|
حلبجة بحاجة لمداواة جراحها العميقة
حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 1140 - 2005 / 3 / 17 - 12:24
المحور:
القضية الكردية
ها مرّت 17 عاما على مجزرة حلبجة و لا يزال أهلها يعانون من جراح عميقة ، و خراب في مدينتهم فظيع و مزايدات و متاجرة بمأساتهم من قبل من يدعون تمثيلهم و الإخلاص لهم . و تشهد أرض الرافدين يوميا جرائم قتل بحق أبنائها ، و كان أفظعها في بابل التاريخ و نينوى الزاهية . فمنذ 17 عاما لم يتغير شئ جوهري سوى أن رؤوس الجريمة من صدام و علي الكيمياوي و رفاق الجرائم رهن الاعتقال مما يمكن أن يُعد ّ ما يكون لصالح ضحاياهم من أهالي حلبجة و المؤنفلين و جماهير المقابر الجماعية في كل العراق . لكن الجراح العميقة لا تزال هي هي في ضمائر ووجدان الأحرار في العالم. و منذ 17 عاما لم تحصل أهالي الضحايا الناجين من الموت ، لم يجنوا من القوى القومية الكردية سوى الخطابات و الدعايات السياسية الرخيصة التي ليست إلا لترسيخ و تقوية سلطتها في كردستان . فلا يخفى علينا أن هذه الجريمة كانت من عواقب الحرب الرجعية الاجرامية بين النظامين العراقي و الإيراني ، و القوى الدولية ، و المواقف الانتهازية للأحزاب الكردية . و لم تذكر الإمبريالية الأمريكية حلبجة إلا عندما غزا النظام البعثي الكويت . و حين عجزوا عن الكشف عن أسلحة الدمار الشامل لحد اليوم و التي بهذه الذريعة شنوا الحرب على النظام البعثي ، زار كولن باول هذه المدينة الجريحة ليثبت للعالم بأن صدام كان يملك أسلحة كيمياوية و الدليل هو ضربه لحليجة بها .
** ***** ***** ******* هكذا إذن ! كهنة الامبريالية حين يعجزون عن تبرير ما يرتكبون من جرائم ، أقلها تزويد الانظمة الدكتاورية بأسلحة قتل الشعوب البريئة ، يلجؤون إلى تبريرات الهية و أسباب غيبية ، و أنهم يحوزون على حكمة ليست موجودة عند الرعية .
(كيف تقولون : نحن حكماء و شريعة الربّ معنا؟ أما ترون أنّ قَلَم الكتبة الكاذب حوّلها إلى الكذب. خزي الحكماء و خابوا و انخدعوا. ...... فماذا فيهم من الحكمة؟ ........ فهم جميعا من صغيرهم و كبيرهم يطمعون بالمكسب الخسيس ، و من النبي ّ فيهم إلى الكاهن يمارسون الكذب. ) _ التورات_
أهالي حلبجة يعانون اليوم كثيرا من انعدام الخدمات الصحية و الماء الصالح للشرب و المعيشة التي تليق بالإنسان العصري . و لا يخفى على أحد أن أشخاص و جمعيات و مؤسسات كثيرة حصلت على أموال و دعم كبير من العالم باسم مساعدة ضحايا حلبجة و اعادة بنائها. وقد كانت هذه المأساة نعمة لكثيرين من ذوي النفوس الضعيفة ، و كانوا يتمنون أن تكون في كردستان أكثر من حلبجة ، لاستثمارها سياسيا و دولاريا و توسيع مناطق نفوذهم و سلطاتهم . و إن الأهالي بأنفسهم ، كما اعتادوا منذ وجدوا، بنوا بيوتهم باللبن و الحجر بدون مساعدة حكومة كوردستان أو الجهات الخيرية . و إن الخطابات و الوعود و تهديد هذا و ذاك ، لا تغني من جوع و لا تروي أحدا من عطش . فما أصدق ما جاء في العهد القديم:
11( يداوون جراح بنت شعبي باستخفاف و يقولون: سلامٌ سلامٌ ! وما من سلام. هل يستحون إذا اقترفوا رجسا ؟ كلا ، لا يستحون ، ولا يعرفون الخجل. فلذلك يسقطون مع الساقطين .... ) التورات
إن كل الأحرار مطالبون اليوم يرفع أصواتهم لإنتشال أهالي حلبجة المظلومين من مصائبهم ، و تخفيف معاناتهم باعادة بناء مدينتهم ، ومداواة و علاج المرضى و المعوقين إثر الضربة الكيمياوية ، و بناء المستشفيات و المدارس و مرافق الحياة العصرية . ,إن أهم مطلب هو تقديم صدام و علي حسن المجيد إلى محكمة دولية علنية ليعترفوا عن شركائهم في جرائمهم التي ارتكبوها في حلبجة أو بقية العراق ، و تقديم أصحاب الشركات المصنعة لأسلحة القتل و الدمار الذين زودوا بها النظام البعثي بها إلى المحاكم ايضا . فهذا هو انتقام حقيقي من المجرمين و مداواة لجراح أهالي حلبجة المظلومين.
