أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف ابو الفوز - بين الديكتاتورية والمطر وهموم المواطن !














المزيد.....

بين الديكتاتورية والمطر وهموم المواطن !


يوسف ابو الفوز

الحوار المتمدن-العدد: 1138 - 2005 / 3 / 15 - 10:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنا صغارا ننتظر فصل سقوط الامطار، ومع أول قطرات المطر ندور من زقاق إلي زقاق فرحين ونحن نهزج : " مطري ولا تخافين على عناد العلوجية " ، والعلوجية كما هو معروف هم تجار الحبوب الذين كانوا يرفعون أسعار الحنطة والطحين بين الحين والأخر فيضيفون هما الى هموم الفلاح الفقير المتراكمة فولدت هذه الأهزوجة التي يشكر بها السماء لعطائها لان الأرض الكريمة ستمنحه من خيراتها ما يسد رمقه. وهاهي السماء تجود على بغداد العزيزة بمطر تواصل لعدة أيام ، ولكن النتائج كانت محزنة ، فأطفال بغداد لم يغنوا للمطر بقدر ما اثار احزانهم وسخط اهالي بغداد ، فمعظم شوارع بغداد غرقت بالكامل لتراكم مياه الامطار فيها وانسداد فتحات المجاري ، ونتيجة للمياه الطافحة تعثر سير عربات النقل فاغلقت العديد من أسواق الخضروات أبوابها ، ولصعوبة وصول التلاميذ الى مدارسهم ، ولطفح المياه في العديد من المدارس توقفت الدراسة في عدد كبير من المدارس الابتدائية والثانوية. الأنباء من بغداد تشير الى توقف الهواتف الأرضية في منطقة الرصافة اثر الامطار وعطل شبكة الاتصالات ، وهناك اشكالات وتداعيات عديدة بسبب المطر يمكن الحديث عنها وباستفاضة . ويبرز السؤال وبعلامة استفهام كثيرة : من المسؤول ؟
المواطن الساخط يحّمل الحكومة المؤقتة الحالية مسؤولية ما يجري وذلك لعدم ملاحظته أي تحرك فعلي من قبل اجهزة امانة بغداد والبلديات ودوائر الاتصالات لمعالجة الازمات الناجمة عن ضعف هذه الاجهزة والدوائر في تقديم الخدمات من جهة ، فيما عزا مواطنون آخرون هذا الضعف إلى استشراء الفساد الاداري والمالي والمهني في أجهزة الدولة . وكل هذا فيه الكثير من الصحة ولكن ، وهذه الـ" لكن " الكبيرة تستدعي منا ان نكون منصفين مع الواقع الذي يعيشه وطننا بعد سقوط النظام الديكتاتوري ، الذي تحكم وككابوس ثقيل ولاكثر من ربع قرن بمصائر شعبنا ووطننا. لا انوي هنا الدفاع عن اداء الحكومة المؤقته الحالية ، ولا عن اجهزة الدولة التي يمكن الحديث عنها بالكثير من التفصيلات ، ولا الدفاع عن ضعف الخدمات البلدية وغير ذلك ، فموقفي من تدني مستوى الخدمات عبرت عنه وخلال زيارتي الى مدينة السماوة في مطلع شهر شباط الماضي من خلال تحقيق صحفي نشر في الصحافة العراقية (طريق الشعب العدد 52 الصادر في 20 شباط ) ورصدت فيه سوء الخدمات البلدية في مدينة السماوة. في خلال اعداد التحقيق كان لي لقاء مع السيد مدير بلدية مدينة السماوة ، وحين عرضت امامه شكاوى المواطنين الذين التقيناهم قدم لنا العديد من الشروحات التفصيلية ، ولكنه ايضا اشار الى حقيقة ملموسة ،هذه الحقيقة لا تشمل مدينة السماوة وحدها ، بل وكل مدن وطننا المثقل بالجراح ، والحقيقة تتلخص في انه بالرغم من كل ما تنجزه مديرية البلدية واجهزتها فانه لا يمكن ان يكون محسوسا لان تركة النظام المقبور ثقيلة جدا ، واكد لنا السيد مدير بلدية السماوة على ان كل ما تقوم به بلدية المدينة من اجراءات يعتبر وعلى حد تعبيره "اساليب ترقيعية " امام التركة الثقيلة للنظام المقبور. من هذه النقطة اود التذكير بمحنة اجهزة الدولة العراقية التي لا تزال تحبو امام واقع مرير، فالنظام الارهابي الدموي بدد ثروات البلاد في حروب كارثية وبناء اجهزة امنية قمعية اودت بحياة الاف من ابناء شعبنا ، ولم يكرس لتحديث البلد وبناء بنية تحتية سوى الفتات الذي تكشف سوءه مع اول زخة مطر. ان نظاما سام شعبنا صنوف الويل والعذابات وجلب الكوارث الى وطننا وشعبنا ، لم يفكر يوما بتحسين مستوى الخدمات ولا بتعزيزها ، هو من يتحمل المسؤلية ولحد الان عن ما يعانيه المواطن العراقي من سوء الخدمات. العراقيون المخلصون لوطنهم ولشعبهم يطمحون لرفع مستوى الخدمات البلدية في كل مدينة ، وفي كل ارجاء وطننا الحبيب وان يكون المواطن في امان واكتفاء تام ، ويطمحون لبناء دولة عصرية لا مكان فيها للفساد الاداري ، ويدركون ان بناء عراق عصري بحاجة لثورة ادارية في اجهزة الدولة لتكون لنا دولة قانون لا مكان فيها للمفسدين والمرتشين ، ولكن هذا يتطلب من الجميع العمل ، والعمل الجاد المثابر كتفا الى كتف ، ومن اجل ان نكون منصفين في تحديد المسؤول عن ما يجري حاليا في وطننا علينا ان نتذكر دائما هذه التركة الثقيلة . وايضا ، وبعيدا عن واقع تدهور الاوضاع الامنية ، فان ما تقدم لا يعني ان يكون موضوع " التركة الثقيلة " شماعة للتقاعس عن العمل ومحاولة الارتفاع بمستوى الخدمات وتحديد المسؤول عن التقصير الذي يضيف هموما للمواطن الذي ينتظر الكثير من حكومة يفترض انها تمثله . ان مستقبلا زاهرا ينتظر بلادنا ، وهذا لا يمكن تحقيقه الا بتصفية هذه التركة الثقيلة والتي تشمل ليس البناء التحتي للدولة ، بل وبناء النفوس. اننا ننتظر اليوم الذي يعود فيه اطفالنا يهزجون باغاني فرح جديدة تحت رذاذ المطر : " مطري ولا تخافين على عناد الـ ... " .

