أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - خالد صبيح - احراجات الاسئلة الصريحة















المزيد.....

احراجات الاسئلة الصريحة


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 1977 - 2007 / 7 / 15 - 10:45
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


استضافت فضائية العراقية بتاريخ-11 -7 -2007 في برنامج نقطة حوار وعلى مدى ساعة كاملة السيد مفيد الجزائري عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي. والسيد مفيد الجزائري، لمن لا يعرفه، هو رجل مثقف وفنان مرهف الحس وإنسان يتميز بالأدب الجم وطيبة القلب. لكن هذه الخلفية المميزة للسيد مفيد لم تعنه على كتم شيء من الانفعال وبعض العصبية التي سببتها له أسئلة مقدم البرنامج الصريحة والذي طاف بها على بعض جوانب نشاط ومواقف الحزب الشيوعي السياسية، ناقلا بصدق تساؤلات الشارع حول أوضاع الحزب ودوره المستقبلي. ورغم شرعية هذه الاسئلة وانيتها إلا أن السيد مفيد بدا متضايقا بعض الشيء من جرأة الأسئلة وصراحتها، وانعكس ذلك على طريقته في مناقشة مضيفه حيث اخذ يقاطع مقدم البرنامج ويطرح عليه هو الأسئلة بأسلوب يعكس نفاد الصبر مما دفع مقدم البرنامج للطلب من السيد مفيد أن (لايزعل) عليه فهو يحاول أن ينقل ما يدور في الشارع من تساؤلات حول أوضاع الحزب.

والسؤال المهم هنا:

ماذا سيكون عليه الحال لو إن طارح السؤال او المناقش كان واحدا من أعضاء الحزب وكان يطرح آرائه وتساؤلاته في هيئة حزبية أو اجتماع عام؟ وكيف سيكون رد الفعل لو كان المحاور أو المجيب على السؤال قيادي آخر، غير السيد مفيد الجزائري، ممن يتصفون بالحدة وضيق الصدر؟

أكاد اجزم بان الموقف سيكون متوترا وربما صاخبا. فإذا كان كل كرم الخلق والتواضع الذي عليه السيد مفيد الجزائري أعطانا هذا المستوى من الانفعال فلكم أن تتصوروا ماذا سيكون عليه الحال لو تصدى شخص آخر للموضوع.

لم يكن انفعال وعصبية السيد مفيد الجزائري، بتقديري، ناتج عن طبيعة خُلقية، فالرجل مهذب وطيب القلب كما أسلفنا، لكن المسالة، كما بات معروفا، ناتجة عن طبيعة العقلية الحزبية التي يفكر ويتصرف بمنطقها السيد مفيد الجزائري والآخرون من قادة وكوادر الحزب، تلك العقلية التي تضيق بالسؤال وبالرأي المختلف، والأخطر من هذا إنها عقلية تريد أن تحرّف الواقع لتتكئ مطمئنة إلى قناعتها هي عنه أو عن صورته في ذهنها. لذلك لم يكن مستغربا أن يعبر السيد الجزائري في ذات اللقاء، وسط استغراب مقدم البرنامج وربما الكثير من المشاهدين، عن تفاؤله بالأوضاع رغم كل الكوارث التي تعصف بالعراق الآن. وكان التفاؤل هنا موقفا ضروريا ولازمة يجب أن يؤمن بها الثوري لأنه، حسب خرافة أصولية ماركسية منقرضة، يرى دائما، وسط حلكة الحاضر، أفق المستقبل المضيء.

