|
عابرو الشطوط !
يوسف ابو الفوز
الحوار المتمدن-العدد: 981 - 2004 / 10 / 9 - 14:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لطالما تندرت ولِمْتُ الشعب الكويتي الشقيق ، بأنه وسياسيه والحكومة الكويتية ، لم يفهموا جيدا الرسالة التحذيرية التي حملتها لهم أغنية المطرب كاظم الساهر ـ أو كما يقول البعض ، عبد الكاظم ساهر ـ يوم غنى في الكويت وبحيوية ( عبرت الشط على مودك ... ) ، وبعدها بفترة قصيرة أرسل لهم ( فارس الأمة العربية ) دباباته وفصائل حرسه الجمهوري والتي و" بأقتدار " بالغ ومشهود " عبرت " الحدود وجرى ما جرى في الكويت الشقيق ، الذي صار من قصص التاريخ وان كانت جروحه لم تندمل بعد ! أقول هذا ، بعد ان ذكرني به صديق عزيز ، و ذكرني مشاكسا بأغاني هذا المطرب العراقي ، الذي تسلق سلم الشهرة والفن بسرعة صاروخية ، ليس بسبب مواهبه الفنية فقط ، بل ولعوامل عديدة أسهب في الحديث عنها الكثير من النقاد الفنيين الجادين ، وربما واحد منها ، هو الدور المتميز الذي لعبته الفضائيات العربية التي سوقته سلعة رابحة ، إضافة إلي عوامل الدعم "السرية" التي جعلت من هذا المطرب في حينه الرقم الأول في سوق الأغنية العربية ، إلي حد ان الديكتاتور المقبور صدام حسين ، وقتها لام وعنفّ وزارة أعلامه وادائها وقال في حديث معروف من ان كاظم الساهر قدم اكثر منها ! والسؤال : ماذا قدم عبد الكاظم ساهر حينها لينال مديح الديكتاتور ... ؟ يذكر العراقيون جيدا ، تلك الموالات البكائية التي قدمها هذا المطرب بمهارة عالية عن أطفال العراق ومصيبتهم وموتهم البطئ تحت آثار الحصار الاقتصادي الجائر ، والذي لم يكن إلا واحدة من نتائج سياسات النظام المقبور، وكيف كانت كلمات هذه الموالات تقترب من حافة الشتم وهو يصرخ بمستمعيه ( جفت ضمائركم وما هزكم هذا النداء ... ) وبقية الأغنية اعتقد معروفة للقراء الكرام . الان ، واذ نسترجع كل هذا ، من حقنا ان نتسائل : اين صار شعراء ومطربي تلك الأغاني والمواويل التي تنتصر لأطفال العراق ؟ ألم يسمع المطرب العراقي عبد الكاظم ساهر دويّ السيارات المفخخة وعويل الأمهات العراقيات المفجوعات بأبنائهن بعد المذابح التي تنفذ ضد أطفال العراق ، وعمليات التخريب ضد ممتلكات الشعب العراقي ومقدراته ، كل يوم تحت ستار مقاومة الاحتلال ؟ من حقنا ان نسأل : لماذا لم نسمع شيئا يطالب بالوقوف إلي جانب اطفال العراق ، وهل يا ترى "جفت" القريحة الفنية عن إنتاج شئ ضد هذا الموت المتواصل ؟ أليس من يموت الان هم أطفال العراق ؟ أم ان العراق الان عراقا آخر لا يعجب مطربنا عابر الشطوط ، الذي غنى بنفس قومجي ، أغنية (بغداد لا تتألمي) ؟؟ وحتى لا يبدو وكأن حديثي موجه تحديدا للمطرب عبد الكاظم ساهر وحده ، فليس لي معه ـ والرب شاهد ـ من شأن سوى ما يجمعني وإياه كوننا من هذا الوطن ، الذي ما كاد يتنفس وهو يخلص من سطوة وكابوس ابشع نظام ديكتاتوري حتى جثم على صدره احتلال غير شرعي وقوات أجنبية تنتقص من سيادته ، وصارت تمرح في أنحاءه قطعان الإرهاب والتكفير التي تتستر بشعارات مقاومة الاحتلال والقوات الأجنبية ، وهي في حقيقتها ليست اكثر من مجموعات تجار سياسة وطالبي فديات وفلول مجرمين عفالقة و" طالبان جدد " ، أقول اني وإذ أتحدث عن عبد الكاظم ساهر فأني أسوقه كمثال وعينة فقط ، لان خلفه يصطف ـ وباقتدار أيضا ـ العديد من الأسماء التي برزت واشتهرت ـ ولا ننسى وأيضا اغتنت مالا ـ من البكاء والولولة على أطفال العراق سواء في أحداث ملجأ العامرية أو بعدها ، والبكاء على سجناء أبو غريب وما تعرضوا له على يد قوات الاحتلال من تجاوزات مدانة وجائرة ، دون ان يكون في بالهم ان أبو غريب ما هو إلا ابشع رمز لفضاعات النظام الديكتاتوري المقبور ، وكانوا بقدرة قادر غافلين عنه ، فلم يسمعوا بأسمه إلا بعد رحيل النظام العفلقي ! هذه الأسماء ، الفنية ، والتي تعرف نفسها جيدا ، وللأسف ، تلقى الترحيب عند البعض تحت يافطة التسامح والمصالحة الوطنية ، حان الوقت لتقدم وأمام الشعب العراقي كشف الحساب من اجل ان يكون التسامح معها على أساس المصارحة . حان الوقت لأن تنزع عن نفسها رداء الأوهام واللعب على عدة حبال ، والكف عن الظن بأن العراقيين سذج لا يفهمون سوى التصفيق لطقاطيقهم وبكائياتاهم ، ان ابناء شعبنا العراقي ملوا السخرية بعواطفهم ومستقبلهم . لقد زال النظام الديكتاتوري الشمولي الشوفيني ، الذي كان من نتائج سياساته احتلال بلادنا من قبل دول الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، وهذه الأسماء ، المعنية بحديثنا ، مطالبة بأن ترفع صوتها عاليا ، والوقوف إلي جانب الشعب العراقي في سعيه لاعادة بناء الوطن الذي خربته الديكتاتورية البغيضة ، والوقوف إلي جانب الشعب العراقي لا يتم بمباركة الإرهابيين من قتلة الأطفال والنساء تحت ستار المقاومة ، بل بالوقوف إلي جانب الحياة الجديدة ، التي سيكون ممكنا فيها لكل إنسان ان " يعبر " إلي غده الأجمل في عراق ديمقراطي فيدرالي !
سماوة القطب 7 تشرين الأول 2004
#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المثقفون العراقيون خارج الوطن : لماذا يتم ظلمهم ؟
-
- على عنادك يا برد ! -
-
الإرهاب الإليكتروني
-
أفكار عن العراق والانتخابات الرئاسية الأمريكية
-
إضراب السواق في العاصمة الفنلندية هلسنكي
-
سكاكين التكفير !
-
صناعة الكذب الرخيص
-
هوامش كروية
-
الشاعر العراقي عبد الكريم هداد باللغة السويدية
-
رسالة مفتوحة : ليس كل ما يقال يكتب ، وليس كل ما يكتب صالح لل
...
-
- طالبان- في العراق !!
-
في عيد الصحافة الشيوعية في العراق : مسيرة نضالية حافلة بالإن
...
-
كيف تكون كورديا وأنت من قبائل العرب ؟!
-
العنيفصيّون أو العنافصة ، هل تعرفهم ؟!
-
جمهورية البعث الثالثة ، مرة اخرى !!
-
في النهاية تبين انه : راتّي !!
-
خوف بعض التيارات القومية من محاكمة المجرم صدام حسين !
-
حذار ... حذار ... انه تمرينهم الأول !!
-
من سيحوّل الديكتاتور المجرم إلى بطل أو شهيد ؟؟
-
علامة استفهام كبيرة : من يقف خلف اغتيال الكفاءات العراقية؟
المزيد.....
-
قيادي بحماس لـCNN: وفد الحركة يتوجه إلى القاهرة الاثنين لهذا
...
-
مصر.. النائب العام يأمر بالتحقيق العاجل في بلاغ ضد إحدى شركا
...
-
زيارة متوقعة لبلينكن إلى غلاف غزة
-
شاهد: -منازل سويت بالأرض-.. أعاصير تضرب الغرب الأوسط الأمريك
...
-
الدوري الألماني ـ كين يتطلع لتحطيم الرقم القياسي لليفاندوفسك
...
-
غرفة صلاة للمسلمين بمشفى ألماني ـ مكان للسَّكينة فما خصوصيته
...
-
محور أفدييفكا.. تحرير المزيد من البلدات
-
خبير ألماني: بوتين كان على حق
-
فولودين: واشنطن تضحّي بالآخرين للحفاظ على القطب والواحد
-
فرنسا تتهم زوجة -داعشي- سابقة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|