هذه البلدان لنقد الاتحاد الأوربي لها لهذه الخروق.

يمكن عمليا تقسيم النظرة إلى مسالة اللاجئين داخل المجتمعات الأوربية إلى ثلاث اتجاهات أساسية، هي، أولا، نظرة القوى العنصرية المتمثلة بأحزاب قومية متعصبة ممن يطلق عليهم النازيون الجدد. وهذه المجموعات، رغم أنها صغيرة وقليلة التأثير في الرأي العام، لكنها دؤوبة في نشاطاتها وتستطيع بين حين وآخر أن تثير زوابع سياسية تسمم الأجواء وتبث الكراهية وتزرع الشك في المجتمع.

الادعاء الرئيسي لهذه القوى الذي تبرر فيه موقفها المعادي للأجانب، وبالذات ألمسلمبن منهم، هو أنها تريد إبعاد التأثيرات الثقافية(السلبية) عن المجتمع، أو بمعنى أدق أنها تريد نقاءا ثقافيا داخل المجتمع، وهو نظير عصري للنقاء العرقي الذي نادت به النازية الأم في ألمانيا والنمسا في بداية وأواسط القرن الماضي. ومن هذا المنطلق فهي تطالب الآخر بان يمتثل لنموذج تحاول أن تفرضه على المجتمع كله، وترى فيه النموذج الذي يمثل قيم الثقافة القومية التي تسعى لإحيائها والحفاظ عليها. حيث أخذت، تحت يافطة هذه الادعاءات، تطالب المسلمين بنوع قسري للامتثال الثقافي، كان تطالبهم بعدم الامتناع عن أكل الخنزير، وبخلع الحجاب وغيرها. ومع أن هذه المجاميع تعمم كراهيتها لكل مختلف ثقافيا، حتى بعض الأوربيين، إلا أنها تركز، لأكثر من سبب، على المسلمين لارتباطهم حسب نظرتها بالإرهاب والعنف ( علما أنها هي نفسها حركات عنفيه) وأيضا لأنهم، أي المسلمين، الهدف الأسهل بسبب الحملة العالمية التي قيدت ضدهم بعد أحداث سبتمبر. ولكن، وهذا مهم، إن ما سهل قبول هذه المواقف الاقصائية المتطرفة ضد المسلمين بين بعض الأوساط الاجتماعية هو أن المسلمين أنفسهم ، أو الأصح المتشددين منهم،هم أكثر الفئات الاجتماعية بين اللاجئين تخلفا ومقاومة للاندماج، ويمارسون عنصرية مضادة ويدعون لكراهية المختلف. أي أنهم يشتركون مع كارهيهم بنفس الصفات وبذات المنطلقات، اقصد الاحادية الثقافية والانغلاق والتحجر الفكري. ويعود استهداف المسلمين أيضا إلى أن القوى الفاشية، كما يعلمنا التاريخ، كانت تصنع بشكل دائم عدوا وهميا، أو تضخم عدوانية خصم ما، لتزرع الخوف في المجتمع لتتمكن من لعب دور المنقذ والموحد له. فيجب أن يكون هناك خطرا ما، خارجي أو داخلي، ليحقق الخطاب الفاشي اتساقه الداخلي. من هنا يمكننا فهم المخاوف المبالغ فيها التي يطلقها حزب (السويدي الديمقراطي) في السويد حول خطر أسلمة المجتمع السويدي، بدعوى أن الإسلام يشكل الخطر الأكبر على الحضارة الأوربية. ويعرف قارئ التاريخ ما زعمه هتلر والنازيون حين اعتبروا اليهود الخطر الداهم على الحضارة البشرية كلها وليس على الشعب الألماني فقط. فقد وصفهم هتلر في مذكراته بأنهم يسعون لهدم البنية الأخلاقية للمجتمع، واتهمهم بأنهم وراء كل أنواع الفساد الأخلاقي والثقافي في العالم. وهذا هو ما تفعله بدرجات وأشكال مختلفة في أيامنا الحركة الصهيونية، من خلال أفعال ودعاية دولتها الأيدلوجية إسرائيل، بتصوير الخصم، العربي والمسلم، بأنه يمثل الخطر الأكبر على الحضارة البشرية لتبرر عدوانها عليه ومصادرتها لحقوقه، وهو شبيه كذلك بما يثيره الإسلاميون من مخاوف ومزاعم حول الغرب والحضارة الغربية وخطرها على البنية الروحية والأخلاقية للمجتمع المسلم. وينبغي التنبيه هنا إلى أن اصطلاح مجتمع مسلم ينطوي بحد ذاته على نفس عنصري يصادر هوية المجتمع المتعدد، ليس التعدد الديني فقط، وإنما الإيماني أيضا. ذلك أن ليس كل مسلم يقبل أن يكون الإسلام هوية له، ناهيك عن وجود متبعي ديانات أخرى لايمكن فرض هوية الإسلامي عليهم في المجتمعات التي توصف تجاوزا بالإسلامية.