ضيق الصدر إزاء النقد والرأي المغاير الذي يرى واقع الحياة وواقع الحزب بغير الصورة التي يرى الحزب نفسه بها، أو بالا حرى يتمناها، تكاد تكون عقدة مستعصية في حياة وعقلية الحزب الشيوعي العراقي أو قيادته في أحسن الأحوال. وضيق الصدر هذا حين يتجسد انفعالا وعصبية في مناقشة علنية وبوسيلة إعلامية فمن المحتم انه يكون اجراءات زجرية وقمعية داخل التنظيم وخلف الكواليس. وكلنا قرانا، على سبيل الاستدلال، ما كتبته المناضلة الشيوعية المخضرمة الدكتورة (سعاد خيري) حول الإنذار بالفصل من الحزب الذي وجه إليها، رغم ثقل تاريخها ومواقعها وأدوارها، على خلفية انتقادها العلني لنشاط سكرتير الحزب السيد حميد مجيد، رغم إنها انتقدت نشاطا ومواقفا سياسية علنية ومفصلية في حياة الحزب، لكن يبدو إن المطلوب، كما يوحي الإنذار، هو خنق النقد والآراء داخل أدراج البيروقراطية الحزبية وحصره في أضيق نطاق.

بالمحصلة العامة أثمر هذا الموقف المتوتر من النقد والرأي الآخر المختلف الذي يمارسه الحزب، تنظيما حزبيا صغيرا ومتماسكا، بفعل إجراءات القمع والتنفير، لكنه تنظيما مغلقا ومكتف بذاته، تنظيما خاملا ويفتقد للحيوية التي يسببها الانفصال عن الحياة. والا بماذا يفسر انعقاد مؤتمر للحزب، هو المؤتمر الثامن، وسط تحولات وحراك سياسي واجتماعي واسع، ولا يظهر فيه أي رأي أو توجه مغاير. وانتهى المؤتمر كاحتفالية مثالية للانسجام. بينما نشهد في أحزاب وقوى أخرى، رغم خلفياتها المتحجرة، مستويات من الحراك تدلل بشكل وبآخر على تأثرها بالواقع وانفعالها به إن لم نقل تفاعلها. فمثلا حزب الدعوة، الذي هو بتوصيفه العام حزب ديني بأيدلوجية إسلامية مغلقة وبأفق طائفي ضيق، إلا انه عبر في مؤتمره الأخير على نوع من التحركات والاختلافات الداخلية حول قضايا تنظيمية وسياسية فيه، كوضع الأمانة العامة وإجراءات انتخابها وموقع الأمين العام وتنظيم علاقته بالمناصب الحكومية.. الخ، وهذا أمر طبيعي ودليل حيوية. كما إن حزب الدعوة هذا أثمر ظاهرة مميزة( أؤكد ظاهرة) هي مثال محرج لكل القوى السياسية، واعني بها نشاط ومواقف السيد (ضياء الشكرجي)، المفكر والقيادي في حزب الدعوة وعضو البرلمان المستقيل، والجميع يعرف ما قاله وأعلنه هذا الرجل النزيه من مواقف تدلل في النهاية على مستوى من التفاعلات التي تدور داخل حزبه وربما التيار الديني الإسلامي برمته. ألا يحق لنا هنا، في الوقت الذي نشهد فيه هكذا مؤشرات حيوية في أحزاب مغلقة وذات طابع سلفي، أن نتساءل بارتياب:

ما بال الحزب الشيوعي العراقي، وهو حزب علماني وتقدمي ويدين بالحداثة الفكرية، لا يحدث داخله أي حراك يدلل على الاختلاف والتنوع مع انه مر، كغيره من الأحزاب والقوى السياسية، بتحولات في المواقف والقرارات والتحالفات؟.

