حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 1048 - 2004 / 12 / 15 - 10:25
المحور:
الادب والفن
عدت ُ إلى " مالمو" * المتشبثّة بأهداب الغيوم،
السماء تنزّ كسقف متهرئ،
و النهر يمزّق الآلام و يتأمّل النجوم.
فما أرخص النظرات في دروب " مالمو" في النهار!
و ما أغلاها في دكنة الليل!
من الأعالي أرى " مالمو" مرآة مقعّرة ،
تتمرأى فيها الوجوه أمواجا في دوائر تتكرر وتنمو وتتكرر ،
الوجه حجر صغير و " مالمو" بركة كبيرة،
و أيادٍ تحفر دهليزا لتنّين سيحمل على متنه زعيق الإناث و ذهول الذكران.
المماشي الحجرية تبلّلت بماء وجه المغتربين سليلي " جلجامش"،
وبقبلات ذائبة في الليل لعشاق تلاشوا في زغب الفجر،
و من سكرة دراويش في حانات الصخور.
الطيور في " مالمو" ترفرف على الكلاب تحياتٍ،
و الكلاب ترفع رؤوسها تطلق عويل الامتنان ،
فأتلاشى في الرفرفة و العويل.
عدت ُ إلى مدينة غربتي ،
العجوز السائحة في و جنات الشموس.
أمرّ ُ في أزقّة التوحّد الداكنة و الغروب الأزرق، والفجر الآثم ،
يبتسم النبيذ الأحمر و يلوّح لشمّ الزهور في المساء .
مدينة الحراب التي تجمدّت عليها الدماء ، و هجعت في ترابها زوارق التاريخ .
جسور القوس قزح تتكئ على قمم السحاب،
و أقواس النصر هامدة تحت الأقدام ،
والسروات دوما تحنو على عشب الخلود.
الضباب يروي للتماثيل المغرورة حكايات ٍ عن قوافل " ابن فضلان" ،
و مبادلات التراب بالجليد،
و العفّة بالفجور.
تستحيل الشمس في مرايا " مالمو" أحيانا بيضةً تتدحرج في صينية يغشيها غبار.
برج يتّكئ على صدر المساء،
و نظرتها الصاعقة ترافق الكلمات الخفيفة لكي تمر عبر الليل ،
مدينة رؤياي يجري في عروقها دم الخريف ،
و رؤياها تتلاشى في أحلام صبيّ منسيّة،
أخفي حزني في تجاعيد وجهها ،
إنها قلعة ينكسر عليها الطوفان ،
و هي مرايا مشتعلة في فجر ثمالة الكهوف ،
و فيها تخضرّ الذكريات ، و فيّ الخواطر تلتهب.
14 december 2004
* مالمو _ ثالثة كبريات مدن السويد
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