أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - خالد صبيح - أدوات العدوان الإسرائيلي















المزيد.....

أدوات العدوان الإسرائيلي


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 2518 - 2009 / 1 / 6 - 09:51
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


الصمت والتواطؤ وفسحة الوقت هو ما تحتاجه إسرائيل عادة للقيام باعتداءاتها على ‏أي منظمة مقاومة لها( لم تعد إسرائيل تواجه دولا منذ زمن بعيد). وقد قدمت لها ‏حكومات أوربا الصمت، والأنظمة العربية التواطؤ، والولايات المتحدة فسحة الوقت من ‏خلال سعيها بكل صلف لعرقلة أية جهود دولية او عربية( خجولة ومرتبكة بعمومها) ‏لحث مجلس الأمن( الحكومة الدولية كما يفترض) لاستصدار قرار ( سوف لن تلتزم به ‏إسرائيل) يطالب بطريقة باردة وقف عدوان إسرائيل وعربدتها.‏

لكن هناك عامل قوة جديدا، غير العوامل المذكورة، تحتاجه إسرائيل لإتمام مهمتها ‏الهمجية وهو تبرير أفعالها ووصول وجهات نظرها، بكثافة، إلى المتلقي العربي. ‏وهذا ينبغي ان تقوم به وسيلة إعلامية ناطقة بالعربية. وبما ان إسرائيل تدرك مقدما ‏ان خطابها الزائف لن يمرر على المواطن العربي، المحصن بوعي غريزي ضدها، لهذا ‏السبب هي لم تقم بإنشاء محطة تلفزيونية ناطقة بالعربية خاصة بها لكنها، في ‏عدوانها الجديد على غزة، وجدت ضالتها في القناة الأمريكية الموجهة إلى المنطقة ‏العربية، قناة الحرة الفضائية. ‏

‏ اتبعت قناة الحرة، مع بعض التحوير، في تغطيتها الإعلامية للعدوان الإسرائيلي ‏على غزة الوسيلة التقليدية التي يتبعها عادة الإعلام الأمريكي الموجه في تغطية ‏الأحداث الكبيرة، وهي الضخ المكثف لوجهة نظر محددة، وبأشكال متعددة، ثم، ‏وتحت يافطة الرأي الآخر، يمنح بعض الوقت لوجهة النظر الأخرى لتقديم حججها في ‏فسحة اقل من الوقت وهامش اقل من المحاور. لهذا أخذت القناة تستضيف في ‏الأستوديو، طيلة فترة التغطية، شخصا أمريكيا مختارا بعناية فائقة من إحدى ‏الجامعات او مراكز البحث ليقدم وجهة النظر الأمريكية ـ الإسرائيلية مقابل أي حجة او ‏محاججة تطرح من الضيوف العابرين الذين تستضيفهم القناة عبر الأقمار الاصطناعية ‏وتوجه لهم أسئلة قصيرة ومحددة، لتعطى بعد ذلك فرصة واسعة لضيف الأستوديو ‏لتفنيدها بهدوء واسترخاء من خلال تكرار لازمات الموقف الإسرائيلي. ‏

ولم تكتف القناة بضيوف الإنابة بل قدمت عدة مرات، وبشكل واسع، وجهات نظر ‏إسرائيلية من مسؤولين إسرائيليين، كالناطقين بأسماء الجيش والخارجية ورئاسة ‏الوزراء. فهذه القناة (من خلال متابعتي) كانت أكثر قناة تلفزيونية اتاحت لمسؤولين ‏إسرائيليين تقديم كافة التبريرات للعدوان من خلال تقديم أسئلة عديدة لهم تغطي ‏كافة جوانب حججهم ، وأيضا باستضافتهم منفردين لكي لا تتشابك وجهة نظرهم مع ‏وجهات نظر أخرى مضادة لها.‏

