أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - ماقالته الانتخابات















المزيد.....

ماقالته الانتخابات


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 1134 - 2005 / 3 / 11 - 10:17
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بات معروفا ماقالته الانتخابات البرلمانية التي جرت في العراق بما وضعته من أسس لخيار استراتيجي على مستوى البنية السياسية العام وبتثبيتها لممارسة ديمقراطية، ستؤدي إن تمت رعايتها وتطويرها، إلى تحويل كل اطر المجتمع نحو بنية ديمقراطية تضعه في خط تطور حضاري واسع ، وبتوسيعها كذلك من أفق الممارسة السياسية، حيث قضت بذلك، ربما بغير رجعة، على قيم وأفكار الاتجاه الواحد والوحدة الكاذبة والمزيفة لصالح تعدد وتنوع وتنافس وتصارع سياسي واجتماعي وفكري.

ضمن دائرة هذا الإطار الشامل والاستراتيجي قامت الأحزاب السياسية بتقديم برامجها وخططها ونواياها التي تغلفت في المستوى العلني بالكثير من الدبلوماسية والادعاء، بينما ما يجري على ارض الواقع وفي الدهاليز المعتمة أشياء أخرى تبتعد، بقدر وبآخر، عن روح القيم التي دعت إليها وأوحت بها الممارسة الانتخابية. فحقيقة ما يجري على ارض الواقع الآن هو تبادل للصفقات وتبادل للمصالح الفئوية الضيقة بين القوى ( المنتصرة) بعيدة عن النفس الوطني العراقي باتجاه تكريس توجهات قومية وطائفية وعشائرية سبقها إقحام براغماتي متعمد للمقدس الديني في الجانب العملي من الحياة السياسية الدنيوية. وهذه الممارسات بالضبط هي مالم تقله أو تدعو إليه الانتخابات كآلية متقدمة في الممارسة الديمقراطية. كذلك لن يغيب عن بالنا إن الممارسات التي مهدت للانتخابات قبل إجرائها وأثناءها من توظيفات غير نزيهة لأسماء مرجعيات دينية وتزويرات وتجاوزات ، كشفت عن روحية وعقلية الكثير من الأحزاب والقوى السياسية لاسيما تلك التي رجحت كفتها في الانتخابات. فهذه الأحزاب، حصرا، قد أصابها سعار هستيري ساعية للاستحواذ، وبأي ثمن، على اكبر قدر ممكن من الأصوات والمقاعد.

خارج اطار التصريحات السياسية ذات الطابع الشكلي والدبلوماسي ندرك إن من تلهف للانتخابات وأصر على إقامتها كان يريد استثمارا سريعا لرصيد ساعدت على توفيره الأوضاع الشاذة التي مر بها المجتمع العراقي طيلة عقود طويلة من القمع والتدمير البنيوي الشامل، وقطفا متعجلا لثمار مازرعه وكرسه من ميول غرائزية كالتعصب القومي عند الأحزاب القومية الكردية والتطرف الطائفي لدى بعض الأحزاب الدينية الشيعية على خلفية جرائم النظام ألبعثي البائد. وهذا التلهف بقدر مايعكس طموحات سياسية فئوية ونزوع للاستحواذ على اكبر قدر ممكن من السلطة وعناصر القوة فانه يعكس أيضا إحساس خفي بالقلق من إمكانية تحول مزاج الفرد العراقي بالتطلع بعيدا عن ضيق الأفق العقلي الذي تنطلق منه خطابات هذه القوى، لان صحوة المجتمع قادمة حتما ـ وهذه أشياء تدرك بالحس أحيانا أكثر منها بالتحليل والاستنتاج ـ وهذه الصحوة التي ستنهضها وتوقدها التطورات التي سيحملها زمن السلم والبناء المفترضين ستقوض الكثير من أبنية وركائز هذه الأحزاب وأيدلوجياتها، لهذا رأيناها، بتصوري، متعجلة في تحقيق وتثيت أشياء ستعجز عن تحقيقها وحمايتها لو سارت الأمور بمنحى آخر. إلا أن ذلك لا يبرر بطبيعة الحال ويمنح مسوغا لمن غاب وعادى الانتخابات لأسباب تحركها منطلقات القسم المتحمس للانتخابات ذاتها، فهم بالمحصلة اتجاهان لحالة واحدة هي تكريس مصالح فئوية ضيقة على حساب مشروع وطني عراقي.