سماوة القطب
14 اذار 2005



#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى مجزرة حلبجة: شهادة شادمان علي فتاح ــ كنتُ هنــاك !
- ماذا سنقول لـ ليلى ؟
- هل نحن بحاجة الى محاكمة صدام حسين؟
- رحيل مبكر !
- بمناسبة قرب محاكمة الدكتاتور المهزوم : -الانفال- شاهد اثبات ...
- النائمون !
- عابرو الشطوط !
- المثقفون العراقيون خارج الوطن : لماذا يتم ظلمهم ؟
- - على عنادك يا برد ! -
- الإرهاب الإليكتروني
- أفكار عن العراق والانتخابات الرئاسية الأمريكية
- إضراب السواق في العاصمة الفنلندية هلسنكي
- سكاكين التكفير !
- صناعة الكذب الرخيص
- هوامش كروية
- الشاعر العراقي عبد الكريم هداد باللغة السويدية
- رسالة مفتوحة : ليس كل ما يقال يكتب ، وليس كل ما يكتب صالح لل ...
- - طالبان- في العراق !!
- في عيد الصحافة الشيوعية في العراق : مسيرة نضالية حافلة بالإن ...
- كيف تكون كورديا وأنت من قبائل العرب ؟!


المزيد.....




- علقوا في مستنقع مليء بالتماسيح.. لن تصدق سبب نجاة ركاب طائرة ...
- حماس تعلق على صاروخ الحوثي وأمور تتكشف بفشل إسرائيل باعتراضه ...
- مصر.. اندلاع حريق في كنيسة بمحافظة قنا والداخلية تكشف السبب ...
- بوتين يؤكد أنه يفكر باستمرار بخصوص خليفته المقبل
- وكالة PTI: الهند تقطع عن باكستان مياه نهر تشيناب
- السيسي يتلقى دعوة من بوتين للمشاركة في احتفالات عيد النصر 
- شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطا ...
- بوتين: عدم اعتراف الغرب باستقلالية روسيا لسنوات تسبب بالعملي ...
- فصائل فلسطينية تعلق على استهداف الحوثيين مطار بن غوريون
- بوتين: الغرب يتحدث بشكل ويتصرف بشكل مغاير تماما


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف ابو الفوز - بين الديكتاتورية والمطر وهموم المواطن !