لا توجد بظني وسيلة إعلام تقدم مادتها بحيادية تامة، خصوصا في وقت الأزمات، ‏وبالذات في الملفات الشائكة. وما قدمته فضائية الحرة، (وموضوع هذه القناة يحتمل ‏نقاش أوسع مما طرح قبل قليل) لم يختلف من حيث الجوهر عما قامت به القنوات ‏الفضائية الإخبارية العربية. فكل قناة من هذه القنوات هي بالأصل تابعة لنظام ‏سياسي او وجهة نظر سياسية او أيدلوجية معينة. ولهذا فقد اتبعت هذه القنوات ‏آليات وسلوك خطاب إعلامي برز وجهات نظر الجهات التي هي تابعة لها رغم ما ‏حاولت ان تقوم به من إيحاء بتعدد وجهات النظر. فقناة العربية مثلا ركزت في جل ‏خطابها وتغطيتها للأزمة على الدور ( الايجابي) للأنظمة العربية بتضخيم أنشطتها ‏الدبلوماسية القاصرة وحملاتها للتبرع والإدانة، بالإضافة إلى إبرازها لرؤية الاتجاه ‏الناقد لحماس من قبل مسؤولين ومحللين كثيرين خلطوا الأوراق ووسعوا دائرة ‏الهجوم لتشمل حزب الله وربطوا بتعسف ما يجري في غزة بمشروع إيران للتوسع ‏في المنطقة. وهذا يتساوق بشكل كلي مع الخطاب الإعلامي الدعائي الإسرائيلي، ‏حيث ركز ضيوف القنوات من الإسرائيليين على بضعة عناصر لإدانة حماس ‏ليستخلصوا ضمنيا في النهاية ان نقد حماس ليس سلوكا إسرائيليا منفردا، وإنما هو ‏حالة مشتركة مع بعض الانطمة العربية التي تمارس نقدا لحماس كمصر والسعودية. ‏وبهذه المشتركات في نقد حماس تضفي إسرائيل (مشروعية) اكبر لعدوانيتها على ‏الشعب الفلسطيني. وبتوسيع دائرة الناقدين وتنوعهم فقد شُيطنت حماس( بضم ‏الشين) وأُظهرت على إنها قوة منفلتة وشاذة ومعزولة وغير شرعية يصح، بل ويلزم، ‏ضربها (وتلقينها درسا قاسيا) كما عبر مرارا، وبغطرسة، الناطق باسم رئاسة الوزراء ‏الإسرائيلي. وبشيطنة حماس وجعلها عنصر الأزمة الوحيد تتحقق عدة أهداف منها ‏تبراة إسرائيل من مهاجمتها شعبا اعزلا بتصوير العملية العدوانية كأنها مواجهة مع ‏الشواذ والخارجين عن خط الإجماع العام، ولا باس هنا من دمغهم بدمغة العملة ‏الرائجة الآن (الإرهاب)؛ وفي نفس الوقت التمويه على مصدر ووجه الأزمة الحقيقي، ‏وهو مماطلة وتهرب إسرائيل من استحقاقات الحل السلمي الشامل للقضية ‏الفلسطينية بإنهاء احتلالها لأرضه والتحكم بمقدراته. ومنها أيضا تبرير وتهوين وقع ‏القتل الجماعي الذي يتعرض له أهالي غزة وتصويره على انه محصلة تلقائية ‏لقبولهم الارتهان لمنظمة متمردة وخارجة عن (الشرعية). ‏

ويترافق مع السعي الدعائي لخلق فجوة بين حماس والشعب الفلسطيني في غزة ‏السعي لخلق نفس الفجوة بين قيادة حماس وقاعدتها وذلك بالتركيز المزيف على ‏مظاهر ترف غير مرئية لقادة حماس. فقد ركز مسؤولون وأكاديميون اسرائليون أكثر ‏من مرة على سيارات الليموزين التي يركبها قادة حماس في الخارج، وفنادق ‏الخمس نجوم التي يقطنونها ويحرضون الشعب الفلسطيني منها، والسيجار الذي ‏يدخنونه في منافيهم المريحة. وهذه الاتهامات هي مزيج كاريكاتوري من التهم التي ‏كانت توجهها الدعاية الأمريكية للنظام ألبعثي في العراق إبان الحصار، كالقصور ‏وتدخين السيجار، والتهم التي يوجهها (ياللمفارقة) النظام ألبعثي نفسه، وباطلاقية ‏وتعسف، على كل معارضيه (فنادق الخمس نجوم). وإذا كانت تهم الدعاية الأمريكية ‏نجحت لأنها تصح على مسؤولي النظام ألبعثي، لتفاهة وسخافة سلوكهم، الذي ‏كان مرئيا وفضائحي، فان هذه التهم يصعب توجيهها، ناهيك عن إثباتها، لقيادات ‏حماس( وأنا من معارضي حماس) على الأقل بالشكل الذي أرادته له الدعاية ‏الصهيوينة. فرصيد قيادات حماس في دفع ثمن مواجهتهم لإسرائيل رصيدا كبيرا لا ‏تخطئه العين المجردة. فالعديد منهم استشهد واستشهد كذلك أبناؤهم. ‏