لايمكن هنا تجنب فكرة إن جميع هذه القوى تشترك، رغم مواقعها المتضادة، بنظرة واحدة ومنطلقات عقلية وأخلاقية مشتركة.

الاتجاه الثاني في النظرة التي يحملها المجتمع الأوربي للاجئين هي نظرة القوى اللبرالية والمحافظة في المجتمع. وهي عموما تمثل مختلف الاتجاهات الرأسمالية فيه. وهذه عادة تسعى لهدف أساسي هو هيمنة أسلوبها في الحياة الساعي لتكريس الفردية في المجتمع، ولتسييد نموذجها السياسي الذي هو شكل خاص للديمقراطية يتحدد فيه دور الفرد وتأثيره من خلال قدرته الاقتصادية واعتباره الاجتماعي، والى ديمومة نمطها الاقتصادي القائم، خصوصا بشكله اللبرالي الجديد، على حرية الاستثمار وحرية انتقال رؤوس الأموال وعلى تحييد دور الدولة في الاقتصاد، وإدارة المجتمع باليات ضبط تضمن حماية مصالح الشركات الكبرى وامن أصحابها الاجتماعي والقانوني، وضمان استمرارية الربح وتوفير الأيدي العاملة الرخيصة.

وهذه الخلفية وتلك الأهداف أو صورة المجتمع الذي تريد أن تصوغه هذه القوى يخلق لها حاجة لفتح أبواب بلدانها لتدفق اللاجئين لأنهم،وباختصار، سيوفرون أيد عاملة رخيصة وفائضا بشريا يمكن الشركات الرأسمالية وأصحاب المصالح الاقتصادية الكبرى من تقليص شروط سوق العمل لتصب في صالحهم.

وهذه القوى لا تجد ضررا ولا تخيفها نشاطات وطروحات القوى العنصرية، بل على العكس فهي تجد في هذه القوى سندا موضوعيا لتدعيم سياساتها. فالرأسمالية كانت على الدوام تبقي فزاعة اليمين العنصري لترهب بها المجتمع أو تبدد طاقاته في مواجهات تبعد المخاطر عنها. وفي هذا يمكننا أن نتكئ باطمئنان لاستنتاجات تولياني، الزعيم الشيوعي الايطالي، حين حلل الظاهرة الفاشية معتبرا إياها الخطر الذي ترهب به الأنظمة الرأسمالية مجتمعاتها. وإذا أردنا أن نتناول مثالا اقرب في الزمن إلينا فسنجد مايؤكد هذا الكلام في مافعلته السلطات الألمانية في أواخر الستينات وطوال السبعينات حينما رفعت شعار مواجهة اليسار( المتطرف) المتمثل آنذاك في منظمة (ألوية الجيش الأحمر) التي اشتهرت باسم( بادر – ماينهوف) ومنظمات اليمين النازي التي نشطت بشكل متجاور وبالضد من المنظمات الثورية اليسارية. إلا أن الحكومة نفذت القسم المتعلق بتصفية المنظمة اليسارية بحماسة وجدية، وبالفعل استطاعت القضاء عليها بتصفية جميع قادتها في السجن بدعوى انتحارهم. لكنها امتنعت عن أداء دورا حقيقيا في مواجهة الجماعات النازية. وتركتها تنشط وتبث الرعب في ثنايا المجتمع.

ويبدو لي أن دلالة هذا واضحة.

أما الاتجاه الثالث، وهو الاتجاه الذي ينضوي تحته الاشتراكيون والديمقراطيون بكل مشاربهم، وهو غالبا الاتجاه الأكبر في المجتمع، لكنه اقل تأثيرا من غيره بحكم ضعف قدراته المادية لاسيما إذا كان بعيدا عن القرار السياسي، غير انه رغم ذلك يمارس تأثيرا قويا في أوساط الرأي العام من خلال نشاطه في المنظمات المدنية والمهنية والنقابات وفي الاقنية الثقافية. وبهذا النشاط فهو يشكل رادعا معنويا وماديا للقوى المضادة. وهذا الاتجاه يتبع عادة أساليب حضارية سلمية في الدفاع عن وجهة نظره التي تتصف بالانفتاح والعقلانية وباحترام تام للقيم الجوهرية للديمقراطية كالحرية السياسية والفردية الملازمان لكل ديمقراطية، حيث لاتستقيم أي ديمقراطيه بغيابهما أو بضعفهما.

