أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - للحوار اخلاقه ايضا















المزيد.....

للحوار اخلاقه ايضا


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 2089 - 2007 / 11 / 4 - 11:38
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الكتابة موقف وأخلاق فإذا فقدت إحدى هاتين الركيزتين ستغدو حينها أي شيء إلا أن تكون كتابة. وإذا كان احد أهم شروط الكاتب هو أن يكون صاحب موقف، باعتبار أن ذلك هو منهجه لتغيير الواقع، فان هذا الموقف وبالتالي الكاتب سيفقدان قيمتهما ودورهما إن لم يرفدا هذا الموقف بأرضية أخلاقية تضفي على الكتابة صدقا إضافيا. وفي ظروف تطورات عصرنا الحالي باتت لغة الحوار واحدة من أهم ركائز أخلاق الكتابة ومنهج تغيير الواقع. ويكتسب هذا الجانب بعدا إضافيا ومهام مضاعفة حين يكون الكاتب( يساريا وتقدميا) لما عرف عن حاملي هذا الفكر من عمق إنساني في نظرتهم للحياة وللإنسان. وفي زمننا هذا زمن الاختلاف والتباين ونسبية الحقيقة يكون من أولى مهام الكاتب اليساري، لنزوعه التقليدي للطليعية، هو تحفيز الحوار واغنائه باطروحات جديدة ورؤى متفاعلة مع الواقع. وهذا كله يفترض أن يكون بلغة مبنية على التواضع ومشبعة بمشاعر ودية إزاء المخالف مهما اشتدت درجة الخلاف أو تواضع مستوى المتحاورين.

ما بعث على التذكير بهذه البديهيات هو ما يصدر للأسف بين حين وآخر من كتاب محسوبين على فكر اليسار التقدمي من أسلوب ولغة في الحوار يتسمان غالبا بالحدة والاستخفاف بالآخر بل وبالتعالي والعجرفة من قبل بعضهم. سأطرح عينات من هذه اللغة اعتبرها نموذجية وأتجنب ذكر أسماء أصحابها ليس تجاهلا ( معاذ الله) كما يفعلون هم ولكن لكي لا احرشهم علي لان لهؤلاء سطوة وسلطة في عالم النشر الالكتروني وهذا من شانه أن يجعل سطوري هذه لا ترى النور:
(أميل شخصيا عند الرد على مثل هذه المقالات المغرضة إلى عدم إيراد أسم كاتبها مباشرة ... لأني اؤمن بأن ايراد اي أسم يساهم... في محاولة تسويق هذه الاسماء لنفسها والظهور بمظهر المفكرين والمحللين السياسيين... وايضا لان الرد عليها بالاسم هو شكل من الاعتراف بوجودهم وبأهميتهم..) ( خطوط التأكيد من عندي)

دائما هناك وفق هذه العقلية قصدا مبيتا ومغرضا لمن يتعارض مع أفكارهم هدفه عدائي على طول الخط.
واليكم عينة أخرى من شخص يصنف في عداد المفكرين والأكاديميين والسياسيين، وهذه صفات تفرض على حاملها مستوى من التواضع، والتواضع من كرم الأخلاق، وهو أيضا شخص قضى جزء كبير من حياته في بلد أوربي متحضر يعنى بالحوار وبالجدل الفكري، وكذلك هو رجل في سن الشيخوخة التي يفترض بها أن تجعله، بعد نضج تجارب الحياة، متسامحا وطيب القلب. لكن يبدو أن العجرفة متحكمة في نفسية هذا الكاتب بشكل لا فكاك منه. وهو هنا يردد ايضا ذات المضمون وبنفس الروحية المتغطرسة في موضوع لنفس الغاية وهي الدفاع عن حزبه السياسي، بعد أن عرض لبعض الاسماء التي يعتقد أنها جديرة بالنقاش، مع انه حقرها واستخف بشخوصها في جدله معها. فقال:
(... إذ لا يستحق البعض الآخر من هؤلاء حتى ذكر اسمه...)

تاملوا في هذه العبارة كم هي مشحونة بروح العداء والغطرسة ورغبة إلغاء الأخر.

إذن من يختلفون في الرأي، حسب هذه الذهنية المتعجرفة والقمعية ينبغي إلغاء وجودهم بعدم الاعتراف بهم ككائنات بشرية تمارس حقها في التفكير وإبداء الرأي، للحد الذي لا يستحقون فيه
حتى ذكر أسمائهم). وهذا لا ينطوي على روح قمع ومصادرة بإلغاء الآخر واجتثاثه بعدم الاعتراف به، مما يذكر بلغة الإعلام ألبعثي في جدله مع خصومه وحسب، وإنما يدلل أيضا على نوع من الثقة بالنفس تجعل هؤلاء الكتاب يفترضون أنفسهم( لأسباب سياسية طبعا) من علية القوم ومشاهير الكتاب. وهذا تنفج ليس له رصيد في ارض الواقع. ويبدو أن هذه القناعة قد تملكت أصحاب هذا التيار اليساري مما دفع احد أتباعهم ممن ينتمون لذات الاتجاه في أخلاق الكتابة للقول بأنه لن يرد على المختلفين معه ومع حزبه لان هؤلاء( أي المنتقدين) يطمحون إلى الشهرة من خلال ذكر أسمائهم، وهو يحبط، بعدم رده عليهم وتجاهلهم، مخططاتهم تلك.

