|
ماذا سنقول لـ ليلى ؟
يوسف ابو الفوز
الحوار المتمدن-العدد: 1033 - 2004 / 11 / 30 - 11:04
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
سؤالي موجه أساسا إلى القوى والأحزاب السياسية العراقية ، وخصوصا الفاعلة منها ، وقادتها من الناشطين في النضال والعمل من اجل عراق جديد ، والمؤمنين بعراق ديمقراطي فيدرالي . سؤالي أيضا موجه إلى الكتاب والإعلاميين وكل المثقفين ، الذين كتبوا وعملوا من اجل عراق ديمقراطي فيدرالي ، بلا طائفية وتعصب وشوفينية وإلغاء للطرف الآخر. سؤالي موجه للسياسيين العراقيين ، الذين يتحدثون بضرورة اعتماد الواقعية في العمل السياسي ، والحرص على روح التوافق في الاراء وعدم إقصاء الآخر واحترام الأغلبية وفقا لمفاهيم وآليات الديمقراطية. وسؤالي موجه لكل من يهمه مستقبل العراق وشعبه بعد سنين الموت البعثي والعسف الفاشي ، والذل والهوان الذي ذاقه شعبنا على يد نظام عفالقة البعث الديكتاتوري القومانجي الشوفيني ، الذي دام كابوس حكمه اكثر من ربع قرن . وليلى هنا ، المقصودة في سؤالي ، هي ليس ليلى التي "رجعت لعيالها" ، ولاجلها احترقت سماء بغداد وشاشة الفضائية الشرقية بالرصاص والصراخ في برنامج ساخر . ولا اقصد ليلى التي بحت حناجر المغنين والشعراء من بثها هواهم وأشواقهم . ولا اقصد ليلى التي فقدت أخويها ضحية في حرب لا معنى لها ، استمرت ثمان سنوات ضد الجارة إيران ، ليعود مشعليها بالإنابة عن أطراف دولية وإقليمية ، إلى نقطة بدأها محملين عراقنا ديونا تقصم ظهور الأجيال. ولا اعني ليلى تلك التي فقدت أخبار ومصير معيل أطفالها ، ولم تجد لعظامه أثرا في المقابر الجماعية التي ملأت ارض العراق شمالا وجنوبا ، ولم تجد له اسما له في قوائم وسجلات سجن أبو غريب الرهيب ، هذا السجن الذي سيظل رمزا لبشاعات وفضاعات نظام العفالقة المقبور حيث غيب ، وبدون رحمة ، مصير خيرة شباب العراق من ومن كل الطيف العراقي الذين رفضوا الانسجام مع المشروع البعثفاشي . ولا اقصد ليلى التي غادرت سجون صدام بعد سنين من العذاب والذل والمهانة وتحمل على كتفها طفلا لا تعرف أباه . ولا اقصد ليلى ، التي فقدت أهلها في مدينة حلبجة الوادعة الجريحة ، يوم ان قام "عقبان أشاوس "، يتفاخرون ويتجملون بأنواط الشجاعة ، وبأمر من الديكتاتور المجرم ، المهيب المزيف ، بنثر غيوم السيانيد والخردل فوقها . ولا اقصد ليلى التي تشردت من منفى إلى منفى ووقفت ذليلة عند أبواب مكاتب الأمم المتحدة لتضمن اللجوء وحصولها على سقف أمن في بلد يحترم قيمة الإنسان . ولا اقصد ليلى التي التحقت بقوات الأنصار في الجبل وامتشقت السلاح إلى جانب مئات من أبناء وطنها ، وتخلت عن أحلامها في الأمومة وحياة رخية ، ولسنين طويلة عملت من اجل فجر حرية وطنها وشعبها . ولا اقصد ليلى التي فقدت خطيبها عندما غزت دبابات بسمارك العرب دولة الكويت الشقيقة المسالمة ، وارادها ان تكون رقما جديدا في سجلات بطولاته الكارثية . ولا اقصد ليلى ابنة بلدي ، الام العراقية ، التي يوم سقوط الطاغية أطلقت الزغاريد في سماء مدينتها الأوربية فأتصل جيرانها بالشرطة ولا يفهمون ما يجري ، والتي كل مرة التقيها تسألني بحرقة : خويه متى نرجع لاهلنا ؟ ولا أقصد ... ، ... بأمكانك عزيزي القارئ ان تضيف للقائمة ليلى التي تريد وتعرف ، اما بالنسبة لي فأنا أتحدث عن ليلى ، الشابة العراقية ، التي تظهر كل مرة في إعلان تلفزيوني عن الانتخابات ، جالسة بهدوء ورزانة ، بين أفراد عائلتها ، وهم يتصفحون ويراجعون المعلومات في الاستمارة الانتخابية ، وتستمع بهدوء إلى والدها وهو يكتشف ان اسم ابنته ليلى غير موجود أساسا في الاستمارة الانتخابية ، وتجلس ليلى مطمأنه ، تبرق عينيها السومرية ببريق الأمل ، تختلج شفتها وتهز رأسها بثقة مؤيدة كلام والدها ، وهو يوصيها بان لا تنسى مرافقته إلى زيارة مركز تسجيل الناخبين لاستكمال إجراءات التسجيل ، حتى لا يتم فقدان فرصة الاشتراك في الانتخابات . وأنا أتابع الإعلان الانتخابي كل مرة ، واحدق إلى وجوه الممثلين المتألقة بالأمل ، واتابع كلامهم وهم يقولونه بثقة تصدر من القلب ، يتوقف ان يكون الأمر عندي مجرد إعلان تلفزيوني ، انه اكبر من ذلك بكثير . ان ليلى التي أنا معني بها هنا بسؤالي وحديثي ، تشكل بالنسبة لي ، هي وابناء جيلها ، مستقبل العراق الجديد الواعد ، وعليه ، فما ان سمعت بالإخبار عن الدعوات لتأجيل موعد الانتخابات حتى فكرت : ماذا سنقول لـ ليلى التي وثقت بنا ؟؟ التي وثقت بالأحزاب والقوى السياسية ، والقادة ونوابهم ، الإعلاميين والكتاب وزملائهم ، والوزراء والمديرين العامين ومرافقيهم والناطقين بأسمهم و ... و ... ؟ كلنا تحدثنا عن بناء عراق جديد ، ديمقراطي فيدرالي ، واعتبرنا إقرار قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية إنجازا هاما يشكل خطوة هامة وأساسية ، من اجل بناء دولة جديدة ، تحترم القوانين والدساتير ، وهكذا فأن احترام التعهدات والتمسك بها ، هو المهمة المطلوبة ، التي تجعل ليلى وأبناء جيلها يثقون بنا ، وبكل من يسعى لبناء عراق جديد ، ويجب احترام جميع مراحل ومحطات العملية السياسية الجديدة المنصوص عليها في القوانين ، وبما ان الانتخابات تشكل أهم استحقاقات العملية السياسية ، فاعتقد ان افضل ما نقوله لـ ليلى وجيلها ، هو إننا سنواصل العمل من اجل إنجاز الانتخابات وتوفير شروط اجرائها ، من اجل ان تكون حقا نقلة مهمة على طريق استكمال شرعية مؤسسات عراقنا الجديد . سماوة القطب 27/11/2004
#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل نحن بحاجة الى محاكمة صدام حسين؟
-
رحيل مبكر !
-
بمناسبة قرب محاكمة الدكتاتور المهزوم : -الانفال- شاهد اثبات
...
-
النائمون !
-
عابرو الشطوط !
-
المثقفون العراقيون خارج الوطن : لماذا يتم ظلمهم ؟
-
- على عنادك يا برد ! -
-
الإرهاب الإليكتروني
-
أفكار عن العراق والانتخابات الرئاسية الأمريكية
-
إضراب السواق في العاصمة الفنلندية هلسنكي
-
سكاكين التكفير !
-
صناعة الكذب الرخيص
-
هوامش كروية
-
الشاعر العراقي عبد الكريم هداد باللغة السويدية
-
رسالة مفتوحة : ليس كل ما يقال يكتب ، وليس كل ما يكتب صالح لل
...
-
- طالبان- في العراق !!
-
في عيد الصحافة الشيوعية في العراق : مسيرة نضالية حافلة بالإن
...
-
كيف تكون كورديا وأنت من قبائل العرب ؟!
-
العنيفصيّون أو العنافصة ، هل تعرفهم ؟!
-
جمهورية البعث الثالثة ، مرة اخرى !!
المزيد.....
-
السيسي يكشف عن أرقام مهولة تحتاجها مصر من قطاع المعلومات
-
-عار عليكم-.. مظاهرة داعمة لغزة أمام حفل عشاء مراسلي البيت ا
...
-
غزة تلقي بطلالها على خطاب العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض
...
-
نصرة لغزة.. تونسيون يطردون سفير إيطاليا من معرض الكتاب (فيدي
...
-
وزير الخارجية الفرنسي في لبنان لاحتواء التصعيد على الحدود مع
...
-
مقتل شخص بحادث إطلاق للنار غربي ألمانيا
-
أول ظهور لبن غفير بعد خروجه من المستشفى (فيديو)
-
من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما
...
-
إصابة جندي إسرائيلي بصاروخ من لبنان ومساع فرنسية لخفض التصعي
...
-
كاميرا الجزيرة ترصد آخر تطورات اعتصام طلاب جامعة كولومبيا بش
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|