وبينما جلبت الانتخابات نصرا، هو مؤقت في الغالب، لتيارات الإسلام الشيعي والقومية الكردية فإنها كشفت عن محنة حقيقية للتيار الديمقراطي واليساري الذي مني بهزيمة كبيرة فيها. فهذا التيار بدا عاجزا أثناء العملية الانتخابية أمام ممارسات التهويش والتزوير التي حصلت فيها، ولم يستطع أن يوسع من حضوره ليحصل على مايستحق من دور ومكانة وليكتشف بقدر جلي مدى قدرته وتأثيره في الشارع السياسي. وإذا جاز لنا إرجاع بعض عوامل هذا الفشل والضعف الذي وقع به التيار اليساري والديمقراطي لأسباب موضوعية كعامل التخلف الاجتماعي والخلل البنيوي في المجتمع العراقي الناتج عن مجمل تاريخه وبناه العقلية فان ذلك لايمنعنا بل سيحفزنا على البحث أكثر في الجانب الآخر من الموضوع والمتعلق بطبيعة تركيب وأنشطة قوى هذا التيار. فمهما بحث أبناء هذا التيار عن أسباب لإخفاقهم خارج إطار كيانهم فسوف لن يحصلوا إلا على مايزيد من هذا الإخفاق ويقلل من فرص تجاوزه.

ابرز علامة في وضع التيار الديمقراطي هي انه تيار غير موحد بل وغير متجانس والأكثر انه لايملك توجها مشتركا. ففي الوقت الذي شهدنا فيه ائتلافا واسعا من قوى مختلفة استطاع كل من التيار الإسلامي والقومي الكردي أن يكوناه ويعبئا الناخبين من حوله، وأخذت بعض القوى المنتسبة عمليا للتيار الديمقراطي واللبرالي(جماعة الباجه جي) تسعى لتشكيل كتلة موازية للكتلتين الكردية والشيعية وبأي ثمن للحد الذي دفعهم للتفكير بضم البعثيين لصفوفهم، عجز تيار اليسار عن أي شكل من أشكال التوحيد أو حتى التنسيق بين أطرافه. وأسباب هذا لها تاريخ طويل فهي ليست وليدة لحظة الانتخابات فقط فجذورها مغروسة عميقا في تربة اليسار وتعود، برأيي، إلى أن هذا التيار يتصارع داخليا أكثر مما يتصارع مع الآخرين أو أن يأتلف مع نفسه. فكل جهة من جهات التيار تنحو خارجيا إلى الاتفاق مع توجهات قوى معينة تنتمي لبنية فكرية خارج دائرة اليسار ومفتقدة للتوجه الديمقراطي، بينما تبتعد بشكل متطرف عن توائمها الفكرية. فمثلا مال الحزب الشيوعي العراقي، وهو ابرز تيار يساري موجود في الساحة الآن، إلى الاهتمام بالعلاقة مع القوى القومية الكردية باتجاه تكوين تحالفا معها ساعيا للوصول إلى مراكز السياسة العليا، أي مراكز القرار السياسي في الحكومة والدولة، متخليا بهذا عن ما يفترض أن يقوم به من اصطفاف على أسس وطنية وطبقية وفكرية مع قوى أخرى قريبة فكريا وتاريخيا منه. ولو لم يبعد التيار القومي الكردي الحزب الشيوعي العراقي من ساحة ائتلافاته لأدى هذا بالحزب إلى المزيد من التبعية في علاقته بهذا التيار على حساب القضايا الوطنية والاجتماعية الجوهرية.