الا يجدر بنا التوقف هنا وإبداء الاستغراب من هذه الثقة العالية بالنفس التي يفترض صاحبها نفسه بأنه احد المشاهير وما أن يذكر اسم احد حتى يصاب صاحب الاسم هو الآخر بالشهرة ؟.

شيء يثير الدهشة حد انعقاد اللسان. وما يجعل من الصعوبة بمكان ابتلاع هذا الكلام هو انه يصدر من أناس يلهجون ليل نهار في كتاباتهم بنقد التيارات الدينية والسلفية والنظام ألبعثي وخطابه السياسي لأنه صادر ذات يوم حقهم، ضمن مصادرة حقوق المجتمع بأكمله، في الوجود وممارسة حق الاعتقاد وإبداء الرأي. ويدعون في نقضهم لهذا الخطاب إلى الحوار وحق الاختلاف. وهذا استخلاص رائع حقا. لكن أن يطالبوا بهذا الحق لأنفسهم فقط ويستنكرونه في الممارسة على الآخرين فهو الازدواج والتناقض بعينه. فهم ما أن يمارس الآخر المختلف في الرؤية والتقييم معهم حقه في الاختلاف حتى تنقلب الصورة ويظهرون نفس ما دأبوا على نقده من سلوك، فيتحول ناقدهم والمختلف معهم إلى شخص مغرض وطالب للشهرة وهو نكرة بطبيعة الحال ولا يستحق حتى ذكر اسمه.

اعتقد إن طيف ذهنية القمع ألبعثي ماثلا بقوة في هذا الخطاب، وان جرعة من التواضع قد تنفع هؤلاء وتخفف من غلواء داء العظمة المصابين به. قد يعترض قائل هنا إن هذه الأشياء صغيرة فلماذا علينا إن ننشغل بها، أقول: إن المصائب الكبيرة تبدأ أحيانا من الأشياء الصغيرة. لكن الأهم هو أن هذه الأشياء قد تكون صغيرة ضمن الدائرة التي تتحرك بها، والمناسبات التي تثار فيها. لكنها واقعيا كبيرة لأنها تعبر عن منطق وذهنية وبنية عقلية وأخلاقية ينبغي التصدي لها لتصحيح مسار الحياة الثقافية والاجتماعية، ولتصحيح العلاقات داخل الوسط الثقافي والسياسي لتنقية الأجواء من سموم الكراهية التي تشيعها العنجهية والتعالي اللذان يمارسان هنا وهناك. من هنا ومن هذا المنطلق والمقياس لن تبدو هذه الأشياء صغيرة، بل على العكس فهي كبيرة لاسيما إذا أدرجناها، كما يقتضي منطق المعالجة، في إطار بنية الخطاب الثقافي والسياسي السائد في الساحة السياسية والثقافية العراقية الذي تأثرت أساليبه وأنماطه بمخلفات فترات الاستبداد والتخلف ألبعثي وغيره. وأيضا لان من أولى مقتضيات التحول الديمقراطي المنشود هو إعادة تأهيل البنية العقلية المشوهة المنعكسة بقوة في الخطاب السياسي والثقافي. وبهذا تكون معالجة هذه الأمور هي من صلب عملية كبيرة ومعقدة. لن تنتهي بكتابة عابرة هنا وهناك وتصدي منفرد لهذا أو ذاك بل تقتضي فيما تقتضيه إعادة نظر شاملة في أبنية العقل العراقي بمكوناته المتعددة.

لكن الخطوة الأولى تكون عادة بالكشف عن ممارسات هذه الذهنية وبالتالي نقدها كجهد جزئي في عملية التغيير الواسعة، وهذا ما قصدته بهذه السطور.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هموم انصارية
- مهزومون
- الحوار المتمدن / الواقع واحتمالاته
- مهرجان الوطنية
- الاحتلال الخفي
- احراجات الاسئلة الصريحة
- المصالحة الوطنية وشروط عودة البعث-2
- المصالحة الوطنية وشروط عودة البعث
- طلاسم عراقية
- الانشوطة
- قتلة الحلم
- بشتاشان مسارقضية
- من قانا الى تل ابيب
- مغامرة ام مقامرة
- مالايمكن تحقيقه
- ذاكرة الانصار الشيوعيين
- حكومة المالكي والتحول في مسار الواقع السياسي
- إختلافاتنا البهية
- بشتاشان ذاكرة التاريخ
- ربطة العنق التي ستخنق العراقيين


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - للحوار اخلاقه ايضا