في الجانب الآخر لاتقل الحجج والمحاججات الإعلامية العربية ذات المنحى الرسمي ‏تهافتا عن منطق الإعلام الصهيوني. فقد حاولت الأنظمة العربية عبر وسائل إعلامها ‏وعبر دفاعات نخبها السياسية والثقافية التهرب من استحقاقات الموقف السياسية ‏بالتشبث بما يعتبرون ان له الأولوية المطلقة وهو وقف العدوان. وليس لديهم بطبيعة ‏الحال مايوقفون به هذا العدوان سوى وسيلة واحدة هي الشجب ومناشدة المجتمع ‏الدولي المعبأ بصورة واسعة إلى جانب إسرائيل. فعلى سبيل المثال قدم الكاتب، ‏والوزير الأردني السابق، صالح القلاب رأيا تضمن رده على مطالبة بعض الأردنيين في ‏الشارع وفي البرلمان بوقف عملية السلام والتطبيع مع إسرائيل وقطع العلاقات ‏الدبلوماسية معها بان هذه الطروحات ستعالج فيما بعد لان الحكومة الأردنية، حسب ‏طرحه، تركز الآن على وقف العدوان. وهذه أل (فيما بعد) والتأجيل لأي استحقاق ‏هي كل ما تحتاجه إسرائيل لتؤدي مهمتها إلى نهايتها المرغوبة. ولا افهم كيف ‏يريدون وقف العدوان من غير ان يستخدموا وسائل الضغط السياسية والدبلوماسية؟ ‏وأي مبتدأ في السياسة يعرف ان التلويح او القطع الفعلي للعلاقات السياسية ‏والدبلوماسية هو احد أهم أشكال الضغط السياسة والدبلوماسية، إذا ما كان خيار ‏الرد العسكري مستبعدا كما هو عليه الحال الآن. ولم يقف السلوك المتخاذل من ‏قبل الأنظمة التي تربطها علاقة حميمة بإسرائيل عند هذا الحد من الإسفاف بل ‏تعداه إلى أنها عجزت حتى عن القيام بما تقوم به أي دولة او حكومة تحترم نفسها ‏،وهو القيام ،على سبيل رد العتب، باستدعاء السفير الإسرائيلي وتقديم احتجاج له ‏او طلب توضيح رسمي منه.‏

لكن يبدو ان هذا الكلام هو ترف مفرط في ظل الوضع المتدهور للسياسة العربية. ‏لان ما تقوم به إسرائيل هذه المرة ليس بعيدا عن التناغم والانسجام بين/ ومع ‏تطلعات ورغبات هذه الأنظمة. ‏

إسرائيل تريد ربح المعركة في جميع ميادينها. وهي تريد ان تستولي، بالخطاب ‏الإعلامي الممرر عبر وسائل إعلام تطرح نفسها، بديماغوجية، على أنها قنوات ‏إعلامية محايدة وموضوعية وحرةـ على عقل ووجدان المتلقي العربي من خلال ضخ ‏الأكاذيب والتشويهات التي يروجها، بالإضافة إلى هذه القنوات الإعلامية، عديد من ‏الكتاب العرب، والناطقين بالعربية، من المنضوين، بدوافع انتهازية او بسبب الوقاحة، ‏تحت خيمة الرؤية العدوانية الاستعلائية الأمريكية والإسرائيلية، كتاب هستيريون ‏مهمتهم غالبا هي إبراز ( شرور )حماس و(فضائل) نصيرتهم وموديلهم المفضل دولة ‏إسرائيل العنصرية.‏

لكن هل ستربح إسرائيل المعركة؟



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة والعرب
- حذاء الزيدي ووجوه البعثيين
- لماذا اتحاد لكتاب الحوار المتمدن
- اتحاد كتاب الحوار المتمدن
- الحوار المتمدن رتوش في طريق التطور
- دكتاتورية مبطنة بحرير الديمقراطية
- عذرية البنادق
- صحوة اليسار
- بشتاشان بين نارين
- ورقة من شجرة الوطن
- كتّاب وكتابة الانترنيت
- الرسائل من كردستان الى الانترنت
- تمخض الجبل فولد القاضي رزكار محمد امين
- أمطار النار... عتبة مرتفعة في عالم الدراما العراقية
- في إنصاف سلمان رشدي
- نوشيروان مصطفى... سقوط ورقة التوت
- أحضان دافئة
- للحوار اخلاقه ايضا
- هموم انصارية
- مهزومون


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - خالد صبيح - أدوات العدوان الإسرائيلي