أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الراوي وأحداث قصة الأم














المزيد.....

الراوي وأحداث قصة الأم


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 3931 - 2012 / 12 / 4 - 14:35
المحور: الادب والفن
    


الراوي وأحداث قصة الأم

" فلنرفعن أصواتنا تمجيدا للمرأة، الأم، ينبوع الحياة المنتصرة دوما "ص24، بهذه الافتتاحية يحدثنا غوركي عن الأم التي ذهبت تبحث عن ابنها المفقود في الحرب، فهي كائن خارق لا يعرف الملل أو الوهن أو الاستسلام، رغم طول الطريق وصعوبتها تستمر في دربها إلى أن تصل إلى مرادها، تيمور لنك، الذي الذي خاض حروب لمدة " خمسين عاما، ساحقا المدن والدول بعقب رجله الحديدية ... فتدفقت في طريقه أنهار من الدم الأحمر في كل حدب وصوب، وشيد أبراجا سامقة من عظام الشعوب المغلوبة، لقد دمر الحياة " ص24، الصراع بين قوتين الأم العظيمة بإصرارها وإرادتها والجبار تيمورلنك بقوته وجيشه الجرار، سيكون محور القصة بين هاتين الشخصيتين، الأم بصفتها واهبة الحياة وتيمور لنك كأداة للموت والقتل، تبدأ (معركة) من نوع جديد تعتمد على المنطق والعقل،" اعرني سمعك، فمهما قدر لك أن تفعل لن تعدو أن تكون رجلا. أما أنا فأم، أنت تخدم الموت، وأنا أخدم الحياة، وقد أثمت في حقي، ومن أجل ذلك جئت أسألك التكفير عن جريمتك. أخبروني أن شعارك هو " في العدل تكمن القوة" ولست أصدق هذا. يتعين عليك أن تكون عادلا معي لأني أم" ص24و29، طلب واضح وصريح من رجل عرف بقسوته وبطشه لخصومه، لكنه هنا يظهر حسن الاستماع والحلم.
تيمور لينك المحارب الجبار لا يعرف سوى لغة السلاح والحرب، وضمن معرفته ويسألها عن كيفية وصولها من بلدها ايطاليا" كيف استطعت أن تضربي في الأرض وحيدة من غير سلاح، والسلاح هو الصديق الأوحد للضعيف "ص30، منطق المحارب الذي لا يعرف سوى لغة الحرب والسلاح تكلم به الجبار قاهر البلاد تيمور لينك.
تجيب المرأة بمنطق الأم المحبة المخلصة لحبيبها " وحين يسعى الإنسان وراء مخلوق حبيب إلى قلبه تنقاد له الريح دائما، ومن يبصر النور ويكبر على ساحل البحر يستهين السباحة في الأنهار" ص31، منطق يحمل الحكمة ويدفع بنا إلى العمل والأخذ به، ونجد في كلامها عنصرين يجب توفرهما في من يريد أن ينجح في الوصول هدفه، أولا النور، بمعنى البصيرة أو المعرفة الهدف بدقة، وثانيا الفاعلية في الحياة وعدم الوقوف حائرا عاجزا فيها.
وهنا يأتي صوت جديد في القصة يدعم منطقة المرأة، صوت شاعر تيمور لينك " ـ الجبل ينقلب واديا في عين من يعمر الحب قلبه "ص31، يتبين لنا من خلال السؤال والجواب الهوة والتناقض بين مفهومين ـ السلاح والحب ـ ويبدو لنا قوة الحب التي تملكها المرأة ( الضعيفة ) ـ شكليا ـ والوحيدة قد أنجزت عمل كبير وعظيم بالنسبة لمقدرتها الجسدية، وأيضا لطبيعتها الناعمة والحانية ، تتغلب على منطق المحارب.
الحب ينتصر على كل الصعاب وهو أكثر قوة وبهجة من النصر الذي يأتي بقوة السلاح، فهي بوصولها إلى مكان ابنها كانت أعظم فرحا وبهجتا من تيمور لينك الذي انتصر على خصومه في كافة المعارك التي خاضها، وهنا يندهش المحارب منها قائلا " لقد قاتل الرجال ضدي في سبيلا لممالك والمدن، ولكن أيا منهم لم يقاتلني يوما في سبيل الإنسان، ولم يكن الإنسان في نظري أية قيمة في يوم من الأيام " ص33، وبعد هذا الاقتناع يأمر تيمور لينك من جنوده إحضار ابن الأم العظيمة.
في هذه القصة كشف لنا غوركي انحيازه الكامل الأم، فهي تحتل مكانة خاصة في قلبه، فلم يتوانى عن التدخل المباشر في سرد القصة، ويحشر نفسه في النص، منحازا داعما للام، رغم افتراض حياديته في أحداث القصة، فيقول " فلننشدن تسابيح التمجيد للمرأة، الأم، القوة الوحيدة التي يحني الموت رأسه أمامها في أتضاع"ص25، " ألا فلنرفعن أصواتنا تمجيدا للمرأة، الأم،هذه التي لا يعرف حبها العقبات"ص30، " الكلام لم ينطق به أيا من شخصيات القصة، وإنما جاء على لسان غوركي الذي نسى نفسه فاندمج مع أحداث القصة وتعاطف مع شخصية الأم ووضع عبارة كان من المفترض أن يقولها نيابة عنه الشاعر" ألا فلننحن للمرأة التي أنجبت موسى ومحمدا ويسوع النبي العظيم"ص32.
شخصيات القصة والراوي هم من يديرون أحداث القصة، وليس للكاتب أن يتدخل بشكل منحاز لأي شخصية، فيجب عليه أن يكون حياديا، لكي يقنع القارئ بعمله الأدبي، لكن وجدنا تدخل الكاتب الواضح والصريح والمباشر.
ففي المقطع الافتتاحي كان الكاتب موضوعيا حيث بدأ به القصة، لكن فيما تلا ذلك كان ـ فنيا ـ غير منسجم مع الحيادية التي يجب أن يتمتع بها الكاتب، لكن رغم التدخل المباشر بالعبارات السابقة لم يضعف من قوة وجمال وفنية القصة، فهو جاء منسجما مع الحماس والتعاطف الذي شحن به القارئ، فكان إعجاب وانبهار القارئ بموقف المرأة موازيا لحماس وإعجاب الكاتب بأبطال قصته مما يجعلهما ـ الكاتب والقارئ ـ ينسجمان في الموقف، ونعتقد أن الكاتب استطاع أن يجعل القارئ يتغاضى عن تدخلات الراوي المباشرة وأيضا يتعاطف معها طالبا المزيد منها.


رائد الحواري

ملاحظة: ـ المرجع المجلد الرابع الأعمال المعربة



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلام على الغائبين
- غوركى بين الفرد والمجتمع
- ماذا يحدث في سوريا
- قصر رغدان والقمع الادبي
- مريم الحكايا
- شوقي البغدادي
- قارب الزمن الثقيل
- أخطاء الماضي والحاضر
- الذاكرة الخصبة


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الراوي وأحداث قصة الأم