|
الكاميرا الخفية وصناعة الوهم
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 3960 - 2013 / 1 / 2 - 12:23
المحور:
كتابات ساخرة
الكاميرا الخفية وصناعة الوهم هناك محطة فضائية وغيرها كثير ، تطلق على نفسها اسم مايسترو ، تبث طوال النهار والليل ، مسابقة تافهة جدا ،كالفرق بين صورتين لأحد النجوم ، او "حزيرة" تافهة ، مثل : دولة عربية من ثلاثة حروف ، اذا اسقطنا الحرف الثالث ، تصبح كلمة بمعنى حيوان اليف !!! وما الى ذلك من الترهات ، والحائزة ثمينة تقدر بألاف الدولارات !!!! مذيعة مغناج او مذيع انيق ، يستقبل اتصالات المستمعين ،"الوهميين"؟! الذين يأتون بأجوبة ان دلت على شيء فأنما تدل على مدى غباء وجهل المتصلين وهم عرب بالتأكيد !كأن تكون الأجابة على اسم الدولة ، السعودية أو مصر ، ويستمر مسلسل الأستغفال والأستهبال أياما واسابيع ! لكن هذه المحطة الهبلة المستهبلة ،تبث مقاطع مطولة من برنامج الكاميرا الخفية الذي تنتجه دول "الكفور والفجور"! وحينما اشعر بضيق ما ، فأنني استعين بالريموت كونترول ،رحم الله صانعه رحمة واسعة ، واضع رقم القناة التافهة لأستمتع بساعة من الضحك والفرفشة ،ببلاش!!! ومما لاحظته من مشاهداتي للكاميرا الخفية ، أن الجمهور الذي يقع "ضحية" الكاميرا لا يثور ،يصرخ ،يكسر او يهاجم الممثلين ، فهو يمتاز بصبر واسع وأعصاب باردة ، ومما لفت انتباهي ايضا أن الجمهور على استعداد دائم للمساعدة ، حينما تطلب منه "الممثلة" مثلا ، المساعدة في نقل طرد ، او الجلوس مكانها لدقائق لأنها بحاجة للدخول للمرحاض !! وعلى عادة البرنامج ،فمعدوه يخلقون واقعا وهميا ، يصدقه المشاهد ويتفاعل معه ، كوقوع أنسان في حفرة ، او نقل حيوانات لحديقة الحيوانات ، وفي حقيقة الحال فهذا الواقع مصطنع ! ويدل على أن الأنسان ،كل أنسان ، يصدق ما تراه عيناه ، ويحار في تفسير الامور التي تحدث ، لأن وقوعها مستحيل !!!!! الى أن يكشف الممثل الأمر في نهاية "الخدعة "، وتتضح الصورة !! اذ كيف يمكن تفسير ، أن يخرج لك الحاسب البنكي الألي ،نقودا معدنية مثلا ،بعد ان تكون متأكدا أن الألة حقيقية ، ووضعت بطاقتك داخلها ، وادخلت رقمك السري ! هل سيخطر ببالك حينها ،ان ممثلا يجلس داخل الألة؟؟؟ مقاطع مبنية على الوهم ، وهم ،أن ما نراه وما يقولونه لنا ،صحيح مئة بالمئة ! طبعا وبالتأكيد فأننا نستوعب العالم من حولنا ،عن طريق الحواس اولا وقبل كل شيء ،وما نراه أو نسمعه ، نشمه ، نتذوقه ، أو نحس به ، هو واقع موضوعي ، لا شك فيه ولا مراء ! وعلى هذه الفرضية تعتمد صناعة الوهم ! والا بربكم خبروني ، كيف تؤمن الملايين ، أنه وبمجرد تنفيذ حد السرقة مثلا ، ستتحول حياتها من جحيم الى نعيم ، دون بذل اي مجهود ! كيف تصدق هذه الملايين ، أن اصحاب الجلالة والسعادة والسيادة ، هم المنارات للعلم والمعرفة والفكروالتقى ،لا يخشون سواه ،سبحانه وتعالى ! وكيف يصدقون بأنهم محسنون وكرماء ، وكأنهم حصلوا ثرواتهم من جهد ذهني خارق للعادة كالكافر بيل غيتس مثلا! وكيف تصدق هذه الجماهير ، الترهات التي يطلقها "اصحاب الفضيلة " السلفيين والوهابيين ، بأننا أي العرب والمسلمين سنسود العالم ، ولا ينقصنا سوى أن نغزوه في عقر داره ،لنعود محملين بالأسلاب والسبايا !بماذا سنغزوه ،ربما بالسيوف والخناجر ، وبأشياء اخرى لا أريد الأفصاح عنها ،احتراما للقراء ! كيف تصدق هذه الملايين ، أن صاحب الجلالة حمد بن عيسى مثلا، ديموقراطي حتى النخاع ، ولهذا تدخل الأخوة في الخليج لحمايته ودعمه ، لأنهم حماة الديموقراطية والليبرالية ، وحقوق المواطن وحريته في التعبير والمعتقد ! وكيف تصدق هذه الملايين بأن قطر ، امبراطورية ديموقراطية ، وضعت نصب اعينها ، الدفاع عن حقوق الأنسان في كل بقاع الأرض ! كيف وكيف وكيف ، وكم من الأوهام غرستها قرون من التجهيل والأستبداد في اذهان العرب والمسلمين . لكن وفي نهاية فقرة الكاميرا الخفية ، ينفجر المشاهد " والضحية " ضاحكا ، ضحكة صحية نافعة للروح والجسد ، أما وبعد انكشاف الوهم الذي عاشه العربي والمسلم طيلة حياته ، لن يتبقى له سوى ،انفجار قلبه او دماغه او يموت بالسكتة القلبية ، وانا للله وأنا اليه لراجعون .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العرب...خارج الاسوار
-
التموضع في المركز
-
انتخابات محسومة سلفا -نظرة على الاحزاب الاسرائيلية
-
صراع الهويات
-
وحدة وصراع الهويات
-
أمي .. وأنا
-
اليسار الاسرائيلي 2
-
اليسار الاسرائيلي
-
خارج التداول
-
مهاجرون من العربية الى العبرية - سيد قشوع
-
الحسين بن علي واطفال غزة
-
سوناتا الوجد
-
صواريخ
-
كنت في تل ابيب وركضت مع الراكضين
-
مقاطعة الانتخابات ليست كمقاطعة المنتوجات
-
اللعب في ملعب الخصم
-
السرنامة وثقافة السجون
-
PANIC DISORDER
-
الجنس ...الميول ...الاعتداءات والثقافة
-
اليسار الذي احلم به
المزيد.....
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|