هذا العامل مترابطا مع نزعة استعلاء، بدوافع غريبة، مارسها الحزب الشيوعي أدى إلى انعدام القدرة على الانفتاح المتبادل بين أطراف تيار اليسار وبالتالي إلى فتح بوابة الحوار لفهم واقعه الداخلي ودراسة أسباب هذه الجفوة والتنابذ لأجل معالجة تبعاته وتخطيها من اجل وضع أسس لعلاقة جديدة يمكن بها أن يتخطى التيار سقطاته وعوامل ضعفه لينطلق انطلاقة جديدة على أسس سليمة يستطيع من خلالها أن يستعيد دوره ومكانته الفعلية. وتركيز النقد على الحزب الشيوعي العراقي هنا يقوم اساسا على اعتبار ان الحزب هو اكبر تيار يساري عراقي يتحرك في الساحة الآن وهو يستطيع، بتصوري، أن يلعب دورا مهما، سلبا وإيجابا، في إمكانية معالجة الواقع المتردي الذي يعانيه اليسار الان. وايجابية سلوك الحزب يمكن لها أن تتجلىاذا أقدم على مبادرة توحيدية لتيار اليسار، لان مسالة التوحيد بحاجة إلى جسد مادي وخبرة سياسية تستطيعان نقلها إلى ارض الواقع وعلى تحريك آلياتها، والحزب الشيوعي يبدو مؤهلا ولاسباب كثيرة لاداء هذا الدور. ولكن إذا تلكأ الحزب الشيوعي أو امتنع عن اداء هذه المهمة وعن فتح الطريق أمامها فانه، وهنا يتشخص دوره السلبي، لن يضر بالحركة اليسارية فقط وإنما سيضر بنفسه. لان الحياة لن تتوقف عن تقديم البدائل وملء الفراغات. وفي حال تخلف الحزب الشيوعي عن لعب دوره الذي تمليه عليه الظروف الحالية فعندها ستنبثق قوة أو أداة أخرى قادرة على حمل عبء التوحيد والتطوير وستتخطى الحزب الشيوعي وستخلفه في عالم من العزلة وربما الضياع. بمعنى آخر إذا أصر الحزب الشيوعي على التخندق بمواقفه الاستعلائية القديمة فانه سوف يهدر فرصة إنعاش وإعادة الحياة لنفسه وللتيار اليساري برمته وسيفقد ممكنات بقائه في الساحة السياسية كتيار سياسي يساري.

و لكن لكي يستطيع الحزب الشيوعي أن يلعب هذا الدور التوحيدي فهذا يتطلب أوليا مراجعة شاملة لمساره السياسي وإعادة نظر معمقة في هيكليته التنظيمية وان يضع أسس ناضجة لتطوير بناه.

وهذا شان عميق وكبير سوف لن يتحقق بالنوايا الحسنة ابدآ.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معبر الانتخابات الى الهزيمة
- الانتخابات العراقية... منتصرون ومهزومون
- صحوة الدائخ
- المصالحة الوطنية... ماساة ام مهزلة؟
- نظرة في الدعاية الانتخابية
- محنة الناخب العراقي وسؤال الشرعية
- ثوب الديمقراطية الفضفاض
- تمخض الجبل فولد فارا
- حق الانفصال وداعا ايها الكرد وداعا
- خلل بنيوي وتبعية مركبة
- ماذا عن القتلة
- هيئة علماء المسلمين بين الكراهية الدينية واعادة الاعتبار للن ...
- الجانب الاهم في جرائم النظام البعثي
- الحوار المتمدن في لحظة اختبار
- العراق .. عراق من؟
- تضييق دائرة الصراع علاوي ـ الزرقاوي
- الشهيد عاشقا للحياة
- مخاض السيادة ورهان الامن
- وحدة اليسار العراقي
- البطالة السياسية - عن ظاهرة المنسحبين من الحزب


المزيد.....




- تطاير الشرر.. شاهد ما حدث لحظة تعرض خطوط الكهرباء لإعصار بال ...
- مسؤول إسرائيلي لـCNN: الاستعدادات لعملية رفح مستمرة حتى لو ت ...
- طبيب أمريكي يصف معاناة الأسر في شمال غزة
- بالفيديو: -اتركوهم يصلون-.. سلسلة بشرية من طلاب جامعة ولاية ...
- الدوري الألماني: شبح الهبوط يلاحق كولن وماينز بعد تعادلهما
- بايدن ونتنياهو يبحثان هاتفيا المفاوضات مع حماس والعملية العس ...
- القسام تستدرج قوة إسرائيلية إلى كمين ألغام وسط غزة وإعلام عب ...
- بعد أن نشره إيلون ماسك..الشيخ عبد الله بن زايد ينشر فيديو قد ...
- مسؤول في حماس: لا قضايا كبيرة في ملاحظات الحركة على مقترح ال ...
- خبير عسكري: المطالب بسحب قوات الاحتلال من محور نتساريم سببها ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - ماقالته الانتخابات