ويتصف هذا الاتجاه بنظرة ديمقراطية منفتحة تؤمن بالتعدد وتحترمه وتنظر للإنسان كقيمة مطلقة قائمة بذاتها، وتتعامل مع الديمقراطية كحزمة متكاملة ومترابطة لايمكن اجتزاؤها بحسب المصالح الآنية والضيقة أو بأي دافع كان. وجوهر هذه النظرة للديمقراطية هو بناء عالم موحد متضامن يحترم حقوق الإنسان. تكون علاقة الدولة بالفرد فيه مبنية على قاعدة الإقناع وليس الإكراه ألعنفي، سواء المباشر الذي تريده القوى العنصرية الفاشية، أو الإيحائي، الاقتصادي، الذي تفرضه علاقات السوق الرأسمالية. ديمقراطية، كما اشترطها (كارل بوبر)، تقوم على حرية الناس الثقافية وتحترم لغتهم وأديانهم وتقاليدهم وتحمي الأقليات.

يخوض هذا التيار في الحقيقة صراعا مريرا وقاسيا مع قوى الاتجاهين الآخرين اللذين يصطفان سوية أحيانا كثيرة في مواجهته لمحاربة أهدافه التي تؤدي في مآلاتها الأخيرة إلى إضعاف سعيهما للهيمنة على المجتمع أو ترهيبه. وهو كاتجاه اشتراكي بأفق إنساني،يشكل الحاضنة التقليدية لكل المهمشين في المجتمع. لكن شعبيته ودوره يتأثران بطبيعة خطابه وبمدى قدرته على إقناع فئات المجتمع المختلفة بصواب مواقفه وطروحاته. وتلك ليست بالمهمة السهلة، فهو يواجَه بأساليب متعددة لتشويه مواقفه وعرقلة مساعيه.

بالمحصلة فان هذا التيار هو قارب النجاة للاجئين في هذه البلدان ولكل المجتمع لأنه يبغي أن يخلق مجتمعا متضامنا ومتجانسا يحترم حقوق أفراده بدون تمييز. ولاشك إن تحقيق هذه الأهداف يضمن السلم الاجتماعي ويعزز من قدرات العطاء والنماء في المجتمع وهي أهداف ينبغي بتصوري أن يسعى إليها كل مجتمع يريد أن يحقق بقائه ونجاحه.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات السويدية2
- انتخبابات السويد 1 انبعاث العقلانية
- احداث بشتاشان
- شيء من لوثة الايدلوجية
- تشاركوننا جرائمنا أو نشارككم براءتكم
- شبح التطرف في كردستان
- شهداء منسيون
- معوقات وحدة اليسار العراقي
- صناعة الخصوم
- معضلتان يساريتان
- تعرف الأشياء بأضدادها
- عبء التاريخ
- طرائف ديمقراطية
- قراءة اولية في انتخابات مجالس المحافظات
- شارة النصر
- عالمية القضية الفلسطينية
- في إنصاف النقد
- إحراجات غزة
- أدوات العدوان الإسرائيلي
- غزة والعرب


المزيد.....




- تحويل الرحلات القادمة إلى مطار دبي مؤقتًا بعد تعليق العمليات ...
- مجلة فورين بوليسي تستعرض ثلاث طرق يمكن لإسرائيل من خلالها ال ...
- محققون أمميون يتهمون إسرائيل -بعرقلة- الوصول إلى ضحايا هجوم ...
- الرئيس الإيراني: أقل عمل ضد مصالح إيران سيقابل برد هائل وواس ...
- RT ترصد الدمار في جامعة الأقصى بغزة
- زيلنسكي: أوكرانيا لم تعد تملك صواريخ للدفاع عن محطة أساسية ل ...
- زخاروفا تعليقا على قانون التعبئة الأوكراني: زيلينسكي سيبيد ا ...
- -حزب الله- يشن عمليات بمسيرات انقضاضية وصواريخ مختلفة وأسلحة ...
- تحذير هام من ظاهرة تضرب مصر خلال ساعات وتهدد الصحة
- الدنمارك تعلن أنها ستغلق سفارتها في العراق


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - خالد صبيح - أللاجئون في أوربا