بعض المثقفين الشيوعيين، كالفنان فيصل لعيبي مثلا، طالبوا قيادة الحزب وبرسائل علنية ببعض الانفراج في نظرة الحزب لموضوعة النقد والسماح بنشر الآراء المغايرة في منابره الإعلامية كتعميق لما يدعيه من نهج ديمقراطي يسير عليه. وهكذا مطالب هي مشروعة وستفيد الحزب حتما في النهاية أكثر مما تضره. ولو نظرنا إلى واقع تطورات تكنولوجيا الاتصالات سنرى إن انتشار شبكة الانترنيت يكشف، للأسف، ما يمكن وصفه بغباء القائمين على وسائل الحزب الإعلامية أو أولئك الذين يحجبون الآراء المغايرة عنها، لان نشر الآراء ووصولها إلى من يريد باتت مسالة ممكنة ولا احد يستطيع منعها. ومنع نشر هذه الآراء في مواقع الحزب وصحافته ماهو إلا نوع من العناد البليد، بينما نشر تلك الآراء في منابر الحزب الإعلامية سيضفي على الحزب تلك الصبغة الديمقراطية التي يسعى لتلميع صورته بها من جانب ومن جانب آخر يتيح لنفسه بنشرها فرصة مناقشتها ودحض ما بها من أخطاء وتجنيات، إن وجدت، وأيضا لتكون سببا وباعثا على نشر وشرح سياسة الحزب بتفاصيل أوسع، كما إن تبني نشر الحزب للآراء المغايرة في وسائله الإعلامية سيخفف من درجة الاحتقان التي بينه وبين منتقديه، والتي تدفع البعض منهم للانتقاص منه، وبما يعود بالنفع على الجميع. كما إن الحزب بهذا يقلل من الهوة الفاصلة أو يقصر المسافة بينه وبين منتقديه إن هو ابتغى تحويل الطاقات الوطنية باتجاهات أكثر نفعا.

لكن هناك بعض المخاوف (المشروعة). فكما لا يخفى، إن إتاحة النقد وتوسيع دائرته سيؤدي إلى بعض المكروهات على قيادة الحزب وكوادره. فسلوك القادة ونشاطهم ونشاط الهيئات الحزبية سيكون حينها تحت مبضع النقد الجاد الذي لا يرحم. وهذا رغم المرارات التي يحملها لبعض الأشخاص إلا انه قد يؤدي إلى تحولات نوعية ضرورية في حياة الحزب وهيكله، دون أن ننسى بطبيعة الحال أن ذلك قد يؤدي إلى فقدان بعض القادة لمواقعهم. والمحك الصعب الآن هو في السؤال:

إذا كانت تلك المواقع هي تكليف ومسؤولية فبالضرورة سيكون من صالح هؤلاء القادة ضمنيا وعلى المستوى الشخصي أن يتنحوا، في حال ثبتت عدم كفاءتهم أو مسؤوليتهم المباشرة عن الأخطاء، ليرتاحوا وينعموا بحياة بلا مسؤوليات ثقيلة تتعبهم. وان كانت المواقع تلك امتيازات، ليست بالضرورة مادية، فسنجد حينها بلا شك تشبثا ولهفة على تلك المواقع والمناصب. هذا ما يقوله منطق الأشياء. على قيادة الحزب إذن أن تثبت، للجمهور عامة ولجمهورها الحزبي خصوصا، حسن نواياها وحنكتها ونزاهتها وتقدم على الخطوة الجريئة بفتح بوابة النقد على مصراعيها كخطوة أولى باتجاه إعادة بناء الحزب.

والى أن تحدث تلك الخطوة الجريئة لم يبق لنا سوى التوقع من أن الحزب سيبقى دائرا في دوامة البهجة الزائفة وغياب الوعي والتفاؤل الساذج.






#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المصالحة الوطنية وشروط عودة البعث-2
- المصالحة الوطنية وشروط عودة البعث
- طلاسم عراقية
- الانشوطة
- قتلة الحلم
- بشتاشان مسارقضية
- من قانا الى تل ابيب
- مغامرة ام مقامرة
- مالايمكن تحقيقه
- ذاكرة الانصار الشيوعيين
- حكومة المالكي والتحول في مسار الواقع السياسي
- إختلافاتنا البهية
- بشتاشان ذاكرة التاريخ
- ربطة العنق التي ستخنق العراقيين
- سيف البغي
- صفعة على خد ناعم
- من هو رجل أمريكا القوي في العراق؟
- ماقالته الانتخابات
- معبر الانتخابات الى الهزيمة
- الانتخابات العراقية... منتصرون ومهزومون


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - خالد صبيح - احراجات الاسئلة الصريحة