فماذا عساي أقول سوى أن أبكي مع ارميا الذي بكى شعبه :
18 حزني لا شفاء له فقلبي في صدري عليل. 19 صوت استغاثة شعبي يسمع من أرض بعيدة. ************** *** ****** **** **** ***** 20 مضى الحصاد و انقضى الصيف و خلاصنا ما جاء بعدُ. على سحق شعبي انسحقت ُ حزنتُ و استولى عليّ الذهولُ أما من بلسم في جلعاد؟ أما من طبيب هناك يضمّد جراح شعبي؟ ليت رأسي ملؤه ماء و عينيّ ينبوع دموع ، فابكي نهارا و ليلا على قتلى أبناء شعبي. *** ***** *******
على الجبال أندب و أبكي ، و على المروج أُنشدُ رثائي. احترقتْ فلا يجتاز فيها أحدٌ و لا يسمع صوت الماشية. من طيور السماء إلى البهائم. جميعها هربت و مضت. **** ***** ******
..... أيتها النساء ! ......
علّمن بناتكن النحيب، و صاحباتكن كيف يكون الرثاء ُ. فالموت يصعد إلى نوافذنا و يدخل قصورنا الجميلة ! يكتسح الأطفال في الشوارع مع شبذان في الساحات . و تسقط جثث البشر كالزبل على وجه الحقول ، كالحزمة وراء الحاصد و لا يكون من يلتقط.
********** ********* ********** و ثمة أخطر ما يواجه جماهير شعبنا هو محاولة الكثيرين من القوميين لإضفاء طابع قومي و عشائري على جريمة حلبحة . و إنّي على يقين من خلال معرفتي بجماهير حلبجة و هورامان و كردستان أن الأكاذيب لا تنطلي عليهم ، و أنهم أكبر و أسمى مما يسئ إلى إنسانيتهم . و أن التفسير الرجعي و القومي و الطائفي ليجعل الجراح تلتهب في كل فترة ، مما يكون أرضية خصبة للحروب و القتال التي يكون وقودها الناس الأبرياء ، و تجني من وراءها القوى الرجعية السوداء المال و السحت الحرام . هذه القوى الظلامية المجرمة ترى دائما عزتها في مذلة الآخرين ، و غناها في فقر الآخرين ، و قوتها في هوان الآخرين. لكن جماهيرنا أوعى اليوم و ستبطل كلّ أحابيلهم.
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
e pur si mouvولكنّها تدور
-
نار بروميثيوس لن تنطفئ أبدا
-
ما أغناي ! لي الدنيا كلّها
-
البقرة الحنون
-
سونامي العراقية
-
معجزات أم التجرّد من الشعور الإنساني؟
-
سُوْرَة المشاهدة - للشاعر الإيراني سهراب سبهري ( 1928_ 1980
...
-
للشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد ( 1935_ 1967 ) لا يبقى إلا الص
...
-
أحد سكان العراق سنة 38هجرية : ... ما ينهاهم دينهم عن سفك الد
...
-
هل يمكن للإسلام السياسي ألّا يكون ارهابيا؟
-
التهاب الخواطر
-
!واحتس ِ نسمة ً من ريح ِ الخريف
-
جذور العلمانية تكمن في السعي للحياة الأفضل
-
ثلاث شمعات تضئ دربنا في زمن العتمة المطبقة
-
قراءة في كتاب - العابرة المكسورة الجناح ، شهرزاد ترحل إلى ال
...
-
ليلي من وراء الليل
-
إسفلت وقصائد أخرى للشاعر السويدي آرتور لوندكفيست
-
الخليج، عربيّ أم فارسيّ؟..فتلك مشكلة القوميين العرب و الفرس
...
-
في الإنتخابات العراقية: ألا مِن ُممثّل يمثلّني؟
-
المدينة الصناعية وقصائد أخرى
المزيد.....
-
اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
-
مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است
...
-
الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي
...
-
إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل
...
-
الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
-
اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
-
قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس
...
-
الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا
...
-
مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء
...
-
لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|